آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-07:56م

ملفات وتحقيقات


تقرير سياسي في الصحيفة الورقية ليومنا هذا.. بعد التحركات.. هل تبلورت رؤية السلام؟!

الأربعاء - 06 أكتوبر 2021 - 08:15 ص بتوقيت عدن

تقرير سياسي في الصحيفة الورقية ليومنا هذا.. بعد التحركات.. هل تبلورت رؤية السلام؟!

(عدن الغد) خاص:

تقرير يرصد التحركات الأخيرة للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ وإمكانية وضع حلول ملموسة..

زيارة المبعوث للعاصمة المؤقتة عدن.. ما الذي تحمله؟!

تقرير / محمد حسين الدباء

وصل ظهر أمس إلى مطار عدن الدولي السيد هانس غروندبرغ مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن والوفد المرافق له في زيارته الرسمية الأولى لليمن كمبعوث دولي والتقى برئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، حيث أطلعه على رؤيته لإحلال السلام العادل والتزامه بالعمل بشكل وثيق مع الأطراف سعيًا نحو تسوية سياسية شاملة، كما التقى برئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس وناقش معه سبل عملية السلام في اليمن.

ووصل المبعوث الاممي الى اليمن اليوم الى محافظة عدن ضمن جولة سياسية له لبحث السلام في اليمن. يأتي ذلك بالتزامن مع توتر أمني تشهده مدينة عدن، عقب وصول رئيس الوزراء اليمني الى العاصمة المؤقتة، المفترض ان تكون مقر دائماً للحكومة اليمنية عقب اعلانها عاصمة مؤقتة.

رسائله الأولى

وفي أول رسائله لليمنيين بعد تسلمه مهام منصبه قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إنه سيبذل كل ما بوسعه للمساهمة في تحقيق سلام دائم وعادل في اليمن، وأقبل هذه المسؤولية بوعي كامل لحجم المهمة وتعقيدات الوضع والتحديات التي تنتظرنا، ومع ذلك، يمكنني أن أؤكد لكم أنني سأبذل كل ما في وسعي للمساهمة في تحقيق سلام دائم وعادل في اليمن.

واستطرد "أتطلع إلى تفاعلات تتسم بالصراحة، وتشمل الجميع، وتسودها الجدية في المقام الأول، مع النظراء اليمنيين والإقليميين والدوليين معا، يمكننا مساعدة اليمن لتغيير المسار نحو حل سلمي لهذا النزاع".

وما يشفع للمبعوث الجديد احتكاكه المباشر بالملف اليمني، إذ عمل سفيرًا للاتحاد الأوروبي إلى اليمن منذ سبتمبر 2019، وترأس قبل ذلك قسم الشؤون الخليجية بالخارجية السويدية خلال فترة استضافت فيها ستوكهولم مفاوضات بين أطراف النزاع باليمن في ديسمبر 2018.

التحركات الأخيرة

ومنذ تولي المبعوث الأممي هانس غروندبرغ عقد عدة لقاءات مع مختلف الأطياف اليمنية والإقليمية والدولية لمناقشة سبل حل الأزمة اليمنية التي فشل قبله ثلاثة مبعوثين في حلها أو وضعها على طريق الحل، ويكثف المبعوث الأممي، من مشاوراته مع الأطراف اليمنية، مسؤولين بارزين إقليميين ودوليين، على صلة بملف الأزمة اليمنية.

ويسعى المبعوث الأممي، مسنود بتحركات أمريكية وأوروبية، إلى إحياء مشاورات السلام. وجمع الأطراف اليمنية في مفاوضات تؤمل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بأنها قد تفضي إلى حل سياسي ووقف الحرب في اليمن.

لقاءاته الدولية

بحث المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، أمس الاثنين، مع السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، مستجدات الأوضاع وجهود وقف إطلاق النار في اليمن.

وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس) إنه "جرى خلال اللقاء مناقشة الجهود لوقف إطلاق النار في اليمن".

كما شدد اللقاء على "التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي معاناة الشعب اليمني، ويحقق السلام والأمن في اليمن والمنطقة".

كما التقى المبعوث الأممي نائب رئيس هيئة الأركان قائد القوات المشتركة المكلف الفريق الركن مطلق بن سالم الازيمع، في مقر قيادة القوات المشتركة للتحالف، وتم خلال الاستقبال مناقشة المستجدات في اليمن وموقف المملكة العربية السعودية الثابت في دعم وتسهيل العمليات الإنسانية وتنمية وإعمار اليمن وإرساء السلام الشامل والعادل للشعب اليمني الشقيق.

ودعا المبعوث خلال اتصال هاتفي أجراه مع كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني في الشؤون السياسية الخاصة علي أصغر خاجي لحل وتسوية أزمة اليمن، ولم يتطرق الاتصال إلى تدخل إيران في الشأن اليمني، إن كان الاتصال في العموميات.

