آخر تحديث :السبت-21 سبتمبر 2024-11:19م

لك يا ست الحبايب

الخميس - 30 مايو 2019 - الساعة 12:29 ص
همام عبدالرحمن باعباد

بقلم: همام عبدالرحمن باعباد
- ارشيف الكاتب


لا أدري كيف هي البداية فكلماتي تقصر عن رد بعض الجميل إليك فمهما فعلت سأظل مدينا بالكثير والكثير وأنا الذي لا يملك - إن امتلكت- إلا النظر اليسير وحسبي بأني سجلت بعضا من انطباعاتي تجاهك يا معلمة الأجيال فأنت مدرسة أتعلم منها الكثير كما هو الحال لدى الآخرين مع أمهاتهم ولئن غفل البعض عن أداء واجباته تجاهك إلا إن الكثير يسعى إلى رضاك ورضوانك فقد أعلى ربي مكانتك وجعل الجنة تحت قدميك وأوصى بك نبيه الأمين ثلاثا، وأنت نبع الحنان ومنجبة الرجال وصانعة الأبطال.

أنت التي أشبعتني على حساب جوعك، وتقويت بمقابل ضعفك، واسترحت على تعبك، كنت تمرضين لأجل أن أغدو معافى، تسهرين لأجل راحتي، اعتنيت بي منذ نمو بذرتي الأولى حتى بلغت ما بلغت، كنت الصغير في نظرك حتى عندما كبرت وغدوت رجلا يتحمل المسؤولية، لكنك ظللت تعتبريني طفلك الصغير الذي يساورك القلق كلما غاب عن ناظريك برهة من الزمن، كنت لا تريدين أن أتأذى وترجين أن ابتعد عن مواطن الأذى، لا أزال ولن أنسى دعواتك لي : (( الله يرضى عليك يا وليدي)) وكلما أسمع صداها يتردد في داخلي أحس بمشاعر مختلطة تجتاحني يتداخل فيها الامتنان مع الإكبار والود والاحترام، كانت نصائحك نصب عيني لأنها وصايا يجب العمل بها والنزول عند أحكامها.

وعندما هممت بكتابة هذه الهمسة أحسست بأنها لن تفي بشيء تجاهك لكني فعلت لعل ذلك يسجل في باب البر وبسببه تجدين الدعوات الصادقة بالصحة والعافية وطول العمر.

حينما أخذت قلمي للوهلة الأولى لم أعلم أين هي البداية لعالم الأمومة الكبير والعظيم، فأبهة العظمة وجلال الإنسان ورهبة الموقف يحتمون علي الوقوف حائرا عن المكان المناسب للولوج.

 وحينما حل يوم الحادي والعشرين من مارس توقفت كثيرا عند الاحتفاء بيوم الأم إذ كيف يختزل عالمها الواسع في يوم واحد، فكيف يمكن اختزال عالم كامل في يوم؛ لذا لم أسمح لنفسي أن تطاوعني لأقابل كل ما قدمت بنكران الجميل وأنسف جميع بنيانك بأن اتبعهم في تخصيص يوم لك يوم فقط مقابل 364 يوما ليست لك.

أي احتفاء وأي تكريم عنه يتحدثون فكيف لمربية الأجيال ومنجبة الأبطال وصانعة الرجال أن تحتوى في يوم وتهمل بقية العام ذلك لعمري في القياس فظيع، فلا أدري بماذا أصفهم وهم من وضعوا لك يوما، يوما فقط يلخص رد الجميل والمعروف إليك وتناسوا بأنك جزء لا يتجزأ وعامل مهم في وجودنا في الحياة، وإلا فكيف لهم أن يغفلوا عن رحلة الحمل الطويلة ومرافقات عملية الإنجاب الشاقة وتعبات ما بعدها حتى اشتدت سواعدهم.

قد يلتمس لهم العذر في تخصيص يوم للاحتفاء بذكراك وهم من يتبعوا طرائق قدودا لكن الأمر يختلف لدينا نحن الذين نعلم حقك علم اليقين ولذا فقد رأيت إنه من الإجحاف الكبير أن يختصر الوفاء لك في يوم الحادي والعشرين من شهر مارس فأنت أكبر من ذلك وأعظم.