آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-01:18م

من هنا وهناك


الراحل أحمد هائل سعيد أنعم رائد الأعمال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية

الجمعة - 08 يوليه 2022 - 11:45 م بتوقيت عدن

الراحل أحمد هائل سعيد أنعم رائد الأعمال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية

((عدن الغد)): د. عبد القادر مغلس

 

-لم يكن النجاح الكبير الذي حققته مجموعة هائل سعيد أنعم و شركاه مفروشا بالورود، بل كان محفوفا بالمخاطر. و كانت التحديات والعوائق تحيط بالبدايات الأولى لتأسيس هذا الصرح التجاري العملاق من كل جانب. ففي رمضان 1415 الموافق 1995، ضمن سلسلة من الاجراءات التعسفية، أصدرت النيابة العامة أمرًا بالقاء القبض القهري على المفكر الاقتصادي العبقري/ أحمد هائل سعيد أنعم، طيب الله ثراه، في سياق سياسة الابتزاز و التضييق التي كانت تستهدف رأس المال الوطني العريق و التي كانت تسعى الى خلق رأسمال طفيلي يتاجر بلقمة عيش و قوت اليمنيين.
-أتذكر هذه الحادثة في الذكرى العاشرة لرحيل الفقيد الكبير احمد هائل، و انا استرجع الخواطر المكسورة و القلوب المكلومة و الدموع الحزينة التي ذرفتها العيون في 8 يوليو 2012 في وداع المصلح الاجتماعي رائد الأعمال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية " أبو شوقي" ، طيب الله ثراه، بعد حياة حافلة بالانجاز والاعجاز.
-نتذكره بإعجاب، لاننا عرفنا دوره العظيم في بناء الاقتصاد الوطني و عايشنا أعماله الخيرية عن قرب و حرصه على السلم الاجتماعي و السكينة العامة، و نتذكره بحب ايضا لأننا ادركنا عطاءه الانساني اللامحدود، و نتذكره بحفاوة لانه ترك أثرا انسانيا عظيما في حياة الناس ما يزال ماثلا حتى اليوم، من خلال سيرته العطرة و ذكره الطيب.
-وتحل اليوم الذكرى العاشرة على رحيله و التي تصادف مناسبتين عظيمتين في حياة المسلمين، يوم الجمعة و يوم عرفة، وحجاج بيت الله الحرام من مختلف بلدان المعمورة يقفون بين يدي الله على جبل الرحمة الذي تتنزل فيه الرحمة والقبول والمغفرة، في مشهد رباني لطالما أحبه الفقيد شوقا و تقربا الى الله. 
-كان الفقيد أحمد هائل عميق الايمان بالله و قضائه و قدره، وقد جسد ذلك الايمان واقعا معاشا في الحياة من خلال رعاية بالايتام و الاحسان الى الفقراء واصلاح ذات البين و عتق الرقاب و رعايته لحفاظ القرآن الكريم و دعمه لبناء المساجد و اهتمامه بطلبة العلم.
-فقد قضى الفقيد معظم حياته التي امتدت ثمانين عاما، 1932-2012، مع والده، يرحمهما الله، وابن عمه و رفيق دربه عضو مجلس الشورى المحسن الكبير المناضل الحاج  / علي محمد سعيد، متعه الله بالصحة، يعملون ليل نهار و يضعون المداميك المتينة لتأسيس اقتصاد و طني مزدهر. وكانوا يصلون الليل بالنهار  يرسمون ملامح المستقبل لأكبر صرح اقتصادي يمني تشهده بلادنا اليوم، والذي امتد نشاطه المحيط الاقليمي والعربي والعالمي. 
-ويتذكر أبناء تعز واليمن عموما بكل اجلال وعرفان العبقري/ أحمد هائل، هذه الشخصية العصامية و دوره الريادي في بناء و إرساء دعائم الاقتصاد الوطني من خلال المجموعة، و الذي توسع نشاطها ليشمل جميع محافظات الجمهورية اليمنية، وامتد بعد ذلك الى قارات العالم كلها. 
-وكانت للفقيد العبقري جهود كبيرة ومبكرة في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع مستثمرين ورجال أعمال في بعض الدول الشقيقة والصديقة، والتي استلهم من خبراتهم تجارب جديدة مكنته من العمل على تطوير نشاط المجموعة وخدمة المجتمع المحلي في تعز واليمن بشكل عام والانتقال بنشاط المجموعة الى العالمية.

