آخر تحديث :الأربعاء-30 أكتوبر 2024-10:23م

موسم حج متميز .. والوزير عطية النجم بلا منازع  .

الأحد - 02 سبتمبر 2018 - الساعة 07:13 م
غازي المفلحي

بقلم: غازي المفلحي
- ارشيف الكاتب


 

غازي المفلحي

مديح المسؤول غير مستحب ، حتى لو قام ذلك المسؤول بما يتوجب عليه القيام به ، فما يقوم به هو واجب المسؤولية التي حملها ولا فضل له علينا ولا مَنّ ، أما ان يقوم هذا المسؤول بما هو فوق المطلوب منه فهو ما يستحق التقريض والثناء .

وفي الظروف العادية فإن بعض المسؤولين والوزراء وان كانوا لا ينظرون الى المنصب الا باعتباره وسيله لزيادة الدخل وتحسين المستوى الإجتماعي والمعيشي  ، الا انهم يحرصون على تقديم سجل انجاز يكون بمثابة اوراق اعتماد واستحقاق للمنصب .

أما في ظروف الحرب فلا يعودون بحاجة الى سجل انجاز وحسن أداء ، فالحرب وما يصاحبها من اختلالات بنيوية توفر العذر الذي يكفي ويزيد ـ بدرجة تفوق عذر البليد  المتحجج بمسح السبورة ـ  لتبرير التقصير والغياب المستدام عن اي حضور او انجاز .

وهذا هو حال اكثر الوزراء الان اذ لا نكاد نسمع لهم حساً ولا خبراً ، بل إن الوزارة لم تعد تعني بالنسبة لمعظمهم اكثر من سكرتير يتابع تحويل الراتب  والمكافآت  وتذاكر السفر له وللعائلة الكريمة مع الحرص على ان تكون في مقاعد الدرجة الأولى .

في هذا المناخ الكئيب يظهر وزير الأوقاف والإرشاد الدكتور احمد عطية بمظهر الوزير الديناميكي فكاك العقد وحلال المشاكل ، يرصد  ويراقب ، يتحرى ويسأل  ، واذا تم الإستعانة به لحل مشكلة فإنه يُعين  ويقدم الحل  ، وهذا يتم على مدار الساعة ، حتى ليستغرب المُتابع   كيف يستطيع ان يوفر الوقت لكل هذا ، او انه لا ينام ؟  

تفويج الحجاج ليس بالمهمة السهلة ، فضخامة الأعداد ، وقصر الفترة المتاحة لأداء المناسك يجعل من ادارة عملية التفويج هاجس مقلق يشغل بال القائمين عليها  ، وبالنسبة للحجاج اليمنيين الذين يصل عددهم الى 25,000 حاج ، فإن الوزارة تتابع وتشرف وتضع الضوابط لترتيب سكنهم المناسب ، ومواصلاتهم المريحة  ، وتغذيتهم  ، ومتابعة حالتهم الصحية ، والحوادث ، والضياع ، ، والتصعيد ، والنفرة ، وزيارة الرسول الاعظم ، واخيرا رحلة العودة ، في سلسلة لا تكاد تنتهي من الصعوبات والعوائق والمشاكل  ، وحل كل  واحدة منها يحتاج الى يقظة وحركة وصبر وخبرة.

الوزير عطية يستحق الإشادة ايضا بشكل خاص لأنه لم يقفل باب التواصل معه شخصيا لإستقبال اي شكاوى او طلب مساعدة من الوكالات لحل مشكلة هنا او فك اختناق هناك ، كان يستطيع ان يقول تواصلوا مع المختصين ويكتفي هو بحصر تواصله على المساعدين المقربين منه  كما يفعل باقي الوزراء ، لكنه ترك بابه مفتوحاً ، ، بالتواصل المباشر او عبر صفحة الواتس اب الخاصة به التي  ظلت تستقبل الشكاوى والمقترحات من الجميع  ، وكان رده لا يتأخر وعادة ما يكون الرد " تم حل المشكلة " .

هذا الأداء الفريد للوزير المؤهل الجدير الكفىء اسهم بشكل حاسم في انجاح هذا الموسم وتميزه في بشكل لافت عن المواسم السابقة ، يدعم هذه الحقيقة اعلان السعودية ان اليمن هي اول دولة تنهي  مسح الجوازات وتصدر التأشيرات عبر المسار الألكتروني  تقدماً وسبقاً لاكثر من 165 دولة قامت بالتفويج هذا العام .

إحراز هذا التميز كان واحداً من وجوه السبق ، اما الوجه الأكثر اثارة للإعجاب في نظر المسؤولين السعوديين فكان تحقق هذا الإنجاز في ظل ظروف حرب مزقت الدولة والمجتمع  وشتت الناس في اصقاع المعمورة ، ولا تزال قائمة ومستعرة ، وهو ما افاضوا في التعليق عليه إشادةً  واطراء .

