آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-03:59م

الجنوب لم يتحرر بعد ؛ وغدا معركة الحسم !

السبت - 25 أغسطس 2018 - الساعة 08:04 م

د. عبدالله محمد الجعري
بقلم: د. عبدالله محمد الجعري
- ارشيف الكاتب


يتصارع الجنوبيون اليوم فيما بينهم على الفتات وعلى من يستحوذ على الجنوب أولا، وما علم هؤلاء أن الجنوب لا يزال بعيدا عن متناولهم ، فهم أنما يتصارعون اليوم على جنوب أشبه بغريق في أعماق البحر يصارع الأمواج للنجاة ، وكلنا يحاول إنقاذه بطريقته وبما يمتلك من أدوات ولكن المصيبة أن كلا منا يرى نفسه فقط الساعي للإنقاذ ولا يرى الآخرين .

بمعنى أننا متفقون في الهدف وهو إنقاذ الجنوب من قوى الهيمنة والنفود الزيدية ومختلفون في الطرق والوسائل والأدوات ، لذا لا ينبغي أن يكون اختلافنا في الطرق والأدوات سبب تمزقنا وتفرقنا وسببا في ترك الجنوب يغرق ويضيع منا فهذه لعمري هي الأناء في أعلى مراتبها ، ولكن على الجميع أن يقدم ما لديه لخدمة الغاية الكبرى والهدف الأسمى والنبيل ، فلا ضير في ذلك ولا نقص ، فليحاول كل منا بما لديه من قدرات متاحة لإنقاذ الجنوب والخروج به إلى شاطئ الأمان .

والحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع أن الجنوب اليوم لا زال بعيدا عن متناول أبنائه سياسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا وإعلاميا وخدميا ولا يزال بقبضة الأعداء من قوى الهيمنة النفوذ الشمالية ولا ننخدع بنصرنا العسكري عام 2015م فما حققناه من نصر هو نصر عسكري غير مكتمل ولا يشكل 1 من 10 فما هو إلا جزء من كل ، فالتحرير الحقيقي بكل أركانه ومقوماته لم يحدث حتى اللحظة هذه هي الحقيقة التي قد لا يتقبلها بعضنا ، وأنصح أبناء شعبنا الجنوبي أن لا تختلفوا كي لا تفشلوا وتذهب ريحكم .

وأرى أن علينا التريث والترقب بحذر ، فأمر الجنوب سيحسم ولكن بعد نضوج الظروف الذاتية والموضوعية ونجاح التسوية بين فرقاء الحرب وبعد أن تضع الحرب أوزارها واستمرار المارشال هادي في إصراره وتصميمه على تطبيق مخرجات الحوار ومشروع اليمن الاتحادي المرفوضة من كل مراكز وقوى المركز الزيدي والتي حين تستشعر جدية تطبيق المخرجات ومشروع اليمن الاتحادي فإنها ستكشر عن أنيابها وستتحد رغم اختلافها الظاهري "مؤتمر ، إصلاح ، حوثي" وستقف معا ضد هذا الخطر الذي سيمزقها ويهدد وحدتها الوطنية والجغرافية ولن تجد سبيلا لإفشال هذا المخطط التدميري في نظرها والذي يقوده الرئيس هادي إلا بإسقاط هادي ومشروعه وبغزو الجنوب مجددا وللمرة الثالثة وعندها فقط ستقع تلك القوى في المصيدة والمحظور والمستنقع الجنوبي وستغرق فيه وستكتب نهايتها بنفسها بإذن الله تعالى .

ولهذا أطالب كل الشعب الجنوبي وقواه الحية بالاستعداد لهذا النزال القادم ونبذ الفرقة ، فهذا النزال سيمثل معركة الحسم الحقيقي بين الشمال المهزوم أمس والمختلف اليوم والمتحد غدا وبين الجنوب المنتصر أمس والمختلف والتائه اليوم والواجب عليه التوحد والاستعداد غدا .

  وهذه المعركة الفاصلة والحاسمة آتية لا محالة وتريدها القوى الشمالية معركة مصير وبقاء وإثبات وجود ، معركة تمثل لها إعادة لإنتاج سيطرتها وهيمنتها على جنوب متمرد في نظرها شب عن الطوق وحطم جبروتها وعراها أمام نفسها وشعبها وأمام كل العالم وأظهر ضعفها وهوانها في حرب 2015م ويأبى اليوم  العودة كفرع من أصل كحق تأريخي كما تدعي زورا قوى النفوذ والهيمنة الشمالية .

على أن هذه المعركة المصيرية والحاسمة قد تقوم بها القوى الشمالية وتشنها على الجنوب مجتمعة وقد ينوب بعضها عن الآخر ، فقد يكتفي مثلا الحوثي المتفرد والمسيطر على الحكم شمالا بالشمال فقط ولن يكرر خطيئة حرب 2015م حين هرول إلى عدن وحلت به الهزيمة الكارثة ، واعتقد أن الحوثي قد استوعب ذلك الدرس جيدا ولن يكرره مرة أخرى لأن تكرار الخطأ من الغباء ولكن سيقتصر حضوره بدعم من يقاتل نيابة عنه من طرفي المركز الزيدي المقدس وهما الإصلاح وبقايا عفاش ، اللذان لم يطولا بلح الشام ولا عنب اليمن ووضعهما معلق بين السماء والأرض ، فلا هما يسيطران على الجنوب ولا هما يشاركان الحوثي في حكم الشمال ، وسيدعمهما الحوثي في الخفاء دون العلن وبدعم مادي ومعنوي دون البشري كي يحتفظ لنفسه بخط رجعة مع الجنوبيين في حال انتصارهم على الإصلاح وبقايا عفاش كنوع من التكتيك للحفاظ على بقائه حاكما للشمال . 

لذا أقولها وبصريح العبارة أن الحرب سيشعلها الإصلاح وبقايا عفاش ضد الجنوب وعلى أرض الجنوب لا محالة ، فمن مصلحتهما خوض هذه الحرب الحاسمة مع الجنوب وبسط نفوذهما عليه كي يشاركا الحوثي في حكم اليمن الموحد والمركزي وما دون ذلك فهو الضياع لهما .

والجنوب وإن بدأ اليوم منقسما على بعضه لكنه غدا سيكون مستعدا لهذه المعركة الفاصلة والحاسمة ، لأن الرؤية ستتضح للجميع وستزول الغشاوة من عيون الجميع وسيصطف كل الطيف الجنوبي لخوض معركة المصير وإثبات الوجود مهما تباينت واختلفت رؤى القوى الجنوبية اليوم لكنها حتما ستجد نفسها في وضع يحتم عليها الدفاع عن البقاء ومثلما خرجت للدفاع عن نفسها ودينها وعرضها عام 2015م وهي في وضع سيء ومع هذا انتصرت على قوى الشر والضلال ، ستنتصر بإذن الله تعالي في معركة الفصل والحسم المقبلة ، فقط علينا التلاحم ونبذ الفرقة وتقديم مصلحة الشعب الجنوبي على ما دونها من مصالح شخصية ضيقة .