آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-06:10ص

ملفات وتحقيقات


الرئيس علي ناصر: اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل أحدثت ردود أفعال عنيفة في الشارع العربي(29)

السبت - 27 مايو 2023 - 08:49 م بتوقيت عدن

الرئيس علي ناصر: اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل أحدثت ردود أفعال عنيفة في الشارع العربي(29)

إعداد / د. الخضر عبدالله :

المؤتمر الأول لجبهة الصمود

يواصل الرئيس علي ناصر محمد الحديث حول قمة الصمود في طرابلس ، الذي تناول جزء منها في العدد الماضي  ويقول مستدركا :" انعقد المؤتمر في طرابلس الغرب بحضور الرؤساء حافظ الأسد، وهواري بومدين، ومعمر القذافي، وعبد الفتاح إسماعيل وطه ياسين رمضان نيابة عن الرئيس أحمد حسن البكر، وياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد مناقشات مستفيضة للقضايا العربية الملحّة، أصدر المؤتمر بياناً ختامياً قرر فيه إدانة زيارة الرئيس السادات للكيان الصهيوني، لأنها تمثّل خيانة عظمى لتضحيات الشعب في مصر وقواته المسلحة ولنضالهما، ونضال الأمة العربية وتضحياتها ومبادئها. والمؤتمر إذ يقدر دور شعب مصر العظيم في النضال القومي للأمة العربية، فإنه يؤكد أن مصر ليست هي البداية ولا النهاية، فإذا كانت الأمة العربية كبيرة بمصر، فإن مصر لا تكبر إلا بالأمة العربية، وهي تصغر من دونها. وقرر العمل على إسقاط نتائج زيارة الرئيس السادات وتجميد العلاقات السياسية والدبلوماسية مع الحكومة المصرية ووقف التعامل معها عربياً ودولياً وتطبيق قوانين المقاطعة العربية وأحكامها وقراراتها على الأفراد والشركات والمؤسسات المصرية التي تتعامل مع العدو الصهيوني. أقر المؤتمر أيضاً عدم المشاركة في اجتماعات جامعة الدول العربية ومنظماتها التي تعقد في مصر، وإجراء اتصالات مع دول الجامعة العربية لدراسة موضوع مقرها والمنظمات التابعة لها، وموضوع عضوية النظام المصري فيها.
ويضيف بقوله :" لكن أحداً آخر من الدول العربية كما هو معروف لم ينضم إلى هذه الجبهة، وظلت مقتصرة على الأطراف المذكورة. وفضّل العراق الذي شارك في مؤتمر طرابلس عدم الانضمام إليها لحسابات خاصة بالنظام العراقي، وكانت قمة طرابلس الوحيدة التي يحضرها.
عُقد على هامش أعمال قمة طرابلس «مؤتمر الشعب العربي»، شارك فيه ممثلون عن المنظمات الجماهيرية والاجتماعية التقدمية في الوطن العربي. وفي ختام أعماله اتخذ عدة قرارات، من أهمها: قرار طرد نظام السادات من الجامعة العربية، وقرار تحويل اللجنة التحضيرية إلى أمانة عامة دائمة يكون مقرها في طرابلس، وتضم ممثلين عن دول الصمود والتصدي وعن الحركة الوطنية اللبنانية والحركة الوطنية المصرية.
ويكمل حديثه  قائلا :" لكن رغم هذه القرارات الصادرة عن جبهة الصمود وقرارات مؤتمر القمة العربية في بغداد بمقاطعة مصر السادات ومحاصرتها، إلا أن بعض الدول العربية لم تقاطع مصر وظلّت على علاقات سرية وعلنية معها، بما في ذلك العراق التي مدت جسور العلاقة مع الرئيس السادات ليمدّهم بالسلاح والذخائر السوفياتية. وكان قرار السادات لا رجعة فيه نظراً إلى حالة الإحباط التي كان يعانيها بسبب الموقف السلبي للاتحاد السوفياتي ودول النفط العربية.

