آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-04:41م

ملفات وتحقيقات


تقرير.. كهرباء عدن في رمضان: الظلام يجمعنا

الإثنين - 20 مارس 2023 - 05:39 م بتوقيت عدن

تقرير.. كهرباء عدن في رمضان: الظلام يجمعنا

((عدن الغد))خاص.

تقرير يرصد تحذيرات مؤسسة كهرباء عدن بشأن العجز في قدرتها التوليدية.

هل ثمة استجابة لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحذيرات مؤسسة كهرباء عدن؟

ما مدى اسهام الفساد ونقص الإرادة السياسية في تدهور قطاع الكهرباء؟ 

كيف سيستقبل مواطنو عدن شهر رمضان.. بالكهرباء أم بدونها؟

كم نسبة العجز في كهرباء عدن عند الذروة؟ وبم وصف محافظ البنك المركزي قطاع الكهرباء؟

ما مساوئ الطاقة المشتراة وما الحلول الممكنة؟

كهرباء عدن تحذر: ظلام دامس بانتظار المدينة!

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 (عدن الغد) القسم السياسي:

اعتاد المواطنون في عدن والمحافظات الجنوبية طيلة السنوات الثمان الماضية على درجة الحرارة الحارقة خلال فصل الصيف وسط تدهور الخدمات، غير أن الوضع يزداد سوءا قبيل رمضان المبارك من كل عام، مع تزايد المطالبات الشعبية بتحسين الخدمات ومنها الكهرباء والمياه.

ومع قدوم رمضان هذا العام حذرت مؤسسة الكهرباء الحكومية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن- مساء الثلاثاء- من أن المدينة على شفا الدخول في ظلام دامس بسبب قرب نفاد وقود محطات الكهرباء.

وذكرت المؤسسة في بيان أن توربين توليد محطة بترومسيلة الرئيسي خرج عن الخدمة جراء نفاد الوقود الخام، في وقت بدأت المحطات الأخرى فعليا في خفض التوليد للحد الأدنى، بعد أن أوشك مخزونها من مادتي الديزل والمازوت على النفاد، ولم تتلق دفعات وقود جديدة لتأمين استمرار الخدمة.

ودعت مؤسسة الكهرباء المجلس الرئاسي والحكومة إلى سرعة التدخل، لتأمين وقود محطات الكهرباء، ومراعاة قرب حلول شهر رمضان، إذ تسعى المؤسسة لتحقيق استقرار التيار الكهربائي، وأكدت المؤسسة أن عدم توفر الوقود، بات يهدد بدخول المدينة في ظلام دامس.

ثقب أسود يبتلع منح الدعم

وصف محافظ البنك المركزي أحمد غالب في تصريح سابق لقناة اليمن الفضائية وقود محطات الكهرباء بالثقب الأسود الأكثر التهاما لموارد الدولة، وكل الصادرات النفطية لا تكفي لتغطية وقود الكهرباء، وإن هذا القطاع استنزف معظم احتياطيات البنك المركزي.

وأكد غالب أن قيمة الوقود شهريا بلغت مائة مليون دولار.

وطالب غالب بتصحيح الوضع الذي وصفه بالمختل، أو تحرير هذا القطاع بحيث يترك للقطاع الخاص.

وفي يوليو 2021 قال محمد اليحيا نائب مدير عام البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في عدن، لوكالة (رويترز)، إن إجمالي قيمة منح المشتقات النفطية لقطاع الكهرباء التي قدمتها السعودية لليمن بلغ 4 مليارات و200 مليون دولار.

وفي يونيو2022 أعلنت السعودية عن منحة جديدة من المشتقات النفطية لمحطات الكهرباء الحكومية في المحافظات المحررة بقيمة 200 مليون دولار.

وخلال الفترة من 2017 حتى 2022 أعلن البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن على موقعه أنه نفذ 27 مشروعا في قطاع الطاقة والكهرباء بقيمة 532 مليون دولار.

على الرغم من هذا الدعم المهول لقطاع الكهرباء إلا أن هذا القطاع ظل يعاني من سوء الخدمة والانقطاعات المتكررة، وخصوصا في فصل الصيف من كل عام، ولا مؤشرات لتعافي هذا القطاع.

 

إنفاق باهظ.. وأرقام متضاربة!

في مقابلة تلفزيونية قال محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي إن الحكومة تنفق على كهرباء حضرموت مليونا و200 ألف دولار يوميا، وعلى كهرباء عدن مليونا و600 ألف دولار.

وفي مقابلة أخرى لمحافظ عدن، أحمد لملس، أجاب عن تساؤلات الشارع العدني فيما يخص كهرباء المدينة بالتالي: الملف تتحمله الحكومة، لكننا سنتدخل بقوة لإنقاذ المواطن.

ورهن لملس الحلول بالاستغناء عن مولدات الديزل والطاقة المشتراة، وصيانة المحطات الحالية، والعمل على تشغيل محطة بترومسيلة، ومعالجة الفاقد منها، وإنهاء ظاهرة الربط العشوائي، والتزام المواطنين بسرعة سداد فواتير الاستهلاك.

