آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-11:33م

ملفات وتحقيقات


تقرير: هل لجأ الحضارم إلى التصعيد السياسي كحل أقل كلفة من التصعيد العسكري؟

السبت - 28 يناير 2023 - 06:40 ص بتوقيت عدن

تقرير: هل لجأ الحضارم إلى التصعيد السياسي كحل أقل كلفة من التصعيد العسكري؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يسلط الضوء على تصريحات محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي الأخيرة وردود الفعل حولها..

لماذا يعتبر البعض طرد قوات المنطقة العسكرية الأولى نهاية مشروع اليمن الاتحادي؟

هل تسعى الأطراف المتصارعة في حضرموت إلى إفشال جهود المجلس الرئاسي؟

ما موقف المجلس الانتقالي من تصريحات بن ماضي حول إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى؟

تصريحات بن ماضي تشعل النار من جديد.

(عدن الغد) القسم السياسي:

أثارت تصريحات محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي وحفيظة بعض المسؤولين في الحكومة الشرعية بعد حديثه الأخير حول تواجد قوات المنطقة العسكرية الأولى، اذ قال إنه حان الوقت لإحلال قوات حضرمية بديلة.

وشكك محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي بولاء قوات المنطقة العسكرية الاولى وطالب بإخراجها من وادي حضرموت، قائلا إن "معظم افرادها يتحدرون من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين".

وقال بن ماضي في مقابلة تلفزيونية "اذا كان العدو الذي نجابهه لهؤلاء عدوا، فليذهبوا الى مقاتلته، واذا كان صديقا لهم فكيف نرغب ان يكون صديق الحوثي بيننا؟!".

وشدد على ضرورة تمكين أبناء حضرموت من حماية المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط.. مؤكدا ان البلاد تعيش وضعا استثنائيا، وان لدى أبناء حضرموت تجربة في الخذلان من قبل الجنود الذين يتحدرون من المحافظات الشمالية، في إشارة الى عدم مقاومة الاجتياح المسلح لتنظيم القاعدة على مدينة المكلا في ابريل 2015.

وعين بن ماضي وهو برلماني وقيادي بارز في حزب المؤتمر الشعبي العام، محافظا لحضرموت نهاية يوليو الماضي خلفا لعضو المجلس الرئاسي فرج البحسني.

وتأتي تصريحات بن ماضي بالتوازي مع تصاعد الاحتجاجات التي يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي للمطالبة بنشر قوات محلية في وادي حضرموت، بدلا عن تلك المنضوية تحت ولاية المنطقة العسكرية الاولى بحجة اصولها الشمالية.

وتمثل المنطقة العسكرية الأولى مرتكزا لخلاف وتحديدا بين الحكومة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يحشد ويريد إدخال قواته لوادي حضرموت وإحلالها محل قوات المنطقة العسكرية الأولى.

ومنذُ بداية شهر سبتمبر من العام الماضي 2022م، ومدن وادي وصحراء حضرموت تشهد انتفاضة شعبية واسعة، أبرز مطالبها تمركزت في رحيل قوات المنطقة العسكرية الأولى، وإحلال قوات النخبة الحضرمية بدلاً عنها، في خطوة لتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم العسكرية والأمنية.

> قراءة في التصريحات

كشف تصريح محافظ حضرموت تحولا في الموقف الرسمي المحلي للمحافظة، وهو الموقف الذي ظل طوال الفترة الماضية ملتزما الحديث الخجول أحيانا حيال ما يصدر من اتهامات لقوات المنطقة العسكرية الأولى من قيادات محلية أو جماعات حضرمية محسوبة على مشروع انفصال الجنوب أو مشروع إنشاء دولة حضرموت المستقلة.