المؤتمر الثاني لجبهة الصمود

ويستطرد  الرئيس ناصر حديثه قائلا :" لم يعد عبد الفتاح إسماعيل ينتظر الآن موافقة الرئيس سالم ربيع، لحضور قمم الصمود العربية بعد أن بات متيقناً بتمسكه بموقفه الرافض. وبحضور عبد الفتاح إسماعيل القمة الثانية في الجزائر في شباط/فبراير 1978م وغياب ربيع عنها، بات هذا الأخير في الظل، وانتقل عبد الفتاح إسماعيل إلى موقع الأضواء العربية والعالمية، منتهزاً فرصة حقيقية لتلميع شهرته السياسية والفوز بالمكانة الرئيسة، وتولّي قيادة الدور السياسي لسياسة اليمن الديمقراطية الخارجية التي كانت على الدوام من حق الرئيس سالم ربيع علي. 
ابتدأت قمة الصمود والتصدي الثانية في العاصمة الجزائرية في الثاني من شباط/فبراير 1978م، وشاركت فيها الدول العربية نفسها التي شاركت في قمة طرابلس ما عدا العراق. وبُحث الوضع العربي ومحاولات بعض الأنظمة لتغطية سياسة الرئيس السادات التي ترمي إلى عزل مصر وإبعادها عن موقعها الطبيعي والتاريخي في ساحة الصراع مع العدو الإسرائيلي والإمبريالي. وأدان المؤتمر سياسة الرئيس السادات، وعدّها هادفة إلى تقويض إمكانيات تحقيق الانسحاب الشامل من الأراضي العربية المحتلة، وضمان الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. وأعلن رفضه لكل اتفاق يتم على حساب المصالح العليا للأمة العربية، وإدانته لكل اتفاق يمسّ حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وأكد أن الرئيس المصري لا يملك الصلاحية ولا الشرعية لكي يمثل أو يفاوض عن قضية شعب فلسطين الذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية.


كامب ديفيد

واشار في حديثه :" لم يقتصر الأمر على زيارة السادات لإسرائيل، بل تعداها إلى توقيع اتفاقيات «كامب ديفيد» مع مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي تحت رعاية الرئيس الأميركي جيمي كارتر يوم 18 أيلول/سبتمبر 1978م، حيث وقّع الاثنان اتفاقيتين. الأولى: «إطار للسلام في الشرق الأوسط»، والثانية: «إبرام معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل». وحددت الأولى المبادئ التي قد تطبق في المفاوضات الخاصة بمعاهدة السلام بين إسرائيل وجميع جيرانها. والثانية نصت على انسحاب إسرائيل من سيناء على مرحلتين. 
وقد أحدثت اتفاقيات «كامب ديفيد» ردود أفعال عنيفة في الشارع العربي، وكان اتخاذ موقف تجاه ذلك يشكل أمراً مهماً بالنسبة إلى نضال الأمة العربية، وإن كان المؤتمر الثالث لجبهة الصمود والتصدي الذي انعقد في دمشق في أيلول/سبتمبر 1978م بعد يومين فقط من توقيع اتفاق كامب ديفيد يرمي إلى بحث ما يمكن أن تفعله الأمة للخروج من تلك الأزمة والنظر في احتمالات المستقبل وآفاقه.
ماذا يجري في عدن؟!
وتابع الرئيس ناصر حديثه وقال :" في تلك الفترة وقبلها جرت وتغيرت أمور كثيرة في عدن!! فقد حدث في 26 حزيران/يونيو 1978م تغيير في الموقع القيادي الأول. اختفى الرئيس سالم ربيع علي عن المسرح السياسي إثر أحداث 1978م. لكن هذه الأحداث وإن قوّت من موقع عبد الفتاح إسماعيل  وجناحه شكلياً، إلا أنها لم تهيئه لكي يكون الشخص الوحيد المرشّح لخلافته، إذ كانت هناك عوائق دستورية وتوازنات سياسية وعوامل عديدة معقدة لم تكن كل حساباتها لمصلحته. لكن ذلك لم يكن النقطة الحاسمة والمحددة لمستقبله السياسي أو طموحاته ادخول تاريخ اليمن الديمقراطية رئيساً، وسينجح في ذلك فيما بعد، لمدة قصيرة، بإجراء تعديلات في الدستور تتيح له الجمع في آن واحد بين منصبي الأمانة العامة للحزب ورئاسة الدولة.
وكنا في هذه الفترة نعمل بأقصى جهد لإعادة البلاد إلى توازنها السياسي الذي فقدته في أحداث حزيران/يونيو 1978م ومعالجة أسباب الصعوبات العديدة التي تمرّ بها الأوضاع الداخلية مما شرحته في مذكراتي في كتاب «عدن من الثورة إلى الدولة» بجزأيه."

