الانتخابات التركية

لا أحد أكثر قلقاً من الإنتخابات التركية مثل بوتين والعرب. لو فاز مرشح الناتو فسوف تتحول تركيا إلى رأس حربة في المواجهة الغربية مع روسيا ، وسوف يطرد كل العرب من هناك. إذا هُزم أردوغان ستكون تلك هزيمة لتركيا ذات السياسة المستقلة ، ومنعطف لعودتها كلياً إلى نفوذ الناتو وأمريكا.

هذه التجربة الديمقراطية ، التي تستمر رغم عودة الطابع الجيوسياسي للصراعات عالمياً ، تعتبر تجربة ديمقراطية رائدة. تجربة ديمقراطية حقيقية في بلد لطالما تعرض للعزل الأوروبي وتعثرت عضويته في الإتحاد الأوروبي لأسباب لا علاقة لها بالإدعاءات الأوروبية عن الدولة الحديثة ومتطلباتها. في حالة فوز أردوغان وحزبه ، سيكون ذلك إنتصار للديمقراطية ، أكثر من كل دلالات الجولات السابقة للتنافس السياسي في تركيا كون هذا الفوز يتزامن مع مناخ عالمي يقذف بالديمقراطية إلى الهامش واضعاً متطلبات الصراع في موضع الأولوية. أما القول أن فوز أردوغان يمثل نهاية للديمقراطية ، يقدم ملمحا عن عقلية متطرفة ترى الديمقراطية وجهاً آخر للهيمنة الأمريكية ، هيمنة تصنف كل حدث لا يصب في مجراها بأنه معادٍ للديمقراطية ! 
صدور هذا القول عن شخصيات عربية تقدم نفسها من زاوية الحداثة والديمقراطية والليبرالية ، يضع علامة إستفهام كبرى حول كل العناوين التي تستظل تحتها.

الديمقراطية ليست منطوراً محدداً  يتم فرضه قسرياً ، ولا حكماً مسبقاً بنجاعة ما تختاره الأغلبية. من يقول خلاف ذلك يكشف عن ذهنية إقصائية شمولية حتى وإن تعددت الأردية الحديثة التي يتخفى تحتها. 
يقول برتراند راسل :
" لا يحتاج الديمقراطي إلى الاعتقاد بأن الأغلبية ستقرر دائمًا بحكمة؛ ما يجب أن يعتقده هو أن قرار الأغلبية، سواء كان حكيمًا أم غير حكيم، يجب قبوله حتى يحين الوقت الذي تقرر فيه الأغلبية خلاف ذلك. "