ما يمكن قراءته من تصريح محافظ حضرموت هو أن الموقف الرسمي للمحافظة بات مكشوفا، بإعلانه وبوضوح الانحياز ضد القوات الحكومية التي مازال المحافظ جزءا منها، ما يطرح سؤالا مهما مفاده: ماذا يعني أن تكون مسؤولا تمثل الحكومة، وفي ذات الوقت تعلن ما يتناقض مع الأمن القومي للحكومة التي تمثلها؟ وهو سؤال غاية في الأهمية حسب مراقبين يعتقدون أن الصراع على محافظة حضرموت دخل مرحلة جديدة بانحياز القيادة المحلية وإعلانها موقفا صريحا وواضحا، لكن هذا الموقف في ذات الوقت لم يكن مفاجئا، في ظل ما آل إليه الصراع على حضرموت.

ولم تقتصر تصريحات بن ماضي على إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى فقد تطرق الى الحديث عن الثروة النفطية للمحافظة ومبيعاتها حيث قال  انه يتوجب ان يكون لحضرموت نسبة اعلى مما تتحصل عليه اليوم وأن الرئيس السابق عبدربه منصور هادي وجه بضرورة حصول حضرموت على نسبة وقدرها 25% من مبيعات النفط، مشيرا إلى أن النسبة انخفضت الى 20 لاحقا.

ولم تفهم دعوة بن ماضي الحضارم الى الاتحاد حول حضرموت وترك كافة المكونات السياسية الأخرى سوى كانت جنوبية او شمالية الا في سياق إن الرجل من مناصري انفصال حضرموت كدولة مستقلة حيث قال إن الصراعات السياسية في جنوب اليمن منذ العام 1967 اضرت بحضرموت ثم جاءت الأخطاء السياسية اللاحقة في دولة الوحدة لتواصل الاضرار.

بنفس الوقت عاد بن ماضي ليؤكد أن الحضارم ليسوا ضد الوحدة اليمنية ولا ضد الدولة الجنوبية التي قامت عقب 1967 ولكنهم ضد طريقة الأنظمة الخاطئة التي قامت ومارست اعمالا وسلوكيات لا صلة لها بالدولة وأن دعوته لحضرموت ترفض التبعية وبأن حضرموت اليوم لن تكون تابعاً لأي طرف سياسي أيا كان شكله او اتجاهه.

واعلن بن ماضي  ان أبناء حضرموت احرار في تقرير مصيرهم سواء بالوحدة او الانفصال او إقامة دولة حضرمية مستقلة.

> ردود الفعل

لاقت تصريحات ردود فعل كثيرة رسمية وشعبية حيث رأى البعض أن حديثه كان بمثابة حط الملح على الجرح إلا أن أخرين اعتبروا كلامه خارج إطار الدبلوماسية التي يجب أن يتحلى بها أكبر مسؤول في محافظة حضرموت.

سفير اليمن لدى الأردن رد على تصريحات بن ماضي قائلا: "مبخوت بن ماضي أنت رائع وكنت وما زلت محل احترام زملائك وكافة اليمنيين، ولا يتوقع من مثلك خطاب له طابع فئوي، أو جهوي، في هذه الظروف الخطيرة، وإنما خطاب جامع لكل اليمنيين وكل اليمن، وعن كل اليمن وكل اليمنيين، هذا حجمك وذلك قدرك فأنت من الكبار".

وأضاف السفير علي أحمد العمراني "ذلك مستواك الذي نحن على يقين منه، وتحرير المناطق المحتلة من قبل المليشيا الحوثية الإرهابية واجب الدولة التي أنت مسؤول فيها وتحدثت عنها وواجب أبناء القوات المسلحة بكل تكويناتها من كل أرجاء اليمن".

أما المحلل السعودي تركي القبلان فقال إن هناك من يحاول أن يجر حضرموت إلى المشهد الذي عاشته جبهات مأرب ومحاولة إسقاطها، ويتوقع تحقيق مكاسب من ذلك فإنه سيجر المشهد إلى كارثة.

وأضاف "كانت مأرب أمام سيناريو السقوط الكلي وبالتالي سقوط الشرعية، وتبدأ حسابات الانفصال، أو سقوط مناطق من مأرب وهذا ما حصل وأدى إلى إعادة توازنات القوى جنوباً".

