آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-03:30ص

صراع الهوية الوجودي

الإثنين - 05 أبريل 2021 - الساعة 11:27 م

بدر قاسم محمد
بقلم: بدر قاسم محمد
- ارشيف الكاتب


هناك تناول اعلامي محموم عن سعي الحوثيين إلى استبدال الهوية اليمنية بهوية عقائدية تسميها الزعامات الحوثية ب"الهوية الإيمانية". لدى الحوثيين ثمة دافع دفاعي عن وجودهم العدناني الطارئ على اليمن. في التاريخ يقع اليمن على مسافة زمنية أبعد من المسافة الزمنية التي تقع الهوية الإيمانية لدى الحوثيين عندها تماما, بغض النظر عن واقعة سقيفة بني ساعدة التي تقع بجوار الاخيرة.

الصراع الهوياتي عموما أشبه بركوب الة المرور عبر الزمن, في البدء قذفت سيطرة الحوثيين على اليمن باليمن إلى سقيفة بني ساعدة عندما كاد المذهب السني ان يقذف به إلى العهد الراشدي, وعندما برزت دعوة الأقيال للدفاع عن مايسمونها بالهوية اليمنية وقذفت باليمن إلى عصر ماقبل الإسلام وقذفت بالحوثيين خارجه بصفتهم سلالة غير يمنية فضلا عن ادعاءها ملك اليمن وحكمه. ابرز الحوثيون مايسمونها بالهوية الإيمانية التي تنسب لعصر الدولة الإسلامية

لو لم تكن الهوية اليمنية هوية سياسية طارئة لما استمر أئمة الزيدية في حكم اليمن اكثر من الف عام. ولشهدنا من قبل دعوات من يسمون أنفسهم بالأقيال تدافع عن الهوية اليمنية من هذا المنطلق الأخير الذي استجد.

المفارقة العجيبة تكمن في ان من جعل اليمن هوية سياسية هو جد الحوثيين الرابع او الخامس عندماسمى مملكته بالمملكة المتوكلية اليمنية مطلع القرن المنصرم, وان من يحاول نفي الهوية اليمنية اليوم هو حفيد أئمة الزيدية الرابع او الخامس.

في قلب هذه المفارقة تحضر مفارقة اخرى تتمثل في ان دوافع المخترع الاول للهوية السياسية اليمنية هي دوافع دفاعية عن وجوده الطارئ في ظل تنامي ثورات الفكر القومي في المنطقة مطلع القرن المنصرم الذي ينزع إلى الهويات القومية في مواجهة الهويات السلالية عندما استبق الأمر بالحاق صفة اليمنية بمملكته. بينما دوافع الأخير من يحاول خلع الهوية اليمنية هي دوافع دفاعية عن وجوده الطارئ في ذات الهوية التي صيرها المتأخرون إلى أداة هجومية ضده.

لم ينجح اليمنيون الأوائل في تصيير الهوية اليمنية كأداة هجومية عندما ثاروا على حكم الأئمة منتصف القرن الماضي حتى وهم يلحقون بها صفة "العربية في مايسمى ب"الجمهورية العربية اليمنية" بإسناد ودعم قومي عربي من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وجيشه المصري العظيم. مثلما لم تنجح دعوة الأقيال اليمنية اليوم في الحد من سيطرة الحوثيين ونفي هويتهم الإيمانية التي تتمدد وتنبسط على كامل جغرافيا. الشمال اليمني.

باختصار مافعله الحوثي اليوم هو خلع الهوية السياسية التي اخترعها جده وصدقها اليمنيون.

يبقى السؤال هل هناك هوية يمنية؟
نعم هناك هوية يمنية كالهوية الشامية لكنها ليست هوية سياسية كمايعتقد البعض.