آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-02:20م

ملفات وتحقيقات


(عدن الغد) تنفرد بنشر اهم المحطات والاحداث التاريخية التي عاصرها القاضي الأرياني ..الحلقة(2)

الأربعاء - 06 أكتوبر 2021 - 10:42 ص بتوقيت عدن

(عدن الغد) تنفرد بنشر اهم المحطات والاحداث التاريخية  التي عاصرها القاضي الأرياني ..الحلقة(2)

(عدن الغد)خاص.

الأرياني كان رافض لتدخل مصر والسعودية في شؤون اليمن الداخلية ومواقفه كانت  لهذا السبب !

( عدن الغد) أول صحيفة يمنية تنفرد بنشر أهم المحطات التاريخية لرئيس دولة الجمهورية اليمنية العربية آنذاك في شمال اليمن قبل توحيد اليمن إلى وحدة يمينة .. هو الرئيس اليمني عبدالرحمن  الأرياني  فهو سياسي وشاعر وأحد علماء الشريعة وقضاتها في اليمن، شارك في مراحل النضال الوطني ضد "حكم الإمامة" المَلكي، وهو ثاني رئيس وأول مدني حكَم الشطر الشمالي من البلاد بعد الإطاحة بالحكم الإمامي 1962، وأول رئيس عربي يقدم استقالته إلى مجلس شورى منتخب. 
وعبر (عدن الغد ) نسرد شيئاً من حياته , والظروف التي فرضت العمل النضالي، والصعوبات التي تعرض لها الإرياني ومن معه في رحلة الثورة والنضال، وأساليب المعارضة  وكيف صار رئيساً لليمن ..  وأرجو أن يكون نشر هذه المحطات والأحداث التاريخية مدخلاً جيداً للتعرف على شخصية القاضي الإرياني كثاني رئيس يمني .


جمع وإعداد / د. الخضر عبدالله .

قراءة على هامش ذكريات الأرياني

القراءة في التاريخ السياسي لليمن الحديث، تستدعي وعيًا مكثفًا؛ لأنّ هذا التاريخ ما زال حتى الآن مقصورًا في المذكرات السياسية، التي تدخّلت كثيرًا من العوامل في صوغ ما تضمّنته، وأخرجت بعضها عن حياديتها، وبالتالي فالبحث في مرحلة ما أو شخصية ما يُصبح مهمة صعبة تقتضي منك التمحيص والتدقيق في ما روته المذكّرات وتضمنته الروايات وغيرها من المصادر التي خرجت عن ندوات، والتي تبقى، في الأخير، مصادر مهمة لفهم ما كان عليه تاريخ البلاد منذ منتصف القرن الماض, وتُمثّل شخصية الرئيس القاضي عبدالرحمن بن يحيى الإرياني (1910 – 1998) واحدة من الشخصيات اليمنية الأكثر التزامًا في مواقفها بما يتفقُ مع قناعاتها الوطنية، وهو ما نلاحظه بدءًا من مشاركاته الأولى في العمل مع الحركة الوطنية منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م التي قام بها تنظيم الضباط الأحرار من داخل الجيش، وكان موقف الإرياني مؤيدًا لها، وإنْ كان له رأي مختلف في تحديد موعد تفجيرها.

مواقف الأرياني  الواضحة

عقب قيام الثورة كانت مواقف القاضي الأرياني  واضحة وبالذات على صعيد رفضه للإعدامات التي كانت تُنفّذ بحق رجالات العهد الإمامي، معتبرًا أنّ ذلك سيجر وبالًا على الثورة، كما كان له موقف رافض للتدخل الخارجي في شؤون اليمن الداخلية، وهو موقف كان واضحًا ضد التدخل المصري، ومن ثم التدخل السعودي، وإنْ كان الأخير تغلغل كثيرًا في البلاد خلال فترة حكمه، وهي الفترة التي تَعزّز فيها نفوذ شيوخ القبائل داخل أجهزة الدولة، وبقي موقف الإرياني رافضًا تقديم أيّ تنازلات من أيّ شكلٍ في علاقات اليمن بالسعودية، وبخاصة بعد توقيع اتفاق المصالحة 1970م، وهو ما جعل السعودية تُفكر من خلال رجالها في الداخل بضرورة الإطاحة بالرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني.

انقسام التيار الجمهوري

عقب قيام الثورة انقسم الصف الجمهوري إلى تيارين: تيار جمهوري ثوري بزعامة الرئيس السلال، وتيار جمهوري تقليدي محافظ يتزعمه الزبيري والنعمان والإرياني ويضم عددًا من القيادات التقليدية القبلية… ووقف التيار الجمهوري التقليدي المُعارض موقفًا رافضًا لرئاسة الرئيس السلال والوجود المصري في اليمن، مطالباً بتقليص صلاحيات الرئيس، واستحداث ما أطلقوا عليه بالقيادة الجماعية، وغيرها من المطالب التي عبّرت عنها بوضوح مقررات مؤتمرَيّ عمران وخمر المناوئة للتيار الجمهوري الثوري.


