آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-11:56م

ملفات وتحقيقات


تقرير سياسي في الصحيفة الورقية ليومنا هذا.. هل قرر العالم تسليم اليمن للحوثي؟

السبت - 25 سبتمبر 2021 - 08:39 ص بتوقيت عدن

تقرير سياسي في الصحيفة الورقية ليومنا هذا.. هل قرر العالم تسليم اليمن للحوثي؟

(عدن الغد) خاص:

قراءة في المستجدات العسكرية الأخيرة على جبهات القتال بالتوازي مع سيطرة الحوثيين على مواقع جديدة..

تسارع الأحداث في جبهات مأرب والبيضاء وشبوة.. هل يجعلنا أمام تكرار للنموذج الأفغاني في اليمن؟

سبع سنوات من الحرب.. هل كانت عبثية وبدون رؤية؟

الشرعية اليمنية والتحالف العربي.. هل كانا غير مؤهلين لإدارة الحرب؟

ما مصير المحافظات الجنوبية.. وهل ستتحد لرفض الحوثي مجددا؟

ما هو السيناريو القادم إذا سيطر الحوثيون على مأرب والمحافظات الشمالية بشكل كامل؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

الخارطة الجيوسياسية للعالم تتغير، هذه هي الحقيقة التي يؤكدها المراقبون في كل مكان من الساحة الدولية.

وهذا التغيير طال الغرب قبل أن يطال العرب، حيث باتت المنطقة العربية، وبشكل أوسع "الشرق الأوسط" مجرد صدى للتغيير الحاصل في الدول الغربية.

فبعد مرور أكثر من قرن كامل على تقسيم الغرب للمنطقة العربية في اتفاقية "سايكس بيكو" التي وزعت وتركة الرجل المريض "الدولة العثمانية"، ها هو يسعى لتغيير هذا التقسيم، بناء على مستجدات دولية كبيرة.

ولعل أبرز تلك المستجدات بروز قوى وأقطاب دوليين، ولاعبين مؤثرين جدد على الساحة الدولية، كالصين وتركيا، تزاحم الدول العظمى التقليدية على مقدرات المنطقة العربية.

ومن هذه المقدرات تأتي اليمن وموقعها المتميز والاستراتيجي في القلب من هذا المستجدات، وهي مستجدات استوعبتها جيدا الدول المتحكمة باليمن، كإيران والسعودية، والإمارات.

فالتقارب الدبلوماسي بين طهران والرياض، دفعهما للتفاوض من أجل رسم مستقبل اليمن، كما أن هذا المستقبل الذي أدركته أبو ظبي فرض عليها الانفتاح على تركيا، ودراسة أبعاد ما قد يحدث.

كل هذا يأتي بالتوازي مع متغيرات حدثت أبعد من الجغرافيا اليمنية لكن تأثيراتها بدت واضحة في تلك التحركات الدولية والدبلوماسية للاعبين المؤثرين بالشأن اليمني.

فالانسحاب الأمريكي من أفغانستان، أكد أن السياسة العالمية بدأت بالتغيُّر، وأنها لا بد أن تنسحب على الوضع في اليمن، وأزمته وحربه المستمرة منذ سبع سنوات عجاف.

تحركات داخلية عنيفة

وفي الوقت الذي يتحرك العالم "بنعومة بالغة" من خلال الدول المؤثرة في المنطقة؛ لإبرام تفاهمات وربما "تنازلات" لمواكبة هذا التغير في الخارطة الجيوسياسية للعالم، تبدو هذه "النعومة" غائبة في الداخل اليمني.

فالتحركات لترجمة التغيرات العالمية عنيفة وساخنة، تمثلت في اشتداد المعارك على الأرض وفي مختلف الجبهات.

وشهدت الأسابيع الماضية، تمدد قوات مليشيات الحوثي الانقلابية إلى مناطق جديدة تدخلها لأول مرة منذ نحو ست سنوات، في مناطق غرب محافظة شبوة "جنوب اليمن".

كما أحكمت المليشيات سيطرتها الكاملة على محافظة البيضاء، وانطلاقا منها اتجهت صوب المديريات الجنوبية لمحافظة مأرب، لتسيطر على مناطق جديدة لم تكن تحلم بالسيطرة عليها منذ شهور.

كل تلك التحركات في الجبهات والمعارك المشتعلة، لم يستبعد المراقبون صلتها وعلاقتها الوثيقة بما يدور في العالم اليوم من تغييرات سياسية، ألقت بظلالها على الوضع العسكري والسياسي في اليمن.

حتى ذهب بعضهم إلى تشبيه التمدد الحوثي الجديد، وسط وجنوب اليمن، بعودة جماعة طالبان للسيطرة على كامل أفغانستان، بعد نحو عشرين عاما من الاحتلال الأمريكي للبلاد هناك.

تكرار النموذج الأفغاني في اليمن

ويعتقد غير واحد من المحللين السياسيين أن الانسحاب الأمريكي من وسط آسيا، ليس فشلا عسكريا للولايات المتحدة، بقدر ما هو تكتيك سياسي وعسكري يترجم التغييرات السياسية التي تشهدها الساحة الدولية.

حيث يشيرون إلى أن ثمة تفاهمات بين الأمريكيين وطالبان بتسليم البلاد بناءً على مفاوضات الدوحة، التي استمرت سنوات بين الجانبين.

