آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-10:26ص

ملفات وتحقيقات


تقرير يحلل وعود وتفاؤل رئيس الحكومة.. حديث رئيس الوزراء عن قدرة الحكومة على صرف المرتبات بشكل منتظم.. ما حقيقته؟

الإثنين - 11 أكتوبر 2021 - 08:52 ص بتوقيت عدن

تقرير يحلل وعود وتفاؤل رئيس الحكومة.. حديث رئيس الوزراء عن قدرة الحكومة على صرف المرتبات بشكل منتظم.. ما حقيقته؟

(عدن الغد) خاص:

تقرير يحلل وعود وتفاؤل رئيس الحكومة في تصريحاته الأخيرة بشأن صرف الرواتب وزيادة الإيرادات..

حديث رئيس الوزراء عن قدرة الحكومة على صرف المرتبات بشكل منتظم.. ما حقيقته؟

كيف يمكن أن يكون العام القادم الأعلى من حيث الإيرادات؟

هل يمكن للحكومة صرف المرتبات بانتظام والوزراء خارج عدن؟

الأحداث الأمنية في عدن.. هل هي رسائل سياسية للحكومة بكبح جماح تفاؤلها؟

ما موقف قوى النفوذ التي ذكرها رئيس الحكومة وما حققته من مكاسب ضخمة بسبب تدهور الأوضاع؟

هل ستنجح قوى النفوذ تلك بمنع الحكومة من العودة وتنفيذ الإصلاحات؟

ما مصير الوعود الخليجية بدعم الاقتصاد اليمني؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

منذ الوهلة الأولى لتشكيل حكومة الكفاءات كما يسمونها، أو حكومة المناصفة، أعلن رئيس الوزراء اليمني أن أولوياتها ستكون اقتصادية بحتة.

غير أن مرور أكثر من نصف عام على تشكيل هذه الحكومة لم تحقق فيها أي تقدم يذكر على الصعيد الخدمي والمعيشي في البلاد.

بل على العكس تماما، تفاقمت الأوضاع وزادت معاناة الناس من تدهور سعر صرف العملة المحلية، وتراجعها أمام نظيراتها الأجنبية،. ما نتج عن ذلك من تعاظم التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية وقوت المواطنين الضروري.

وتزامن ذلك مع غياب الحكومة عن التواجد في مقرها الرئيسي بعدن، بعد اضطرابات معيشية أعقبت عودتها بثلاثة أشهر فقط، لم تستطع فيها تنفيذ توقعات المواطنين، بتلافي التدهور الاقتصادي.

ومع عودة رئيس الحكومة مؤخرا إلى عدن، دون كامل أعضاء حكومته، لم يكن من بد أمام الناس إلا رفع سقف توقعاتهم، وانتظار الفرج من الحكومة، بعد الله.

غير أن هذه العودة الأخيرة، قبل أيام، ترافقت معها اضطرابات أمنية ومواجهات بين فصائل مسلحة، بلغت مستويات عالية من العنف، وأوحت بالكثير من المؤشرات والدلالات.

وهي مؤشرات تؤكد أن هناك الكثير من الجهات التي لن تسمح بعمل الحكومة ونجاحها في إعادة الاستقرار، وتحاول جاهدة تأزيم الأوضاع الأمنية تحديدا في عدن، لمنع خلق بيئة مناسبة أو أجواء ملائمة لعمل الحكومة، بحسب مراقبين.

نغمة التفاؤل

قبل يومين، خرج رئيس الحكومة اليمنية، الدكتور معين عبدالملك بحديث متلفز، كشف فيه اعتزام الحكومة العمل على صرف المرتبات لكل موظفي الدولة العسكريين والمدنيين، وبشكل منتظم.

لم يخلُ حديث رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك من التمسك بالأمل، ومحاولة بثه إلى الناس، في ظل ظروف قاسية تعيشها الحكومة والبلاد، وإمكانيات محدودة للغاية.

غير أن رئيس الحكومة كان متفائلا لدرجة كبيرة في حديثه، كانت متناقضة مع الواقع المحيط بالحكومة في عدن على وجه التحديد.

وهذا ما دفعه لتأكيد "نغمة التفاؤل" هذه بالإعلان صراحةً عن أن الحكومة قادرة على صرف مرتبات موظفي الدولة في القطاعين العسكري والمدني، وبشكل منتظم خلال الفترة القادمة.

هذا التفاؤل والإعلان الذي لفت اهتمام نسبة كبيرة من المواطنين، كان معاكسا لمجريات الأوضاع على الأوضاع في مدينة عدن، خاصة فيما يتعلق بالجانب الأمني والاستقرار الذي لم يعد مستتبا منذ سنوات.

فبالرغم من التوافق "الهش" بين الشرعية والمجلس الانتقالي والجنوبي، وترحيب الأخير بعودة الحكومة إلى عدن؛ لممارسة مهامها وصرف المرتبات "فورا" كما طالب ناطق الانتقالي، إلا أن إنجاز مثل هذه الوعود قد يصطدم بالكثير من العوامل غير المواتية.

عودة الحكومة وحديث رئيسها

وبالحديث عن العوامل غير المواتية، والمتناقضة مع نغمة التفاؤل في تصريح رئيس الوزراء الأخير، تبرز الكثير من الملفات والنقاط الهامة التي يمكن أن تحول هذا التصريح إلى واقع، أو تحوله إلى مجرد حديث لا يسمن ولا يغني من جوع.

