آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:42م

أدب وثقافة


واحة الأدب مع سعيد المحثوثي

السبت - 19 يونيو 2021 - 12:10 م بتوقيت عدن

واحة الأدب مع سعيد المحثوثي

(عدن الغد )خاص:

يحكى أن الشاعر (ابن جاخ) توجّه إلى الأمير (المعتضد بن عبَّاد) لإنشاده الشعر، فوجد جمعا من الشعراء بانتظار الدخول عليه، وهؤلاء الشعراء يسمعون بابن جاخ ولا يعرفونه، فسألوه، مَن الرجل؟ قال: شاعر..  فاستنشدوه ما عزم على أن يقوله للأمير فأنشدهم قصيدة بلغت الغاية من الركاكة والضعف وسوء الإلقاء، فلم يتمالكوا أنفسهم من الضحك، ولكنهم اتفقوا على أن يدخلوه معهم، وأن يجعلوا الأمير يبدأ به، حتى إذا قال شِعرَه الركيك ظهر أثرُ شعرهم الطيب عليه، وحين دخلوا على الأمير قدّموا ابن جاخ على أنفسهم وقالوا ابدأ بهذا، فبدأ ابنُ جاخ  بالإنشاد، وإذا به يلقي قصيدة أخرى مسبوكة اللفظ والقصد، غير تلك التي ألقاها أمام الشعراء قبل دخوله على الأمير، ومنها: 

قطَّـعت يا يوم النَّوى أكبادي
وحرمت عيني من لذيذ رُقادي

وتركتني أرعى النّجوم مسهدا
والنار تُضرم في صميم فؤادي 

والنّجم يحدوها وقد ناديتها
يا ناقتي عوجي على (عبّاد)

ثم إذا به ينتقل إلى المديح فيُطرب ويُعجب، والشعراء من حوله فاغري الأفواه كأن على رؤوسهم الطير، ثم يختم بقوله: 

يا أَيّها الملك المؤمّل والذي
قدما سما شرفا على الأندادِ

إنّ القَريض لكاسد في أرضنا
وله هنا سوق بغير كسادِ 

فجلبت من شعري إليك قوافيا
يفنى الزمان وذكرها متمادي

من شاعر لم يضطلع أدبا، ولا 
خطت يداه صحيفة بمدادِ

فطرب الأمير له طربا عظيما، وقال:  ناشدتك الله.. ألست ابن جاخ؟ قال: اللهمّ بلى؛ ويحكى أنه ولَّاه رئاسة ديوان الشعراء، ولم يستمع بعده إلى أحد غيره، تكريما له، وحفاظا على آثر شعره أن يزول من ذاكرته.