برز اسم إمام النوبي، قائد قوات الحزام الأمني سابقا في مدينة عدن، خلال السنوات الماضية القليلة كأهم الشخصيات المؤثرة في التحولات الجارية في المشهد العسكري الجنوبي، فمن هو وكيف ساهمت الجهات الداعمة له ببناء إمبراطوريته العسكرية؟
هو إمام محمد أحمد عبده الصلوي المعروف باسم "إمام النوبي" كان يعمل سابقا في تلحيم أبواب الحديد وشكمانات السيارات في "حي الطويلة" بكريتر، وعند غزو مدينة عدن من قبل المليشيات الحوثية، اشترك مع شباب كريتر في مقاومة المليشيات الحوثية عند غزوها لمدينة عدن في مارس 2015 وخلال الحرب المدمرة نزح إمام النوبي وأسرته عند سقوط كريتر خارج المنطقة.
امام النوبي ينتمي إلى منطقة ردفان بمحافظة لحج التي ينحدر منها الكثير من القادة في صفوف قوات الانتقالي الجنوبي، تم تعيينه بعد ذلك قائدا لمعسكر 20 التابع للحزام الأمني وهو في العشرينيات من العمر، وذلك بوساطة من أحد المقربين له والمقرب من قيادات الحزام الأمني.
ترى بعض المصادر أن إمام النوبي هو الحاكم الفعلي لمنطقة كريتر، وكان يتوقع أن تتسلم قواته حماية مطار عدن الدولي قبل نقلها لحماية معسكرها في البريقة ومن ثم اعادتها إلى كريتر لتكون شوكة في خاصرة الانتقالي، إضافة إلى قوة عسكرية أخرى تتبع شقيقه مختار النوبي الذي يقود اللواء الخامس المنتشر في ردفان ويملك معسكرات في عدن وابين.
انتهاكات نسبت إلى إمام
نشر رئيس منظمة الراصد لحقوق الإنسان أنيس الشريك انتهاكات رصدتها منظمته لإمام النوبي قائد معسكر 20 التابع للحزام الأمني، كان أهمها:
1- صلته وعلاقته المباشرة بمقتل الناشط الشبابي العدني "امجد عبدالرحمن" بتهمة الإلحاد وتجلى ذلك في اعتقاله لساعات وتهديده للشاب "أمجد" على إثر مساعدته إحدى القنوات الفضائية لتغطية قضية مسجد الحامد قبل مقتله "تصفيته"، وكذا تهديد أسرته بالتصفية ناهيك عن منع القائم على مقبرة القطيع في كريتر من دفنه بعد تصفيته، بحجة أنه لا يجوز دفنه في مقابر المسلمين كونه ملحدا.
2- قيام إمام النوبي بمنع أصدقاء الشاب المغدور به "امجد" من أداء واجب العزاء لأسرته وهدد كل من يحاول الوصول لمنزله لهذا الغرض.
3- قيام النوبي ومليشياته بالاعتداء على الناشط هاني الجنيد والصحفي ماجد الشعيبي وزملائهم بالضرب واعتقالهم في المعسكر ليوم كامل، بسبب محاولتهم تقديم واجب العزاء وقام كذلك بتعذيبهم واتهامهم ايضا بالإلحاد وتهديدهم هم ورفاقهم وكل رفاق ورفيقات المغدور به "أمجد" بالتصفية ومنهم/ ومنهن من اضطر إلى السفر خارج البلاد، بسبب التهديد والوعيد.
4- تورط إمام النوبي في مقتل واغتيال الشاب العدني عمر باطويل والذي اتهم بالإلحاد ايضا.
5- اطلاق الرصاص الحي لترهيب الشباب والفتيات عند اعدادهم لرحلة تسلق جبل شمسان في كريتر ومنعهم من ممارسة الأنشطة المعروفة لدى سكان مدينة عدن 2016.
6 - هدم مسجد الحامد واستخدام القوة العسكرية للترهيب ومنع الناشطين المجتمعيين من الاعتراض على عملية هدم مسجد الحامد في كريتر والذي يعتبر أحد معالمها وتهديد كل من يعارض ذلك بالاعتقال والتصفية.
7- شراء عدة عقارات قديمة بمنطقة كريتر وهدمها وبناء عمارات أخرى.