في 22 يونيو 2022، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، عقب احتجاجات شعبية في عدن والمحافظات الجنوبية: لقد تابعت بألم شديد، واهتمام بالغ الاحتجاجات الشعبية في مدينة عدن الحبيبة، وأتفهم أسبابها ومبرراتها، وأعدكم أنني وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي سنبذل كل جهد لاتخاذ كل ما يمكن عمله، وبذل المزيد من الجهود لأجل الحصول على مساعدات استثنائية عاجلة من أشقائنا للتخفيف من هذه الأزمة الخانقة في قطاع

الكهرباء.

وأكد العليمي في كلمته أن قطاع الكهرباء يحتاج إلى تدخلات سريعة، بعيدا عن كل فساد وروتين وبيروقراطية، عرقلت كل المحاولات السابقة، وكذلك التفكير في خلق الفرص والحلول لمواجهة هذه المعلومات.

ووجه العليمي بتوفير الاحتياجات العاجلة لمواجهة أزمة الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن بالتنسيق مع السلطة المحلية والجهات الحكومية المعنية.

وجاءت التوجيهات عقب تقرير قدمه وزير الدولة محافظ عدن أحمد لملس حول وضع منظومة الكهرباء في المحافظة، وكذا عن كيفية مواجهة الاحمال الإضافية خلال فصل الصيف، والتخفيف من معاناة المواطنين.

وشددت التوجيهات على تأمين المخزون اللازم من شحنات الديزل والمازوت، وإعادة تشغيل المحطات المتوقفة، والمستأجرة، وربط محطة بترومسيلة بطاقتها الكلية.

 

نقابة الكهرباء تدعو للاستغناء عن الطاقة المشتراة!

في 30 مايو 2022، دعت النقابة العامة لعمال كهرباء عدن جميع أبناء المدينة والاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب وكل فئات المجتمع المدني والمنظمات إلى التضامن معها وتنفيذ وقفة احتجاجية يوم الأربعاء 1 يونيو2022أمام قصر المعاشيق، لإنهاء هذه المعاناة من خلال الزام الحكومة بدفع 30مليون دولار لمحطة بترومسيلة، لتشغيلها بكامل قدرتها التوليدية (264ميجا).

ودعت النقابة في البيان إلى الاستغناء عن الطاقة المشتراة، وتعهدت بأنها ستقف ضد تدمير كهرباء عدن، وستكشف عن كل من يحاول أن يدعم الطاقة المستأجرة على حساب محطات التوليد الحكومية، ونوه البيان بأن محطة بترومسيلة لا تحتاج إلا إلى صيانة دورية لتشغيلها بثلث المبلغ المرصود لاستئجار الباخرة العائمة.

وطالب البيان بتفعيل ملفات الفساد لدى النيابة العامة بناء على التقارير المرفوعة من قبل رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.

ومن كوارث الطاقة المشتراة أنها تعمل بالديزل الذي يكلف سعر الطن الواحد منه 1400 دولار تقريبا، مقابل 550 دولارا للطن الواحد من المازوت.

وعلى الرغم من الدعم السعودي عبر منح المشتقات النفطية، إلا إن فاتورة إنتاج الكهرباء تكلف حوالى 600 مليون دولار بالسنة، وهو رقم كبير جدا مقابل توليد كهرباء لا يتجاوز 500 ميجا وات!.

تعاظم الفساد.. وحلول ممكنة

يرى مواطنون أن قطاع الكهرباء قد تغول فيه الفساد، وتداخلت فيه الأسماء ذات المصلحة والوزن الثقيل، وغيبت كل إرادة حقيقية وقوية لوقف ما يحدث من عبث.

وتتفاوت جوانب الفساد في هذا الملف بين عقود الطاقة المشتراة، واستبدال المناقصات بالصفقات، وتتعدد الجهات المستفيدة من هذا العبث، ما بين الناقل والمستقبل والقائمين على المحطات، إضافة إلى إهمال الصيانة، والربط العشوائي وتزايد نسبة الفاقد، 

العاملة.

وأوضح أبكر أنه بالإمكان أن تنتج محطة بترومسيلة 250 ميجا وات ومحطة المنصورة بعد التأهيل 50 ميجا وات/ مازوت، ومحطة الحسوة البخارية 45 ميجاوات، ومحطة الطاقة الشمسية والامتناع عن سداد الفواتير للمستهلكين.

وقال مدير إدارة الإعلام في مؤسسة كهرباء عدن نوار أبكر في منشور له بصفحته في فيس بوك: إن خروج توربينين يعني خروج 80 ميجا وات عن الخدمة، وإن أحمال الصيف من المتوقع أن تصل إلى 650 ميجا وات، وإن الانتاج عند الذروة نهارا يصل إلى 450 ميجا وات، وينخفض إلى 320 ميجا وات ليلا، مما يعني أن نسبة العجز في كهرباء عدن تصل إلى 200 ميجا وات وهي سبب الانطفاءات.

ووضع أبكر الحل بقوله: لو كان المجلس الرئاسي يريد حلا لكنا قادرين على إنتاج 445 ميجا وات، هذا الصيف ونستغني عن الطاقة المؤجرة والمحطات 100 ميجا وات.

أخيرا.. تظل الحلول ممكنة متى ما توفرت الإرادة السياسية، والابتعاد ما أمكن من تسيس الخدمات العامة، مع العمل على الاستغناء عن مادتي الديزل والمازوت، واستبدالها بالغاز ومصادر الطاقة البديلة.