ودون الخوض في تفاصيل الهدف من وراء هكذا اتفاق، إلا أن ما يجري في اليمن حاليا ليس ببعيد عن النموذج الأفغاني، بحسب المحللين.

ويبدو العالم قد اختار تسليم اليمن للحوثيين كما سُلمت أفغانستان، لجماعة متطرفة لا تقل إرهابا ودموية عن طالبان والتنظيمات المتطرفة الأخرى.

وحتى أن محللين رفضوا فصل ما يجري من تمدد مليشياوي حوثي في مأرب والبيضاء وشبوة عما يدور من تفاوض سعودي إيراني، تمهيدا لمستقبل مرسوم باتفاقات وتفاهمات تجري حاليا.

أو حتى لقاءات بين مسئولين رفيعي المستوى في كل من الإمارات وتركيا، وهو ما ينعكس على الوضع في اليمن، وعلى جبهات القتال تحديدا وتوسيع رقعة سيطرة مليشيات الحوثيين على الأرض.

ما دلالات تسليم اليمن للحوثيين؟

في المقابل، ثمة نتائج مترتبة على مثل هكذا نهاية للحرب والأزمة في اليمن، وذلك في حالة تم تطبيق النموذج الأفغاني باليمن وتسليم البلاد للمليشيات الحوثية.

فثمة دلالات صعبة التقبل لسيناريو مماثل يحدث في اليمن، حيث سيطال الأمر التحالف العربي والحكومة الشرعية.

حيث ستؤكد هذه المآلات أن التحالف العربي بكل إمكانياته وعداءاته للمليشيات الانقلابية- ظاهريا على الأقل- قد فشل في حسم الحرب ضد الحوثيين.

كما أن السنوات السبع من الحصار وفرض الحظر الجوي والبحري وخنق المنافذ لم تفلح في إخضاع الحوثيين، تماما كما فشلت الولايات المتحدة بقوتها العسكرية الضخمة في التخلص من طالبان.

وهو ما يجعل من هذه الحرب التي تسببت بأسوأ كارثة إنسانية في العالم، حربا عبثية بلا طائل، وبلت رؤية حقيقية.

ولن يطال الأمر التحالف العربي فقط، بل أن الفشل مرتبط أيضا بالشرعية اليمنية، التي عجزت عن العودة إلى صنعاء وإنهاء الانقلاب، في حالة تم بالفعل تسليم اليمن للحوثي، على الطريقة الأفغانية.

كما أن خطوة كهذه ستثبت للعالم أن التحالف العربي والشرعية معا لم يكونا مؤهلين إطلاقا للانتصار على الحوثيين، أو إدارة خربٍ كهذه، وسيثبت تفوق هذه المليشيات وذكاءها ونفسها الطويل.

وهذا الذكاء والتفوق ليس موجودا حقيقةً في الحوثيين، ولكن الفشل والعجز في إدارة الحرب، في حالة تسليم اليمن للمليشيات هو ما أظهر الحوثيين بهذه الصورة.

سيناريوهات مستقبلية

القراءة التحليلية السابقة لا تعدو عن كونها مجرد تنبؤ بما هو قادم، عطفا على التحركات الدولية والتفاهمات بين الدول العظمى واللاعبين المؤثرين إقليميا.

لكن في حالة تحققها، واتفق العالم على تسليم اليمن للحوثيين، فهناك مصائر عديدة سيدور حولها الكثير من الجدل.

من تلك المصائر، مصير الحكومة الشرعية، والمحافظات الجنوبية، التي ما زالت ترفض الحوثيين ولن تتقبلهم أو تفكر في التعامل معهم مستقبلا.

وفي الوقت الذي يبدو فيه مصير الشرعية اليمنية مرهون بقرار التحالف، وإرغام الشرعية على صفقة سياسية مع الحوثي، إلا أن هناك في جبهة الشرعية من قد يرفض هذه الصفقات.

وهو الأمر سيقود إلى إمكانية توحد مجتمل بين قوى الشرعية والقوى الجنوبية الأخرى؛ لمواجهة مثل هذا المخطط بتسليم البلاد للحوثيين.

هذه الاحتمالات بدأت بوادرها بالتشكل مؤخرا، بين القوات الشرعية والقوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي، والتي وحدت صفوفها وفق تنسيق وتفاهم مشترك لمواجهة تمدد المليشيات الحوثية على تخوم أبين وشبوة.

خيار واتحاد ورص للصفوف نادى به كثير من العقلاء منذ وقت مبكر، لردع الحوثيين عم التقدم صوب محافظات جنوب اليمن.

ووفق هذا الاتحاد يمكن أن تجتمع إمكانيات وخبرات الشرعية والانتقالي ورجالات كل طرف في مواجهة تقدم الحوثيين، وبإمكانهم مواجهة آلته العسكرية، إذا توافرت الإرادة.

خاصة وأن الحوثيين يتجهون- وفق أجندات دولية- لبسط نفوذهم وسيطرتهم على كامل المحافظات الشمالية، بما فيها مأرب والبيضاء والجوف.

وبالتالي فإن هذا الواقع يفرض مصيرا مغايرا للمحافظات الجنوبية، وسيناريو مرتقب، في ظل تقارب جنوبيي الشرعية والانتقالي، ستبوح به وستكشفه الأيام القادمة، إذا استمرت التطورات العسكرية، وصدقت نبوءات وتوقعات تسليم اليمن للحوثيين.