فغداة هذا التصريح، الذي حمل نسبة كبيرة من الأمل والتفاؤل، شهدت مدينة عدن محاولة آثمة لاغتيال مسئولين محليين، هما محافظ عدن أحمد لملس، ووزير الزراعة والثروة السمكية المهندس سالم السقطري.

ما دفع عددا من المحللين للإشارة إلى أن محاولة الاغتيال هذه عبر تفجير سيارة مفخخة، لا يمكن فصله عن حديث رئيس الحكومة، وقضية استقرار وجودها في عدن برمته.

وما يدل على هذا الاتصال والعلاقة الوثيقة بين ما يحدث على الأرض أمنيا في عدن، وبين وضع الحكومة، تكرر مثل هكذا مفارقة قبل نحو أسبوع.

فالأحداث المؤسفة التي عاشتها مدينة عدن القديمة "كريتر" بين فصائل مسلحة، بعد يومين أو يزيد من عودة رئيس الحكومة إلى عدن، تدل على هذه الصلة والعلاقة الوثيقة بين استقرار الحكومة، ومحاولة منع حدوث مثل هذا الاستقرار في عدن، لكبح جماح أي جهود حكومية لانتشال الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي الذي بلغ مبلغا موجعا بالنسبة للمواطنين.

كما يؤكد هذا التحليل أن ثمة قوى نافذة، تسعى لمنع هذا الاستقرار، وتعمل على الحد من أي جهود لتعزيز التوافق "الهش" بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن.

الأحداث الأمنية الأخيرة التي ترافقت مع تواجد رئيس الحكومة ليست سوى تأكيد على هذا التحليل، الذي يرجح وجود جهات لا ترحب بأي توافق، ولا يسعدها أي نجاح لعمل الحكومة الخدمي والمعيشي.

حقيقة ومصير وعود رئيس الحكومة

حديث رئيس الوزراء عن صرف المرتبات بانتظام، وتلميحاته بوجود وديعة خليجية مرهونة بمدى مصداقية الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة من الحكومة اليمنية، في قوامها الداخلي، وإعادة هيكلة العمل المصرفي في البنك المركزي.

هذه الوعود اعتبرها مراقبون أنها لن تصطدم بفوضى الوضع الأمني غير المستقر في عدن، بل ستصطدم ايضا بقدرة الحكومة على "تنظيف" وإصلاح قوامها، وإصلاح البنك المركزي اليمني بحسب مطالب الخليجيين.

فتركة الفساد داخل الحكومة اليمنية موغلة ومتعمقة، وتحتاج لجهود جبارة، تبدو غير متواجدة حاليا لتحقيقها.

وهذا ما يناقض نزعة التفاؤل في حديث رئيس الحكومة، والتي بلغت مبلغا عاليا، في ظل فساد أروقة البنك المركزي ودهاليز الحكومة.

وهو فساد قد لا يتحمله رئيس الوزراء أو أفراد حكومته الحاليون، ولكنهم ورثوا تركتها، ما يشكل عبئا ثقيلا عليهم.

غير أن رئيس الوزراء لم يقف عند التبشير بانتظام صرف المرتبات فقط، بل مضى بتوزيع الوعود بأن يكون العام القادم هو الأعلى من ناحية الإيرادات، ليضيف وعدا وتفاؤلا جديدا.

ومسألة الإيرادات هي الأخرى مرتبطة أيضا بصرف المرتبات، فلا يمكن صرف الثانية إلا إذا ما توفرت الأولى بشكل كبير وكافٍ، دون أي عجز مالي.

غير أن الحكومة قد تواجهها الكثير من الصعاب في تفعيل الأوعية الإيرادية في عموم محافظات الجمهورية، وسط تقطع أوصال البلاد، واستقلال كل محافظة بإيراداتها المالية، ولا توردها إلى المركز المتواجد في عدن.

وهذا ما قد يضيف مسئولية كبيرة وعملا ضخما ينتظر الحكومة لتحقيق ما وعد به رئيسها الذي لم يبح بكيفية صرف المرتبات بانتظام، أو بآلية زيادة الإيرادات بحيث يكون العام الأعلى دخلا بالنسبة للحكومة اليمنية.

خاصة وأن البلاد باتت في حالة استيراد متواصل، دون أي تصدير يذكر، بالإضافة إلى اقتصار الأنشطة التجارية للموانئ والمطارات اليمنية على ما لا يكاد يذكر، في ظل تعطيل غالبيتها.

كما أن ثمة معضلة أخرى تقف حجر عثرة أمام عمل الحكومة وانتشال وإنقاذ الوضع الاقتصادي والمعيشي للبلاد، وتكمن هذه المعضلة في غياب نسبة كبيرة من وزراء الحكومة عن الداخل اليمني.

حيث ما زال كثيرون منهم غير متواجدين في عدن، ويمنعهم كل ما تم ذكره من معطيات وعوامل عن العودة إلى المدينة ومباشرة عملهم.

وهذه أيضا مشكلة أخرى، لن ينجح رئيس الوزراء في تحقيق وعوده وتفاؤله إلا بتلافي وتجاوز كل هذه المعضلات والمشكلات، وعلى رأسها اللوبيات والقوى المستفيدة من بقاء عدن غير مستقرة أمنيا.