آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-02:36ص

ملفات وتحقيقات


تقرير: كيف أثبتت الوثائق المسربة فساد وزارة التعليم العالي بنهب المنح الدراسية؟

الأحد - 04 ديسمبر 2022 - 06:22 ص بتوقيت عدن

تقرير: كيف أثبتت الوثائق المسربة فساد وزارة التعليم العالي بنهب المنح الدراسية؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يسلط الضوء على فساد وزارة التعليم العالي واستحواذ أبناء المسؤولين على المنح الدراسية الخارجية..

لماذا تسابق المسؤولون على سرقة المنح الدراسية المقدمة للطلاب المستحقين؟

كيف اجتاح الغضب العارم مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية نشر وثائق الفساد؟

هل انتهى زمن السماسرة وقام المسؤولون بمهمة الفساد على أكمل وجه؟

في حين تدعي الحكومة أنها ستبدأ بمكافحة الفساد يأتي الفساد منها.. أين الخلل؟

أين دور الحكومة والنائب العام وجهاز المراقبة والمحاسبة؟

إذا تجذر الفساد في أعلى وزارة تعليمية.. فماذا ننتظر من تقدم ورقي؟

الفساد العاري في التعليم العالي!

(عدن الغد) القسم السياسي:

لن تنهض أي أمة وتلحق بركب الأمم المتقدمة إلا إذا فعلت نظام المراقبة والمحاسبة، وقضت على منابع الفساد والمحسوبية.

وأخبث الفساد ما كان متجذرا عند الوزراء والمسؤولين ومن لهم صلاحيات واسعة في الدولة، وفي الآونة الأخيرة تصدر أبناء المسؤولين في الحكومة الشرعية قائمة المنح الدراسية الممنوحة لليمن في الخارج.

> فساد من الداخل

أظهرت صور نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وثائق توضح تصدر أبناء مسؤولين في الحكومة الشرعية ومؤيدين لها، قائمة المنح الدراسية.

هذا الغضب العارم اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن على خلفية نشر وثائق فساد تدين وزارة التعليم العالي بنهب المنح الدراسية، حيث ضجتْ مواقع التواصل الاجتماعي أمس الجمعة بالعديد من المنشورات الغاضبة من منحِ أبناء المسؤولين في الدولة منحاً دراسية في الخارج على حساب من هم في الوطن وأصحاب الدرجات العالية.

وهذا الغضب والسخرية على خلفية نشر وثائق فساد تدين وزارة التعليم العالي في الحكومة بفضيحة فساد مدوية متعلقة بطريقة توزيعها الوزارة للمنح الدراسية.

وأظهرت الوثائق الرسمية حجم الفساد والمحسوبية في المنح الدراسية من الحكومة وحصرها في متنفذين ومحسوبين على الحكومة.

وتسابق المسؤولون في الشرعية على سرقة المنح الدراسية المقدمة للطلاب المستحقين للتعليم ومنحوها لأولادهم في فساد لا يمكن تبريرهُ أبدا ويستدعي تحركاً كبيرا من قبل مجلس القيادة الرئاسي لوقف هذا الفساد والعبث في وزارة التعليم العالي.

ومؤخراً باتت المنح الدراسية تذهب بعيدًا عن الطلاب أصحاب الدرجات العالية وأصحاب الخبر الكبيرة والذي سيعودون بالنفع على اليمن أن أعطوا هذه المنح بعيدا عن اعطاها أبناء المسؤولين والوزراء في الحكومة.

> زمن السماسرة انتهى.. المسئولون يقومون بالمهمة!

كان الفساد محترما بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وقد تمثل في المتاجرة العلنية بالمنح الدراسية وبتسعيرات خاصة، وكانت هناك عمليات ابتعاث لطلاب بمعدلات متدنية، في صورة أخرى للتحايل على القانون، في الوقت الذي لا تعتبر وزارة التعليم ذلك فساداً.

فقد ازدهر نشاط سماسرة التعليم العالي وتجار المنح الدراسية، حيث يُقايض مستقبل وطن بحفنة من المال الرخيص لصالح بعض المنتفعين.

فهناك في أروقة وزارة التعليم العالي ومحيطها حيث تلتقي المصالح وتبرم الصفقات تتوارى معايير الكفاءة والجدارة بالابتعاث أمام سلطة المال وحضور الجاه والنفوذ.

بعض تلك الفرص تذهب لذوي القرابة والمسئولية والمصالح المشتركة وبعضها يذهب لذوي الدرجات الدنيا وبعض المتعثرين على حساب كثير من المستحقين.

