"من تاريخ رجالات اليمن".. اللواء علي ناصر هادي الشهيد المنسي
سبعة أعوام مرت بأحزانها وآلامها على رحيل شيخ الشهداء اللواء علي ناصر هادي قائد المنطقة الرابعة على ايدي مليشيات الحوثيين والمخلوع صالح عند اشتداد المعارك في العاصمة عدن تذكرنا كلمته المشهورة دائما .. بدعوة أبناء الجنوب الخروج لقتال المليشيات قائلا:( بيننا وبينهم الميدان لأهم رجال ،بانرويهم المهرى).. هذا ما قاله الفقيد هادي ..
وبعد سبع سنوات من استشهاده ومن هذه الحرب التي عصفت بالبشر والحجر والشجر وتسببت في كارثة انسانية لم يشهد لها اليمن في تاريخه مثيلاً، فقد انهارت الدولة ومؤسساتها وأصبح في اليمن أكثر من رئيس وأكثر من حكومة وأكثر من جيش وأكثر من 20 مليون يمني تحت خط الفقر وشرد الملايين الى خارج الوطن. وفي موسوعة ( من تاريخ رجالات اليمن ) تنشر ( عدن الغد ) هذه السيرة العطرة للمناضل ناصر هادي وهذه تفاصيلها ..
من هو الشهيد ناصر هادي ؟
الشهيد علي ناصر هادي حسين أحمد الصقري العلهي من مواليد قرية فرعان بوالية دثينة التابعة لمحافظة ابين عام 1945م.. توفيت والدته وهو في شهره العاشر وانتقل بعد وفاة والدته مع والده إلى عدن ليستقروا في الشيخ عثمان , في قسم C ، وعرف خلال العقود الستة المنصرمة بأنه من أبناء هذا القسم, وكان والده يعمل في جيش محمية عدن جيش الليوي ,والذي عرف بعد عام 1959 بالجيش الاتحادي النظامي , وعاش طفولته يتيما في ظروف صعبه بعد ما انتقل من الريف الى عدن بعد وفاة امه بعشرة اشهر ، إلا أنه تعلم معنى الايمان بقضاء الله ، متجاوزا كل العقبات التي رافقت حياته الا ان كان نعم القائد الذي روى عنه من عايشوه خلال مراحل حياته عطرة الذكر التي تحلى بها منذ نعومة أظفاره .
التحاق ناصر هادي بالخدمة العسكرية .
وحول التحاق اللواء ناصر هادي بالخدمة العسكرية يقول الرئيس السابق علي ناصر محمد قائلا:" التحق الشهيد علي ناصر هادي بالخدمة العسكرية عام 1960م وتلقى تدريبه في مدارس الجيش وبعد تخرجه التحق بكلية ساندهرست البريطانية عام 1964م، وبعد ذلك التحق بدورة قادة ألوية عام 1978م وتلقى بعد ذلك دورات في أكاديمية عسكرية بجامعة فرانسوا بموسكو عام 1983م وشغل خلال حياته العديد من المناصب العسكرية منها قائد محور الخشعة عام 1995 وآخرها قائد لواء 115 مشاة عام 2002 وأحيل للتقاعد عام 2007م.
ويضيف الرئيس ناصر في حديثه :" وفي بداية عاصفة الحزم عام 2015م عيّن قائداً للمنطقة العسكرية الرابعة وكانت قوات التحالف قد أنزلت عبر الجو مساعدات عسكرية ومالية الى بعض أحياء عدن، وقبلها الى الضالع وشبوة وأبين، وكان كثير من هذه الإمكانيات والمساعدات تذهب الى جيوب البعض من القادة فيما تركت الكثير من المناطق في عدن وغيرها بدون دعم، وهو ما شكى منه اللواء علي ناصر هادي الذي عيّن دون علمه قائداً عسكرياً للمنطقة الرابعة وعلى الرغم من هذا المنصب فإنه لم يصله أي إمداد عسكري أو دعم مالي وهو ما قاله لي في أكثر من مكالمة قبل استشهاده. وهنا أورد نص الحوار بيني وبينه قبل استشهاده بيوم واحد"
قيادة المنطقة الرابعة وغياب الإمكانيات
في العام 2015 وعندما اجتاحت المليشيات الحوثية و صالح أرض الجنوب وعند اشتداد المعارك في العاصمة عدن، تم تعيين اللواء علي ناصر هادي قائد المنطقة العسكرية الرابعة ، وعين علي ناصرهادي قائدا للمنطقة العسكرية الرابعة عدن و كان هذا المنصب وسط اشتعال الحرب الدائرة فيها، وفي ظل غياب أبسط الإمكانات..
