..............شابَ الزمانُ وتلكَ الأرْضُ مُشرقَةٌ .. الله يا عَدن يا بَهجَة المُدُنِ................................الله من بَحركِ والَرمْل الثُمُةُ * كَمَا لثَمتُ شِفَاه الكَاحلِ اللدِنِ.................كيف كانت عدن وكيف صارت اليوم والى اين مصيرها سيكون؟ هذا سؤال لن نوجهه الى حكام عدن؟ فهم يكرهون عدن !!. يكرهون عدن! لان عدن ليست ساكنة في قلوبهم ولا جزء من ذكريات طفولتهم ولم تلوحهم شموسها وتطيبهم نسائمها، وتعانقهم امواج شطآنها . وحتى ان ادعوا هيامًا بها فكم من يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم وترضى . ما الحب الا للحبيب الاول . والحب هو لقيس وهو حبيبها ولا سواه .من هو . هذا قيس ؟أنه من تنتظره الجميلة الحسناء الفاتنة عدن. تنتظره وتعد الايام والشهور تنتظره ان ياتي ليزوق اثوابها ويرشقها بالعطور ويطوق جيدها بعقود الفل وينقش الحناء على كفوفها ويدلهها ويحنو عليها من جور الزمان الذي أضناها ومزق أمالها وتركها وحيدة تبكي زمنها واحبتها واهلها وعهودهم لها . بل وعهدها لهم . انك يا عدن في الزمن الصعب . والزمن الصعب يا عدن أعار عدوي وجه صديقي .!اين اهلها واحبتها وعشاقها ، عدن ؟ لقد رحلوا ونأوا اخذتهم مراكب الاغتراب بعيدا عن ديارهم واحبتهم وطال غيابهم وطال هجرهم وهجرانهم القسري .فصارت عدن كاليتيمة تسال كل ركب وكل طير مهاجر. تسال متى سيعودون اهلي ومتى ساكحل عيني بمرآهم؟...................ذهب الذين احبهم . وبقيت مثل السيف فردا...............................................وبدت (لَمِيس) كانها ..... بدر السماء إذا تبدّا...........................اين عدن اليوم ؟أراها مسكونة بكل المواجع والاحزان والمخاوف . اين وجه عدن الذي كنت حين تحدق اليه فتكاد عيناك لا تفارقه ، وجه تجسدت به كل ملامح البهاء والفتون والدعة والسحر.عيون كاحلة وفم كخاتم سليمان وضحكة كرنين الذهب واسنان كالبرد وشفاه كحبات العنب وخدود كانها الورود اليانعة وفرع وجدائل مسكوبة كالشلال وغرة كالبدر الذي يفضح في الظلام . وقّد ممشوق كالرمح الرديني واعطاف معطره شموخ وكبرياء وثقة وبهاء .اين ذلك؟ افتش عنه في عدن فلا ارى إلّا بقايا احزان ودموع وتنهدات ساهمة شاردة مهانة مقصية .فمن ابكى عدن ومن اكسب عيون عدن الحزن وقد كانت تلك الكاحلة بذلك الحور والدعج ............ وعينان قال الله كوني فكانتا . فعولان في الألبابِ ما يفعل السحرُ .عدن وحين تنظر اليها وتحدق الى فتونها تقر عينك، فتكاد لا تفارق وجهها تسافر عيناك معها واليها تلك النظرات والمبهج . وفي كل لفته ترقبها وفي كل ضحكة ولمحة ولثغة تتنهد فتشتاق لها ولكنه السهل الممتنع .اللهالى فتون و جمال عدن وكم شقنا وكم اذهلنا وحيرنا حسنها ودلالها . أه يا غيدا كم كنتِ متفردة بهية وكم سقتِ منا من ساعات ذكرى فذهب الكرى لنتقلب على فراش من سهاد . وكم من نهده لا زالت في القلب باتعة وكم صورة لك لا زالت مرسومة. انني لا اعترف الا بتلك الفاتنة التي تركتها صغيرا فهي شاغلتي وملهمتي وكل حياتي . واني اراك تلك الفاتنة رغم كل الغيوم ورغم البعد و الاقصاء. اراك واذوقك واشربك وانكر ان تلك هي انتِ.................. ....... عين تشربك شوق... وعين تظماك............................... .......................لا ذبحني ظمآك........... ولا رويتك................................آه يا عدن واين عدن اليوم؟واين فارسها وحبيبها؟ . عدن اسيرة حزنها وحسراتها وغبنها ولو اعجها وغربتها واغترابها . اين فتون عدن واين بخور عدن. واين انوار عدن وبهاء عدن واهل عدن؟ أين عدن وسماء عدن .وحنان ورقة عدن ورمل عدن . شقت لنسائم عدن في ليلة ربيعية مضمخة بكل العشق والوله ؟؟؟أنني ابحث عن عدن افتش عن عدن . واني لأنكرها اليوم هل هي هذه التي تمثل امامي اليوم ؟ لم نعد نتنسم في عدن الا غبار الشوارع وأسن الركام .وزحام السيارات والضجيج .تلاحقنا في شوارع عدن الغربان والكلاب الضالة والمتسولون ويفترش ارصفتها الباعة و المارة وبائعي الخردوات والمخدرات .