8- إجبار احدى المحاميات التي تسكن بالقرب منه على بيع منزلها، حيث قام بتهديدها بالتصفية كما قام بإطلاق الأعيرة النارية بالقرب من منزلها ورجم باب منزلها بالحجارة، ورغم كل دعوات المناشدة التي قدمتها لإنصافها من ما يمارس ضدها من انتهاكات من قبل امام الصلوي المعروف بـ(النوبي) قائد معسكر 20 إلا انه تم تجاهلها من قبل جميع الجهات، ولم يقف بجانبها أحد مما اضطرها يائسة للخضوع له وبيع مسكنها الذي يأويها هي ووالدتها بالإكراه.
10- اقدام شقيق امام الصلوي (النوبي) والمسمى بالقليع باستخدام النفوذ العسكري لشقيقه وممارسة أساليب الرعب والهلع بين المواطنين عند قيامه بإطلاق الرصاص في الهواء في احد الاسواق العامة المزدحمة بالمواطنين بكريتر، مما تسبب بالهلع وتدافع الناس هربا وسقوط نساء ورجال كبار السن وأطفال، وجاء ذلك للبحث عن شخص اختلف معه في السوق ولإظهار قوته وعنجهيته في عام 2018.
11- اقدام شقيق قائد معسكر 20 وباستخدام القوة العسكرية التابعة لقائد المعسكر على اطلاق الرصاص على شرطة كريتر، وبعد التبليغ وتدخل مدير المديرية خالد سيدو لحمايته وتفادي حصول مشكلة، تم الاتفاق على سجن القليع في شرطة كريتر لاتخاذ الإجراءات القانونية في حقه وبعد مرور يومين اقدمت قوة تابعة للمدعو امام على اقتحام الشرطة وتهريب اخيه المعروف بـ(القليع) منها في عام 2019.
12- اقدام شقيق قائد معسكر 20 على اطلاق الرصاص على سيارة قائد شرطة كريتر (سيارة الشرطة) اثناء تواجدها بقرب منزله دون اتخاذ اي اجراءات رادعه في حقه.
13- وجود سجن سري في معسكر عشرين.
وبغض النظر عن صحة تلك الاتهامات التي نشرها الشريك، فإن الواقع المعاش شاهد على بعضها، وقد أكدت المصادر أنه تمت اقالة امام النوبي من منصبه في العام 2019 بتهمة تعذيب معتقلين في سجون سرية.
آلـ النوبي (عسكريا)
نشر الاعلام التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي تبريرات انكر فيها صلة امام النوبي بقوات المجلس، بعد يوم دام في مديرية كريتر، بمحافظة عدن.
وكشف ناشطون على منصات المواقع المفتوحة، معلومات وصور لكافة أشقاء امام النوبي والذين ينتمون إلى منطقة ردفان بمحافظة لحج.
وخلال السنوات الماضية أصدر الانتقالي قرارات بتعيينات في مناصب عسكرية قبل أن يتفجر الوضع السبت، في كريتر بين قوات الانتقالي والقوات التابعة لإمام النوبي.
وتساءل الناشطون عن سبب قيام قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بإصدار قرارات لآل النوبي بتعيينات في مناصب عسكرية، وهل هم فعلا يستحقون هذه التعيينات أم انها محاباة وتغليب للمصالح؟!.
وتمثلت هذه التعيينات في تعيين امام النوبي قائدا لمعسكر 20 التابع للحزام الأمني منذ تحرير عدن في يونيو 2015، ويعد صاحب النفوذ الأقوى في عدن.
اما أخوه مختار النوبي فكان نصيبه قائد محور ابين واللواء الخامس التابع للانتقالي وعين في منصبه منذ 2018، وكان له دور كبير في الحرب ضد الحكومة اليمنية في اغسطس 2019.
أما أخوه علي النوبي فعين قائد اللواء 13 صاعقة وعين في منصبه في سبتمبر 2020.
وأخيرا أخوه عواد النوبي عين قائد كتيبة في اللواء الخامس التابع للحزام الأمني والانتقالي، وقيل إنه لقي مصرعه خلال أحداث كريتر الدامية السبت 2 أكتوبر 2021.
أسباب الاشتباكات الأخيرة
اختطفت قوات إمام النوبي في وقت متأخر ليلا مسؤولاً أمنياً في شرطة كريتر بمدينة عدن.
