آخر تحديث :الخميس-09 مايو 2024-05:59م

ملفات وتحقيقات


كيف تمكن اللواء البحسني من إعادة الاعتبار لحضرموت وأبنائها بعد تحرير الساحل من الإرهاب؟

السبت - 27 أبريل 2024 - 04:38 م بتوقيت عدن

كيف تمكن اللواء البحسني من إعادة الاعتبار لحضرموت وأبنائها بعد تحرير الساحل من الإرهاب؟

تقرير/ صديق الطيار:

دائماً العظماء هم من يصنعون الأحداث الخالدة ويدون التاريخ مآثرهم البطولية لتروى للأجيال القادمة، وهذا ما دونته تضحيات أبطال النخبة الحضرمية في ذلك اليوم العظيم الرابع والعشرين من أبريل 2016، في معركة الحسم لاقتلاع جذور الإرهاب من محافظة حضرموت الأبية، بقيادة اللواء الركن فرج سالمين البحسني، قائد المنطقة العسكرية الثانية (حينها) - نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي (حالياً).
ويحتفل أبناء حضرموت هذه الأيام ومعهم كل أبناء الجنوب والوطن، بحلول الذكرى الثامنة لتحرير ساحل حضرموت من عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي. وتمثل تلك الملحمة الأسطورية التاريخ الفاصل بين حقبتين من التاريخ الحضرمي، تحكي عن نضال شعب رفض الخضوع لسيطرة التنظيمات الإرهابية على أرضه الطاهرة، التي سهلت لها قوى الشر أن تسيطر على مدن الساحل في غمضة عين في تاريخ 2 أبريل 2015م.

- تاريخ مخلد في الذاكرة الحضرمية
تؤكد الوقائع والأحداث وعملية التغيير التي تشهدها حضرموت خلال السنوات الثمان الماضية منذ الانتصار في معركة 24 أبريل 2016م أنها لم تكن حدثاً عابراً في تاريخ حضرموت المعاصر، وتهدف لتحرير المكلا وساحل حضرموت من سيطرة تنظيم القاعدة وطرد عناصره منها بعد سيطرتهم عليها لأكثر من عام، بل تمثل حدثاً تاريخياً مخلداً في ذاكرة وحياة أبناء حضرموت، الذين دونوا من خلالها بدمائهم الزكية وتضحياتهم البطولية صفحات مضيئة في تاريخ الحرب على الإرهاب، والتي مثلت نقطة البداية لانطلاق معركة ومسيرة متواصلة للحرب على الإرهاب ومكافحته في حضرموت كغيرها من المناطق اليمنية أو أي بقعة في العالم، بعد أن أصبحت ظاهرة الإرهاب والتطرف خطراً يهدد كل شعوب ودول العالم، حيث تكللت معركة تحرير ساحل حضرموت بالنجاح في تدمير تنظيم القاعدة ودفنه في سهول ووديان حضرموت إلى الأبد، والتي لم تكن ولن تكون لهم حاضنة فيها، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار والبناء المؤسسي لمكافحة الإرهاب والتطرف، وتجفيف منابعه وتحصين الشباب من الأفكار المتطرفة وأساليب الاستقطاب التي تمارسها التنظيمات الإرهابية للتأثير عليهم وغسل أدمغتهم.

- حدث غير مجرى التاريخ
وبالنظر إلى الأثر الذي أفرزته معركة 24 أبريل 2016م في واقع الحياة في حضرموت فقد كان حدثاً غير مجرى التاريخ في حضرموت بفضل الله ثم بفضل تضحيات ودماء أبطال النخبة الحضرمية وكل الوحدات العسكرية والأمنية والقبلية والاجتماعية من أبناء حضرموت، الذين تمكنوا بتلاحمهم بقيادة اللواء فرج البحسني قائد معركة تحرير مدينة المكلا ثم تنفيذ العمليات الأخرى لتحرير بقية المدن وتأمين حدود مديريات ساحل حضرموت، التي أطلق عليها بعمليات (الفيصل) و(الجبال السود) و (القبضة الحديدية)، وأسهمت نتائجها في بناء منظومة أمنية ودفاعية ممثلة بألوية النخبة الحضرمية، وإعادة جهوزية ألوية ووحدات المنطقة العسكرية الثانية، والوحدات الأمنية، بالإضافة إلى تمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤون حضرموت بأنفسهم، وإحداث تغيير في الواقع الحياتي الخدمي والتعليمي والأمني والدفاعي والتوعوي والثقافي بما يمكنهم من القدرة على الدفاع عن أرضهم وحماية ثرواتهم وتاريخهم بأنفسهم، واستعادة أمجادهم التاريخية ودورهم المحوري في صناعة السلام والأمن الإقليمي والدولي.