وتابع حديثه "حضرموت أمام سيناريو مشابه غير أن الوضع سيكون مختلف، من يتوقع تحقيق مكاسب سيجر المشهد إلى كارثة التداعيات وتقويض الوضع في محافظات عدة".

وتمثل المشكلة في حضرموت واحدة من المشاكل التي توسع فجوة الخلاف بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي وكان المجلس قد عين في مستهل ديسمبر من العام الماضي قيادة جديدة في موقع أركاب حرب المنطقة العسكرية الأولى وأركان حرب اللواء 135 مشاة، في محاولة منه لامتصاص الموقف ضد قوات المنطقة العسكرية الأولى، لكن ذلك لم يؤت ثماره.

واعتبر مراقبون أن تصريحات بن ماضي "غير مسؤولة من مسؤول حضرموت الاول والتي فاحت من خلالها رائحة العنصرية وأثبتت مدى سطوة بعض الأطراف على قرارات المجلس الرئاسي الأخيرة"، حيث أبدى المحافظ انحيازه الكامل لمشروع التقسيم أكثر من كونه محافظاً لحضرموت ورجل دولة وممثلاً لمؤسساتها ورئيساً لهرم السلطة في المحافظة واحد ابنائها متجاهلاً أن الغالبية الساحقة من أبناء حضرموت ترفض عبث كل الأطراف المتصارعة بمحافظتهم الآمنة وزعزعة الاوضاع فيها تحت ذرائع عدة.

ورأى المراقبون أن سقوط حضرموت ودخوله حالة من الفوضى تكريس لواقع مخطط تقسيم اليمن ويعطي مؤشرات في الوقت ذاته ايذاناً بانتهاء مشروع اليمن الاتحادي الجديد اضافة الى ما سيمثله ذلك من اعاقة للعمليات العسكرية باتجاه مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية الحوثية في حال وصلت المفاوضات الساعية لإيجاد حل للازمة اليمنية الى طريق مسدود وبنفس الوقت يمثل ذلك اشغالاً لمجلس القيادة الرئاسي وافشال دوره في تطبيع الاوضاع في المناطق المحررة.

> موقف المجلس الانتقالي

قال رئيس المجلس الانتقالي بوادي حضرموت محمد الزبيدي إن طرد قوات المنطقة العسكرية الأولى أصبح قريباً جداً.

ولفت الزبيدي في تصريحات إلى أن قوات النخبة الحضرمية على مشارف مدينة سيئون ومستعدة للتحرك وإخراج المنطقة العسكرية الأولى.

وعادة ما يقوم المجلس الانتقالي الجنوبي بالتهديد باجتياح وادي حضرموت والسيطرة عليه لكنه يصطدم إما بالتحالف العربي أو الرفض القَبلي.

لكن يأتي الموقف الجديد هذه المرة مع دعم من السلطة المحلية في المكلا، حيث دعا محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي بشكل صريح وواضح إلى مغادرة قوات المنطقة العسكرية الأولى لقتال الحوثيين في الشمال.

وسبق أن صدرت توجيهات من التحالف والجيش اليمني لقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بمغادرة معسكر في سيئون تجنباً لحدوث صِدام، وتحت ضغط من رجال القبائل في المحافظة الغنية بالنفط.

في ديسمبر/كانون الأول الماضي اجتمعت قيادات في التحالف مع قيادة المنطقة العسكرية الأولى، أكد فيها التحالف دعمه للمنطقة العسكرية الأولى وأمان منطقة وادي حضرموت.

وقال أمين عام مرجعية قبائل حضرموت جمعان بن سعد إن المرجعية، تساند التوجيهات الرامية لإخلاء كافة المعسكرات والنقاط الخارجة عن إطار الدولة.

وطالب بن جمعان، بتجنيد أبناء المحافظة، ضمن الإطار الرسمي للدولة عبر وزارتي الدفاع والداخلية.

وأمام هذا التصعيد سياسيا وعسكريا يتوجب على التحالف العربي والمجلس الرئاسي التدخل وعمل الحلول المنصفة لجميع المكونات العسكرية.