آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-09:55ص

ملفات وتحقيقات


كيف عاد رجال حزب المؤتمر إلى الواجهة وهل يستطيعون إصلاح ما أفسدته السنوات الماضية؟

السبت - 14 مايو 2022 - 07:54 ص بتوقيت عدن

كيف عاد رجال حزب المؤتمر إلى الواجهة وهل يستطيعون إصلاح ما أفسدته السنوات الماضية؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول أسباب وعوامل عودة رجالات حزب المؤتمر الشعبي العام إلى المشهد السياسي وفرص نجاحهم..

المؤتمر.. هل فشل خلال 33 عاما ليكون جزءاً من الحل اليوم؟

كيف اقتنع المجتمع الدولي والتحالف بعودة قيادات المؤتمر إلى الواجهة مرة أخرى؟

هل فشلت الأطراف السياسية بعد 2011 و2015.. ولهذا تم الاستنجاد برجالات المؤتمر؟

كيف سيستطيع هؤلاء العودة في ظل ظروف عسكرية ومليشياوية منفلتة؟

هل ما يزال المؤتمر قادراً على لملمة شتات نفسه والعودة مجددا لقيادة الدفة؟

من سيقود المؤتمر في حالة قرر العالم إعادته في ظل تعدد قياداته؟

كيف استفاد المؤتمر من مرحلة الفشل خلال السنوات الماضية وأعاد إنتاج نفسه شعبياً؟

المزاج الشعبي.. هل اقتنع بأن المؤتمر يمثل حالا أفضل من المكونات الأخرى؟

عودة رجال المؤتمر

(عدن الغد) القسم السياسي:

التصقت تهم الفساد والتجاوزات بحزب المؤتمر الشعبي العام ورجالاته طيلة استحواذ الحزب على الحكم والسلطة منذ 33 عاما تقريبا.

وظل المؤتمريون في قفص الاتهام وإيصال اليمن إلى أن تكون دولة فاشلة، أو هكذا كانت اتهامات الأحزاب السياسية والقوى المعارضة لسيطرة الحزب الحاكم على مقاليد البلاد.

ولم يدرك أحد أن رجال المؤتمر الشعبي العام- على ما شاب طريقة عملهم من تجاوزات- كانوا رجالات دولة بمعنى الكلمة، بعيدا عن أي تحيز أو محاباة عاطفية لا وجود لها هنا، وهناك وقائع وحقائق منطقية كثيرة تؤيد هذا الطرح، الذي يتبناه عدد من المراقبين.

هذه الوقائع التي يراها أنصار المؤتمر "منطقية" يستدلون ويؤكدون على منطقيتها بالسنوات السبع العجاف التي عاشتها اليمن خلال ما بعد حرب عام 2015 وحتى اليوم، بالإضافة إلى ما قبلها من سنوات الأزمة السياسية والانفلات الأمني منذ عام 2011.

فخلال ما يزيد على عقد من الزمان، من 2011 وحتى 2022، افتقدت البلاد لرجال السياسة المؤتمريين، وبالتالي تكبدت اليمن فاتورة غيابهم، أو هكذا يقول مناصرو حزب المؤتمر.

الفاتورة التي تم تكبدها، تمثلت في غياب هيبة الدولة ووجودها، وبالتالي تدهور الخدمات وغياب انتظام المرتبات وتدهور سعر الصرف، وأهم من كل ذلك تمكن المليشيات المسلحة من التحكم بمقادير البلاد، أو هكذا يروج المؤتمريون وأنصارهم.

لكن في المقابل، تعتقد الأطراف الأخرى المعارضة للمؤتمر، أن ما قاد للثورة على النظام الحاكم، والمطالبة برحيله، هي ممارسات قادة المؤتمر الذين تحكموا بالسلطة والحكم، وأقصوا الجميع حتى من مجرد المشورة وأخذ الرأي، ونهبوا المال العام.

ويضيف هؤلاء أن المؤتمر ممثلا بشخص رئيسه ورئيس الدولة السابق تحالف مع مليشيات الحوثي وادخل البلاد في أتون حرب لم تعرف كيفية الخروج منها إلى اليوم، وهو ما تسبب بكل هذا الدمار والنوائب الإنسانية التي يعيشها المواطنون اليوم.