واذا كان دور وتأثير الوزير احمد عطية في هذا النجاح ملىء السمع والبصر ، فهناك أبطال مجهولين لا يظهرون في الصورة ، لكن بصماتهم واضحة لا تخطئها العين ، احدهم اسمه احمد القمادي رئيس مركز المعلومات ، رجل يستحق ان ينال من التكريم والثناء ما هو له أهل وبه جدير.

لكن القفزة في التميز الذي تحقق هذا العام لا تعني انه تم التغلب على كافة السلبيات ، بل هناك سلبيات لا يمكن اغفالها وبعضها كان بسبب الترتيبات الجديدة التي قُصد منها التغلب على صعوبات المواسم الماضية .

والسلبية الأبرز برأينا كانت دخول قطاع الحج والعمرة في وزارة الأوقاف في تعاقدات للنقل والتغذية مع شركات نقل ومطابخ اعطاها صفة الإحتكار ، واذا كان هذا مقبولا الى حد ما في مجال النقل ـ  بشرط زيادة عدد الشركات الناقلة ـ على اعتبار ان الشركات القادرة على تولي عملية النقل ضمن الشروط والضوابط الموضوعة هي في الأساس محدودة العدد ، فإن الزام الوكالات بالتعاقد مع عدد محدود من المطابخ لم يكن قرارا موفقا لأنه قضى نهائيا على روح  المنافسة بين الوكالات لتقديم خدمة أفضل ، ناهيك عن استغلال المطابخ المهتمة بتحقيق الربح على حساب الخدمة في تقديم تغذية دون المستوى اذا استثنينا مطبخ واحد او اثنين منها في احسن الأحوال .  

وفي حين تقوم المنافسة بدور المحرك والدافع وراء تحسين وتطوير جودة اي خدمة او سلعة  وهو قانون يعرفه الإقتصاديون ، يتسبب الإحتكار بتعطيل عملية الإرتقاء بجودة الخدمة او السلعة بل واكثر من ذلك يقود الى  النكوص والتراجع  ، وهذا ما نتوقعه لو استمرحصر تقديم  خدمة النقل والتغذية في عدد محدود من مزوديها بدون تطبيق صارم للشروط والضوابط التي يتم التوقيع عليها في بداية التعاقد .

وفي هذا الجانب نقترح الآتي :

اولا : في مجال النقل

حصة اليمن من الحجاج هي بحدود 25,000 حاج وجميعهم يدخلون براً خلال فترة 10 أيام تقريبا ، وبناء على هذا العدد من الحجاج والفترة الزمنية تكون الحاجة الى حوالي 600 باص لإتمام عملية النقل شاملة الباصات المرابطة في المحطات كاحتياط .

التجربة اثبتت ان تكليف 4 شركات  صغيرة  ومتوسطة الحجم للقيام بهذه المهمة بمعدل  150 باص لكل شركة في الواقع غير واقعي لان بعضها لا يمتلك هذا العدد من الباصات اصلا ، لهذا يلجأون الى تعويض النقص بادخال شركات صغيرة من الباطن ناهيك عن اصحاب الباصات الفردية وهذه الباصات تكون اقل بكثير من المستوى المطلوب مما يعرض الحجاج للمعاناة بسبب تعطلها خصوصا على الخطوط الطويلة من اليمن واليها .

ظاهرة قيام الوكيل اليمني باستخدام اسم شركة سعودية معروفة للدخول في المناقصة ، ثم قيامه فيما بعد بتجميع باصات من الشوارع الخلفية كيفما اتفق ، والتعاقد معها بمبالغ اقل بكثير مما يدفعه الحاج ظاهرة اصابت سوق نقل الحجاج اليمنيين بالضعف ، وقد توسعت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة بسبب السلوك الجشع لبعض شركات النقل لتشكل الباصات الملفلفة من الشوارع جزء لا يمكن تجاهلة من اسطول نقل الحجاج ، وهو ما يجب وقفه اذا اردنا ان نضع حد لمعاناة الحجاج بسبب هذه النوعية من الباصات .

ولحل هذه المشكلة نرى الآتي :

ان يتم تقييم اداء شركات النقل ، ويتم توقيع عقوبات ومصادرة ضمانات الشركات التي لم تلتزم بتشغيل الباصات بالأرقام والموديلات التي تعهدت بتشغيلها عند التقدم بأوراقها .

يمنع منعا باتا استخدام الباصات الفردية وباصات الشركات الصغيرة من الباطن ، حيث ان هذه الباصات تكون في المعتاد قديمة ومعرضة للأعطال خصوصا في المسافات الطويلة .

لا يتم قبول اوراق اي وكيل يمني مالم يقدم التزام من الشركة السعودية التي يمثلها بقيامها بتوفير الباصات بحسب الأرقام والموديلات المثبتة في اوراق التقدم للمنافسة .