ونتيجة لسياسة الابتعاث العشوائي والتلاعب بالمنح الدراسية لجأ كثير من الطلاب للتظلم أمام الأجهزة الرقابية واتجه البعض الآخر لرفع دعاوى قضائية أمام المحكمة الإدارية ضد وزارة التعليم العالي، لكن الأخيرة تمكنت من امتصاص الغضب وتسوية بعض القضايا دون إنهاء عملية الابتعاث العشوائي.

وفي الوقت الذي كانت الوزارة تتعهد بعدم اجتماع اللجنة للبت في طلبات الاستمرارية أصدرت أكثر من خمسين قرار ابتعاث لبعض الطلاب بشكل مباشر وبدون الحاجة لأي لجان.

ولا يمكن إنكار وجود سماسرة من داخل وزارات أخرى للمتاجرة بالمنح الدراسية واستخراج قرارات الابتعاث في غضون فترة وجيزة، ولكن لكل شيء ثمنه، وهذه الإجراءات الروتينية مملة وطويلة توضع أمام المتقدمين لاستيفائها، فيما يماطل المختصون في إكمال معاملات الطلاب ويبتكرون الأعذار الواهية وقد تضيع وثائق الطلاب أو حتى ملفاتهم وأحياناً تخلو مكاتب الوزارة من المختصين، ووسط تلك المتاهة يتطوع أحدهم بالمساعدة في همس قائلاً: كم تدفع لترى معاملتك النور؟!.

واللافت أن عمليات السمسرة والمتاجرة بالمنح الدراسية تتم تحت سمع وبصر الوزارة والأجهزة الرقابية الممثلة فيها، إذ لا أحد ينكر حدوثها، والأغرب من ذلك أنه بات للمنح الدراسية تسعيرة خاصة في عالم السمسرة متعارف عليها لدى الجميع.

هذا هو فساد السماسرة، الذين كانوا يقومون باستخراج عشرات المنح الدراسة خارج القانون وبيعها او توزيعها على أقارب المسؤولين وأصدقائهم.

بهذا الاسلوب وبتلك الطريقة يريدون ان يقولوا لنا "فاسدو هذه الوزارة هم الذين جعلوا المنح الدراسة متاحة فقط لمن يستطيع الدفع ولمن يمتلك الدولار"!.

وذلك ما أثار ضجة اعلامية، ولكن ما إن ينسى الناس احدى تلك الفضائح حتى تفاجئنا الحكومة بفضيحة اكبر واكثر جرأة وفسادا، وكانت آخرها فضيحة فساد بيد قيادة وزارة التعليم العالي وليس بيد السماسرة، فزمن السماسرة انتهى!.

في عملية فساد ضخمة لم يسبق لها مثيل، قامت الشرعية قبل عامين بإضافة واعتماد نحو 2000 منحة دراسية خارج القانون وبعيدا عن شروط وبرتوكولات الوزارة.

وذلك ما كشفه البروفيسور أيوب الحمادي، الذي قال إن الشرعية أضافت حدود 2000 منحة دراسية خارج القانون في عام واحد اي بما يعادل اربعة ارباع.

وأكد الحمادي في منشور له على الفيس بوك: "ان عملية الفساد تلك لم تحدث حتى ابان حكم نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح ولا حتى ربعها"، على حد قوله.

وأضاف: "وصل عدد المنح خلال ربع واحد (ثلاثة أشهر) إلى 585 منحة تم اعتمادها في كشوف المنح الرسمية، فنائب الرئيس (علي محسن الأحمر) أخذ 8 منح، بموجب توجيهات باعتمادها من جانبه، فيما اعتمدت لرئيس الوزراء 65 منحة، ونائبه منحتان، اما وزير التعليم العالي فحسبت عليه 194 منحة ونائبه 57 فيما توجيهات الوكيل اعتمدت 250 منحة لمعالي جنابه، وهناك أطراف أخرى تصرف وتوجه لاعتماد منح تحت بنود اخرى وصلت إلى نحو 13 منحة".

وأشار أن هذه المنح التي وصلت الى 585 منحة- ويحتفظ بوثائقها- تم اعتمادها بصورة مخالفة لقانون البعثات الدراسية وخارج شروط المفاضلة.

وذكر الحمادي أن الوزارة رفضت أن تعطيه بيانات لإجمالي عدد الطلبة المبتعثين في الخارج وتوزيعهم على المحافظات، معللا بصورة ساخرة "بحكم ان ذلك من أسرار الدولة".

وعن عملية الفساد الحكومي المتراكم في كل المرافق، قال مراقبون أينما تولي وجهك ستجد فسادا حكوميا في الإدارة والمال، الى درجة انك ستستغرب ان وجدت مرفقا او دائرة تعمل بنزاهة او اخلاص.

