آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-11:47ص

ثورة الفرصة الأخيرة!

الأحد - 17 يوليه 2011 - الساعة 12:10 ص

صلاح السقلدي
بقلم: صلاح السقلدي
- ارشيف الكاتب


صلاح السقلدي
 
يبدو أن الحراك السلمي بالجنوب قد هانت عليه بلوته بالتباينات داخل صفوفه وهو يرى هذا التشظي الذي يعتري مسيرة الثورة الشبابية التي ثارت بوجه نظام فاسد أمعن بفساده واسدر بغيه الإجرامي طيلة أكثر من ثلاثة عقود وزيادة. فهذا الكم الهائل من المكونات السياسية التي نراها اليوم بعموم الساحات وان كانت ظاهرة صحية الى حد ما إلا إنها دون شك مبعث قلق لتشرذم الثورة و(تشليحها) بأيادٍ ثورية إلى قطع غيار بائرة في سوق نخاسة الثورات لا قدر الله.
 
ونحن في حضرة الثورة الشعبية الشبابية تبقى ثمة حاجة للمصارحة بشكل علني وواضح، سيما في مثل هذا الظرف الدقيق الذي يتحتم على الجميع أحزاب وأفراد ومنظمات مجتمع مدني ومكونات أخرى أن يجعلوا من الوضوح والمكاشفة عنوانا بارزا  للثورة ليكون صمام أمانها وزيت لتروسها المتحركة كي لا يصيبها الصدى والإهتراء مبكرا.
 
فالتردد بل قل (التهيب) الذي ينتاب أحزاب المشترك - القوة الرئيسية  بمكون الثورة-والذي يصل في نظر البعض حد التخاذل السياسي لحسابات وأجندة مريبة هو ما يفسد اليوم وهج الثورة ويبثط عزيمة المرابطون بالساحات منذ قرابة نصف عام وإلا بماذا نفسر تقييد حركة الشباب في مساحات محدود والتحرك المتثاقل نحو الحسم السلمي؟ مما جعل الملل وربما القنوط يدب إلى النفوس ويتملك التفكير وزاد الطرف الآخر تماديا وهو يمعن ببطشه  وجرمه ويكشر بأنياب الــ( الدراكولا) بوجه الجميع،ويستهين بهذه الجموع المليونية حين تيقن أن لا رادع يكبح رغبته الشرهة بالقمع، وزاد من تشبثه حتى آخر لحظة بكرسي الحكم المختطف لديه منذ أكثر من ثلاثة عقود.
 
 فلن يبرح هذا النظام وأدواته الإجرامية جرمهم وبطشهم طالما اطمئن لاستكانة الثورة والثوار ووصلته رسائل (ايجابية- مطمئنة ) من الأحزاب وان كان بشكل غير مقصود وغير مباشر .
الإرباك واضح لدى الساحات ولدى الأحزاب على حد سواء وأوضح  شيء في المشهد السياسي اليوم هو غموضه الضبابي وهذا من صنيعة اللاعبين ( الكوكتيل) أنفسهم  قصدوا ذلك ام لم يقصدوه، وان كان يبدو ان ثمة قوى بصفوف الثورة او ممن نعتقد إنها بصف الثورة لا تزال تخطو خطوة إلى الأمام وخطوة مشابهة للخلف وهي ترصد ما سيرسمه القادم من خلف الحدود ويتلبسها التوجس إزاء ما ستسفر عنه التدخلات الخارجية السعودية –الأمريكية- التي تعمل عملها اليوم برسمها السيناريو التي تقتضيه مصالحها من مستقبل الحكم بهذا البلد الذي كان يسمى (سعيد) قبل ان يصير (سعود).
 
فتردد هذه القوى هو ما جعل عامل الوقت والإطالة يقف بوجه الثورة  وتنثال من وسط ساحاتها مع مرور الوقت عشرات المسميات والمكونات ليدل على تعطل مؤشر البوصلة السياسية،قد يوصل الثورة والثوار إلى مرحلة التنافس السلبي على سراب بقيعة.
  التصعيد الثوري ولا شيء غيره هو الكفيل بان يعيد للثورة وهجها وألقها النير بعيدا عن الانتظار لما سيقدم عليه الطرف الآخر وما ستقرره الدول الأخرى وكأنها ثورة  متلقية وتقوم بردود أفعال ليس إلا.
 