وحول هذا السياق يقول رفيق دربه العقيد الجريح نصر أحمد شائف قائلا:" بينما تم تعييني النائب السياسي للمنطقة العسكرية الرابعة كنت برفقة اللواء علي ناصر هادي متنقلا في جبهات عدن وبالذات جبهة المطار والمنطقة المحايذة للمداره ونزلنا إلى المنصورة والبريقة وبئر احمد والالتقاء بقيادات الجبهات فكان يحث المقاتلين بالصمود والاستمرار بالتصدي في معارك القلوعة والمعلا وحجيف واخر نزولنا إلى جبهة المطار يوم الإثنين تاريخ4/5/2015 عبر طريق البحر من التواهي الى البريقة والمناطق الاخرى والعودة الى الفتح التواهي"
ناصر هادي البطل المقاوم.
ويستطر رفيق دربه نصر ويقول :" وفي صباحية 5/5/2015 سقطت منطقة حجيف بايدي الحوثيين , وكان لعلي ناصر هادي نعم البطل والمقاوم, حيث نزلنا مع مجموعه من المقاتلين الى حجيف واشتبكت في معركة في هذه المنطقة وانتقلنا الى الجبل الي فوق الفندق من أجل منع تقدم الحوثه الى التواهي ،وانا بقيت في حجيف وتعرضت لإصابة واتصلت على الشهيد وتم نقلي الى باصهيب وعملو لي إسعاف أولى وبعدها نقلوني الى مينى التواهي ومعي مجموعه من الجرحى وتم نقلنا الى البريقة وبعدها نقلوني الى مستشفى النقيب .
واستمرت المعركة في جحيف وتم دحر الحوثه بعد أن تدخل طيران التحالف في ذلك وفي اليوم الثاني نزل الشهيد الى منطقة حجيف للاشتراك في المعركة لان الحوثه رجعو الى حجيف واستشهد حينها القايد اللواء على ناصر هادي في 6/5/2015 يوم الاربعاء "
خذلان القيادة.
وسيطرد الرئيس علي ناصرويقول في حديثه :" قال لي الشهيد ناصر هادي لقد خذلتنا القيادة. ونحن ندفع الثمن هنا في عدن، وبقية المحافظات، لا شيء يقهر الرجال سوى الخذلان ممن كانوا يثقون بهم، عندما يجدون أنفسهم بدون سند في معركة غير متكافئة.
كما يقول الرئيس ناصر أخبرني أن كثيراً من الضباط والشباب الأبطال قد استشهدوا خلال المعارك التي دارت في أحياء عدن وهم بصدورهم العارية وبسلاح فردي يواجهون المدرعات والمجنزرات.
وكان صوت علي ناصر هادي يصلني عبر الأثير بعنفوان قائد مقاتل وسط رجاله... قال: " سنموت من أجل عدن.. نفديها بأرواحنا، ليس دفاعاً عن شرعية أحد ولكن من أجل الوطن.وكمن يحس بأن النهاية باتت قريبة، قال لي:
- إذا حدث لي شيء واستشهدت، "أمانتك طارق وإخوانه"... اهتم بهم وبأسر الشرفاء الأبطال الذين ماتوا وهم يدافعون عن عدن والوطن..
أخبرني أن وضعهم في الميدان صعب، بل خطير جداً، بعد أن نفذت منهم الذخيرة وقتل الكثير من المقاتلين المدافعين عن المدينة.. وأضاف- لم يبق معي سوى هذا الرشاش في يدي. وسألني: ماذا أفعل ؟!
هكذا قتل ناصر هادي.
قتل القائد ناصر هادي اليوم الأربعاء، في مواجهات مع الحوثيين، بمدينة التواهي في محافظة عدن , وكان متواجدا في الصفوف الأمامية للمقاومة، وقتل جراء إصابته بنيران قناصة مسلحي الحوثي والقوات الموالية لهم”.
قد ترك الشهيد علي ناصر هادي مأثر بطولية خالدة سجلها التاريخ باحرف من نور يذكرها الاجيال جيلا بعد جيل على شجاعة واقدام ذلك المناضل في كل المعارك والمنعطفات ،متحليا بالشجاعة والتضحية ، عرفناه مقداما في الخطوط الأمامية على الرغم من كبر سنه ، إلا أنه كان نعم القائد ونعم المربي والأب لكل المقاتلين "