آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-11:27ص

ملفات وتحقيقات


عدن.. انقطاع خدمات "YOU" للاتصالات يخلق معاناة من نوع آخر

الجمعة - 30 سبتمبر 2022 - 03:51 م بتوقيت عدن

عدن.. انقطاع خدمات "YOU" للاتصالات يخلق معاناة من نوع آخر

عبداللاه سُميح – إرم نيوز


اضطر الصحفي اليمني عبدالله مهيم، إلى إرسال شريحة ”SIM“ الخاصة بهاتفه الشخصي أكثر من 540 كم، من العاصمة المؤقتة عدن، إلى محافظة حضرموت؛ لتفعيل تطبيق المراسلة الفورية ”واتس آب“.

جاء ذلك بعدما أصبح ”كود“ رمز التحقق الذي يرسله التطبيق غير متاح في مدينة عدن ومحيطها، في ظل استمرار توقف شبكة ”YOU“ لخدمات الهاتف النقال، منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

وجد ”مهيم“، نفسه فجأة في عزلة تامة عن أي تواصل خصوصا ومع مصادره الصحفية، بعد استبدال هاتفه القديم الذي تعطل دون سابق إنذار بآخر جديد.


وكانت معظم تطبيقاته مفعلة برقمه السابق، وأن تفعيلها مرة أخرى يتم من خلال إرسال ”رمز التحقق“ إلى رقم هاتفه.

وقال في حديث إنه ”لجأ بعد أسابيع من الانقطاع الذي أثر على عمله، إلى إرسال شريحة هاتفه القديمة التي يعتبرها جزءًا من عنوانه، مع أحد زملائه إلى مدينة المكلا، التي تعمل فيها الشركة بصورة طبيعية“.

وأضاف أنه اضطر لذلك ”من أجل الحصول على كود التفعيل الخاص بتطبيق المراسلة الفورية ”واتس آب“، ليتمكن هو بدوره من تفعيل التطبيق في هاتفه الجديد، ليضع حدًا لمعاناته، قبل أن يعود زميله من السفر بأكثر من أسبوع ويعيد إليه شريحة هاتفه“.

وأضاف الصحفي اليمني أن ”رحلة معاناته المستمرة لأكثر من شهر، من أجل خطوة واحدة لا تستغرق ثوان في تطبيق واحد فقط، جعلته يستشعر أهمية التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، ومدى ارتباطها بحياة الناس واحتياجاتهم وأعمالهم“.

وأشار إلى أن الانقطاع المفاجئ لشركة ”يو“ – ”سبيستل“ ثم ”“MTN سابقًا – التي تعد أقدم شركة اتصالات لا سلكية في البلاد بفعل فاعل، دون إيضاح أو تفسير شافٍ على مدى ثلاثة أشهر ”لا يمكن حدوثه إلا في اليمن“.

وبين أنه ”دليل على عدم الاكتراث بمصالح المواطنين وقلة احترام للمستهلكين من قبل الشركة وسلطات البلد“.

وأوقفت السلطات أواخر حزيران/يونيو الماضي، خدمة الشركة اليمنية العمانية المتحدة للاتصالات ”YOU“، التي يقع مركزها الرئيس في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عن عدن ومناطق أخرى قريبة منها تخضع لسيطرة الحكومة الشرعية.

جاء ذلك بسبب انتهاك الشركة ”للسيادة الوطنية، وعدم إبرامها عقودًا أو اتفاقات مع الجهات الحكومية المعنية في المحافظات المحررة“، وفق بيان حكومي نشر سابقا.

إلى ”جانب شروعها في تجهيز أبراج خاصة بخدمة 4G دون علم الحكومة، واستخدام البنية التحتية لشركة ”MTN“ المتهربة من التزامات مادية كبيرة للدولة“.

وكان رئيس الحكومة معين عبدالملك، أكد في اجتماع سابق لمجلس الوزراء، في تموز/يوليو الفائت، البدء بإجراءات رفع دعوى قضائية دولية ضد شركة ”MTN“ على خلفية بيع أصولها في اليمن لشركة عمانية بإجراء أحادي ترفضه الحكومة.

معاناة جديدة

وعلى مدى أشهر من توقف الخدمة الغامض في عدن، اعترضت مشاكل تقنية  الكثير من عملاء الشركة، ودفعت بعضهم إلى التخلي عن رقم هاتفه السابق وبدء رحلة جديدة مع شركة اتصالات أخرى.

وقال ”محمد“ وهو رب إحدى الأسر المنتجة – فضل عدم الكشف الكامل عن هويته – إن ”أسرته التي ظلت طوال الأعوام الأربعة الماضية تعمل في صناعة مختلف أنواع المخبوزات والكيك، فقدت جزءًا من زبائنها بسبب توقف الشركة وانقطاع نافذة التواصل مع المشترين الذين لا يعرفون المنزل، وباتوا يواجهون مشاكل عدة“.

وأضاف أن ”زوجته كانت تتلقى حجوزات الزبائن عبر الاتصال الهاتفي برقم مخصص لهذه المهمة، مرتبط بحساب مالي لدى إحدى شركات الصرافة المحلية، نظرًا لعدم جدية التعامل عبر تطبيق ”واتس آب“ وتلقيهم حجوزات كاذبة“.

وأشار إلى أن ”الانقطاع المفاجئ لشركة ”يو“ دفعهم إلى إنشاء حسابات جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي برقم هاتف جديد، ما أفقدهم بعض الزبائن، وتسبب في خلق بعض الارتباك، نتيجة ارتباط الرقم السابق بالحساب المالي“.

