من وسط الظلام الكثيف الذي يلف حياة اليمنيين بسبب الإنقلاب الحوثي الذي حول حياة اليمنيين الى سلسلة لا تكاد تنتهي من المعاناة والألم والخراب والدمار ، تظهر من حين لآخر ومضات نور تسهم في رفع منسوب الأمل والتفاؤل في النفوس المحبطة .
احدى هذه الومضات خرجت مساء الجمعة الفائت من القنصلية العامة بجدة ، حيث دشنت القنصلية بقيادة الدبلوماسي المتميز السفير علي العياشي وبحضور وزير الخارجية خالد اليماني منصة الخدمات الإلكترونية .
في الشرح الموجز الذي تم تقديمة على شاشة العرض عُرِّفت الخدمة بأنها تستهدف تقليل الجهد واختصار الوقت أمام المواطنين والمغتربين منهم بشكل خاص لانجاز معاملاتهم القنصلية الكثيرة والمتنوعة دون الحاجة الى المجيء المتكرر للقنصلية والوقوف في الطوابير الممتدة ، وقضاء الساعات الطوال بانتظار انجاز معاملة .
قبل هذا المشروع كان يتعين على طالب الخدمة القنصلية خصوصا عندما تكون المعاملة متعلقة باصدار جواز او تجديده او استبداله .. الخ .. ان يتردد على القنصلية مرات عديدة قبل ان يحصل على مبتغاه ، اما اذا كان في مدينة نائية فسوف يتطلب منه الإنتقال الى جدة وربما البقاء بها لأيام حتى ينهي معاملته .
البوابة الإلكترونية سوف تختصر من حركة طالب الخدمة وتنقل الجزء الأكبر من الخدمات القنصلية الى مكتبه او منزله ، حيث سيتمكن عبر الهاتف او جهاز الكمبيوتر من انجاز الجزء الأكبر منها ، ويكون المجيء الى القنصلية هو الخطوة الأخيرة بناء على اشعار يستلمه عبر هاتفه يخبره بأن معاملته انجزت وعليه ان يأتي لإستلامها في الموعد المحدد .
خطوة جبارة يستحق السفير العياشي ان يُشكر عليها وان يُكرَّم ، فنتائج هذا الإنجاز يتجاوز مجرد توفير الجهد والتعب امام المواطنين الى توفير مالي يصل الى الملايين كان يُهدر بسبب حركتهم جيئة وذهابا ، بالإضافة الى اضاعة الوقت الذي اصبح في زمننا قيمة مالية هي الأثمن في كل ما يهدره الفرد من موارد .
وعي بالوظيفة والدور
انجاز مثل هذا المشروع في الواقع يعكس وعي القنصلية بقيادة السفير العياشي بالوظيفة والدور :
ـ الوعي بالوظيفة بمعنى إدراك واستيعاب وتمثل جوهر المهمة المناطة به وبطاقمه القنصلي ، وهي تكريس جهدهم ووقتهم لخدمة المواطنين والمغتربين منهم بشكل خاص وتذليل العقبات امامهم، بما في ذلك توظيف العلاقات الدبلوماسية وحتى الشخصية في البلد المضيف لخدمة مواطنيهم وحل المشكلات التي تعترضهم في بلد المهجر .
ـ والوعي بالدور بمعنى معرفة وفهم إسهام المغترب اليمني الجوهري والحيوي في حماية البناء السياسي والإقتصادي للمجتمع والدولة من الإنهيار ، خصوصا في ظروف النكبة التي يعيشها الوطن اليمني اليوم ، وهو ما يجعل الإهتمام والعناية بالمغترب وتذليل العقبات امامه في قلب معركة إستعادة الوطن والدولة .
والحقيقة انه ليس كل من تسنم الوظيفة العامة في الدولة يعي ويدرك ما تطلبه مهام وظيفته من يقظة وسهر على مصالح الناس ، بل لعلنا لا نتحامل لو قلنا إن الأغلبية منهم مع الأسف لا ترى في الوظيفة العامة الا وسيلة للتكسب والإستعراض والوجاهة ، واذا حضرت مصالح الناس فهي في احسن الأحوال آخر القائمة.
السفير العياشي بتبنيه ورعايته لهذا المشروع والوصول به الى خاتمته السعيدة ، يكون قد أهدى أكثر من مليون مغترب يعيشون في المنطقة الغربية من المملكة خدمة كبرى هم في امس الحاجة اليها ، وهو إنجاز يجعل من العياشي نموذجا يُحتذى للدبلوماسي والموظف العام الذي يحمل امانة المسؤولية بنزاهة في وقت اصبح وجود هذا النوع من القادة الإداريين والدبلوماسيين عملة نادرة في بلد انهكته اللامبالاة والأنانية وتغليب المصالح الشخصية بقدر لعله يفوق إنهاك الحرب ..
فله منا التحية والتقدير ،،