غير أن رأيا مستقلا يمكن له أن يمنح تفسيرا لعودة رجالات الدولة إلى واجهة المشهد السياسي اليمني، خاصة عقب إعلان تشكيل مجلس القيادة الرئاسي اليمني الذي ضم في قوامه قيادات عسكرية وسياسية مؤتمرية.

وهو ما يؤكد ويعزز عودة رجالات حزب المؤتمر الشعبي العام إلى الواجهة السياسية في اليمن، عقب نحو ما يزيد على عشر سنوات من الغياب، وهو ما يحمل في طياته الكثير من الدلالات والمؤشرات.

> كيف عاد المؤتمر؟

لم تكن السنوات الماضية التي عاشتها اليمن سوى أنها مليئة بالفوضى، وإذا تمت مقارنتها بسنوات حكم المؤتمر الشعبي، فإن العقد الأخير هو الأسوأ على الإطلاق في تاريخ اليمن.

ومن الصحيح القول إن الفترة التي حكم فيها المؤتمر الشعبي العام اليمن منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وما قبله منذ تعيين الرئيس الراحل صالح في سدة الحكم أواخر السبعينيات، لم تكن فترة مثالية،. لكنها واقعيا، أفضل من الفترة التي نعيشها اليوم.

واذا كان العالم قد صنف اليمن خلال فترة حكم صالح بأنها "دولة فاشلة"، فإن هذه الدولة اليوم قد تجاوزت ذلك الفشل بمراحل ووصلت إلى الحضيض في كل المستويات، دون أي محاباة أو مجاملة لفترة حكم حزب المؤتمر، الذي كان سيئا بكل المقاييس لكن ذلك السوء لم يكن بسوء اليوم.

فعلى الأقل، كانت الدولة اليمنية محافظة على شكل من أشكال الهيبة والضبط والإلزام والسيطرة، التي تفتقدها دولة المليشيات والوحدات المسلحة المسيطرة حاليا على المشهد العام.

ويبدو أن هذه الفوضى وحالة اللا دولة التي تعيشها البلاد في الوقت الراهن، هي من فرضت على المجتمع الدولي ودول التحالف العربي الاستعانة واستعادة رجال المؤتمر، كونهم رجال دولة في حدها الأدنى على الأقل، وهو ما يريده المجتمع الدولي في هذه البقعة الحساسة من العالم.

لكن هذا المبرر في إيجاد دولة بملامحها البسيطة والأولية وفي حدها الأدنى، يثير تساؤلات عديدة، حول إمكانية رجال حزب المؤتمر في إصلاح ما أفسدته السنوات الماضية، والأطراف السياسية المتحكمة في المشهد خلال ما يزيد على عقد من الزمان.

خاصة وأن البعض يقول إن المؤتمر الشعبي العام ومسئوليه وقياداته لم تنجح خلال 33 عاما، فكيف يمكن أن تنجح الآن، في ظل ظروف أصعب بكثير من الظروف التي كان المؤتمر يحكم فيها، ما قبل 2011، وعليه فكيف يمكن للمؤتمر ورجاله أن يكونوا جزءًا من الحل؟.

> رجال المؤتمر.. هل هم فعلا جزء من الحل؟

ببساطة، يمكن للمؤتمر أن يكون جزءا من الحل للازمة اليمنية والحرب التي تعصف باليمن حاليا، من خلال خبرة رجاله الذين يوصفون بأنهم "رجال دولة" خبروا شئونها وعرفوا كيف يديرون أعتى وأصعب الأزمات سياسيا واقتصاديا، بحسب موالين للمؤتمر.

هؤلاء الموالون، استشهدوا باستعانة الرئيس هادي نفسه برجال المؤتمر في وقت مبكر من الحرب، حين استعاد الدور السياسي لشخصية مثل الدكتور أحمد عبيد بن دغر، ثم استعان بالخبرة الاقتصادية لأحد رجالات صالح، الاقتصادي حافظ معياد في رئاسة اللجنة الاقتصادية.

