عن قضية الدكتور الشجاع.. بين تاجر الدين وتاجر الدنيا.

كان الرجل المحسوب على الدعاة في قمة الهيجان والتأثر والغيرة على جرأة إحدى النسوة وهي تقول برأيها الشخصي في مسألة أقل ما توصف إنها لا تطعن في الدين, ولا تروغ عن الملة والمذهب.. فأقام حجته عليها واستنفر الألسنة وأشعل المواقع والمنابر بالضوضاء والضجيج لوقت طويل.

أراد أن تقوم الدنيا ولا تقعد, فالمعركة بنظره مصيرية بين الحق المتمثل بشخصه الكريم, والباطل في رداء ورأي امرأة ناقصة عقل ودين.

وفجأة عندما أثيرت قضية حقيقية تمس جوهر وثوابت الدين والعقيدة وراهن البعض على عنترياته في إفحام الخصوم وطلب مدد البرلمان في قضية تشريع من اختصاصه,  إبتلعته السماوات والأرض, وفترت همة الرجل وتوارى واختفى من إشارة ((آخر ظهور)) بلغة أهل الواتس أب, كأن الأرض ابتلعته على حين غرة..

ما الذي يحدث بين من كنا نظن أقل شيء وقوفهم على الحياد إذا لم يقولوا الحقيقة ولا يتورطوا.
لكنهم أبوا إلا الظهور الفاضح(ربي كما خلقتني) فتجاوزوا ورقة التوت إلى عري الذات والأخلاق.

هؤلاء من عينة الذي انتصر لنفسه شخصيا باسم الدين مع توكل كرمان, وترك أمر الله والإنتصار لقيم العقيدة والمجتمع باعتبار للكعبة رب يحميها..

وهو بالمناسبة من طينة أعضاء مجلس المنافقين إياهم وتوقيعه معهم , وأبرز الملعلعين التاريخيين في قاعته.. ومن تفاجأنا بهم مؤخراً ينتحلون صفة كيان شبع موتا بعد ما قتلوه وأفسدوا معناه ووظيفته.

ظهر هؤلاء في قضية الدكتور عادل الشجاع كطرف يكرس انقسام السلطة وإضعافها لا دفاعا عن حقوق مكفولة لشخصية عامة ومؤازرتها في تحسين شروط الترحيل والإنتقال القسري من مصر.

كان يمكن أن يحدث العكس تماما لو أن الرئيس الذي أدانوه بميوعة في بيانهم لا يتحلى بأخلاق وترفع الدكتور رشاد العليمي الذي وجه بمخاطبة السلطات المصرية والتماس العذر لأحد مواطنيه في ظروف استثنائية.

تباكي منتحلوا صفة أعضاء مجلس النواب ليس لمكانة الدكتور الشجاع أو عدالة مطلبه, لكنه انحياز لشللية مصلحية داخل المجلس واستغلال الموضوع لإدانة خصومهم في قضايا أخرى تورطوا فيها أيضا بشخوصهم واسمائهم بخيانة القسم الدستوري ضد المصلحة العامة للبلد والوطن, وانحيازهم لطرف ضد طرف آخر في قضايا فساد مالي وإداري فاحش يفترض إحالة كل أطرافها(ألعيسي ورئيس الوزراء) إلى القضاء, وقيام مجلس النواب بتعديل قانون محاكمة شاغلي الوظائف العليا للدولة بقضايا الفساد الذي يحمي هؤلاء, بدلا من تماهيهم مع لعبة الفساد وشرعنتهم, وبيع المواقف لمن يدفع أكثر.

إستغل البرلمانيون الموقعون على بيان النائحة المستعارة المشؤوم لتجديد ولاء الخنوع لأحمد العيسي ضدا على رئيس الوزراء.

ثم أقحموا رئيس الجمهورية بسبب حياديته الإيجابية في إحالة موضوع معين عبدالملك و العيسي إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بعكس رغبة من أرادوا من هؤلاء تمييع ذلك عبر لجان مجلس النواب الشللي المتواطئة في تبديد وسرقة الأموال العامة باستغلال السلطة والنفوذ, والتستر الجنائي على مرتكبيها بكل ضعة وخساسة.

وجه الموقعون على بيان التباكي البرلماني الإحتيالي في قضية الدكتور  عادل الشجاع الإتهام الى رئيس مجلس القيادة ورئيس الحكومة بتدبير اعتقاله وسجنه في القاهرة دون اعتراضهم على اجراءات الترحيل المصرية, ودبجوا ذلك بنص البيان, ما يكشف بطلان الإتهام الكيدي للرئيس الذي جاء من باب تصفية حسابات محرك الأراجيز مع خصومه في رفض الإحتكام لقرارات الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة..?.
أما توجيه الموقعين الإتهام من باب الضغط على الرئيس للتدخل, فالمسافة كبيرة بين الإبتزاز وقلة الحياء والأمانة..
لكن لم يكن غرض هؤلاء النواب المتقرصين مع أحمد العيسي التضامن الفعلي مع عادل الشجاع بل الإستغلال الكيدي المدفوع..
وهذه نقطة جوهرية يستطيع معها المتضرر طلب رفع الحصانة(ألمنتهية) عن المفترين باسم الشعب ومقاضاتهم للإخلال بأمانة المسؤولية, وأي إجراءات تأديبية أخرى عبر رئاسة البرلمان.

كانت تحركات عبدالعزيز الجباري والمحامون كافية مع آخرين مثل توكل كرمان واليماني وغيرهم, دون حاجة إلى بيان الزعيق والشهيق والنهيق المفتعل من بقايا مجلس يتاجرون برمزيته لتنمية الجيوب.
 

وبتوجيهات الرئيس الدكتور رشاد العليمي قضي الأمر, واكتملت الحلقة الناقصة بصورة رسمية من ممثل أعلى سلطة في البلاد, لا نعلم ماذا لو لم يوجه الرجل بالتواصل مع السلطات المصرية في اللحظة الحرجة رغم كيدية وبطلان اتهامه, كونها القضية مختلفة لا علاقة مباشرة للدكتور الشجاع فيها ..??

وأكثر ما أغاض نقل الدكتور العزيز عادل الشجاع إلى إسبانيا مدلسي الطابور الآخر, دعاة احترام العقل والمنطق وتنوير الرأي العام لا تضليله.
ولكن لم يدم تشفيهم واحتفالهم طويلا بقرار نقل الرجل إلى عدن, ولم يعترفوا باسم المنطق الذي زعموه بحق الشجاع في استئناف والتماس تحديد البلد التي يطمئن لها قلبه, لا المقبرة التي تمنوا فيها دفنه.

ولعلها صدمة أفقدت أصحابها الصواب وهم يتباكون باسم ما يفتقدونه أيضاً على ضرورة احترام  قيم وعقول الناس و حماية الرأي العام من التضليل والإنتقائية.