*انتهاك الدستور و القانون* ..
عبارة ترددت مؤخراً من مختلف الأطراف السياسية و تابعيهم بمناسبة تعيين الدكتور أحمد الموساي كنائب عام للجمهورية .
و حقيقة الواقع أنه بالفعل قد تم انتهاك الدستور و القانون بهذا التعيين بالقرار الجمهوري رقم (4) لسنة 2021 م و الذي تم بموجبه مخالفة أحكام الدستور اليمني و قانون السلطة القضائية مخالفة فجة ، و انتهاك المبدأ الدستوري العظيم مبدأ استقلال القضاء باستجلاب شخص من خارج السلطة القضائية و منحه منصب قضائي ، و تجاوز الشروط القانونية في التعيين .
*فهل هذه هي المرة الأولى التي يتم بموجبها انتهاك الدستور و القانون ؟؟؟*
واقع الحال أن هناك انتهاكات دستورية و قانونية مرعبة غزت السلطة القضائية بلا رحمة ، و نخرت الجسد القضائي بصورة بشعة ، و لكننا لم نجد أياً من القوى السياسية و تابعيهم ينبس ببنت شفة ، و كان نادي قضاة اليمن _ في كل مرة تحدث فيها مثل هذه الانتهاكات _ يقف وحيدا يُصارع ، و تُصب عليه آلاف اللعنات و الإتهامات .
*أين كنتم يا من تدعون مخالفة الدستور و القانون* ؟
أين كنتم عندما تم تعيين عميد المعهد العالي للقضاء بنفس الآلية التي عُيّن بها النائب العام المخالفة للدستور و القانون ؟ لماذا كنتم صامتين و مباركين حينها ؟
أين كنتم عندما وزعت درجات قضائية بالمخالفة للدستور و القانون كمنح و هدايا استناداً لمعيار الولاء و القُربة ؟ و كنتم حينها صامتين و مباركين .
أين كنتم عندما دُمِّر القضاء العسكري ؟ أين كنتم حينما تحدث الاعتداءات القضائية ؟ أين .. و أين و أين ؟
*سأقول لكم أنا أين كنتم* :
كانت مصالحكم و مناصبكم لم يتم المساس بها ، أما الآن و حين حان موعد اقتسام الكعكة ظهر كل طرف سياسي و تابعيه للتشدق بالدستور و القانون .
حصل المؤتمر الشعبي العام على نصيبه من كعكة السلطة القضائية عن طريق الكرسي الوزاري بوزارة العدل .
و حصل حزب الإصلاح على نصيبه بالتعيين بمنصب النائب العام .
و تبقى كل من المجلس الانتقالي الجنوبي و الحزب الاشتراكي اليمني و الحزب الناصري لم يحصلوا على نصيبهم بعد .
قاموا بذرف دموع التماسيح تباكياً على الدستور و القانون الذي تم انتهاكهما مؤخراً ليحصلوا على نصيبهم في المناصب المتبقية ، سواء برئاسة المحكمة العليا ، أو هيئة التفتيش القضائي ، أو بالأمانة العامة لمجلس القضاء الأعلى ، أو حتى عضوية مجلس القضاء الأعلى ، و ربما يتطلعون لرئاسة المجلس ، و نحو ذلك .
تعالت أصواتهم و تابعيهم الآن و الآن فقط .
و نُشرت البيانات المنددة و الدعاوى المأجورة لتحقيق المنفعة لطرف سياسي ، و للضغط على الرئيس هادي ليستجيب لمطالبهم .
بينما حين كان نادي قضاة اليمن يرفع الدعاوى من قبل دفاعاً عن الدستور و القانون ، و يصدر البيانات المنددة ، كانت الدعاوى المقدمة منه تُقابل بجريمة إنكار العدالة ، و تمتنع المحكمة عن إصدار قرار قضائي بشأنها ، و يغض التفتيش القضائي الطرف عن أي شكاوى تقدم !