الأرياني والمصالحة بين الجمهوريين والملكيين

عند توليه الحكم بإجماع قيادات انقلاب الخامس من نوفمبر 1967م، عمل الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني على إنهاء الحرب بين الجمهوريين والملكيين (1962 – 1970) من خلال إقرار المصالحة بين الطرفين، وإشراك ملكيين في أجهزة الدولة، واعتراف المملكة العربية السعودية بالجمهورية، وهو ما تم. كما شهدت فترة حكمه إنشاء عددٍ من مؤسسات الدولة، وتوقيع اتفاقيات تعاون مع عددٍ كبير من دول العالم، بما في ذلك تعزيز التعاون الدبلوماسي مع الدول العربية، وتحقيق خطوات جوهرية باتجاه إعادة تحقيق الوحدة اليمنية. وقبل ذلك شهدت فترة رئاسته عديدًا من الأحداث المفصلية في تاريخ البلاد، أبرزها حصار السبعين يومًا من قِبَل القوات الملكية التي كانت على وشك إسقاط الجمهورية، إلا أنّ القوى الجمهورية استطاعت توحيد صفوفها وقلب المعادلة وتحقيق انتصار ساحق أنقذ الجمهورية من موتٍ محقق.

معركة فحك الاحصار

لا يمكن تجاهُل ما شهدته فترة حكم الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني من أحداث يراها الطرف الآخر سلبية، كالتخلص من قيادات التيار الجمهوري الثوري، وبخاصة بعد انتصار الجمهوريين في معركة فك حصار السبعين يومًا على صنعاء… وذلك من خلال ما عُرِف بأحداث مارس وأغسطس 1968، وغيرها من الأحداث، بما فيها نفي عددٍ من الضباط الشباب للخارج، وصولاً إلى قتل وسحل رئيس هيئة الأركان حينها، المقدم عبدالرقيب عبدالوهاب، بطل فك حصار السبعين يومًا… وهي الأحداث التي ما زال تذكّرها يؤرّق الذاكرة الجمهورية في اليمن.
وطنية الأرياني خلال العهد الإمامي 
مرت تجربة القاضي عبدالرحمن الإرياني مع العمل الوطني والسلطة بعدّة مراحل، أولها دوره خلال العهد الإمامي، والتي كان فيها مساهمًا في الحركة الوطنية، مستفيدًا من تقلده عددًا من المناصب ضمن هيكل الحكم الإمامي في خدمة حركة معارضته، وهي المرحلة التي استمرت حتى عام 1962م، ومن ثم بدأ مشاركًا في الحكم الجمهوري من خلال عددٍ من المناصب التي تقلدها ضمن حكومة الجمهورية العربية اليمنية (1962 – 1967) كمرحلة ثانية انتقل منها إلى رأس السلطة وتسلّم رئاسة شمال اليمن (1967 – 1974)، ليغادر السلطة ويختار منفاه خارج اليمن حتى تُوفي – يرحمه الله – عام 1998م
مذكرات الأرياني الأهم في تاريخ المنطقة العربية

وفي ما يزيد عن أربعة أجزاء تقريباً من كتاب مذكراته الفخم، يحشد عبدالرحمن الإرياني، الرئيس اليمني الأسبق، موسوعة من الصور الفوتوغرافية لمراسلاته وأوراقه التي توثّق لحقبةٍ زمنيةٍ كانت الأهم في تاريخ المنطقة العربية خلال القرن الماضي، وكان هو أحد رموزها الكبار وصانعي أحداثها المهمة.

وبين ثنايا الكتب والدراسات التي خصصها مؤرخون وبحاثة عديدون، عربٌ وأجانب، ورفاقُ دربٍ وتلامذةٌ له تناولوا فيها سيرته كان ثمة قسم آخر من الوثائق التي لم تتسع لها مذكراته، أو أنه لم يكن يحوز على نسخ منها تنطوي على قدرٍ كبير من الأهمية التاريخية أيضاً.
كان "القاضي" وهذا هو المصطلح الذي اتفق الجميع عليه لوصف الإرياني، كنايةً عن ثقافةٍ غزيرةٍ ورفيعة في علوم إنسانية متنوعة اجتمعت في شخصه.
كان الوحيد من بين أعلام منتصف ذلك القرن ممن اجترحوا بمواقفهم سِيراً جعلت من تاريخهم جزءاً حميماً من ذلك التاريخ الذي يكاد لا يُروى إلا وتُحكى حياتُهم معه، والأكثر استرعاءاً للإنتباه والدهشة تلكم الصفات التي تحلى بها الرجل الذي كان يعرف (قيمة) الصبر حين يَحسُن الصبر، و(حكمة) العزم حيث لا يكون عنده من الحزم بدٌ.(تابعونا في الحلقة القادمة - اليمن والأطماع الأجنبية)!!