بعث الرئيس علي ناصر محمد رسالة هامة ومؤثرة إلى الصحافي علي منصور مقراط رئيس صحيفة الجيش تحدث فيها تعقيبا على مقالة يوم أمس عن مأساة الكهرباء في مدينة عدن
وروى الرئيس ناصر حادثة مشابهة في ثمانينات القرن الماضي عن واقعة توقف محطات الكهرباء بالمدينة المدنية ذاتها وكيف تم التدخل لمعالجتها وتعاون الشيخ زايد بن سلطان حكيم العرب في أنهاء المشكلة في غضون أشهر
ولأهمية الرسالة وماتعانيه عدن من كارثة الصيف الحارق والخانق وانقطاع الكهرباء لـ ١٨ساعة مقابل ساعتين ننشر رسالة الرئيس علي ناصر لعل الاستفادة من تجارب الماضي تفيد لاسيما وهو جاء بالكثير من الحلول لهذه المأساة العويصة
وفيما يلي نص الرسالة :
عزيز الصحافي الوطني علي مقراط
اطلعنا على مقالكم بعنوان "عدن تتعرض للعقاب الجماعي" ويحز في أنفسنا ما يجري في عدن وبقية المحافظات اليوم وأتذكر أنه في عام 1980 كنت في زيارة الى دول الخليج وفي الكويت علمتُ عن حدوث أزمة تهدد بانقطاع الكهرباء عن المواطنين في عدن، وكنا مقبلين على شهر رمضان الكريم والصيف وامتحانات الطلاب. وقد توجهت من الكويت الى عدن وانتقلت بعد ذلك الى مقر الهيئة العامة للكهرباء برئاسة المهندس محمود طرموم ووجدته منزعجاً كثيراً بسبب هذه الأزمة، وسألته: ما الحل، وما العمل ؟
فرد علي : إن الوضع صعب جداً.. وإن الحل هو بالتعاقد لإنشاء محطات للكهرباء في المنصورة وخورمكسر لمعالجة هذه الأزمة.
قلت له : هذا صحيح، لكن ما هو الحل العاجل؟ فرد علي : أنا لا أملك حلاً عاجلاً سوى إنشاء هذه المحطات..
سألته عن الطاقة الفائضة في المصفاة، ولكن لم يكن لدينا جميعاً معلومات عن ذلك. فاتصلنا بمدير المصفاة الذي أكد لنا أنه يوجد لديهم فائضاً عن حاجة المصفاة. فقلت له إننا بحاجة لربط الشبكتين بشكل مؤقت.. ووافق على ذلك وأنجز العمل في ثلاث أيام بدلاً عن عشرة أيام.
ثم سألت المهندس طرموم: إذا أوقفنا المكيفات في الدوائر الحكومية ومساكن المسؤولين والمواطنين فهل سيخفف ذلك من المشكلة؟ فقال إن هذا صعب التحكم به! ولكننا سنستفيد من هذا القرار إذا التزم الكل به.
فقلت له أنه يجب أن نبدأ من أنفسنا كمسؤولين في مكاتبنا ومنازلنا وأن المواطنين اذا شعروا أننا طبقنا هذا القرار فإنهم لن يتوانوا عن المساهمة في حل الأزمة عبر وقف المكيفات في منازلهم.. وهذا ما حدث آنذاك والتزم الجميع بهذا القرار، وأثبت شعبنا أنه شعب عظيم وكريم.
أما الموضوع الثالث فكان بشراء مولدات وشحنها عبر الجو لتصل بأسرع وقت ممكن والتي ساهمت أيضاً في حل الأزمة.
إن هذه المعالجات كانت آنية وغير كافية لحل المشكلة، ولكن كان كل ما يهمنا أن نحافظ على الضوء في المنزل والمروحة والثلاجة..
واتصلت بعد ذلك بالشيخ زايد بن سلطان والذي شرحت له المشكلة وقال لي: أبشر.. وتعاقدنا مع شركة يابانية بتمويل اماراتي لإنشاء محطتين في خورمكسر والمنصورة، وقد أنجز هذا المشروع بسرعة فائقة لحل المشكلة نهائياً حينها.. وعندما نتذكر ذلك فإننا لا نمن على شعبنا بذلك بل كان واجب علينا تجاهه..
ولم أصدق أن هذا يتكرر اليوم بعد 42 عاماً في مدينة عدن الآمنة والمسالمة والتي تمثل رمزاً للوحدة الوطنية عبر تاريخها، ونحن نناشد المسؤولين في عدن والمسؤولين في التحالف بضرورة إيجاد حل عاجل لمشكلة الكهرباء وباقي الخدمات من ماء ودواء وأمن واستقرار في عدن وبقية المحافظات، التي تكتوي بنار الحرّ والحروب. وهذا يعتبر واجباً وطنياً وأخلاقياً وإنسانياً تجاه هذه المدينة التي تختنق بالحر والرطوبة في صيفها الخانق..
ونحن نعرف بأن حل جميع هذه المشاكل يتطلب وقف الحرب وإحلال السلام في اليمن والمنطقة واستعادة الدولة ومؤسساتها.
نعم للسلام.. لا للحرب..