آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-03:20م

ملفات وتحقيقات


صيف عدن.. عجز سياسي وكهرباء مقطوعة

الثلاثاء - 30 مايو 2023 - 10:10 ص بتوقيت عدن

صيف عدن.. عجز سياسي وكهرباء مقطوعة

(عدن الغد) صفية مهدي – درج:

برغم الفعاليات السياسية والأنشطة والزيارات الدبلوماسية التي شهدتها المدينة في الأسابيع الأخيرة، لم يلمس بشير وأسرته المكونة من أربعة أفراد أي تحسنٍ في مدينة عدن اليمنية، فالكهرباء تدهورت حالتها إلى الأسوأ، خلال الأسابيع الأخيرة، بالترافق مع ارتفاع درجات الحرارة، لتبدو الوعود وما يعتبره المسؤولون الحكوميون وقادة المجلس الانتقالي الجنوبي، إنجازات، مجرد سراب من دون أثر، بالنسبة إلى سكان المدينة التي تدفع ثمن الصراعات والطموحات السياسية والتنافس الإقليمي، ويحضر فيها نفوذ من أبرز اقتصادات المنطقة، هما السعودية والإمارات. 

وبالتزامن مع العيد الوطني لإعادة توحيد اليمن في 22 أيار/ مايو 1990، بدت المدينة، كما يقول سكان لـ”درج”، كما لو أنها تعيش في معاناة لا تطاق، إذ تنحصر عودة الكهرباء بساعتين مقابل ثلاث ساعات انقطاع على الأقل، في الأحياء المنتظمة، ليصبح الوضع أشبه بالجحيم. يروي بشير (41 سنة)، معاناة أطفاله من الحمى وآثار جلدية في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وهو غير قادر على توفير تكاليف مولد إضافي أو ألواح شمسية تكفي لتغطية الحد الأدنى من حاجة أسرته إلى الطاقة. 

وضع أسرة بشير كما معظم سكان المدينة، التي تمددت وارتفعت كثافتها السكانية بسبب النزوح والتحولات التي شهدتها البلاد، وبعد تحسن نسبي خلال الشهر الماضي، في وتيرة انطفاءات الكهرباء، عاد الأمر إلى التدهور في الأسابيع الأخيرة، ما انعكس على الحياة داخل المدينة. كما تأثرت البطاريات التي تخزن الطاقة، إذ لا تكفي ساعتان من الكهرباء لشحنها واستخدامها لاحقاً، لا سيما في ظل الحر والحاجة إلى مراوح أو مكيفات.

 

•الأزمة والمنح النفطية السعودية

منذ سنوات، تحولت الكهرباء إلى أزمة مستفحلة تشتد خلال فصل الصيف، وتستنزف محطات التوليد، مقابل مبالغ مالية كبيرة بملايين الدولارات تدفع لأجل الطاقة شهرياً. يرى الكثير من السكان أن السبب الأساسي يعود إلى فشل الجهات النافذة في إيجاد حلول، وهي تحديداً مسؤولية الحكومة المعترف بها دولياً ودولتي التحالف السعودية والإمارات، اللتين قدمتا دعماً للمحطات في إطار تدخلات تبدو أنية أو محدودة، لم تضع حداً للأزمة حتى اليوم. 

قدمت الإمارات في الفترة الأخيرة، معدات محطة توليد بالطاقة الشمسية من المقرر أن تضيف 120 ميغا لقدرة الكهرباء التوليدية، وتقدم السعودية، منحاً نفطية تصل إلى المدينة عبر دفعات لتشغيل محطات الوقود، التي تبدأ التوقف تدريجياً مع اقتراب نهاية كل دفعة، لتبدأ مرحلة جديدة من المناشدات وانقطاع الكهرباء، قبل وصول دفعة “إسعافية” جديدة. وتوضح مصادر محلية لـ”درج”، أن الدعم المحدود تحول إلى ورقة سياسية، بحيث تتأثر مواعيد تقديمها بالعلاقات مع الحكومة ومع المجلس الانتقالي الجنوبي. 

 

•حراك سياسي للانتقالي لا يثمر خدمياً

اللافت أن عودة أزمة الكهرباء في عدن أخيراً، جاءت بالترافق مع حراك شهدته المدينة، إذ استقبلت عدداً من الوفود الدبلوماسية وزارها السفير السعودي محمد آل جابر المشرف على برنامج إعادة إعمار وتنمية اليمن (يتبع الخارجية السعودية)، كما افتُتح عدد من المشاريع الممولة سعودياً. 

كما انعقد “اللقاء التشاوري للمكونات السياسية الجنوبية”، كحدث استثنائي رعاه ونظمه المجلس الانتقالي المطالب بالانفصال، وضم إليه مكونات وشخصيات جديدة، وفيما تستمر الاجتماعات والحراك السياسي للمجلس، وتتمدد إلى حضرموت، التي زارها رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، يبقى الجانب الخدمي، الذي يلقي فيه المجلس اللائمة على الحكومة، من دون تحول ملموس. 

هذا الجانب، دفع هاني البيض، نجل علي سالم البيض، نائب الرئيس السابق، إلى الحديث بجرأة، بعد ساعات من تعيينه نائباً لرئيس المجلس الانتقالي، ضمن حزمة التعيينات والهيكلة المعلنة كمخرجات لـ”اللقاء التشاوري”. وكتب البيض على حسابه على “تويتر” إن “أكبر تهديد للانتقالي الجنوبي الآن هو الملف الاقتصادي والخدماتي بعد نجاحه في مشروع الحوار والهيكلة السياسية إلى حدًا ما”. 

ويشدد البيض على أن هذا التحدي “ملف قديم وجديد يتطلب منه جهوداً حثيثة ومكثفة وخطط عمل استثنائية وخطوات إسعافية لتدارك السخط الشعبي المتزايد”، ويرى أن “من الخطأ أن يفكر البعض في الانتقالي بالتغيير فقط في العمل السياسي بمعزل عن التغيير الاقتصادي”، وأنه “بدون مساهمة مباشرة من الانتقالي في تحسين الوضع المعيشي للناس”، سيظل ذلك أكبر تهديد للمجلس.

المحلل السياسي أحمد الحسني يوضح لـ”درج”، أن “المعترك السياسي الأخير للمجلس الانتقالي، سواء إعلان الميثاق الوطني وهيكلة المجلس، أو انعقاد الجمعية الوطنية التابعة للمجلس في المكلا، كلها خطوات تصعيدية ضد تمكين السعودية للمجلس الرئاسي، ويبدو الصراع محلياً، بين تلك المكونات، لكن الحقيقية أن صراع المكونات هو مجرد صدى للصراع بين الرياض وأبوظبي حول تقاسم النفوذ في المحافظات الجنوبية”. 

وبرأي الحسني فإنه “برغم الصراع المحتدم بين الطرفين، إلا أن المناطق، الواقعة تحت سيطرة الرياض وأبوظبي، تعاني من تردٍ في الخدمات وانهيار للمؤسسات، فضلاً عن الفشل في الملفين الأمني والاقتصادي، ولن نستطيع تحميل كل هذا الفشل للحكومة وحدها، لأن الحكومة تنفذ السياسات التي يرسمها التحالف وحسب”، ولهذا يرى الحسني أن “التحالف لم يثبت جديته منذ 8 سنوات في معالجة الملفات العالقة، ويُعد ملف الكهرباء أحد أبرز النماذج على عرقلة التحالف لأي عملية إصلاح تمس هذه المؤسسة، الأمر الذي يثبت أن تلك الملفات الخدمية باتت مسيسة بامتياز من قبل التحالف”.