ذهبت خضرة عدن وطراوة عدن ولهجة عدن وأمسيات وعصريات عدن وليلها وانسها ونوا فيرها وحدائقها ومشاتلها وطواحين هوائها وشواطئها ورملهاتشوه كل شيء في مدينتي بل سرق كل شيء . وتبعثرت عدن وتمزقت وشاخت وتجعدت واهملت، وتشوهت انسانها و بنيانها وبيوتها وبلكوناتها وارصفتها وبهتت الوانها وصارت فاتنتي المترفة الساحرة عدن .متعبة شعثاء حاسرة مغبّرة جاهشة بالبكاء ومسكونة بكل الاحزان والفواجع والمخافات. من وحش عدن؟ وكانت هي المؤنسة الأنيسة ؟.حدق الى عدن وامعن النظر اليها . اسوارها تذكرك بالجدار الاسرائيلي القميء في الارض المحتلة . تقابلك هذه الاسوار والجُدرْ في الشواطىء الجميلة وفي ساحل المطلع وفي كل مساحة ترى ملكية ويافطة ولافتة . شوارع عدن تعج باكياس النايلون وارصفتها مواقف للسيارات القديمة. واهلها اين اهلها؟ لم نعد نرى الا ذكريات ملامح باهتة حاسرة زائغة ، وبقايا اجسام شفّت ونحلت واضناها الزمان الصعب. اجساد تهيكلت ونحلت ووهنت و لو توكاء عليها صاحبها لانكسرت! .اين جبال عدن وحدائق عدن ومساجد عدن وقباب عدن وزيارات عدن ومخدرات عدن وحمام عدن وليل عدن ونهار عدن الحاشد لكل مشاهد الانس والبهجات ؟ لم نعد في عدن نرى الا اسراب الغربان تنعق. وجبال وقمم تحتلها العشوائيات وفرشات خردوات (صينية ) الملامح تحتل الشوارع والطرق والحواري . بل وزاد ان تسلل اليها العسس نهارا وليلا فعاثوا فيها فتكا وقتلا وتجريحا ، ووزعوا المخافات في كل ناصية وحارة وحافة.فصار نهار عدن دموع وليلها كوابيس وعسس ودواعش .عدن كانت لنا الام الرؤوم التي تحن علينا ولا نريح رؤوسنا الا على دفىء احضانها. ننام فتدندن لنا بألحان القعطبي وبن حمدون والعزاني واليوم تغني لنا وتبكي وانا الفظ انفاسي الاخيرة!!..فمن شيطنك يا عدن ومن شوهك ايتها الحسناء ومن زرع الشوك في مفارقك؟ وقد كان لا يعانق تلك المفارق العطره الحريرية الا الكاذي والفل والريحان؟حبيبتي عدن وجرحي وانسي والحبل السري لجنين حياتي وذكرياتي . كانت عدن الرئة التي نتنفس عبرها فمن ضخ اليها الهواء الآسن والفاسد ؟ وكانت استراحتنا وواحتنا وأممننا وبِشْرنا . فمن صيرها مدينة قبور واشباح وموت ومخافات؟ وكانت عدن عاشقة للغناء واللحون العدنية و اللحجية والابينية واليافعية . تغني فيسمعها الكون واليوم تبكي فلا يسمعها الا الصخب وقطاع الطرق وتجار الماشية وسماسرة الارض والعرض.عدن اليوم تبكي امسها ويومها ومستقبلها وعشاقها . تبكي غبنها احزانها وزمنها الصعب . عدن كانت فاتنة غيدا فمن سرق جمالها؟ واغتصب فتونها وقص واحرق جدائلها وتركها مهيضة دامية ممزقة شاحبة. من يريد ان يقتص من عدن وما صنعت عليه عدن ؟هل تمدون لها يد العطف وتقيلون عثراتها ؟ ليس ل عدن الا حبيبها. من سيكون ذلك الحبيب؟ انه ذلك الذي عاش في عدن وترعرع تحت قباب العيدروس ولفحته شموس حارة حسين وتنقل بين احيائها صغيرا من حي الى حي ومن مدينة الى مدينة .من الشيخ يشتري الفل ومن عدن يشتري البخور ومن صيرة يصيد اسماكه ويناغي هناك جميلاته ويلتقط الصور لتلك الامواج التي تغسل الرمال والهموم وتشيع في النفس تلك البهجات والسكينة .لعدن عاشقها وفارسها وشهمها .عاشق عدن وفارسها الذي تنتظره هو ذلك الحبيب الذي توسد على ضفاف رملها شواطئها واحتضن حبات رملها في المطلع والبريقا وارسل لحونه يغنى كل شيء معقول !! لعدن يسمعها أغاني بلفقية و احمد بن احمد قاسم . وشجى محمد عبده زيدي و وساميرات المرشدي ووجيب فتحية الصغيرة . فارس عدن هو من اهدى حبيبته عقود فلها اللحجي وبعض من هريستها وقرمشها وامضى المساء يسمعها اغاني صباح منصر وفتحية الصغيرة ووفاء عراقي وفايزة عبد الله . وفي اصيل (خميسي ) تسرقة الخطى الى احياء التواهي والمعلاء والمنصورة فهناك اترابه وهناك يسمعهم اشعار الوطن الذي حفظها صغيرا .......................وطن النجوم انا هنا ......... حدق اتذكر من انا..................................................المحت في الماضي البعيد ... فتا وشابا ارعنا...................................................لا يتقِ شر العيون ......... ولا يخاف الالسن................................................ولكم تشيطن ...كي يدور القول عنه تشيطنا..............................عدن مدينة لا تموت فهي كطائر( الفينيق) يبعث متجددا من بين الرماد !