وذلك ما أوصل البلاد الى حافة الهاوية او في عين الهاوية ذاتها، على حد وصفهم.

> القشة التي قصمت ظهر البعير

لعل تضارب المصالح جعل البعض يكشف أوراقه، وكما يقال عندما تنتهي المصالح تبدا الأحقاد، فمع الأسف أصبح مسؤولنا ينظرون إلى كراسي السلطة وكأنها ملك خاص وليس ملكا عاما، لم يدركوا- أو أدركوا ولكنهم يتغاضون- أن جلوسهم على هذه الكراسي إنما لخدمة الناس ونفع البلاد حتى صار بعضهم إذا قُدر وغُير من منصبه لأي سبب كان بدأ بالتحرك ويكشف أوراقه بدافع الوطنية- زعما منه- ويفضح فساد تلك الوزارة التي كان هو أحد أعمدتها!.

وبداية (نكش عُش الدبور) عندما كلف وزير التعليم العالي الدكتور خالد الوصابي مديرا عاما جديدا للبعثات، عندها بدأت تخرج تسريبات الفضائح، وكشف فساد الوزارة، قرار التكليف جاء ردة فعل على كشف ملفات فساد في الوزارة، حيث خرج سالم الطاهري مدير البعثات السابق عن صمته وخاطب رسمياً رئاسة الوزراء والرقابة والمحاسبة بفضيحة تمرير 170 منحة دراسية جديدة مخالفة للقانون كلفت الدولة ربع مليون دولار... ولم يتم اتخاذ أي إجراء، وأخرج الطاهري وقائع فساد الوزير ولجنة الجفري الوكيل وصارت القضية في متناول الجميع وجن جنون الوزير والوكيل.

وشنّ وزير التربية السابق الدكتور عبدالله سالم لملس هجوما قويا على فساد وزارة التعليم العالي، حيث قال: "عندما كان الوصابي نائبًا للوزير، قام بنشر الغسيل (التلاعب بالمنح) متهماً بالفساد باسلامة الوزير والجفري الوكيل، بعدها ترأس لجنة تحقيق بسرقة مارم سفيرنا بمصر لمنح الطلاب الاوائل ولم يرفع تقريرا بل وربط علاقة مصلحة مع السفير! ثم صار الوصابي وزيرا واحتضنه الجفري الوكيل وتبخرت الخصومة  ليصبحوا (لوبي) خطيراً!".

وأضاف: "كلف الوصابي الوزير الصندوق الأسود رمزي المخلافي ليصبح مدير مكتب الوزير ورئيس وحدة تنفيذ المشاريع الممولة خارجياً، وكمان نائباً للرئيس في لجنة الجفري الوكيل للمتاجرة بالمنح وتم استبعاد مدير عام البعثات سالم الطاهري لتتسهل اعمال السمسرة والاضافة والتمرير بعضوية عبدالرقيب مدير مكتب الجفري الوكيل كنائب لمدير عام البعثات وتوقيعه بدلاً عن الطاهري المدير!.. لا رقابة ولا محاسبة وصمت حكومي (رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، جهاز الرقابة، هيئة الفساد ونيابة الأموال)!".

في حين تدعي الحكومة أنها ستبدأ بمكافحة الفساد، جاء ذلك على لسان رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبدالملك الذي اكد مضي الحكومة في اتخاذ إجراءات حازمة لمكافحة الفساد، وان الحكومة وبدعم قوي من مجلس القيادة الرئاسي ماضية في اتخاذ اجراءات عملية وحازمة لمكافحة الفساد، وتفعيل سلطة القانون على الجميع دون استثناء، وتصويب عمل مؤسسات الدولة، ضمن برنامج الإصلاحات الشامل، ويتساءل متابعون أين تلك الإصلاحات؟ هل وجهت إلى وزارة التعليم لاجتثاث الفساد المستشري فيها؟!".

ولم يقف السياسيون والإعلاميون تجاه هذه المهزلة والفساد المنظم وغير المبرر في وزارة التعليم العالي، بل دافعوا عن حقوق المظلومين، وكشفوا فضائح المنح الدراسية المنهوبة، حيث علق عضو مجلس الشورى الشيخ علي حسين البجيري على التلاعب بالمنح الدراسية التي يتصدرها ابناء المسؤولين في الحكومة.

وقال البجيري في تعليقه "المنح الدراسية في اليمن تمنح لأبناء الوزراء والمسؤولين الأخرين وابناء الشهداء والفقراء المساكين الذين يعدون من الاوائل محرومين من اي منحة دراسية!".

