آخر تحديث :الخميس-19 سبتمبر 2024-01:52ص


تناوب دولي لاستعداء المملكة في اليمن؟!

الخميس - 01 أبريل 2021 - الساعة 02:27 م

فيصل الصفواني
بقلم: فيصل الصفواني
- ارشيف الكاتب


في الوقت الذي تتعرض فيه مدن السعودية ومنشاتها النفطية لوابل من الصواريخ البالستية وطائرات مفخخة، وحلفائها في الداخل اليمني يواجهون جرائم حرب بالغة الهمجية من الميليشيات المدعومة من ايران، نجد  المبعوث الاممي يختزل عملية السلام بين المملكة والحوثيين بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة فقط .

ولا يستبعد مهتمون ان الهدف الذي يسعى جريفت لتحقيقه من فتح مطار صنعاء مع استمرار الحرب، هو إقامة جسر جوي بين طهران وصنعاء ليتسنى لهم اجبار المملكة العربية من الرضوخ والتصالح مع دعاة الويل وجالبي الدمار لليمن ومنطقة الخليج عموما.

ومن وجهة نظر السيد مارتن جريفت وزمرته الدولية يبدو اغلاق مطار صنعاء هو الجريمة التي تنتهك كل الحقوق الإنسانية في اليمن، لكن قطع الحوثة لمرتبات تعول 70% من سكان اليمن ولمدة ست سنوات ليست جريمة إنسانية، وضرب صواريخ وقذائف مدفعية على مخيم يضم أكثر من مائة الف نازح في محافظة مارب، و يعد اكبر تجمع للنازحين في منطقة الشرق الأوسط بحسب تقارير الأمم المتحدة نفسها، هي الأخرى لا تصنف بانها جرائم ضد الإنسانية في قاموس الأمم المتحدة.

كما ان مقتل وإصابة 3263 مدنيا، في محافظة تعز لوحدها   منهم 406 من الأطفال و365 من النساء بسبب الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية في وديان وقرى تعز (بحسب تقرير المرصد اليمني للألغام) هي الأخرى ليست جرائم ضد الإنسانية ولا يندى لها جبين ممثلي الأمم المتحدة في اليمن، ولا تستثير ضمائرهم.

ان الجرائم التي ترتكبها إيران في اليمن بأيدي حوثية، في حق بلدي  اليمن والسعودية، في ان واحد لم تعد خافية على احد ، ولا يهمنا توضيحها لان توضيح الواضحات من المعضلات.

وما يهمنا هنا هو معرفة أسباب التكالب العدائي الفج الموجه ضد دولة المملكة العربية السعودية والذي تتناوبه الهيئات الدولية بين الحين والأخر، بشكل منظم ومتداول يثر الارتياب.

اذ لم يعد خافيا على ذي عقل وضمير ان السعودية تواجه إيران وحلفائها الدوليين والاقليميين جميعا في اليمن، وليس مجرد ميليشيات انقلابية متمردة في حدود إمكاناتها المحلية فحسب.

   والمتابعين بإنصاف لأحداث الحرب في اليمن، يدركون تماما ان المعارك التي تخوضها الميلشيا باستماته على مشارف مدينة مأرب منذ اكثر من شهرين والمتزامنة مع استهداف مسعور للمنشاة النفطية السعودية، والتي يستفيد منها قرابة ثلاثة ملايين يمني مغتربين في المملكة ليست حرب حوثية مجرده من البعد الإقليمي والدولي الداعم لها بقوة.

بل ويذهب مهتمون الى القول ان الحرب ضد المملكة وحلفائها في الداخل اليمني اشتدت ضراوتها منذ الأسبوع الأول لحكم الرئيس الأمريكي بايدن في البيت الأبيض.

ليس هذا فحسب بل لقد طالعتنا صحيفة الواشنطن بوست يوم الجمعة بتاريخ 19مارس بعنوان على راس صفحتها الاولى "كيف يمكن تأديب المملكة؟!"

في اليوم ذاته كانت قناة المسيرة تنقل بث متلفز عن استهداف مصفاة للنفط في الرياض ومنشاة اخرى ، بكل تأكيد هذا التزامن بين الفعل الحوثي والخطاب الصحفي الامريكي لم يكن بمجرد الصدفة.

الامر الذي يدفعنا لتحري أسباب هذه المواقف الاستعدائية المباغتة للملكة السعودية في اليمن وماذا يخيف دول عظمى من دور السعودية في اليمن.

فالمعروف عالميا ان دولة المملكة العربية السعودية على مدى 84 عاما مضت، انها دولة متصالحة مع اغلب دول العالم، لم تعلن الحرب ضد أي بلد ولم تهدد مصالح أي دولة كبرى وهذه الحقيقة لا يستطيع انكارها في قرارة نفسه مناوئي المملكة قبل غيرهم.

كما انهم يدركون اكثر منا ان الحرب التي تخوضها المملكة في اليمن حاليا هي حرب اضطرارية وليست اختيارية، واهداف الحرب لا تخرج عن حدود الدفاع عن دولة المملكة وحماية الامن الإقليمي لليمن والخليج عموما

 

فما الذي يجعلهم يتبنون مثل هذا العصاب الهستيري الموجه ضد قيادة دولة هم يعلمون اكثر من غيرهم انها الدولة الأكثر اتزانا في هذا العالم؟!

يرى باحثون في العلوم السياسية، ان الباعث على مثل هذه المواقف الاستعدائية لدولة المملكة اثناء حربها في اليمن، ليس حبا في ايران ولكنه الخوف الأوربي والامريكي من ظهور دولة المملكة كشريك حقيقي وفاعل في صناعة السلام والحرب في منطقة الشرق الأوسط.

وفي تقديري الشخصي ان ظهور السعودية كشريك دولي يمثل هويتنا العربية والإسلامية ويتحلى بمضامينها الإنسانية في منطقة الشرق الأوسط (الجديد)

هو الانتصار الحقيقي لليمن والسعودية ولكل انسان عربي يبحث عن فرصة عادلة لسلام حقيقي وعادل في المنطقة العربية مستقبلاً.

ولعل الدور السياسي والعسكري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية اليوم في اليمن هو الأسلوب الأكثر واقعية في اقناع العالم بالقبول بشراكة حقيقية بين دول المنطقة، واضعين بالاعتبار ان دور كل دولة سيتحدد مستقبلا، بحسب خارطتها الجغرافية وتأثيراتها الاقتصادية والتجارية على المستويين الإقليمي والدولي، شاء من شاء وابى من ابى.

** كاتب – وناشط سياسي - يمني