آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-12:49ص

وصلوا .. لكن بعد خراب ( مالطا )

الجمعة - 03 أبريل 2015 - الساعة 09:53 م

أحمد عمر باحمادي
بقلم: أحمد عمر باحمادي
- ارشيف الكاتب


اُعلن أنهم على وشك الوصول بعد ساعات إن لم يكونوا قد وصلوا حقاً لكن يمكن لنا فرحة وانتشاءً بوصول حلف قبائل حضرموت أن نقول:

* وصلتم بعد أن بُحت أصواتنا وحشرجت صدورنا وانقطعت أنفاسنا من فرط النداء، وها أنتم على مشارف مدينتا قادمون، ونحن في شوق لملاحمكم البطولية القادمة التي ستسطرونها بعد ساعات .

 

* وصلتم ونحن أحوج ما نكون إلى الوحدة والتماسك والتضامن، وأظمأ ما نكون إلى سلسبيل التكاتف وبرد التآلف والتعاضد.

 

* وصلتم بعدما ساد الهرج والمرج ، وتسيد السواد ليلف بقتامته وظلامه جبال مدينتنا الآمنة، وليفرض علينا الإذعان لكلامه وسطوته بالقوة عبر منابرنا ومساجدنا وفوهات بندقيته وقذيفته.

 

* وصلتم بعد أن فرّ الأمن وقياداته وأفراده وتبخرت أجهزته الأمنية والعسكرية كأنها ( فص ملح ذاب )، ليتركوا لنا خلف غبار فرارهم وذوبانهم لغزاً ما زال يحير الجميع، ما فائدتهم إن لم يقوموا بمهمتهم وواجبهم في أحلك الظروف وأشدها عنفاً وضراوة، ولماذا فعلوا بنا ذلك وتركونا على حين غرة كما يفعل الغادر اللئيم.

 

* وصلتم بعد أن أُحرق تراثنا ونهبت مؤسساتنا ومرافقنا التي هي في الحقيقة ملك لهذا الشعب، الشعب الأبله المسكين الذي ـ ويا للأسف ـ يسرق نفسه بنفسه، ومن المثير للدهشة أن توثّق جرائمه في صور تبعث على الضحك والبكاء في حين .

 

* وصلتم بعد أن قُصفت البيوت واعتدي عليها، وروعت النساء والأطفال، وخرج الناس للمساجد ونزحوا من دورهم لأماكن يظنون أنها آمنة، يلاحقهم الرعب والخوف والقنابل الصوتية وأزيز الطائرات المحلقة أينما ذهبوا، لياليهم ساخنة مثلما صباحاتهم فالشمس في الصبح بالمرصاد، وفي الليل حرارة الرصاص والقذائف.

 

* وصلتم وقد الفر المجرمون من سجونهم، وانبثّ أصحاب القضايا الجنائية في كل مكان، لا يدري بهم ولا يعلم عن مصيرهم أحد، نعم .. نعم .. هي بركة الأنصار على ذوي السجون، ومشيئتهم في أصحاب الزنازين والمعتقلات، فهنيئاً لهم الحرية بعد القيد، وهنيئاً لهم استنشاق هواء الخور ونسيمه بعد زهامة السجن وكآبته.

 

* وصلتم وقد أخرس إعلامنا بضرب مؤسساته أسوأ ضربه، وأُحرقت منابره التي ما فتئت تشنف آذاننا كل حين بكل شيء جميل، تستميت لتدخل السعادة على قلوبنا، وهي وإن كانت تعجّ بالأخطاء والتجاوزات إلا أنها لا تستحق كل ذلك، فالاعوجاج يمكن إصلاحه والخطأ يمكن تقويمه لكن ليس بهذه الطريقة.

 

* وصلتم وقد انهارت أخلاق الحضارمة وتنكر الكثير لما يفعلون حتى قالوا  ( لا .. ليسوا حضارمة ) في حين صاح بعضهم وهم حضارمة حقاً ( المحاريم مغاريم ) ليبرر فعلته في النهب والسلب والسرقة، وليتناسوا أمام أشياء زهيدة من متع الحياة أنهم أحفاد من نشروا الإسلام في شرق آسيا وأفريقيا وأدخلوا بعلو كعب أخلاقهم وتعاملهم الحضاري ملايين البشر في دين الله أفواجاً.

 

* وصلتم وقد سقطت مدينتا، هي لم تسقط بيد المسلحين فحسب بل سقطت أخلاقياً وإيمانياً وعقائدياً، سقط منها صوت العقل والحكمة، سقط صوت الوسطية والتوازن إلا من رحم الله وفقه المولى فظل ثابتاً ولم يكن إمّعة يتماهى برجراجية غريبة مع الكثرة وإن ضلت، إن أساء الناس أساء وإن أحسنوا أحسن.

 

* وصلتم ولعلها حكمة غيبية لوصولكم في هذا التوقيت بالذات وإن رآه البعض متأخراً ، ولعلكم قد وصلتم قبل أن يصل وكلاء إيران وأبناء مرّان إلينا، فها هم اليوم يجدون العذر جاهزاً والذريعة مشرعة في أيديهم، وإن قال لنا " أنصار الشريعة "  أنها رسالة للحوثيين بأنهم موجودون، فإن كانوا موجودين حقاً فليذهبوا إليهم حيثما هم وليرونا من أنفسهم خيراً إن كانوا صادقين.

 

* وصلتم متأخرين وخذلان حضرموت من قبل أبنائها  ليس وليد اللحظة، فقد استمرأناه منذ سنين، منذ أن سقطت حضرموت بأيدي الجبهة القومية لتذوق إبان حكمهم الظالم الأمرين ، وخذلت منذ حرب صيف 94م، ولعل أهل التاريخ يستذكرون حوادث أخر  لم تسعفني الذاكرة بها لصغر السن وقرب العهد بما يطرقنا من أهوال.

 

* حقاً وصلتم وإن لم نكن بوصولكم مستبشرين، فلقد تغيرت نظرتنا للحلف كثيراً بعد الاجتماع الأخير الذي سُرب عنه ما سرب، وقيل في خفاياه ما قيل، ولكن من يدري عسى الحوادث تكون كفيلة بتوحيد الصف وحافزاً لإعادة الحسابات .. من يدري !!.

 

* وصلتم .. وإن وصلتم ( بعد خراب مالكا )، لكن أن تأتي متأخراً خير من ألّا تأتي، ولعل في ختام المقام أمنية هي : أرجو أن يتحقق على أيديكم ـ بإذن الله ـ فتوحات يسعد لها الناس، وأتمنى ألا ترضوا من الغنيمة بالإياب.