المؤتمر الثالث لجبهة الصمود


و يستطرد الرئيس علي ناصر حول المؤتمر الثالث  والرابع لجبة الصمود  وبعض نتائج كامب ديفيد.. حيث قال  :" كان عليّ بصفتي، وقد أصبحت رئيس مجلس الرئاسة، حضور القمة الثالثة لدول الصمود والتصدي التي انعقدت في دمشق خلال الفترة في 20 أيلول/سبتمبر 1978م، وهي القمة الأولى التي أشارك فيها لهذا التجمع...
في دمشق، استُقبلت بحفاوة رسمية وشعبية، وكان الرئيس حافظ الأسد في مقدمة المستقبلين. وفي مساء اليوم نفسه اجتمعت به في مقر إقامتي، وبحثنا آخر التطورات في المنطقة العربية والنتائج التي خرج بها مؤتمر «كامب ديفيد» وردود الأفعال العربية تجاهه، والخطوات المطلوب اتخاذها لمجابهة مختلف الخطوات الاستسلامية في المنطقة.. وتناول البحث أبضاً الترتيبات الخاصة بمؤتمر الصمود والتصدي. حضر المؤتمر كل من الرؤساء حافظ الأسد، هواري بومدين، معمر القذافي والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.
قدَّم وفدنا مذكرة إلى المؤتمر في جلسته الأولى تناولت تطور الأوضاع في المنطقة العربية والدولية، وموقف اليمن الديمقراطية منها.

إدانة كامب ديفيد

ويضيف الرئيس ناصر بقوله :" بعد ثلاثة أيام من البحث والنقاش، توصلت القمة الثالثة لجبهة الصمود والتصدي إلى قرارات تؤكد فيها أن سياسة الرئيس السادات ونتائج كامب ديفيد تمثل امتداداً للتآمر على الأمة العربية وقضية فلسطين وحقوق شعبها، وأن موقف السادات يُلحق ضربة بالتضامن العربي حين أخرج مصر من ساحة الصراع العربي الإسرائيلي على الصعيد الرسمي وتخلّى عن المفهوم العالمي للسلام العادل في المنطقة الذي يقوم على أساس الانسحاب الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة والاعتراف بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وخصوصاً حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني وعاصمتها القدس.
أقرّ مؤتمر دمشق إعلان مبادئ الجبهة القومية للصمود والتصدي وأهدافها ومؤسساتها وقطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع النظام المصري، بما في ذلك المؤسسات والأفراد والشركات التي تتعامل مع العدو الإسرائيلي. وأكد ضرورة اتخاذ الإجراءات العملية لدعم قوى الصمود التي تشكل سورية قاعدتها الأساسية، والعمل على توفير جميع المستلزمات لإعادة التوازن الاستراتيجي إلى المنطقة بعد خروج النظام المصري من ساحة الصراع مع العدو..


المؤتمر الرابع لجبهة الصمود

واستدرك الرئيس ناصر حديثه قائلا :" قمة طرابلس كانت الرابعة، وقد أكدت استمرار الصمود والتصدي في مواجهة الأخطار المحيطة بالأمة العربية، وقد دعا بيانها الحكومات العربية إلى إعادة النظر في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية، وأهاب بالجماهير العربية لتصعيد كفاحها ضد هذه القواعد. وأكدت القمة تشكيل مؤسسات الجبهة القومية للصمود والتصدي الواردة في إعلان دمشق وهي: القيادة العليا، اللجنة السياسية، اللجنة الإعلامية والقيادة العسكرية. وأكدت دعم مؤتمر الشعب العربي العام وإدانتها جميع المحاولات الهادفة إلى شقّه أو النيل من وحدته. وكانت هذه الإشارة موجهة إلى بغداد التي انعقد فيها «مؤتمر قومي للشعب العربي» آخر في آذار/مارس 1980م، ورغم أن المؤتمر المذكور انعقد تحت شعارات قومية، لكنه في الواقع كان يهدف إلى التحرك في الاتجاه المعاكس لجبهة الصمود والتصدي، وفي اتجاه التنصل من قرارات مؤتمر القمة العربي الذي عقد في بغداد في تشرين الثاني/نوفمبر 1978م، كما جاء في ردّ الأمانة الدائمة لمؤتمر الشعب العربي على مؤتمر بغداد وبيانه القومي.

