من خان الوحدة ؟

لنكن صادقين وعادلين، من خان الوحدة ليس أبناء الجنوب.. بل ثقافة الفود والغنيمة والهيمنة والاستعلاء المتجذرة في عقلية شمال الشمال، من نقض العهد وخالف قواعد الاتفاق بين الشمال والجنوب في 1990 وذهب ينهب ويقصي ويسجن وفق مصالحه الشخصية ومصالح قبيلته بطريقة همجية اعتادتها في تعاملها مع المناطق الوسطى منذ مئات السنين..غير مدركة معنى وقدر هذا المنجز الحضاري العظيم للأمة اليمنية.

قاتل أبناء الشعب شمالاً وجنوباً لأجل الوحدة وقدموا تضحيات جسيمة تكللت بتحقيق الحلم في 1990 فتنازل النظام الحاكم في الجنوب وارتضى بدمج الشطرين تحت قيادة الرئيس علي صالح -الحاكم للشمال حينها- على أن يكون نائبه علي سالم البيض -رئيس الشطر الجنوبي أنذاك- لكنهما سرعان ما اختلفا بعد أن عجزا عن تحقيق الانسجام والتوافق على طريقة إدارة البلد، واتهم الأخير علي صالح بخيانة اتفاقية الوحدة وعدم احترام ما اتفق عليه الشعب..

في صيف 94 حين أشتعلت الحرب بين حزبي المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي، وقف أبناء الجنوب إلى جانب الوحدة وانتصروا لها متجاوزين كل التحديات والصعوبات التي واجهوها في التعامل مع النظام الحاكم؛ فكافأهم بتسريح آلاف الموظفين والعسكريين ومصادرة حقوقهم واستباح أراضيهم بطريقة تنم عن غباء سياسي منقطع النظير، محدثاً شرخاً عميقاً في كيان الوحدة لازلنا نجني ثماره إلى اليوم.

أتاحت الظروف للنظام الحاكم أن يتلافى أخطاءه، ويصلح ما أفسدته يداه في الحرب بعد أن ضمن تفرده بالسلطة والقرار، وقضائه على الحزب الاشتراكي وكل القوى المناوئة له في الجنوب، لكنه ظل على غبائه واستكباره حتى نفذ صبر المظلومين في الجنوب وكسروا حاجز الخوف في 2007 وخرجوا للمطالبة بحقوقهم وتعديل سياسية النظام الحاكم تجاههم بطريقة سلمية، فواجههم بالبطش والقمع والملاحقة؛ لتتحول أهداف المظاهرات والاحتجاجات إلى إنهاء الوحدة وفك الارتباط مع الشمال.

جاءت ثورة فبراير فوجدها الجنوبيون فرصة لإسقاط النظام المتعجرف وتصحيح مسار الوحدة، وشاركوا فيها بقوة إلى جانب أبناء الشمال، ودخلوا بحوارات ومفاوضات مضنية في مؤتمر الحوار الوطني، انتزعوا من خلالها بعض حقوقهم الطبيعية، وتخلوا عن مطالب الانفصال مقابل النظام الفيدرالي..
لكنهم تفاجؤوا بخيانة قوى شمال الشمال هذه المرة للوحدة والديمقراطية والنظام الجمهورية... وتحالفهم تحت راية الإمامة وإسقاطهم الدولة وكل ما توافق عليه اليمنيون بقوة السلاح، وبحجة أنهم أولاد الرسول والصالحين وغيرهم أولاد الشياطين الفاجرين، وأنهم سادة أطهار وسواهم عبيد..
ما أجبر أبناء الجنوب والمناطق الوسطى على الدفاع عن أنفسهم وأراضيهم مستخدمين كل الوسائل المتاحة، طالبين المساعدة من جميع الدول الشقيقة والصديقة بعد أن أعلن الحوثي ولاءه وارتهانه المطلق لإيران وحلفائها..

استطاع أبناء الجنوب ومعهم كل الشرفاء في الوطن تحرير معظم أراضي الجمهورية، قبل أن تتوقف العمليات العسكرية ويطرح التفاوض مرة أخرى برعاية أممية وإقليمية، وانتظر الجميع استجابة الحو..ثي للحوار والدخول بمفاوضات حقيقة من أجل الحل وتحقيق السلام، فرفض كل ذلك، وأصر على مواصلة القتال منادياً أبناء الجنوب والمناطق الوسطى بالاستجابة وتسليم رقابهم ليحكمهم، باعتبارهم عبيد في الأرض أرسله الله ليتملكهم ويسيرهم وفق هواه..

يذهب الكثير إلى انتقاد المجلس الانتقالي ومطالبته بفك الارتباط - أنا واحداً منهم - حيث يرون الوحدة الوطنية مكسب شعبي ووطني لا يمكن التفريط به، وهو أمر لا خلاف عليه، لكنهم يجهلون المذنب الحقيقي والمتسبب الأول في هذا الوضع بمخالفته كل الاتفاقيات والقواعد الدستورية والاجماع الشعبي ونسف فكرة الدولة من الأساس وليس الوحدة فقط.

قناعة أخيرة أقولها:
في حالة سقوط النظام الجمهوري في اليمن وحكم الإمامة الحوثية، فإن الجنوب بنظري في حل من كل الالتزامات تجاه اتفاقية الوحدة، ويحق لهم تقرير مصيرهم وحكم مناطقهم بالطريقة التي يرغبونها، كما يجب على أبناء المناطق الوسطى أن يعلنوا حراكاً سياسياً وعسكرياً والتنسيق مع الجنوب لتحرير مناطقهم وحكمها، بعيداً عن الزيدية وفكرة الولاية البغيضة، وأن يجعلوا أراضيهم منطلقاً لأحرار شمال الشمال في مقارعة حكم السلالة وإسقاطها.