وأضاف البجيري متسائلًا "اين انسانيتك يا وزير التعليم العالي وماذا ستقول لربك يوم اللقاء يجب ان تكون المنح الدراسية والدورات العسكرية والمدنية بالنسب المتساوية للجميع؟!".

ويرى الكاتب فلاح أنور في مقالة له أنّ توزيع دول المنح على أبناء المسئولين واحفادهم لم يأت عبثا بل جاء وفقا للمرتبة السياسية لذويهم، فهناك لأوروبا وامريكا وكندا، وهناك لدول شرق وجنوب آسيا، وهناك لتركيا والهند وباكستان، وهناك لمصر والمغرب والجزائر ودول الخليج، والمعيار مكان تواجد أسرة المسؤول وليس كفاءة الطالب ولا الاحتياج للتخصص.

وقال: "هناك تخصصات متواجدة في الجامعات اليمنية ولا داعي للإنفاق على تلك المنح بملايين الدولارات من بلد يعاني التدهور الاقتصادي ولا يجد المواطن قوت يومه، وكان يكفي أن يتم توفير حقوق أساتذة الجامعات اليمنية (مرتبات وتسويات) ليؤدوا واجباتهم" .

واستغرب من هذه الجريمة حيث قال: "جريمة بحق التعليم في أشخاص آباؤهم قادرون على تدريسهم في جامعات اكسفورد البريطانية وليس على حساب الدولة، وانما يتسابقون على مبالغ الدولة ويحبون منافسة الفقراء والمساكين من أبناء الوطن".

وطالب مستشار وزير الإعلام أحمد المسيبلي ألا تمنح المنح لابن أي مسؤول أيا كان ولا لابن اي غني أياً كان، حيث قال مستشار وزير الإعلام أحمد المسيبلي في تغريدة له: "المنح الدراسية يفترض ألا تمنح لابن أي مسؤول اي كان ولا لابن اي غني أياً كان".

وأضاف المسيببلي: "وأن تكون لأولاد الشهداء والجرحى الذين قدموا ارواحهم فداء من اجل الوطن ولأولاد المقاومين الابطال الذين يقاتلون في الجبهات مواجهين المليشيات الحوثية الإيرانية ولأولاد الفقراء والمساكين من الشعب".

وتحدث الناشط السياسي- أمين عام مساعد حركة النهضة علي الأحمدي على التلاعب في المنح الدراسية التي يتصدرها أبناء المسؤولين في الحكومة الشرعية.

وقال الأحمدي في تصريحٍ له إن "قضية التلاعب والمحسوبية في الابتعاث الدراسي وغيرها هي مجرد رؤوس لجبال من الجليد المخفية تعد أكثر إضراراً بالوطن والمواطن".

وأشار الأحمدي إلى أن إصلاح الوضع السياسي وفهم الواقع جيداً وبناء مؤسسات الدولة التنفيذية والرقابية هو أولى الأولويات وبدونه سيطال الضرر جميع الأطراف السياسية ومناصريها.

ويبدو أن وزارة التعليم العالي تدحرج من سيء إلى أسوأ، بل أصبحت في القاع بسبب الفساد المستشري فيها بعد هذه الكشوفات التي خرجت من الصندوق الاسود لوزارة التعليم العالي والذي ظهر فيها التلاعب في البعثات الدراسية في الخارج، ولم يظهر مثل هذا الفساد من قبل في توزيع المنح لأبناء وبنات وزوجات وأحفاد المسؤولين السياسيين.. فالحرب لن تنتهي لأنهم مستفيدون من بقائها.

كشوفات طلاب المنح تكشف عورة وزارة وقيادات حكومية فاسدة، وصارت المنح لأبنائهم وبناتهم وزوجاتهم وأقاربهم، وتم حرمان الجامعات اليمنية والمتفوقين من الفقراء والبسطاء.

ووزارة التعليم العالي أصبحت سمعتها في القاع بسبب هؤلاء الفاسدين وقهروا طلابنا الفقراء البسطاء المتميزون وحرمانهم من البعثات والدراسات العليا في الخارج، والذين ليس لديهم خلفيه من مسؤولين السياسة في وطني، ويجب تشكيل لجنة مشتركة، وان يتم سحب مبالغ اولاد المسؤولين والمقتدرين ماديا واعطائها لغير القادرين على دفع رسوم الدراسة لعله يخفف من ذنوبهم والقضاء على الفساد وايضا دعم اوائل طلاب الجمهورية المحتاجين والغير قادرين على مواصلة طلب العلم.