- نتائج النصر على الأرض
إن نجاح الثورات والمعارك في تحقيق الأهداف القريبة والمستقبلية لا يقاس بالخطابات الجوفاء والدعاية الإعلامية الهلامية أنما بالنتائج على الأرض، وهذه النتائج هي ما يفخر بها اليوم أبناء حضرموت، ويستمدون من تضحيات آبائهم وإخوانهم العزيمة والإصرار على محاربة الإرهاب ويستلهمون منها التجارب، وحب الفداء للدفاع عن العزة والكرامة والأرض.
إن أخطر مراحل الثورات والمعارك هي ما بعد انتصارها عسكرياً لاستكمال بقية جوانب النصر أمنياً ودفاعياً وخدمياً واقتصادياً وثقافياً وسياسياً للحفاظ على الانتصار وتحقيق الأهداف المرسومة، وإحداث التغيير في الواقع، ففي هذه المرحلة يتم الإعداد للبناء المستقبلي، وفي الوقت نفسه يتم الدفاع للحفاظ على النصر والصمود أمام كل التحديات والهجمات المضادة من قبل العدو لمحاولة إجهاض النصر وإعاقة خطوات استكمال بقية جوانبه، أو محاولة فاقدي المصالح التقليل من أهمية أي خطوات نحو التغيير على الأرض.

- مرحلة إعادة التطبيع
لهذا، فإن معركة ما بعد النصر لا تقل أهمية عن النصر العسكري، فمرحلة إعادة تطبيع الأوضاع الأمنية والمدنية والإدارية ليست بالسهلة، بعد إقدام تنظيم القاعدة على تدمير ونهب معظم المؤسسات ومراكز الشرطة وإلحاق الضرر الأكبر في بقية المؤسسات، فالمعركة انتقلت إلى جبهات متعددة ومنها الدفاع والتصدي للهجمات الإرهابية التي كان يشنها عناصر تنظيم القاعدة على الوحدات العسكرية والمقرات الأمنية ومراكز الشرطة وجبهة لتطبيع الأوضاع المدنية وإعادة تفعيل عمل المؤسسات، وتوفير الخدمات وجبهة للإعداد وتهيئة الظروف لاستكمال المهمة العسكرية والأمنية اللاحقة لمحاربة الإرهاب وتطهير بقية المناطق ودك أوكار التنظيمات الإرهابية ومخابئها.

- إرساء دعائم الأمن والاستقرار
لقد حرص اللواء فرج البحسني نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، منذ تحرير حضرموت من تنظيم القاعدة، على إرساء دعائم الأمن والاستقرار، وتطبيع الأوضاع الخدمية والإدارية وتفعيل نشاط وعمل القطاعات الاقتصادية وتعزيز حمايتها، بالتوازي مع عملية البناء المؤسسي الدفاعي والأمني بكل مراحلها الآنية لحماية حضرموت. فكانت جميع الخطوات تسير وفق تخطيط استراتيجي بما يوفر المتطلبات التي أفرزت الحاجة إليها نتائج مرحلة ما بعد التحرير، ومنها توفير الكادر الأمني والعسكري المتخصص لسد النقص والاحتياج في الصف القيادي، وكذا الآليات والوسائل والأدوات والأجهزة المتطورة للعمل، لهذا حرصت قيادة حضرموت على ابتعاث عشرات القادة والضباط لاستكمال الدراسات العليا وكذا الأفراد للالتحاق بالكليات الشرطوية والعسكرية في دول الجوار لرفد قطاعي الأمن والدفاع بالدماء الجديدة ورفع كفاءة الأجهزة الأمنية والوحدات العسكرية وتطوير قدرات وبناء النخبة الحضرمية، والاستمرار في تعزيز مهارة وخبرات قوة حماية الشركات النفطية والمنافذ البرية والبحرية، وإعادة ألوية ووحدات المنطقة العسكرية الثانية، ومنها افتتاح مدرسة التدريب القتالي، المستشفى العسكري وتنشيط بقية الوحدات القتالية والاستخباراتية والشروع في إنشاء نادي الضباط .. الخ)، وبناء المنظومة الأمنية على أسس وطنية حضرمية حديثة وسليمة بمشاركة كافة أبناء حضرموت في بناء مستقبلهم وتعزيز العلاقة والتنسيق مع المكونات القبلية والاجتماعية بما يرسخ دعائم الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والتطرف ومكافحة تهريب المخدرات والممنوعات والتصدي لكل أنواع الجريمة ومنع ارتكابها وضبطها، وتأهيل وتفعيل الأجهزة والوحدات الأمنية، الشرطوية والخدمية، ومنها افتتاح كلية الشرطة العسكرية.

- إسقاط رهان العدو
كما أثمرت جهود القائد اللواء فرج البحسني بإبعاد حضرموت عن الصراعات والمعارك الثانوية ما بعد التحرير، كما حصل في محافظات أخرى، وتمكن من إسقاط رهانات التنظيمات الإرهابية، ومنع بروز عوامل جديدة كان تنظيم القاعدة يراهن على استغلالها لاستعادة نشاطه في مناطق ساحل حضرموت.