آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-11:41م

المرحلة الانتقالية الجنوبية لن تكون نزهة

الخميس - 21 مايو 2020 - الساعة 08:01 م

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى
- ارشيف الكاتب


المرحلة الانتقالية من الحكم الاستبدادي إلى الحرية و الديمقراطية تتميز بدرجة عالية من الصعوبات  وبمواقف وأحداث مفاجئة  ومخاطر سياسية واقتصادية واجتماعية  لا مفر منها ، ولكن يظل اساس نجاح المرحلة الانتقالية  هو وحدة المجتمع الداخلية الوطنية التي تعتبر شرطا مسبقا لأي تحولات داخلية ناجحة.

 

بعد الوحدة اليمنية لم يكن في نية عفاش ونخبته السياسية  اجتياز المرحلة الانتقالية للوحدة اليمنية في جسد واحد  من اجل  بناء نظام سياسي قوي موحد ، خاصة وان الاجواء الجنوبية بكل اشكالها الشعبية والسياسية كانت هائمة في حب الوحدة اليمنية الى درجة السذاجة السياسية والشعبية  ، وبدلا من ذلك  قام عفاش بإضفاء الطابع الشخصي على سلطة الوحدة  و بالحفاظ على ملامح دولته السابقة المرتبطة برجال الدين و القبائل في الشمال وعلاقات الراعي- العميل ،هذا الشكل من الحكم   ادى الى افراغ دولة الوحدة من رمزيتها الوطنية  و افقار غالبية سكان البلاد وبروز طبقة صغيرة فاسدة غنية قائمة على العلاقة   القبلية والعائلية و المحسوبية  فيما بينها  تتبعها مراكز قوى بشكل مستقل وتوازي سلطة الدولة ومحميه من طبقة مثقفة من المرتزقة وجيش من الجهلة  .

 

إن البلاد على مفترق طرق ستنتهي الحرب في الجنوب والشمال طال الزمن ام قصر وستزول الجمهورية اليمنية شئنا أم أبينا  فهذا قدر الدول الاتحادية الفاشلة والتاريخ مليء بالأمثلة  وكل واحد منا سيتجه الى بناء دولته .

ما يهمنا  هو  ان المرحلة الانتقالية يجب ان تكون على قاعدة الاستفادة من اخطاء الماضي ، فعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية ، أصبحت الحرب جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس  في الجنوب و الان الناس الان  تعترف صراحة ،بأن  كل ما يحلمون به هو العيش بسلام  وعدم رؤية الأسلحة .

طريق الجنوب  في المرحلة الانتقالية لن يكون مفروش بالورد ومن المهم اليوم دراسة العوامل التي تساهم في تحييد اي ازمات اجتماعية او سياسية قادمة وتحديد كيف سيكون شكل الاتفاق الداخلي حول القضايا الأساسية للنظام و للبنية الاجتماعية ، العملية الدستورية ، والخصخصة ، وتوازن مصالح المركز والأقاليم نظرا لتنوع تفاصيل العوامل السياسية المحلية  .

 

وجدت الدولة الروسية  نفسها على أنقاض  الاتحاد السوفيتي  وخلال الفترة الانتقالية العصيبة لحكم يلتسين كان هناك الكثير من الفساد والبسط  والنهب في الخصخصة وظهرت الى السطح السياسي شخصيات لم تكن معروفة ، اصبحت في فترة قصيرة من جماعة المليارديرات مثل جوسينسكي وخادروفسكي وبيريزوفسكي   كان هؤلاء يظنون انفسهم فوق القانون والدولة في فترة المرحلة الانتقالية الروسية ، لكن مع وصول بوتين الى السلطة تم محاكمة الاول والثاني  وحكم عليهم بالسجن لسنوات طويلة في قضايا  فساد وتشكيلات مسلحة  اجرامية ، بينما مات بيريزوفيسكي  من الاكتئاب في فلته الفخمة في وسط لندن وهو يتمنى رؤية موسكو  ، والسعيد من اتعظ بغيرة  .