ومضى  يقول :" كلّف مؤتمر طرابلس العقيد معمر القذافي الاتصال بالاتحاد السوفياتي باسم الجبهة القومية للصمود والتصدي لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين الاتحاد السوفياتي والجبهة، بما يؤدي إلى مزيد من الدعم العسكري والسياسي لجبهة الصمود وإعادة التوازن العسكري والسياسي إلى المنطقة، وكذلك توثيق العلاقات وتعميقها بين موسكو ودول الجبهة.
عاد عبد الفتاح إسماعيل من قمة طرابلس، وبعدها قدم استقالته (وهو ما تناولت تفاصيله في كتابي عن الدولة في اليمن الديمقراطية) من رئاسة الدولة والأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني، وتوليت المنصبين بعد انتخابي من قبل «اللجنة المركزية» و«مجلس الشعب الأعلى».
وتابع الرئيس ناصر حديثه وقال :" في الدورة الثالثة عشرة لمجلس منظمة التضامن الأفرو - آسيوي التي انعقدت في عدن في شهر آذار/مارس 1981م، تحدثت في خطابي الذي افتتحت به المؤتمر عن جبهة الصمود والتصدي وعن رفض شعوبنا اتفاقية كامب ديفيد التي لم تؤد إلى السلام، ولم يكن ذلك هدفها، ولكنها فتحت المنطقة على مصراعيها للتغلغل الإمبريالي، وأدت إلى إحداث انشقاقات وانقسامات في جسم الوطن العربي. وبعدما انكشفت الحقيقة ووصل أطراف كامب ديفيد إلى طريق مسدود بالنسبة إلى قضية الشرق الأوسط، جرت محاولة ما يُسمّى «المبادرة الأوروبية» التي رفضناها. ولذلك فقد أكدت أن الحلّ العادل والشامل لا يمكن أن يتحقق إلا بالاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني الذي يناضل بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في سبيل تحقيق أهدافه الوطنية، بما في ذلك حقه في إقامة دولته الوطنية المستقلة وذات السيادة واستعادة الأراضي العربية المحتلة. وأشرت إلى أن المقترحات السوفياتية التي أعلنها ليونيد بريجنيف في المؤتمر الـ (26) للحزب الشيوعي السوفياتي بشأن حلّ مشكلة الشرق الأوسط، تُعَدّ من وجهة نظرنا مقترحات واقعية وعملية لإيجاد حلّ عادل وشامل للوضع المتفجر والمتأزم في منطقة الشرق الأوسط. شارك في هذا المؤتمر عدد من الشخصيات العالمية.

بعض نتائج كامب ديفيد

لم تقتصر آثار الصلح المنفرد مع إسرائيل على مصر وحدها، بل على الوطن العربي. ففي 24 أيار/مايو 1981م قام الرئيس أنور السادات بزيارة قيل إنها ودية للخرطوم، واجتمع بالرئيس السوداني جعفر النميري. أكد الرئيسان تطابق وجهة نظرهما التام، وحرصا في مؤتمر صحفي على أن يقولا: «إننا سنقدم إلى الولايات المتحدة ما تريده لمساعدتها على الوصول إلى أي بلد، حتى إلى إندونيسيا، ورحبا بقوات التدخل السريع الأميركية وأكدا أنهما سيقدمان لها التسهيلات كافة». وقال السادات إن الولايات المتحدة طلبت منه السماح بمرور طائرات «أواكس» طلبتها السعودية عبر الأجواء المصرية وإنه وافق على ذلك». وشنّ السادات ونميري هجوماً شديداً على دول جبهة الصمود والتصدي والثورة الفلسطينية لمعارضتها اتفاقيات كامب ديفيد.
في السابع من حزيران/يونيو 1981م أغارت الطائرات الإسرائيلية على بغداد، فدمّرت المفاعل النووي العراقي، وقد نددنا بذلك في بيان أصدرته وزارة الخارجية يوم 10 حزيران/يونيو. جاءت الغارة بعد عدة أيام فقط من زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن لشرم الشيخ والاجتماع بالرئيس أنور السادات. وقد أثارت زيارته ردود فعل عنيفة في الوطن العربي والأراضي المحتلة.

القمة الأخيرة!