بدورها، تواصلت ، مع جهات مسؤولة في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، للحديث أكثر حول أسباب إيقاف الشركة، وعن تطورات الدعوى القضائية التي قدمتها ”YOU“ ضد الوزارة بعدن، وتهديداتها باللجوء إلى القضاء الدولي.

إلا أنها لم تجد أي تجاوب، بعد أيام من المماطلة والوعود بالرد.

 

بدوره، أكد رئيس مجلس إدارة شركة ”يو“ للاتصالات، عبدالله بن زهران البلوشي، سلامة إجراءات الشركة القانونية ”في مثل هذه التحولات التي تشهدها الشركات، والتي تخضع لسلسلة من الإجراءات الرسمية المعمول بها“ ما أدى إلى الصيغة الحالية للشركة.

ولفت البلوشي إلى تواصل الشركة مع الجهات الحكومية في اليمن دون تلقي أي ردود.

وأوضح في حوار صحفي سابق مع صحيفة ”عدن الغد“ المحلية، نشر قبل أكثر من شهرين، أن ”الشركة لجأت إلى المسار القانوني والذي تأجل البت فيه 3 مرات، مع احتفاظها بحقها في طلب الإنصاف من خلال القانون الدولي“.

”إنذار مسبق“

من جهته، عبر الناشط في الحقوق الرقمية، والرئيس السابق لـ“جمعية الإنترنت في اليمن“، فهمي الباحث، عن اعتقاده أنه كان يجب على السلطات أن تعطي إنذارًا للمشتركين بإغلاق الشركة ووقف نشاطها.

وأكد الباحث أن ذلك من أجل تمكن ”العملاء من البحث عن طرق أخرى لمواصلة أعمالهم، خاصة أن هناك كثيرًا من الحسابات كالبريد الإلكتروني أو صفحات فيسوك أو حسابات إنستغرام أو تويتر وغيرها، مرتبطة بخاصية التحقق الثنائي التي تتم عبر ”SMS“.

وقال ، إنه يتلقى الكثير من التساؤلات من عدن، بسبب عدم مقدرة الأشخاص من الدخول إلى حساباتهم نتيجة فقدانهم الوصول إلى خاصية التحقق الثنائي، ما يجعل إمكانية الوصول إلى صفحاتهم غير ممكنة.

وأضاف: ”الكثير من هؤلاء لديهم مشاريع صغيرة، وهم بحاجة ماسة للوصول إلى حساباتهم، للتواصل مع عملائهم وزبائنهم، إذ لا يمكن إبلاغ الزبائن بالأرقام البديلة أو إيصال إشعار أو إعلان إليهم، فضلًا عن آخرين ترتبط أعمالهم بأرقامهم“.

رسائل خاطئة

وفي وقت تبدو فيه عدن، أكثر حاجة من بين المدن اليمنية إلى استعادة دورها الاقتصادي واستقطاب رؤوس الأموال المستثمرة، نظرًا للمقومات الطبيعية والاستراتيجية التي تمتلكها، إلا أن هناك رسائل خاطئة تبعثها المدينة.

ومن بين هذه الرسائل ”إيقاف شركة أجنبية، ما يؤثر سلبًا على استقبال الاستثمارات ويشير إلى أنها بيئة طاردة للاستثمار الأجنبي والمهاجر“، وفق خبراء اقتصاديين.

وذكر أستاذ الاقتصاد الدولي المشارك بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة عدن، حسين الملعسي، أن إنشاء شركة ”يو“ كأحد الاستثمارات الأجنبية في ظل الأزمة، ”كان حدثًا مهمًا يتطلب تقديم التسهيلات والحوافز والضمانات من قبل السلطات المختصة.

وأضاف الملعسي: ”نظرًا لما تلعبه الشركة من دور هام كمصدر للعملة الأجنبية، وكشركة كبيرة ذات انتشار واسع تطبق تقنية الجيل الرابع كأول شركة في اليمن في ظل ظروف صعبة، ولكن للأسف تم إيقافها في بعض المناطق لأسباب غير اقتصادية أو تقنية“.

وقال، إن ”اليمن مع الأسف، سيظل طاردًا للاستثمار المحلي والأجنبي لأسباب عديدة“.

وتابع: ”يجب على السلطات في عدن العمل بشكل حثيث على تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي ورأس المال المهاجر، لأن مستقبل إعادة الإعمار وتعافي الاقتصاد، سيعتمد بدرجة محورية على خلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي“.

وأشار إلى أن ”الحرب الدائرة في اليمن، وحالة الانقسام السياسي والاقتصادي في البلد منذ 8 سنوات، ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي العام“.


وبين أنها ”حرمت البلد من أحد أهم موارد النقد الأجنبي المتمثل في الاستثمار الأجنبي المباشر ”وبالذات في مجالي النفط والغاز، لتضاف إلى تلك الخسائر الجسيمة ما تعرضت له شركة يو من إيقاف في بعض مناطق البلاد“.

ومساء الإثنين الماضي، عادت شركة ”يو“ للاتصالات إلى العمل في عدن بشكل مفاجئ، لبضع ساعات فقط، قبل أن تعاود توقفها من جديد.

جاء ذلك وسط تأكيدات حكومية بأن العودة جاءت دون تنسيق مع السلطات المعنية، ودون صدور حكم قضائي من المحكمة، وهو ما يزيد هذه القضية غموضًا إضافيًا.