التسول مشكلة اجتماعية إنسانية ومجتمعية في وقت واحد , وفي بلادنا غدا كثير من اليمنيين متسولين بسبب الحرب والانهيار الاقتصادي والغلاء , غير أن تسول الاطفال بين التاسعة والرابعة عشر في الجولات وإشارات المرور بات في تزايد مستمر وحتى ساعات متأخرة من المساء.. ويحمل في طياته قصصا وحكايات فيها الحاجة والاستغلال والإكراه والاجبار والحرفة والمهنة والممارسة وفيها المسؤولية الأسرية والمجتمعية المحلية والدولية ..
وفي هذا التقرير سنعرض لحالات من الأطفال التقيناهم ، واجابوا على سوالنا لهم , لماذا يتسولون ؟
تقارير ومشاهد ومواقف
تقارير حديثة صادرة عن جهات رسمية ومنظمات محلية ودولية تعني بالأطفال والطفولة وكذا ابحاث ودراسات اجتماعية وتقارير إعلامية وان تباينت في افادتها بعدد الأطفال المتسولين في اليمن لكنها تقترب من بعضها في وصول عدد الأطفال المتسولين في اليمن حتى نهاية 2021م يزيدون على مليون طفل وطفلة في عموم محافظات الجمهورية اليمنية.. وان الرقم في تزايد مستمر ..مشاهد يومية لمليون طفل في الجولات والمطاعم والشوارع والأسواق والمساجد والمدارس وغيرها يتسولون, يكبرون ويكبر معهم حقهم في العيش , فتحتضنهم وتستغلهم عصابات السرقة والمخدرات والاجرام فيتحولون إلى منحرفين ومجرمين يتأذى منهم المجتمع بعد أن كان يتعاطف معهم , مشاهد يومية محزنة ومؤلمة ومواقف مخجلة وعار على من يهمهم أمر الاطفال وحماية الطفولة مما تتعرض له من انتهاك لحقوقهم في الحماية والرعاية والاهتمام... أكثر من مليون طفل منهم من يتسولون ليعيشون ومنهم من يعيشون ليتسولون..
روح اشحت عشان تعيش
احمد حسين فرج ( 10سنة ) من قرية بني فلاح , حجة قال : بعد ما الحوثيين قصفوا منزلنا ومنزل عمي , ابي مات في القصف وأسرتي ظلوا في البلاد , عمي نزح مع اسرته عدن وانا نزحت مع عمي ..لنا أكثر من 3 سنوات وساكنين في ( ..... ) ..قلت لعمي دخلنا المدرسة مارضيش وقال لي روح اطلب الله على نفسك قلت له كيف قال لي روح اشحت عشان تعيش وانسى المدرسة فخرجت انا وابن عمي اكبر مني نشحت ونمسح السيارات في الجولات من الصباح لما الظهر اطلع الف ريال نروح نتغذى ونرجع من العصر لما بعد العشاء اطلع 1000ريال أو الفين يشلها عمي ويعطينا 200ريال منها , عمي يخرج الصباح ويرجع بعد الظهر معاه الاكل والقات نتغذى ونرجع انا وابنه نشحت وهوه يخزن شوية ويخرج بس مش عارفين فين يروح ويروح البيت معه الاكل والقات وأحيانا يجيب معه ملابس وطراريح .. انا اشتي ادرس وعمي مش راضي واشتي ارجع لامي في البلاد وعمي يقول لي فين ترجع البلاد حرب وموت ودمار والحوثيين يجندوا الاطفال الذي في سنك غصبا عنهم ..
مستاجرين والام تشحت سراً
• عبده حسن ج ( 14سنة ). قال : اسكن انا وأهلي كلهم نازحين في عدن ..انا درست لما صف خامس في البلاد وتوقفت عن الدراسة بسبب وفاة أبي وظروفنا كنازحين..ولنا في عدن نازحين أكثر من سنتين نسكن في الممداره وابي مات في الحرب .احنا اساسا من الملاحيظ كنا نازحين في مخيم الملاحيظ ,انتقلنا من الملاحيظ إلى حرض إلى خميس بني الهيج القريبة من مدينة الزهرة شمال الحديدة ومن هناك نزحنا إلى عدن انا واخي اصغر مني وامي وثنتين بنات خواتي اكبر مني.. ساكنين في بيت ايجار في الممداره بمبلغ 40الف ريال ..اخواتي البنات في البيت واصل مايخرجوا ينظفوا ويغسلوا ويطبخوا ..امي واخي الصغير يخرجوا من الصباح بدري من البيت يشحتوا ويرجعوا بدري وقت الغذاء بعد صلاة الظهر ..وانا أكون في البيت عند خواتي لما تجي امي واخي نتغذى كلنا وانا أخرج من قريب العصر حتى الساعة 9 أو 10ليلا اشحت وامسح السيارات في الجولات متنقلا من جولة لجولة اجمع 2000 أو 3000 واروح وامي تكون جمعت مثلي أو أقل أو أكثر اسلم الفلوس لامي تعطينا منها 500ريال والمبلغ الذي معاها تتولى بنفسها مصاريف البيت من أكل وشرب وملابس وتدفع الايجار حق البيت ونحصل مساعدات وتغذية من أهل الخير كنازحين وعايشين والحمدلله..امي طبعا تروح بدري وترجع بدري عشان الجيران مايعرفوا أنها تشحت تقول لهم ابني يروح المقوات وسوق السمك والخضرة يشتغل ويصرف علينا وهي تشحت سرا عشان تغطي النقص وعلى هذا الحال عايشين انا واسرتي والحمدلله.
حقوق الطفل في القانون اليمني
المحامي محمد احمد حسن هادي (عدن كريتر) تحدث عن حقوق الطفل من وجهة نظر قانونية وقال : بسبب الحرب وانهيار الاقتصاد والغلاء المتصاعد يوميا حولت ظاهرة تسول الاطفال في سن مابين التاسعة والرابعة عشر إلى مشكلة بحجم الكارثة , والمسؤولية في حمايته مشتركة بين جميع الأطراف المعنية بالطفل وحقوق الطفل محليا وعربيا ودوليا .والقانون اليمني رقم (45) لسنة 2002م بشأن حقوق الطفل.. تناول في مواده 144 و 145 و 146 من هذا القانون حقوق الطفل على الدولة ومن بينهم المتسولين وذلك بإتخاذ الإجراءات والتدابير العلمية والعملية للتحقق من معانـاة الأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة.. وحماية ورعاية الأطفال الذين لا يجدون الرعاية ويعيشون على التسول والقضاء على هذه الظاهرة ووضع الأطفال المتسولين والمتشردين في دور الرعاية الإجتماعية وتوجيههم إلى أن يكونوا أعضاء صالحين منتجين في المجتمع . وإنشاء مكاتب لحماية الأطفال من التشرد والتسول واعتماد وإقرار ميزانية سنوية ضمن ميزانيتها لإنشاء هذه المكاتب وتشغيلها..