القاءات المحلية

التقى المبعوث بنائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن صالح لمناقشة التطورات المختلفة والجهود الأممية المبذولة لإحلال السلام.

وفي اللقاء أطلع المبعوث الأممي نائب الرئيس على نتائج لقاءاته المختلفة الرامية إلى فهم طبيعة الأوضاع وبحث آفاق السلام، مؤكداً حرصه الدائم على التوصل إلى حل دائم واستئناف العملية السياسية بما من شأنه إنهاء معاناة اليمنيين وتحقيق الأمن والاستقرار.

كما تعهد المبعوث الإثنين الماضي بالعمل على إشراك النساء في جهود السلام، مضيفا "إن التزامكنّ بالسلام هو مصدر إلهام"، مؤكداً أنه سيواصل التطرّق إلى أهمية الشمولية ولاسيما شمولية النوع الاجتماعي في جهود السلام، والإصرار عليها مع أطراف النزاع والجهات الفاعلة، متابعا "سأعمل على هذه المسألة مع الجميع بلا هوادة".

كما تبادل المبعوث مع عدد من الشباب اليمنيين، وجهات النظر حول عملية السلام في اليمن في ندوة ركزت على (تعزيز دور الشباب في عملية السلام في اليمن).

وأضاف المبعوث أن "مستقبل أيّ بلد وقفٌ على شبابه والشعب اليمني معظمه من الشباب، لذا من الضروري إشراك الجيل الجديد في بناء سلام مستدام"، متابعا "لا بد من أن يكون الشباب اليمني في الطليعة سعياً لكسر دائرة العنف والاستقطاب وانتهاك الحريات".

وألتقى المبعوث برئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد عبيد بن دغر أمس الأول أن السلام في اليمن لن يتم إلا وفقا للمرجعيات الثلاث المتفق عليها.

وأكد الدكتور بن دغر، أن الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهروية، لا زالت ترى ان الوصول إلى حل عادل وشامل، لا يمكن بناؤه خارج إطار المرجعيات الثلاث.

وأكد دعم الشرعية لمبادرة المملكة العربية السعودية، ودعم جهود الأمم المتحدة، وممثلها المبعوث الأممي هانز جولدينبرج الهادفة لدعوة الطرفين للجلوس على طاولة الحوار.

وأعرب رئيس مجلس الشورى، عن أمله في أن يتبنى المبعوث الأممي خطة شاملة، تركز على القضايا الجوهرية للصراع الدموي في اليمن والتي من شأنها أن تحفظ لليمن نظامه الجمهوري، ووحدته وأمنه واستقراره وسيادته، وتعجل بخلاصه من آار وتداعيات الحرب.

الدروس السابقة

أكد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد عزيز راشد أنه لن يستطيع المبعوث التقدم إلى الأمام إلا إذا كان قد أخذ الدرس من أفغانستان، وأن الشعوب لا يمكن إخضاعها بالقوة العسكرية، وأن التفاوض والحلول السلمية هي الأجدر بإنهاء الأزمات في ربوع العالم، وهناك مجاعات عالمية هي الأولى بكل تلك الأموال التي تنفق على حروب لا طائل من ورائها.

وطالب الخبير العسكري، حكماء العالم والأمم المتحدة أن يقرروا أن وفق المبادئ التي وقعت عليها دول العالم بأن تكاليف السلام أقل كثيرا من تكاليف الحروب، مشيرا إلى أن استقبال صنعاء للمبعوث الأممي الجديد أو عدم استقباله أمر غير مهم، لأن الوسيط العماني سوف يقوم بدعوة الأطراف إذا كانت هناك حلول أو جدية، وإن لم تكن هناك جدية فما هو جدوى تلك اللقاءات.

وحول دور شخصية المبعوث الأممي وقدرتها على وضع خارطة للسلام وجمع أطراف النزاع في اليمن قال راشد، مهما تكن شخصية المبعوث الجديد قوية، وهناك خلف الكواليس من يحرك الأمور فلن يستطيع فعل شىء، وفي هذا التوقيت عليه أن يغادر هذا المنصب إن كان منصفا كما فعلها مبعوث سابق عبر عن موقفه الإنساني ورفض البقاء لتمرير ما تريده القوى التي تفرض نفسها على الساحة.

أفكار جريئة

حرص غروندبرغ -خلال عمله كسفير للاتحاد الأوروبي إلى اليمن- على حث الحكومة والحوثيين للعودة إلى التفاوض، وتشجيع الأطراف السياسية والعسكرية في تبنّي السلم، وقال في مقال سابق إن إمكانية سلام اليمن ليست خيالًا بعيد المنال، بل فرصة قائمة في الواقع.