-وكغيري من محبيه الكثيرين، وددتُ الكتابة عنه في ذكرى رحيله العاشرة، فقد كانت شخصيته كُتلة متحركة من العمل والجد والمثابرة و النبل والقيم والأخلاق والبذل والعطاء، وكانت ابتسامته تستبق يديه في لقاءاته ومصافحته للآخرين. ورزقه الله شخصية كاريزمية أنيقة و متواضعة، عرفتُها كما عرفها غيري عن قرب في تعز، حيث كان له حضوره البهي و الآسِر في المشهد التعزي واليمني بشكل عام من خلال الآتي:
1-حنكته في تسيير الإدارة العامة لشركات ومصانع هائل سعيد أنعم وشركاه، وقدرته على نسج علاقة مبنية على الثقة و الصدق و الشفافية والتعاون مع مكونات المجتمع التعزي واليمني عموما بمختلف توجهاته، مما أكسبه مكانة خاصة في قلوب جميع أبناء المحافظة واليمن عموما.
2-دوره المحوري و الهام في تخطيط و رسم ملامح المستقبل للنشاط الاقتصادي للشركات والمصانع للوصول الى المكانة العالمية التي وصلت اليها المجموعة اليوم، منذ البدايات الأولى لنشاط المجموعة التجاري حين كانت العمليات تتم عن طريق الدفاتر قبل الحوسبة والأتمتة، مما أهله عن جدارة في الحصول على درجة الدكتوراة الفخرية في الاقتصاد.
3-مبادراته لدعم وتشجيع التعليم العام و الجامعي في المحافظة و متابعته لاحتياجات و متطلبات المدارس والجامعة. ولم يتردد لحظة في الاستجابة لأي مقترح أو خطة تستدعي دعم هذا القطاع الحيوي والذي أولى له اهتماما خاصا. 
4-مبادرته الشخصية لتطوير ودعم العمل الطوعي من خلال ترؤسه لجمعية الهلال الأحمر  وجمعية مكافحة الجذام وجمعية المعاقين بالمحافظة وتقديمه الدعم الكبير لتنفيذ أنشطتها.
5-اهتمامه و رعايته للنشاط الاقتصادي في المحافظة بصفة عامة، من خلال ترؤسه للغرفة التجارية في تعز وتقديم الدعم والمناصرة والتسهيلات للتجار.
6-رعايته للشأن الثقافي و الفكري و تحمسه الكبير لتأسيس مؤسسة وجائزة السعيد للعلوم والثقافة، و دعمه الكبير لإدارتها، و توجيهاته ومتابعته أيضا لرصد التمويل الكافي لاقامة وتنفيذ أنشطتها.
7-مبادراته الدائمة لاحتواء الخلافات الاجتماعية التي كانت تحدث في المحافظة من وقت لآخر و الحرص على اجتثاث جذورها، إضافة الى بذله المال بسخاء، إذا استدعى الامر، لوضع حلول نهائية لها، من اجل استتباب السلم الاجتماعي.
8-دعواته المتكررة لاستضافة لقاءات موسعة في استراحة الاسرة بالمجلية لأبناء المحافظة، وأبناء المحافظات اليمنية الأخرى، وبذله للجهود الكبيرة كي تكون الاستراحة منتدى مفتوحا للجميع في الأفراح والأحزان.
9-رعايته وتشجيعه لمبادرات النفع العام وتقديم المساعدة للفقراء والمرضى والمحتاجين، وتم بعد ذلك تنظيم تلك الجهود من خلال إنشاء المؤسسة الخيرية للمجموعة التي تمارس نشاطها اليوم، كما امتدت أعماله الخيرية الى خارج اليمن.
10- الوقوف الى جانب تجار المحافظة الذين غدر بهم الزمن و مكر بهم السوق، حيث كان يبذل الجهود الكبيرة  للوقوف بجانبهم و دعمهم و مساعدتهم لاستئناف نشاطهم من جديد.

-ختاما:
تلك بعض ملامح جهود شخصية العبقري / أحمد هائل سعيد، يرحمه الله، والذي  كان أحد أبرز  وجوه الزمن الجميل الذي عشناه وعاشته بلادنا. وأتمنى أن أرى في قادم الأيام أعمالا تخلد سيرته الطيبةً من خلال الآتي:
أ- أعمال مقروأة ومرئية توثق لمسيرة تجربته ومواقفه في الحياة، كما تفعل الشعوب الأخرى مع عظمائهاء، كي تستلهم الاجيال منها دروسا تستفيد منها لبناء حياتها ومستقبلها.
ب - تخليد سيرته من خلال مؤسسة خيرية تحمل اسمه لتأهيل الشباب لسوق العمل.
ج - تأسيس مركز طبي خيري في تربة-الحجرية، المنطقة التي ينتمي اليها، يقدم الخدمة الطبية المجانية للفقراء.
د. تأسيس مستشفى في مدينة تعز يحمل اسمه و يقدم خدمة مجانية لأبناء المحافظة.
ح- إنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع الصغيرة لمحاربة ظاهرة التسول و الفقر.
خ- تأسيس برنامج ابتعاث للدراسات الجامعية والعليا للطلاب المتفوقين في الداخل و الخارج. 
أسأل الله أن يتغمده بواسع الرحمة و يسكنه الفردوس في الجنة، و عيد مبارك وسعيد، و كل عام والجميع بخير.