بالإضافة إلى العديد من الأسماء التي تواجدت- ربما على استحياء- خلال السنوات القليلة الماضية، وحققوا شيئا من النجاح، غير أن الظروف الأمنية والعسكرية لم تسمح لهم بالاستمرار.

ولعل ذات الظروف التي أبعدت رجال المؤتمر الذين استعانت بهم الشرعية اليمنية لفترة جزئية هي ذاتها موجودة اليوم، من الانفلات الأمني وانتشار المليشيات والوحدات المسلحة المنفلتة، وكلها تحول دون نجاح هؤلاء الرجال إذا هم عادوا مجددا.

غير أن ثمة اختلافا جوهريا في الحالة الراهنة، هذا الاختلاف يكمن في أن رجال المؤتمر باتوا اليوم- عبر المجلس الرئاسي- في مركز القرار، وليسوا مجرد رجال يتم الاستعانة بهم بعض الوقت، بالإضافة إلى تواجد ممثلي الأطراف السياسية والحزبية الأخرى إلى جانب رجال المؤتمر.

وهذا الخليط من رجال بقية الأحزاب والمكونات التي تشكل منها المجلس الرئاسي إلى جانب رجال المؤتمر يمثل خليطا من السياسيين والعسكريين القادرين على تغيير الواقع نحو الأفضل، إذا خلصت النوايا طبعا.

وعندها فقط يمكن للجميع النجاح سياسيا واقتصاديا، وتغيير الواقع العسكري والمليشياوي الذي ترزح تحته اليمن منذ ما يزيد على عقد كامل.

> عوامل ومحاذير الفشل

قد يستطيع المؤتمر الشعبي العام بالتعاون مع بقية المكونات والأحزاب النجاح في إدارة الدولة، لكن ثمة عوامل قد تمنع حدوث مثل هذا الأمر المنشود، وتتمثل في أن المؤتمر حزب "متشظي".

فما بعد رحيل الرئيس صالح عن سدة الحكم، قبل رحيله نهائيا عن الحياة، تشتت المؤتمر كحزب، وباتت هناك الكثير من الفروع المؤتمرية في الداخل والخارج، تقودها شخصيات سياسية منقسمة على نفسها.

وهذا ما يشكل تحديا كبيرا أمام رجال المؤتمر في حالة رغبتهم باستعادة دورهم السياسي وانتشال البلاد من معاناتها وصراعاتها التي لم تنته بعد، وهذا النجاح مرهون بقدرة المؤتمر على لملمة شتاته، وإيجاد قيادة موحدة.

ولعل هذا الأمر سيحظى بدعم دولي وإقليمي، إذا قرر العالم والتحالف إعادة المؤتمر إلى الواجهة، ولعله قد قرر بالفعل.

معضلة أخرى قد تشكل تحديا أمام عودة كاملة للمؤتمر ونجاح سياسييه في إحداث تغيير ما بالمشهد السياسي، وتتمثل هذه المعضلة في "القبول الشعبي" الذي لم ينسَ ما فعله تحالف صالح - الحوثي عند اجتياح الجنوب.

غير أن مراقبين يرون أن معضلة كهذه نجح المؤتمر في تجاوزها دون أن يقوم بأي شيء، بل إنه جعل القوى والمكونات السياسية الأخرى هي من تقوم بهذه المهمة نيابة عنه، من خلال أداء تلك الأطراف خلال تحكمها بالمشهد السياسي.

وفشل المكونات التي جاءت خلفا للمؤتمر في إدارة البلاد، منذ عام 2011، جعل الناس تقارن بين فترة حكم المؤتمر وفترة حكم بقية المكونات، وهذا ما منح المؤتمر الأفضلية، وبالتالي تغير المزاج الشعبي لصالحه.

كما أن الخبرة السياسية للمؤتمر، جعلته يعيد إنتاج نفسه من جديد، مقارنةً بالأداء السياسي لبقية المكونات خلال أكثر من عشر سنوات، وعليه فإن الناس باتت ترى اليوم أن المؤتمر يمثل حالا أفضل من الآخرين.