 تنقية الثورة من أدران البضائع الفاسدة التي تم تصدريها من أروقة مقرات الحزب والقبيلة والمعسكر...الخ  إلى ساحاتها الثائرة هو الخطوة الاولى لاستئناف النشاط الثوري بعد (بيات صيفي) مثير للقلق على مستقبل هذه الثورة من ان تتخطفها أيادٍ من بين ظهرانيها، إلى جانب الخطر المحدق بها أصلا من قوى التآمر الدولي والإقليمي برعاية أمريكية سعودية لحاجة في نفوسهم الطامعة لتامين مصالحهم اولاً،لا يتسع المجال لسبر أغوارها السحيقة.
 
 ليس من الغرابة أن يسع هذا النظام عبر عناصره إلى التآمر على هذه الثورة بل هو يجهر بذلك علنا، ولا من الغرابة أيضا ان تتآمر تلك القوى الإقليمية لإفشال هذه الثورة والقضاء عليها وعلى من قام بها وأيدها بل إن الدهشة  كل الدهشة أن يتم الإضرار بهذه الثورة من أناس يزعمون وصلهم بها مثل أن نسمع من الشيخ الزنداني وفي هذا الوقت الحساس تصريحا يعلن صراحة وبمسحة (إسلام سياسي) أو قل (سياسة متأسلمة )واضحة بمناوئته لإقامة الدولة المدنية المفترضة مستقبلا.
 
والإعلام الرسمي وأبواقه المعهودة لم تقصر بتطيير هذا التصريح بسرعة البرق ولسان حالهم يقول:وشهد شاهد من أهل الثورة نفسها..). وكذلك يفعل الكثيرون ممن هم مسحوبون على هذه الثورة بتصريحات تثير الحيرة مثل ان يتم توصيف قوى الحراك الجنوبي بوسائل إعلام الثورة أحيانا -عند إقامة الحراك الجنوبي لفعالياته المعتادة- بأنهم من بقايا النظام وبلاطجته مما أثار امتعاض واسع لدى الحراك الجنوبي واضر الثورة السلمي لدى الجنوبيين بالصميم وهذا التصنيف ليس من الحكمة بشيء ويبعث على خلق خصوم للثورة من قوى مثل- الحراك الجنوبي- هي حليفة لهذه الثورة إلى حد كبير.
 
إن نجاح هذه الثورة هي آخر فرصة ممكنة لبناء دولة مدنية عصرية عوضاً عن دولة الفوضى والفساد القمعية التي تديرها عصبة متسلطة تمسك بتلابيب كل شيء بالبلاد، دولة تحكم بعقلية العصر ووسائله المدنية الحديثة، وبالمقابل فان فشل هذه الثورة يجعلنا نقول بكل صراحة وبكل أسف أيضا انه من المنطقي ان يتلمس الجنوب بعد ذلك طريقه نحو تقرير مصيره وفق شرائع السماء وقوانين الأرض،فحيث تكمن مصالح الناس فثمة شرع الله.  
 
فالخشية من فشل الثورة إن حدث لا قدر الله بعد أن تأكد للجميع فشل إقامة الدولة،لا يجعل بعد ذلك الجنوب في مرمى لومة اللائمين أن تلمس طريقه بإعادة دولته المدنية المنهوبة من قبل عصابة الحكم بصنعاء إلى سابق عام 1990م لتكون منطلقا لإعادة وحدة حقيقة بين دولتين لا تابع فيها ولا متبوع ولا منتصر ولا منكسر.!
* خاتمة مع الثائر احمد مطر من قصيدته ( ارحلوا):
(ارحلوا...
أم تحسبون الله لم يخلق لنا عنكم بديلا؟
أي إعجاز لديكم؟
هل من الصعب على أي امرئ..أن يلبس العار
وأن يصبح للغرب عميلا؟
أي إنجاز لديكم؟
هل من الصعب على القرد إذا ملك المدفع..أن يقتل فيلا؟
ما افتخار اللص بالسلب
وما ميزة من يلبد بالدرب..ليغتال القتيلا ؟
احملوا أسلحة الذل وولوا..لتروا
كيف نُحيلُ الذلَّ بالأحجار عزًا..ونذلُّ المستحيلا !
إرحلوا ... إرحلوا ...
سوف لن ننسى لكم ذاك الجميلا .