و يردف في  حديثه  وقال :" كان علينا أن ننتظر بضعة أشهر منذ أن أطلقت دعوتي إلى عقد قمة جديدة لدول جبهة الصمود والتصدي، لتأتي ظروف العدوان الأميركي على ليبيا، والعدوان الإسرائيلي على لبنان وعلى المقاومة الفلسطينية، ويصبح عقد مؤتمر قمة الصمود الخامسة أمراً لا مناص منه بعد أن تجاوزت الاعتداءات الأميركية والإسرائيلية كل الحدود المعقولة وتُوِّجت بإعلان التحالف العسكري بين واشنطن وتل أبيب. عقد المؤتمر بطلب من الجماهيرية الليبية تنفيذاً للمادة الرابعة من ميثاق جبهة الصمود والتصدي المُقَرّ في المؤتمر الثاني للجبهة بدمشق في أيلول/سبتمبر 1978م.
انعقد المؤتمر في مدينة بنغازي الليبية في الفترة بين 16 - 18 أيلول/سبتمبر 1981م، وصدر بيان ختامي أكد أن التحالف الإسرائيلي الأميركي يرمي إلى تصفية القضية الفلسطينية وترسيخ الكيان الصهيوني، وإسقاط أية إمكانية لإقامة سلام عادل، وفرض الهيمنة الأميركية الإسرائيلية على المنطقة، وتعريض الوجود القومي للأمة العربية لخطر التصفية. ويرمي أيضاً إلى جعل المنطقة العربية قاعدة أميركية متقدمة ضد سائر قوى التقدم والتحرر في العالم، خصوصاً في آسيا وإفريقيا.

ويواصل حديثه :" اتخذ المؤتمر عدداً من القرارات، منها دعوة الدول العربية في مؤتمر القمة العربية القادم إلى اتخاذ إجراءات رادعة ضد الدول العربية المتعاونة مع نظام السادات والكيان الصهيوني، واعتبار الولايات المتحدة في حالة مواجهة مع الأمة العربية، ودعوة الحكومات العربية إلى إعادة النظر في علاقاتها بهذه الدولة. كذلك دعا إلى اعتبار التحالف العسكري الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي مشاركةً من جانب الولايات المتحدة في احتلال فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، واعتبار الوجود العسكري الأميركي بكل أشكاله في الوطن العربي معادياً للأمة العربية، ويجب العمل على محاربته وإزالته. وطالب بالعمل على استخدام جميع الإمكانات الاقتصادية العربية، بما فيها النفط والأرصدة العربية في المصارف الأميركية لمواجهة التحالف الجديد للولايات المتحدة والكيان الصهيوني. وأكد أن السلام الشامل والكامل هدف الأمة، وطالب بدعم وحدة لبنان واستقلاله وعروبته، وحماية المقاومة الفلسطينية ودعمها، وطالب بحشد جميع الإمكانات لمساندة الجماهيرية ضد العدوان.

على كل حال، فإن مهمة التصدي لهذه السياسة أو مواجهة أعباء الحرب مع العدو الصهيوني لم يكن بمقدور عدد ضئيل من الدول العربية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة القيام بها، لكن يكفي هذه الدول أنها تحت ثقل تطورات الأحداث قالت (لا) لزيارة السادات لإسرائيل ولاتفاقيات كامب ديفيد، في الوقت الذي كان فيه الآخرون على الجانب الآخر يباركونها سراً! وفي النهاية اغتيل السادات في تشرين الأول/أكتوبر 1980م، وعادت العلاقات بين مصر والعرب دون أن تُلغى اتفاقيات كامب ديفيد، لكن مصلحة استعادة مصر أو العودة إليها كان لها الأولوية في ما يبدو. وفي النهاية انتهت جبهة الصمود والتصدي من غير إعلان، ولم يُصرّ أحد على بقائها، إذ إن الجميع لا يريدون البقاء خارج النظام الإقليمي العربي الذي اعتادوه، ولم تكن هناك رغبة جادة، بالرغم من كل الانتقادات في الخروج من هذا النظام أو ابتكار نظام جديد لا توافق عليه كل الدول العربية، لأن ما ينتظرها خارجه كان مجهولاً.
انتهت جبهة الصمود من حيث بدأت في أرض الجماهيرية العظمى، ولم يتجاوز تأثيرها البيانات والتصريحات والخطب، لأن قيامها لم يرتبط برؤية استراتيجية وبموقف فعلي وجادّ في مواجهة كامب ديفيد وإسرائيل، وحتى على صعيد التعاون بين هذه الدول، حيث لم يتجاوز نشاطها اجتماعات القمة وإصدار بياناتها الطنانة الرنانة، وتبادل للقبلات أثناء الاستقبال والتوديع، وكلمات المجاملة على الطريقة العربية، وكانت جبهة الصمود بمنزلة الرعد والبرق بلا مطر." 
( للحديث بقية )