غازي المفلحي
اجهزة الدولة لكي تؤدي دورها يجب ان تدار برأس واحدة ، وجود رأسين او اكثر لا ينتج عنه سوى الخراب وتعطل الحياة كما نراها في عدن.
عدن اليوم واقعة تحت وطأة صراع وتناطح رأسين :
الأول : هو المجلس الإنتقالي كيان له اجندة معلنة هدفها انفصال الجنوب ، لا يتعاون مع الحكومة ولا يعترف بها ، ويحظى بتأييد الوية عسكرية تأتمر بأمره مع رضى وتمويل علني من دولة الإمارات ، لكن مصدر قوته الرئيسي هو استحواذه على تأييد الأغلبية في الشارع الجنوبي .
الثاني : هو الحكومة الشرعية ، حكومة ضعيفة يكاد تواجدها يكون شكليا ، تلاحقها الإتهامات بالفساد ، ويقتصر تواجدها على التغطية الإعلامية ، الويتها العسكرية قليلة العدد والعدة ، وهي وان كانت تحظى بتأييد المجتمع الدولي فإنها تفتقد للتأييد والإلتفاف الشعبي الذي يستحوذ عليه الإنتقالي بشكل شبه كامل .
وبين فكي الكماشة او حجري الرحى وجد المواطنين العاديين انفسهم ، فهم مادة الطحن اليومية لهذا الوضع المشوش المضطرب ، وتصل المعاناة الى حدودها القصوى كلما تحول الخلاف بينهما الى صدام وكثيرا ما يحدث .
نداءنا هذا موجه بصورة خاصة للإنتقالي ، فهو القوة المسيطرة والقادرة على الحسم ، نقول لهم حالة الناس لم تعد تتحمل المزيد من المعاناة التي تتسبب بها المماحكات والمكايدات واحيانا الصدامات بينكم وبين الحكومة الفاشلة ، ولأن الحكومة اثبتت فشلها وعدم قدرتها على تحقيق منجز يخفف من بؤس وضيق وشقاء الناس ، ولا فائدة ترجى منها ، تقدموا واحسموا وتحملوا المسؤولية كالرجال .
هذه الخطوة سوف تحظى بتأييد الشارع دون شك ، فهي الأمنية التي عبرت عنها الجماهير في كل مناسبة وهذا التأييد هو المهم ، صحيح انها قد لا تحظى بتأييد كل اطراف التحالف وهذا محذور محتمل .. ليكن .. ضعوا الجميع امام مسؤولياتهم ، قولوا لهم انكم لا ترضون على انفسكم ان تكونوا جزء من وضع رمادي يتسبب بمعاناة هائلة للناس ، وانكم لا ترضون لأنفسكم دور شاهد الزور او ان تكونوا جزء من هذا الوضع الشاذ .
حسم الأمور لن يأخذ منكم اكثر من 48 ساعة وخلفكم تأييد جماهيري كاسح للشارع الوفي الذي يستحق منكم وقفة جادة تضع حدا للعناء والمشقة التي يكابدها لسنوات ، وهو دين مستحق لشعب لم يتخل عن ثقته بكم وتأييدكم وشد ازركم ومناصرتكم حتى في احلك الظروف .
اذا حسمتم الأمور فلن يحاربكم احد حتى لو كان ضدكم او غير راض عن خطوتكم ، الجميع سوف يأتون اليكم ليفاوضوكم ويعرفوا ما هي شروطكم ، فالشعب معكم وهذا يكفي فمن كان الشعب معه لا يخشى العواقب ، والمجتمع الإقليمي والعالمي سيتعامل معكم حتى لو لم تمتلكوا ما يكفي من السلاح ، فلا سلاح اقوى من ارادة الشعوب .
وعلى مستوى الخدمات سوف تتوفر تحت طلبكم اجهزة وموارد تكفي لتوظيفها في حل المشكلات الخدمية التي يعاني المواطن انهيار منظومتها ، والتي فشلت الحكومة الحالية طيلة سنوات في وضع حد له .
ما تحتاجونه للنجاح هو الإعتماد على الكفاءات وليس اهل الثقة وحدهم ، وتفعيل القضاء ، وتأكيد سيادة القانون ، وبعدها كل شيء سيسير بصورة مرضية ومبشرة .
استفحل الداء ومعاناة المواطنين استطالت ولم يعد بالإمكان تحمل المزيد منها ، وربما ان الحاجة الى عملية جراحية سريعة اصبحت ضرورة ملِّحة ، اذ مثلما ان الأجساد تحتاج اليها أحياناً لتنقذها من الموت ، كذلك الأوطان تحتاج اليها احياناً لتنقذها من الضياع .