آخر تحديث :السبت-18 مايو 2024-08:13ص

أخبار وتقارير


لماذا تنكر لنا الرفاق حين وصلوا إلى السلطة؟

الإثنين - 28 أغسطس 2023 - 09:30 م بتوقيت عدن

لماذا تنكر لنا الرفاق حين وصلوا إلى السلطة؟
الصورة للقيادي في الحراك علي المسقعي وللشهيد عمر سعيد الصبيحي

كتبه/ احمد السيد عيدروس:

أحلامنا كانت بسيطة فلماذا أنقضى العمر ولم تتحقق، لقد كنا شباباً حين آمنا بمبادئ الحرية للوطن وكنا أول موجة ثورية تعصف بسفن الغزاة.

لكل ثورة عدد من الموجات التي تحمل سفينة الوطن إلى المرسى الآمن، وكانت الموجة الأولى للثورة في وطني من نصيب جيلنا فقد تدفقت هذه الموجة كإعصار سحق غرور المحتل وعرف بأننا شعب لا يقبل الظلم.. لقد كان جيل المحاربين القدامى هو الجيل الذهبي للوطن القوي.

وهنا نؤكد للأجيال القادمة أن النسيج الوطني في حقبة الثورة كان أقوى بكثير من اليوم لقد ذابت المناطقية تلك الأيام وزالت الفوارق الاجتماعية وأرتفع صوت الثوار الأحرار على صوت تجار الحروب ومتسلقي الثورات لقد داست الثورة في بدايتها على الفساد حتى أزهقته لكن لا نعلم كيف بُعث للحياة اليوم.

وبعد ثلاثة عقود من النضال، وفي أحياء عدن التقيت بأحد الرفاق في الموجة الأولى للثورة وأحد قادتها الميدانيين فدعوته للجلوس وقد كان شاحباً يبدو على ملامحه الإرهاق لقد تحدثت إليه مطولاً وكنت أنظر له مدعياً عدم مشاهدة آثار الزمن على تجاعيد وجهه وتاريخه النضالي.. لعلي كنت خائف أن أخبره أن الموجة الثانية للثورة دفعت بنا نحو الصخور لنتحطم عليها ونموت دون أن يشعر بنا أحد.

لقد كان رفيقي قائداً حقيقياً ومناضلاً حقاً، فبدهاء حرك تعابير وجهه ورسم ابتسامة ثم علتها ضحكة مكبوتة لثلاثة عقود من الزمن ثم قال عبارة عميقة لازال صداها مدوياً.. قال "لقد حسبنا لكل شيء حسابه لكننا لم نحسب يوماً أن يتنكر لنا الرفاق الذين تقاسمنا معهم الحزن والخوف والفرح والأنتصار"، كان رفيقي شديد الإحباط فهو من كان يتحدى الغزاة ويحشد الثوار ويحرك الحشود لأجل أهداف تعاهد عليها مع الرفاق.. أهداف أقسم الجميع أن لا تراجع عنها حتى تحقيقها.

وها نحن اليوم نقف حائرين ماذا سنخبر أبناء الشهداء، فهؤلاء الأبناء لم يحصلوا على قطعة أرض يعيشون عليها، في وطن مات آبائهم لأجل تحريره.

ما يحز في النفس أن الرفاق الذين وصلوا إلى السلطة كانوا صادقين فهل وقعوا في فخ السلطة وأصبحوا أسرى لها، لقد أغلق الرفاق هواتفهم حين وصلوا إلى السلطة.. هل تنكروا للثورة أم للثوار، لم نعد نعرف فلم نلتقيهم منذ أعوام.

في هذه المرحلة لا يهم إن تنكروا للثوار ما يهمنا ويقلقنا هو الخوف من أن يتنكروا للثورة وللحلم الذي مات ألاف الشهداء لأجله.

وفي أثناء الحديث انتبهت لشيء؟؟ فرفيقي كان مرآة تعكس صورتي فقط، فقد كنت أنا أشد إرهاقاً منه، لقد تحطمنا على الصخور سويَّاً، فالموجة الأولى لأي ثورة تتكسر على صخور النسيان، فالتحطم هذا يعد شيئاً طبيعياً في خضم الثورة، فالتضحية هي القيمة الأساسية للثورات فلا ثورة بدون تضحية.. لكن هل الموجة الثانية ستأخذ على ظهرها سفينة الوطن إلى المرسى الآمن أم ستتركها تغرق وتحمل معها فقط قوارب نجاة صغيرة لفئات محددة من الشعب.

الحقيقة أن الموجات ستستمر بالتدافع وستأتي موجة ثالثة ورابعة و و و ..... حتى تصل سفينة الوطن إلى الحلم المنشود، أما تلك القوارب الصغيرة التي ركبت الموجة الثانية وأبحرت مسرعة نحو الشاطئ بمفردها فقد تتحطم وتغرق.

هنا يجب أن يتوقف التاريخ ليدون سيرة أولئك الأبطال الذين في الظلام أبطال الموجة الأولى للثورة.

 

فتحية للثائر الحر والرفيق الثائر علي المسقعي...

والرحمة والخلود للشهيد عمر سعيد الصبيحي...