آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-12:10ص

أدب وثقافة


البحر يمسح دموع عدن (قصة قصيرة)

الإثنين - 14 يونيو 2021 - 01:31 م بتوقيت عدن

البحر يمسح دموع عدن (قصة قصيرة)

بقلم / احمد محمد ادريس

 يخرج البحر تنهيدة عميقة قائلا:
 اية ياعدن ياصابرة ،  كم تحملتي
وكم قاسيتي وكم ظلموك !
وانتي صابرة تذرفين الدموع  بصمت وكبرياء حتى لايرى ابناؤك دموعك فيجهشون بالبكاء ...
تتألمين لوحدك وتعانين في صمت ... عدن يا صابرة يا قوية !
كالصخر في اعلى الجبل ، مهما شعرتي بالألم تظلين ثابثة ،مهما لمستك الجراح والمآسي تبقي قوية ...
تنظرين الى ابنائك وفي 
شفتيك ابتسامة قائلة ؛
 اتحمل انا من اجلكم كل شئي....
ابكي أنا حتى لاتبكون...
 اتالم أنا حتى لاتتألمون....
 اعاني انا حتى لايصيبكم شيء من وجع ...
 ويقترب البحر من عدن فيغسل دموعها ويقبلها في رأسها
بأحلا نسائم من الامواج الهادرة مخاطبا روحها  ؛ امريني ياامي ان امواجي المندفعة الغاضبة سوف تلتهم كل من يؤذيك ويتسبب في بكائك الصامت ..  ان دموعك التي لا 
يراها سواي تحز في نفسي 
وتجعلني استشيط غيظا وألتهم  كل.من يجرحك.... هلا امرتني ؟
تبتسم الصابرة  وتقول ؛
 يابحر انا عدن 
عدن التي تعطي ولاتاخد ، التي 
تتألم ولاتجرح ، التي تجوع 
ولاتشتكي ، التي تجود يدها لكل من طلب حاجتها ،،،
انا يابحر زرعت في قلوب اولادي الحب والرحمة والابتعاد عن الماديات والاسفاف ...وكان اولادي دومآ ان جاعوا حمدوا الله ، وان شبعوا حمدوا الله ، و كانوا في بعض الازمنة والايام ينامون جياعا  ولكنهم مبتسمين متعففين....
 علمتهم الصبر والقوة والعفة من جور الأيام ، علمتهم ان يقتسموا الخبز
اذا  رأى  احد منهم جائعا ،  وان يعينوا مريضا او وافدا اليهم ، و ان يغطوا عاريا ،  ويلتحفوا الفضاء ، وان يمدوا يد العون لكل من قرع بابهم و أن  يكرموا ضيافتة ،  علمتهم كيف يتعايشون مع كل جنس من اصقاع الارض ... واعطيتهم حكمة بان الفقير هو الذي يملك المال فقط ...
تقول الام عدن : 
يابحر ليس حزني على نفسي فأنا قوية وقادرة على الاحتمال ولكن القسوة والمرارة عندما رايت بالامس القريب وايضا اليوم رايت احد اطفالي الصغار مريضا يعتصر من الالم ... مرض عضال يفتك به وهو يرمقني بعينيه كأنه يقول هلّا ساعدتيني ياامي كي أتخلص من هذا المرض الدي يمزقني ، خذيني ياامي بين احضان ترابك كي ينتهي ألمي فقد تعبت كثيرا وانا ليس القدرة على  حمل هذا الألم ... 
 يابحر ان هذا فوق كل احتمال.... وتستطرد الام الصابرة عدن ، 
يابحر لقد رايت شيخا كبيرا من ابنائي وهو يدعو الله ان يقبض روحه كل يوم حتى يريحه من الذل والمهانة والمرض وحاجة الناس ...
يابحر ماعهدت اولادي يطلبون الموت بدلا عن  الحياة....
وتكمل الام الصابرة:
 سوف أظل قوية قدر مااستطيع حتى اواسي اولادي واعلمهم الصبر واسردعليهم الحكمة التي آليت على نفسي  تعليمهم اياها وهي " ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت "... اعلمهم بان النور يسطع من بعيد ويقترب رويدا رويدا ، اعلمهم الرحمة عند القوة والعدل مع السلطة و التسامح عند المقدرة  فيما بينهم... حتى لايكونون بدون مشاعر و حتى لا  يفقدون  اعز شي زرعته فيهم منذ الصغر ...
 وهنا ينحني البحر لهذة الأم القوية الصابرة عدن ويقول سأبقى دائما اقبل رأسك واغسل دموعك بأمواج عدن الهادرة فتبتسم الصابرة عدن وتذرف دمعتين على خدين كأنهما الحضن الدافئ الذي ترعرع عليه اولادها خلقا و جمال روح....
 وفاحت نسائم كرمهم ورقة مشاعرهم من مرعى خديها الموردتين اللتين حباهما الله بجمال الشكل ودماثة الاخلاق ...
هذة هي امكم الصابرة الجميلة...
 فهلا مسحتم دموعها مثلما يفعل البحر !!!

*بقلم /احمد محمد ادريس*