وقالت شرطة كريتر في بيان على حسابها في الفيسبوك، إن مسلحين معززين بمدرعات تابعين للقيادي إمام الصلوي، حاصروا مبنى قسم شرطة كريتر، واختطفوا الرائد عواد السيد نائب مدير قسم البحث والتحريات في القسم، بعد اقتحام منزله، واقتادوه إلى جهة مجهولة.
وأشار البيان إلى أن المسلحين كانوا يحاولون إخراج أحد رفقائهم ويُدعى "محمد أبو عطفي"، عنوة من القسم.
وأعلنت قيادة وضباط وأفراد قسم شرطة كريتر تعليق العمل بالقسم حتى تتم محاسبة من سموهم بـ"البلاطجة" الذين تهجموا على القسم وحاصروه واختطفوا الرائد "عواد السيد".
إلا أن مصادر أخرى رجحت أن سبب الاشتباكات الأخيرة هي محصلة خلافات النوبي والمجلس الانتقالي التي بدأت في العام 2019، عندما حاول الانتقالي اخراج قواته من كريتر التي تضم اهم المؤسسات الحكومية بينها قصر المعاشيق، مقر إقامة هادي وحكومته وكذا البنك المركزي ومؤسسات عدة باعتبار كريتر بمثابة مركز عدن كونها المدينة الاقدم فيها، لكن مخاوف الانتقالي من اتساع رقعة الانقسامات في صفوف قواته دفعته لمهادنة النوبي.
وخلال الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها عدن برز النوبي كأهم قادة الاحتجاجات إلى جانب قيادات أخرى تم اقصاؤها من منصبها وتملك ترسانة عسكرية في المدينة، وحتى تفجيره للوضع بهجومه على مركز شرطة كريتر التابع للحزام الأمني كان ردا على قيام هذه الفصائل باعتقال عدد من ضباطه وعناصره، الذين طالب بإطلاق سراحهم فورا مقابل اخلاء سبيل مسؤولين امنيين من عناصر الانتقالي.
وقال الباحث في مركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي إن الاشتباكات الأخيرة في عدن واحدة من تداعيات ما أسماها "اللا دولة" في اليمن؛ فالحكومة اليمنية مُنعت مرارا من العودة إلى عدن قبل أن يعود رئيسها مؤخرا، إضافة إلى الانتهاكات التي طالت اتفاق الرياض.
وأوضح مكي أن تعدد الأجهزة الأمنية في عدن خلق صداما بينها، ورغم تبعيتها جميعا للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإنها غير متسقة مع بعضها بسبب تغليب المصالح الشخصية.
أحداث كريتر.. مَن يقاتل مَن؟
الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في عدن كانت بين قوات إمام النوبي وقوات (العاصفة).
كانت قوات إمام النوبي القيادي السابق في قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، تضم عشرات المسلحين المجهزين بالعربات العسكرية والمدرعة، وفي عام 2016 كانت هذه القوات ضمن قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي التي أنشأتها الإمارات، وأسندت لها مهام عدة في كريتر من بينها حراسة قصر معاشيق الرئاسي، وفي عام 2019 اشتبكت مع المجلس الانتقالي بعد رفضها تسليم كريتر ومعسكر 20 لقوات العاصفة التابعة للانتقالي، وفي نفس العام أسند لها تأمين مطار عدن، ولكن كتيبة الحماية التابعة للانتقالي رفضت ذلك.
في المقابل، قوات العاصفة التي شنت هجوما على قوات إمام النوبي تم إنشاؤها عام 2017، وألحقت بإدارة أمن عدن التابعة لوزارة الداخلية، ولكنها دانت بالولاء للمجلس الانتقالي الجنوبي، وفي الأساس هي أنشئت لتحل محل قوات الشرطة والأمن الرسمية، وتسند لها كثير من المهام الأمنية وتسيطر على معظم مناطق عدن، كما شاركت بالقتال مع فصائل موالية للمجلس الانتقالي في المواجهات ضد القوات الحكومية عامي 2018 و2019.
إمام النوبي يوجه رسائل نارية
يلف الغموض مصير القائد السابق لقوات الحزام الأمني بكريتر إمام النوبي.
ودارت اشتباكات مسلحة قبل يومين خلفت اكثر من 12 قتيلا بين قوات من المجلس الانتقالي ومسلحين يتبعون النوبي.
وقال مسئولون امنيون ان الحملة هدفها القاء القبض على النوبي.
وانتهت المواجهات دون ان يتم الإعلان عن القاء القبض على النوبي.
