آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-04:52م

ذكريات مأذون

الأربعاء - 16 ديسمبر 2020 - الساعة 04:43 م

أنيس محمد الحبيشي
بقلم: أنيس محمد الحبيشي
- ارشيف الكاتب


في ذات يوم من أيام عام 2008م ، كلفت بالنزول مع أسرة جاءت لتعقد قران ولدها على فتاة من أسرة من السادة تمنع تزويج بناتهن إلى غير السادة ولو كانوا قبائل (!) .

أخبرني والد الشاب العريس أنهم سيأخذون الفتاة معهم عقب العقد بناءا على طلب أبيها الذي قرر أن يحرمها من رؤيته هو وأمها وأخوتها مدى الحياة ، وهو قرار قاس للغاية !

ذهبنا إلى منزل الفتاة ، واستقبلنا الأب وحده باحترام وإكرام ، حاول الأب أن يكرر رغبته بعدم بقاء ابنته لحظة واحدة في بيته بعد العقد ، لأنها مصرة على الزواج ممن هو خارج تقاليدهم ، ووافق أهل العريس على طلبه ، ووجدتها فرصة لأتدخل ، قلت لأبيها بعد أن أذن لي موعظة بالغة ذكرته أن ابنته قطعة من كبده ، وأن هذا العقاب القاسي لا تستحقه مهما كان ذنبها - إن كان لها ذنب - وأن الله لم يشرع ما تذهبون إليه من تزويج البعض وتحريم الزواج من بعض آخر ، وأذكر أني قلت زبدة الكلام فسكت الجميع وقد بدت ملامح الحزن والندم على وجه أبيها !

قام والد الزوج برمي مبلغ خمسين الف ريال سعودي إلى والد الفتاة قائلا له هذا مهر ابنتك لك ولأمها ، ونحن سنجهزها بمهر مثله ونقيم عرسها وستصلكم بطاقة دعوة الزواج ونأمل تلبيتكم لها ..!

بعد إجراء العقد مباشرة ، خرج أخو الفتاة ومعه أخته وشنطة أخته لتوديعها ، أقبلت الفتاة على رأس أبيها تودعه وتقبله ، وإذا بأبيها يحتضنها ويبكي بقوة ويحلف ألا تخرج عروسا إلا من بيت أبيها ، وأمر بشنطتها فأعيدت .. واعتذر للعريس وأهله ؛ وكان يوما مشهودا ومؤثرا جدا في ذكريات حياتي !!

ليت هذه التقاليد تهدم ، وليت كل فتى وفتاة يتزوجون بمن يرغبون بعيدا عن العادات والتقاليد الهدامة والمنافية للقيم الإنسانية والأخلاقية ، وليت الحب والود يسود الحياة حتى لا تغرق في القهر والظلم ومصادرة الحقوق والحريات !!