وإن منكم إلا واردها

كم هي القضايا التي تم ويتم ترحيلها دون حلول؟ قضايا اقتصادية واجتماعية وتربوية وصحية تظهر إلى السطح لتبقى عالقة فيه، تطول وتتطاول على رؤوسنا متحدية وجودنا وقدراتنا.

بعض هذه القضايا نقبلها وأخرى نتكعفها ونحني رؤوسنا لها دون اعتراض بين ورفض معلن، فلا نعد نأبه بانطحان أحوالنا من البداية وإلى النهاية.

أوضاع يستفكه المتسببين بها بردود أفعالنا المستسلمة فيتمادون أكثر فأكثر في طحننا وإعادة طحننا من جديد.

نفيق أحيانا تحت وطأة الجوع، نخرج نصرخ. ننادي. نناشد دون جدوى، وفيما نحن كذلك حتى نجد أنفسنا أمام قضايا اشد وأنكى قضايا تخوين وعدم استقرار وانفلاتات غير مسبوقة على أكثر من صعيد.

نتخلى عن مطالبنا الأولى ونتجه إلى غيرها. نصرخ. ننادي. نناشد، دون مجيب.وهكذا نبدأ وهكذا ننتهي تحيط بنا وتترصدنا عواصف لا حدود لها، ولا توقيت مدرك لبدايتها، واقتراب نهايتها.

نعود دائما منكسرين من أقرب المقربين لنا أحزاب وتكوينات سياسية، تبدأ معنا وتنتهي ضدنا، وفي أفضل حالاتها أننا نبحث عنها فلا نجدها.

تكوينات حزبية واجتماعية ومدنية بحسب وصفها لنفسها طبعا، قابلة للتبدل والتغير أكثر منا وأسرع، خصوصا عندما نظن أننا قد بتنا قاب قوسين أو أدنى من تحقق أحلامنا واقترابنا من أهدافنا.

الكل يذهب خلف مصالحه وتلبية مطامعه إلا نحن من يطلق علينا الشارع، أو ندعي مجازا جماهير غفيرة.

ننام على قلب رجل واحد ونصحوا على طوابير وقلوب شتى متنافرة متباعدة، فلا ينقضي يومنا إلا وقد عدنا إلى طبيعتنا الأولى، فاقدين لأبسط الحقوق مسلوبين من أبسطها.

نستمع إلى خطب وكلمات نشتعل ثورية.. وحماسة ومناداة بالحقوق وانتصار لمطالب مشروعة أمة وشعب وجماهير الجميع ممن يتقدمون ركبانا يعمل ويسهر على أن لا هم لهم بمصالحنا ومرامينا، وهمهم فقط كيف تقبل عليهم الحياة بكل بهارجها.

الوطن هنا يضيع يتضاءل ويأخذ في التلاشي مكتفيا بنتف هنا أو هناك لتحل محله وطن يجري تفصيله وإعادة تصنيفه بحسب الوقت والمرحلة والمطالب المقدمة لمن يرغب ويريد يغيب صوتنا وتتراجع خطواتنا، مقابل تقدم وارتفاع صوت وخطوات غيرنا لنجد أنفسنا نقف في مؤخرة الصفوف نلتقط ما يرمى لنا ويتركه لنا غيرنا من فتات.

لكن هل سأل أنفسهم المتأرجحون هنا وهناك عن إمكانية ثبات حالهم هذا من عدمه.

وإن كنا نشك نحن كجماهير غفيرة مشغولة في صلاح من يتقدم ركبنا، فإننا على يقين بقرب يومنا الذي نستعيد فيه كامل حقوقنا دون انتقاص ليس من القريبين منا بل من كل بعيد ظل يعتقد أنه مهما حصل سيبقى في مأمن من عقاب على ما أقدمت عليه يمينهم.