وبعد يومين من المواجهات لايزال مصير النوبي مجهولا في حين رجحت مصادر انه تم اخراجه من كريتر سالما.
وقالت مصادر مطلعة إن وساطة أدت إلى اتفاق لوقف المواجهات، وأضافت المصادر أن الاتفاق نص على إخراج النوبي من منطقة كريتر في عدن، وسط تضارب بشأن المكان الذي نُقل إليه.
ولم تقدم المصادر تفاصيل إضافية حول أطراف الوساطة، والضمانات التي حصلت عليها لإنهاء الاشتباكات في عدن.
كما أكد موقع (يمن دايز) أن "القيادي العسكري البارز والمنشق عن قوات المجلس الانتقالي، إمام النوبي، خرج يوم الاثنين، بسلسلة تغريدات اثارت الكثير من الجدل بالتزامن مع استهداف قوات أمنية تابعة للانتقالي في مبنى مديرية أمن كريتر".
وقبيل الاستهداف بدقائق خرج النوبي بتغريدة قال فيها: "هناك بشائر عظيمة تنتظرها عدن وكل أحرارها، بشائر ستغير مجريات الأحداث وتدفن مشروع (....) القروية في مزبلة التاريخ إلى الأبد".
إمام النوبي.. هل يتبع الانتقالي؟
يرى الناشط والكاتب السياسي خالد سلمان أن النوبي سيذهب وسيأتي آخر. المشكلة ليس في اجتثاث الرجل، عبر القانون، بل بالبحث عن من صنع النوبي، منحه الإمكانيات العسكرية، اطلق يده ودفعه من الهامش إلى واجهة الصورة. هذه هي القضية الأهم.
وأكد أن ما يشاع بحسن أو سوء نية بأن المواجهات التي تجري الآن هي بين فصائل الانتقالي، أمر يفتقر للدقة، ومحاولة لخلط الأوراق وشرعنة وجود مجموعات العنف الديني، والمختلطة بعناصر الجريمة المنظمة كما هو الحال في تعز، وتوظيفها كجيب يمكن استخدامه عسكرياً عند الحاجة.
لا أحد مع تصفية أي أحد خارج سلطة القضاء، نحن نريد رد الاعتبار لسلطة القانون وتقديم النوبي وعصابته للمحاكمة العادلة، نحن مع المحاكمة، وأي تسوية خارج القانون، ستصب في خانة إشاعة الفوضى.
ليكن الرجل من الكوكب الأحمر، ليس صراع مناطق، بل إرهاب وترويع أمام محاولة بسط سلطة دولة، هكذا يجب أن يتم توصيف المسألة.
عادل اليافعي المذيع في قناة ابوظبي تساءل عن الجهة التي زودت النوبي بمدرعات حديثة بعد استهداف سيارة مدرعة وطقم تابعة له خلال المواجهات.
ويرى الناشط عبدالحميد العولقي أن إمام النوبي أصبح كرتا محروقا ولا يمكن استخدامه مجددا من قبل من يدفع به.
كريتر بحكم تواجد مقر الحكومة والبنك المركزي لم تكن تحت سيطرة القوات الجنوبية على الإطلاق ولم تتحرر إلا (اليوم) وما حدث كان خير دليل وكان الهدف إبعاد القوات الجنوبية من مدينة كريتر قدر المستطاع بحكم موقعها الاستراتيجي ولكنهم في الأخير فشلوا.
وأكد أن توقيت أحداث كريتر لم يأت من فراغ وإنما كان الهدف منه هروب رئيس الحكومة وإرسال رسالة الى المبعوث الأممي بأن عدن ليست آمنة.
هناك ضغوط كبيرة جدا مورست على اللجنة الأمنية وكذا على القيادة السياسية لاعتبارات لا تخفى على أحد بترك الموضوع دون الخوض في تفاصيله ودون إصدار أي بيان يوضح حقيقة ما حصل، ولكن الضغط الشعبي كان أكبر من تلك الضغوط وخرج البيان من داخل معاشيق باجتماع المحافظ واللجنة الأمنية مع رئيس حكومة المناصفة، وتم إصدار البيان الذي أعلن صراحة أن إمام النوبي هارب من وجه العدالة وأن الأجهزة الأمنية ستلاحقه وعلى من يعلم بمكان تواجده أن يبلغ السلطات الأمنية.