لذا .. فإن كل الأصوات التي تعالت في الوقت الحالي فقط لا يهمها الدستور ، و لا يعنيها القانون ، و لا تحفل بمبدأ استقلال القضاء ، بل و لا تفقه معناه . و كل هذه المطالبات و التنديد من أجل الحصول على مناصب في السلطة القضائية فقط .. يال هول جبروتهم ، و خبث مقصودهم .
فما يبطنوه هو منحهم منصب من المناصب القضائية من قِبل فخامة رئيس الجمهورية ، و بعدها سيصمت كل طرف ، فكل هذا النعيق ماهو إلا المطالبة بحق أُريد به باطل .
و من أجل كل ذلك فإننا نقول امنع التسييس يا فخامة الرئيس ، فقد قلناها لك من قبل بأن لا خير في قضاء مسيس ، و لا خير في مجلس قضاء يدين بالولاء للأطراف السياسية المتناحرة .
فخامة رئيس الجمهورية ..
لم يكتفِ الساسة بكمية العبث التي طالت الوطن ، و يريدوا إثقاله بالمزيد و المزيد ، المهم أن يرضو مصالحهم و سادتهم و كبرائهم و مموليهم ، أما القضاء و استقلاله ، و قدسيته ، فهي آخر همهم و مقصودهم .
فخامة رئيس الجمهورية ..
قضاة اليمن يريدوا أن ينتصروا لك و بك ، لا عليك ، فالقضاة انتصروا لسمو الدستور و سيادة القانون ، و دافعوا دفاع المستميت عن الشرعية الدستورية التي يجب علينا كقضاة أن ننحني احتراماً لها .
اتبع الخطوات القانونية في التعيين فقط ، و لا تنحرف عن منهاج الدستور و القانون ، فالشرعية يا سيدي ليست مجرد كلمة تستخدم للاستهلاك الإعلامي أو المحلي ؛ لتُسحر بها آذان العوام ، و ليست كلمة تُقال في المحافل الدولية ؛ لتحقيق مكاسب سياسية ، الشرعية يا فخامة الرئيس تصرف و موقف و قرار .
و متى ما كانت قراراتك متوافقة مع الدستور و القانون فلن يجرؤ أي طرف من المكونات السياسية المتسلقة على رفع صوته ، فقط نريد من قراراتك أن تتحلى بالمسئولية و القانونية و العدالة .
و تذكر أنه ليس عيباً أن تعمل على إلغاء القرارات السابقة التي انتهكت المبدأ الدستوري العظيم مبدأ استقلال القضاء ، فالرجوع للحق خير من التمادي في الباطل .
انتصر بالدستور و القانون ، و لا تضرب التعيين في مجلس القضاء الأعلى ، لأنك متى ما استجبت لمطالبة الساسة ، و سلمتهم مقاليد السلطة القضائية ، فإنك ستضرب القضاء بألف معول ، و ستهدمه كما لم غيرك يفعل .
بل إنك ستهدم حينها الحصن الحامي للحقوق والحريات ، و سيتم استخدام القضاء كسلاح لمهاجمة الشرعية الدستورية التي تقفون انتم على رأس هرمها .
فخامة رئيس الجمهورية ..
ان مجلس القضاء الأعلى الحالي دمر القضاء ، و على يده حصلت اليمن على المركز الأول بالفساد القضائي على مستوى العالم ، بينما الميدان يمتلئ بالقضاة الأكفاء و الشرفاء ، اللذين لم تلطخهم لعنة تبعية الساسة ، و اللذين يتم اقصاءهم و تهميشهم . فالسلطة القضائية ما عَقُرت بعد لتنجب قضاة أكفاء يتولون مقاليد السلطة القضائية ، و يصلوا بسفينة العدالة لبر الأمان و يمثلون السلطة الثالثة للدولة خير تمثيل .
فخامة رئيس الجمهورية ..
نداء أخير .. تمسك بالدستور و القانون و سيكون كل الشعب اليمني معك مؤيدين ، و داعمين ، و مباركين . . لا تخذل القضاء .