آخر تحديث :الأربعاء-30 أكتوبر 2024-10:23م

تحديات امام إنتفاضة الإنتقالي

الخميس - 04 أكتوبر 2018 - الساعة 09:23 ص
غازي المفلحي

بقلم: غازي المفلحي
- ارشيف الكاتب


غازي المفلحي

 

الخطوة التي اقدم عليها الإنتقالي في عدن اليوم هي انقلاب مكتمل الأركان على الشرعية ، ونحن في جانب من الصورة لن نتباكى على هذه الشرعية فقد اثبتت فشلها على كل الأصعدة الخدمية والأمنية والإقتصادية ، ونعرف ان الناس لم يعد في مقدورهم تحمل المزيد من المعاناة المترتبة على هذا الفشل ، وان الإنفجار متوقع في اي لحظة ، لكن انفجارا محسوباً ومُسيطرا عليه  تقوم به جهة منظمة تعرف مقدمات هذه الخطوة ونتائجها مسبقا ، هو افضل الف مرة من انفجار فوضوي  يقوم به شارع غير منظم وتكون نتائجة كما في كل التجارب الإنسانية كارثية .

لكن هل كانت الخطوة التي تمت اليوم محسوبة  ومدروسة فعلا ؟ ام جاءت متعجلة  تحت تأثيرمشاعر الغضب  الشعبي بسبب انهيار العملة  ، وجده البعض فرصة لا يجب ان تضيع لتوجيه ضربه قاضيةللحكومة الفاشلة ؟

نحن البعيدين لدينا شيئاً من  القلق  بسبب ضبابية المشهد وعدم وضوح الصورة ، ونحن نتمنى  بطبيعة  الحال ان تصل هذه الخطوة الى نهاية  مطمئنة  للشعب الجنوبي لكننا لا نستطيع ان نقرر اذا ما كانت  الخطوة في مكانها وزمانها المناسبين  ام لا ؟  الذين قرروا اقتحام الخطر والسير في هذه الخطوة الى نهاياتها الدرامية وحدهم يستطيعون ان يقرروا ،  وذلك من  خلال الإجابة على تساؤلات تحدد مضامينها اذا كان ما حدث خطوة في الإتجاه الصحيح او هو مجرد  قفزة الى المجهول :

هل تمت هذه الخطوة في اطار خطة شاملة  لا تحصر طموحها عند هدف الإطاحة بالحكومة الفاشلة ؟ بل تمتد الى خلق سلطة بديلة تفرض نفوذها وولايتها وهيمنتها على الأرض بآليات عمل واضحة ومحددة ، وتجعل نصب عينها اولا بسط الأمن والقضاء على مظاهر الفوضى  وفرض سلطة القانون ؟ وصولا الى تطبيع الأوضاع السياسية والإقتصادية وادارة عجلة التنمية  ؟

هل تم تهيئة  الأرضية  والمناخ  والمزاج الشعبي لضمان استجابة ايجابية ومتفاعلة مع الخطوة على امتداد الجنوب من المهرة الى باب المندب ؟ بما يتطلبه هذا من تنسيق مسبق مع القوى الإجتماعية والسياسية  في حواضر المحافظات على الأقل لتقبل هذه الخطوة والتعامل الإيجابي معها ؟

هل تم التنسيق مع التحالف  والحصول على ضؤ اخضر منه للإقدام على هذه الخطوة ؟ والتحالف هنا لا نعني به طرف فيه بل على الأقل جميع اطرافه الفاعلة ، فالحصول على دعم الإقليم لهذه الخطوة هو مقدمة ضرورية ولا غنى عنها لنيل دعم المجتمع الدولي لها .

هل تم دراسة ردود الفعل المتوقعة في الداخل والخارج وتأثير هذه الردود على واقع الحال في الجنوب ؟ وهل تم اخذ الحيطة لهذه الردود اذا انتقلت من مجرد رد الفعل اللفظي الى الفعل على ارض الواقع ؟

قد تتوارد هذه الأسئلة في ذهن المواطن  البسيط  ، وقد لا يجد اجابه شافيه لها ، ومع ذلك فإنه سيمضي في تأييد هذه الدعوة والإلتفاف حولها ثقة منه ان القائمين عليها قد اعطوا للأمر ما يستحق من الدراسة والفحص وتدقيق الخيارات والبدائل ، يكفيه الآن للتفاعل مع هذه الدعوة المعاناة التي وصلت عنده الى درجة لا يمكن احتمال المزيد منها ، ولسان حاله يقول لنموت في ساحات المواجهة مع الفاسدين خير من ان نموت جوعا في بيوتنا.

الخطوة ستكون ناجحة اذا كانت مدروسة في حين ستحفها المخاطر اذا تم اعدادها وطبخها على عجل ، ونستطيع ان نسلم من الآن ان نجاحها شبة مؤكد في مرحلتها الأولى المتعلقة باسقاط حكومة الشرعية ، وهذا السقوط هو نتيجة حتمية لفشلها وافتقادها لاي تأييد شعبي في الجنوب ، لكن الجزء الأهم هو ما ستحمله مرحلة ما بعد السقوط من معطيات ومستجدات .

نجاح الإنتقالي في مرحلة ما بعد السقوط الحكومي هو الأهم وهو الضمان لإستمرار السير في مشروعه المعلن ، أما اساس هذا النجاح فهو تمكنه من  تجاوز الفشل الحكومي السابق في مجالات الأمن ، والإقتصاد ، والخدمات ، والرواتب ، وثبات سعر العملة ،  وتوحيد التشكيلات العسكرية  تحت قيادة موحدة ، اذ ان تحقيق نتائج ايجابية في هذه الملفات سوف ترفع من رصيده الشعبي   ، وتضمن له الإستمرارية والفاعلية وقوة الدفع التي يحتاجها وصولا الى هدفه الكبير المتمثل باستعادة الدولة .

اما اذا فشل في تحقيقها  فالمتوقع ان تتقلص القاعدة الشعبية التي يستند الى تأييدها الآن ، ولا يستبعد ان تظهر كيانات اخرى تسيطر على الساحة وربما تقود الجنوب الى دروب لا يمكن التكهن من الآن بنهاياتها .