يتم توسيع قاعدة مشاركة شركات النقل بحيث لا يزيد نصيب كل شركة او وكيل عن 50 باص لضمان قيام الشركة او الوكيل باستخدام الباصات التي التزم بها .

محاولة استقطاب شركات كبرى مثل حافل والعيسائي للدخول في هذه العملية .

ثانياً : التغذية

تقييد حرية الوكالات في التعاقد مع المطابخ هذا الموسم كان له نتائج سلبية على اكثر من صعيد :

اولا : اوقف التنافس بين الوكالات لتقديم اعاشة وتغذية افضل ، وهو التنافس الذي كان سائدا في المواسم الماضية  وعاد بفائدته على الحجاج  .

ثانيا : يبدو ان اختيار المطابخ لم يسبقه تقييم لأداءها وسمعتها ، وتم الإكتفاء بالتزام المطبخ بالمينيو الذي تم تحديده من الوزارة دون التزام واضح معزز بالوثائق بتوظيف طباخين محترفين ، وتقديم وجبات تحظى بقبول الحجاج لها ، وعدم اشتراط ان الوجبات التي لا يقبلها الحجاج لن يتم دفع ثمنها .

ثالثا : رغم شكاوى الحجاج وامتناعهم عن تناول وجبات بعض المطابخ الا انه لم يطرا تحسن كبير في اداء المطابخ وظلت الشكاوى مستمرة حتى آخر يوم .

رابعا : اللجان التي عينتها الوزارة لمراقبة التزام المطابخ بجودة التغذية لم تكن فاعلة بل ان بعضها تحول الى مدافع عن قصور المطابخ وسؤ خدمتها .  

وللتغلب على هذه السلبيات نرى ان يترك امر التعاقد مع المطابخ للوكالات نفسها ، فخبرة الوكالات بالمطابخ كبيرة ، كما انهم اقدر على معالجة المشكلات التي قد تحدث بسبب عدم التزام المطابخ بشروط العقد ، ولا يمنع ان تقوم الوزارة بانزال عقد موحد تلتزم به الوكالات والمطابخ وكذلك مينيو يمثل الحد الأدنى مع ترك الحرية للوكالات لتحسين النوعية اذا ارادت سواء لكامل الوجبات او لبعضها  ، ويقتصر دور لجان الوزارة على مراقبة حسن التنفيذ ومتابعة انطباعات وآراء الحجاج حول جودة الوجبات.

الإبقاء على روح المنافسة الإيجابية بين الوكالات للتميز في تقديم الخدمات وعلى رأسها التغذية أمر مطلوب ومرغوب ، وهذا يصب في مصلحة الحاج ، فوجود وكالات  تهتم بسمعتها ورضى حجاجها اكثر من من اهتمامها بالربح ،  سوف يدفع الآخرين الى اقتفاء اثرهم ومجاراتهم وهذا هو الطريق  الى الإرتقاء والتطوير الذي نقصده .

بقي ان نشير في الختام الى ان هناك الى جانب الوزير المقتدر مساعدين ومعاونين لهم الدور المؤثر الذي بدونه يستحيل تحقيق هذا النجاح .

على رأس هؤلاء يأتي الدكتور مختار الرباش الوكيل الأول للوزارة ، رجل لا يحب الأضواء  لكنه يحب مرضاة الله ،  يعمل بصمت ودون ضجيج  ومكتبه مفتوح للجميع  والجميع يلجأون اليه ، يستمع ويتفهم ويبادر ، والنتيجة دائما حلول وانجازات تكتمل بها صورة هذا التميز .

ثم يأتي الآخرين الوكيل المساعد طارق القرشي  ، ومدير عام الحج عارف البركاني ، ومدير النقل محمد الشبيبي وبقية الطاقم الوزاري ليشكل جهودهم اضافة مهمة للوصول الى هذه النتيجة المشرفة.

وفي الجهة المقابلة يبرز دور الأستاذ / حسين الخولاني رئيس قطاع الحج والعمرة بالإتحاد مثالا للرجل الواعي النقابي المتفاني ، مع الزملاء حسين الصباحي ، وباسل الأصبحي والآخرين سواء بأدوار اساسية اومكملة ، لتصنع جهودهم مع جهود الآخرين اشراقة النجاح الكبير .

واخيراً ... قبل هؤلاء وبعدهم ياتي دور بعض  وكالات الحج والعمرة ، القلب النابض لعملية  تفويج الحجيج  بكاملها ، رجال يبتغون فضلا من الله ورضوانا  ، جهودهم يعجز عن وصفها اللسان ، وعطاءهم يشهد به الميدان  ، لا يدخرون وسعا في خدمة ضيوف الرحمن رغم المشقة والعناء  وشح الإمكانيات ، ولا ينتظرون كلمة شكر او تكريم ، لسان حالهم القول .. يكفي ان الله ينظر الينا .