آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-01:42ص

صفحات من تاريخ عدن


من الذاكرة العدنية .. صالحو أبو الكراعين

الثلاثاء - 28 يونيو 2011 - 11:07 ص بتوقيت عدن

من الذاكرة العدنية .. صالحو أبو الكراعين
حواري عدن تحكي تاريخها العريق

عدن (( عدن الغد )) خاص :

اليوم ياجماعة معيه محزاية لكل محبي عدن وذكرياتها زمان, دائماً أكتب بالتاريخ وتفاصيل ووثائق لكن مرة مرة الواحد يشتي يرفه على جمهوره قليل وأنا عارف إنكم من مُحبي المحازي العدنية الجميلة ومن عُشاقها, علشان كذا شلو مني هذي الحُلاية الجميلة ومحزاية الحاج صالحو أبو الكراعين.

 

  

 

هذا يا جماعة الكثير منا وخصوصاً الجيل الصاعد من أبناء عدن لايعرفه. كان مطعم صالحو يقع في مدخل حافة الشريف بالركن عند عمارة باجنيد مقابل بيت الفنان القدير أحمد بن أحمد قاسم، وقبل أن تبنى عمارة باجنيد، كان يوجد مطعم صالحو الصومالي، هذا الرجل المتدين النظيف، الذي أستوطن مدينة عدن وأحبها، لا أحد يعرف متى جاء صالحو, أو الحاج صالحوا كما كانوا ينادونه إلى عدن، الجيل القديم من أبائنا وأجدادنا منذ طفولتهم وهم يرون الحاج صالحو، ذلك الوجه البشوش دوماً، كان مطعم صالحو له تقليد عريق، فهو يبيع لحم ومرق فقط، ففي الظهر يبيع لحم صومالي فاخر ومرق فقط، وفي المساء يبيع الكراعين والمرق، وأشتهر محل صالحو باللحم النظيف، وكانت العائلات ترسل أولادها لشراء اللحم والمرق، ويأتي إلى المحل كل الناس من أنحاء البلاد.  الله عليك يا بندر عدن وعلى ناسك وأيامك الجميلة...، كان كل شيء فيها جميل ومبارك، كان ب 2 شلن تلاقي مطيبة مرق، ووصلة لحم صومالي زي الزبدة، ونص حبه ليم، وقرص روتي أبو صندوق زي البسكويت من فرن الحاج عبد العزيز الأغبري في الزعفران.



يقول واحد من أبناء عدن العريقين,  وهو يتذاكر أخبار عدن في تلك الحقبة التاريخية الجميلة، وأيام زمان، يقول بتأثر شديد جدا عن أسرة تيتم أولادها: "كنا أنا وأخوتي أيتام، مات والدنا الفقير ونحن أطفال ومنذ طفولتنا كان الحاج صالحوا قبل أن يفتح العمال الدسوت في المطعم ويبدءا في البيع، يصيح بصوته الجهوري المحبب: "يا عيال خرجوا دست اللحم والمرق حق الأيتام"... كان يرسل لنا يوميا دست لحم ومرق في الساعة 12 ظهرآ بالضبط، وفي المساء الساعة 6 مساء يرسل لنا دست مرق وكراعين، تصور هذا كان يحصل دائما و يوميآ دون انقطاع ولمدة 20 سنة وهو ما ينسى يخرج أكل اليتامى قبل البيع، حتى مات هذا الرجل المحسن صالحوا الكريم.  الله وأكبر على الإحسان والصدقة والمعروف والجميل.  أن علاقة عدن بالصومال علاقة تاريخية قديمة، والكثير من أبناء الصومال أستوطنوا عدن وعاشوا مع أبناء عدن وتزوجوا منهم ولم نكن نعرف الفرقة بيننا.  

 

الإنسان مهما كان منصبه وحتى لو كان إنسان عادي الذي يعمل الخير يبقى ذكره ودعاء الناس له أبد الدهر، ويذكره الناس بعد مماته.  أنظروا إلى صالحو رغم أنه كان شخص غير مشهور, وليس له منصب ولا جاه, ولكن ذكراه لازالت حية وخالدة في قلوب الناس, لفعل الخير الذي كان يُعرف به, والله بعث له وكيل يذكره حتى تترحم عليه الناس، وهذا هو العمل الصالح والخالد.  عندما ننظر إلى الموقع السابق لمطعم صالحو, ونتذكر تلك الأيام الجميلة, ونقول: يا سبحان الله .. هناك فرق كبير بين صالحوا اللي كان يحب اليتامى .. صالحوا دخل عدن ليبيع الأكل النظيف ويرحم الفقراء والمساكين، وبين من جاء إلى عدن ليبيع الأكل المسموم لأبنائها وأحتكر قوتهم ...

   يرحمك الله يا حاج صالحو ويرحم أيامك ..

 

*من بلال غلام حسين

[email protected]