وإن كان بدا في مهمته السابقة قليل الحيلة للضغط نحو مفاوضات جادة ووقف إطلاق النار، لكن الأمر مختلف هذه المرة إذ سيكون الدبلوماسي السويدي مدفوعًا بدعم دولي وأممي واسع، إضافة إلى كونه يملك تصورًا واضحًا عمّا يمكن عمله في اليمن.

ووفق مصدر مطّلع تحدث للجزيرة نت فإن "غروندبرغ يحمل أفكارًا جريئة، أبرزها تجاوز القرار الأممي 2216 الذي يطالب الحوثيين بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح، كما سيعترف بالحوثيين كطرف مباشر ومسيطر على العاصمة صنعاء خلافًا لاعتبارها جماعة انقلابية، إضافة للتعامل مع أطراف مختلفة بالجانب الآخر بدلًا عن الحكومة اليمنية وحدها.

حصيلة سابقيه

كما سيحاول المبعوث الجديد تلافي الأخطاء التي ارتكبها أسلافه، فبنعمر رغم نجاحه خلال سنوات عمله 2011-2015 في توقيع الأطراف اليمنية على المبادرة الخليجية، وعقد مؤتمر الحوار الوطني (2013-2014) فإنه فشل في تجنيب البلاد الحرب الدامية، بحسب مراقبين.

ويتهم يمنيون بنعمر بتجاوز الأصوات المنتقدة له، والتغاضي عن جماعة الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح اللذين قادا ثورة مضادة أنهت آمال التغيير عقب ثورة فبراير2011، حيث رعى اتفاق "السلم والشراكة" الذي منح الحوثيين الشراكة بالحكم رغم سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 بقوة السلاح.

لكن بنعمر عزا فشله في مهمته إلى تدخل التحالف السعودي الإماراتي في مارس 2015، وقال إن ذلك التدخل عطّل العملية السياسية، ليضطر عقب ذلك لتقديم استقالته في وقت كان البلد يشهد أعنف المعارك وينحدر لأسوأ أزمة إنسانية حد وصف الأمم المتحدة.

عيّنت الأمم المتحدة وزير الخارجية الموريتاني الحالي ولد الشيخ خلفًا لبنعمر، والذي بدأ مهمته سريعًا بعقد جولات من المفاوضات بين ممثلي الحكومة والحوثيين في جنيف والكويت. ورغم إحرازه تقدمًا فإن تمسكه بالمرجعيات الثلاث (مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، المبادرة الخليجية، قرار مجلس الأمن 2216) دفع الحوثيين لوقف التعامل معه.

اضطرت المنظمة الدولية لتعيين البريطاني غريفيث الذي بدا أكثر حظًا من سابقيه، إذ كان مدعومًا من بلاده التي تُعد حاملة القلم للملف اليمني بمجلس الأمن، ليحقق أول اختراق في الأزمة بتوقيع الأطراف اتفاق ستوكهولم الذي أوقف المعارك بمدينة الحديدة نهاية 2018، كما كان قريبًا من إنجاز اتفاق مماثل لوقف النار في مأرب مؤخرًا.

نجح غريفيث أيضًا في رعايته لتبادل أطراف النزاع 1056 أسيرًا في أكتوبرمن العام الماضي، وأطلق مفاوضات المسار الثاني التي تجاوزت طرفي النزاع والتي يعوّل عليها أن تكون داعمة لمفاوضات المسار الأول.

توجيهات عامة

وعلى الجانب الآخر يقول رئيس المكتب السياسي لمؤتمر عدن الجامع، الدكتور إيهاب عبد القادر، إن دور المبعوث الأممي يكون بحسب ما هو مرسوم له من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، بأن يكون طرف محايد يسعى لفض النزاعات بين الطرفين المتصارعين "أنصار الله والشرعي اليمنية"، وإعادة الشرعية لحكم البلاد.

وأضاف أن الحوثيين يجيدون اللعب بما لديهم من أوراق كما فعلوا مع المبعوثين السابقين والذين لم يلتزموا بما حدده لهم الأمين العام، وبالتالي أعطوا مجالا للتلاعب وإطالة أمد الحرب واستمرار المعاناة، وكل ما كان بوسعنا أننا قمنا بتقديم مبادرة لإيقاف الحرب في العام 2017، وتم تسليمها لمكتب الأمين العام في عدن في ذلك الوقت، وبكل أسف لم نستدع حتى لدراستها.

وأكد عبد القادر، أن المندوبين الثلاثة السابقين، المستفيد الأول منهم هم الحوثيين، علاوة على أن دولة المبعوث تريد دائما تحقيق أهدافها وفرض سياساتها على طرف من الأطراف وتقربه منها، لذا نطالب الأمين العام للمنظمة الدولية الالتزام بالميثاق الإنساني، مشيرا إلى أن لعب أي دور أممي في اليمن مرتبط بشخصية المبعوث الأممي والمهام الموكلة إليه.