آخر تحديث :الخميس-27 يونيو 2024-11:00ص

أخبار وتقارير


أزمة الغاز المنزلي بين الاحتكار وتخبّط القرار الرسمي..هل تماهت حكومتي صنعاء وعدن مع السوق السوداء؟

الخميس - 10 يونيو 2021 - 08:35 م بتوقيت عدن

أزمة الغاز المنزلي بين الاحتكار وتخبّط القرار الرسمي..هل تماهت حكومتي صنعاء وعدن مع السوق السوداء؟

((عدن الغد)):أضواء الرياشي/صنعاء)(نسيم الشرعبي/تعز

 

 

 

 

عصر السبت 5 يونيو 2021، وقفت المواطِنة أم ريان أمام محطة لتعبئة الغاز في شارع مأرب بالعاصمة صنعاء لأكثر من ربع ساعة تترجى مالك المحطة من أجل تعبئة أسطوانة الغاز الخاصة بها، حتى احمرت عيناها وكادت أن تبكي. 

 

كان ذلك بعد أشهر من سريان قرار الشركة اليمنية للغاز التابعة لسلطة (الحوثيين)، بمنع توزيع الغاز المنزلي عبر المحطات، والعودة إلى الآلية القديمة؛ عبر عقّال الحارات.

 

"حرام ما قطرة [في البيت]؛ إذا ما عبيت غاز سنبقى بدون أكل وبدون فطور. ما أفعل؟"، قالت أم ريان لـ"عدن الغد"، بعد أن باءت كل مساعيها في إقناع مالك المحطة، بالفشل. وعن عدم ذهابها إلى عاقل الحارة لتعبئة أسطوانة الغاز، قالت: "ما بش غاز ولا معي تنور حطب، والعاقل ما قد جاش يعبي للبيوت".

 

باتت أم ريان ، المعيل الوحيد لسبعة أولاد بعد وفاة زوجها الذي تركهم في منزل للإيجار بحارة السلام في حيّ "هَبْرة"، وقد اعتذرت عن سرد بقية تفاصيل معاناتها قائلة: "ما أحد يرحم أحد. بيتي ملان، معي فرقة جهال، لا معي غاز ولا حطب ولا شيء"، تضيف أم ريان، قبل أن تُقسم يمينًا بأن قيمة الأسطوانة التي كانت في يدها (6000 ريال) هي "سُلفة" من جارهم التاجر.

 

على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، نشرت الشركة اليمنية للغاز بصنعاء قبل قرابة شهرين ، خبر العودة لتوزيع الغاز المنزلي عبر عقال الحارات وبالآلية القديمة، وبسعر 4650 ريال، مرفقة كشوفات بأسماء الحارات والعقال الذين سيقومون باستلام أسطوانات الغاز من المواطنين ، وذكرت أن موعد التسليم هو "يوم السبت المقبل".

 

 

- تداعيات قرار وقف البيع:

 

توجهت "عدن الغد" إلى عاقل حارة السلام جابر بعثر، بهدف التأكد من صحة ما قالته أم ريان من عدم بدء العاقل باستلام أسطوانات الغاز وفقًا لما أعلنته الشركة، ومعرفة إذا ما كان بدأ سريان قرار التوزيع كما بدأ سريان قرار منع البيع عبر المحطات؟

 

أكد جابر أنه لم يقم باستلام أسطوانات الغاز حتى ذلك اليوم (5 يونيو) في حارته كما أعلنت الشركة، وأن هناك "وعودًا بالبدء بذلك من يوم السبت المقبل"، وهو الموعد الذي أوضحت شركة الغاز أنه موعد لتسليم الأسطوانات للمواطنين مليئة بالغاز.

 

قرار الشركة المفاجئ بإيقاف تعبئة أسطوانات الغاز عبر المحطات كان له تداعيات مربكة على بعض الأسر الفقيرة، مثل أم ريان ، حيث إن مثل هكذا قرار كان يحتاج إلى إيجاد بدائل أو تأجيل التنفيذ إلى ما بعد أيام من موعد الإعلان.

 

لم تكن أم ريان وحدها من يريد تعبئة أسطوانة الغاز في محطة التعبئة تلك، بل كان هناك أيضًا ضابط أحد أقسام الشرطة يحاول تعبئة أسطوانة قال إنها خاصة بالقسم، لكن طلبه قوبل كذلك برفض مالك المحطة.

 

أبو عبدالله (اسم مستعار بناءً على طلبه)، عامل في المحطة ذاتها منذ أكثر من 10 سنوات، قال لـ"عدن الغد"، إن المحطة رفضت البيع لما يقارب 20 مواطنًا منذ فترة ، بينما خلال الأيام السابقة، كان يصطف يوميًّا أمام المحطة أكثر من 400 مواطن.

 

"قرار منع بيع أسطوانات الغاز قرار مناسب لأصحاب الباصات الذي فيهم ناس تشقى على أسر" يقول أبو عبدالله عن قرار الشركة بوقف بيع الغاز المنزلي عبر المحطات، ويضيف: "هذه المرأة [أم ريان] يتحملها عاقل حارتها، تسير إلى عنده وهو يتصرف معها". وحمّل تبعات هذا القرار شركة الغاز كونها من أصدره، أما هو فلا يستطيع مخالفته، مشيرًا إلى أن ربح المحطة من تعبئة الغاز "محدود" بـ100 ريال على كل أسطوانة، أي خمسة ريالات بعد كل لتر من الغاز.

 

الشركة اليمنية للغاز التابعة لسلطة صنعاء، تفيد بأن الكميات المباعة في المحطات هي مستوردة من الخارج عبر ميناء الحديدة، حيث تباع الأسطوانة سعة 20 لترًا من هذا المصدر بـ6650 ريال، بينما تقول إن الكميات التي تصل من غاز مأرب، تباع عبر عقال الحارات بسعر 4650 ريال لكل أسطوانة.

 

وتعرضت ناقلات الغاز لقطاعين في مأرب خلال أبريل/ نيسان 2021، فيما تعرضت بعض الناقلات للحرائق في منطقة "العرقين" في المحافظة نفسها بتاريخ 21 أبريل/ نيسان نفسه، وفقًا لناطق الشركة اليمنية للغاز بصنعاء. لكن سكان صنعاء لا يعرفون من أين وصلت الكميات التي سيتم توزيعها عبر عقال الحارات، رغم إعلان الشركة عن نفاذها بسرعة.

 

وتقول شركة الغاز الخاضعة لسيطرة سلطات (الحوثيين) إن الكميات التي تباع لباصات الأجرة، مستوردة عبر ميناء الحديدة، فيما أعلن ناطق شركة الغاز عن "وصول السفينة Raggiana Gaz تحمل شحنة من الغاز مقدارها 8809.092 طن متري لصالح شركة يورك، إى غاطس ميناء الحديدة الساعة 3:45 صباح 19/5/2021".

 

ويضيف أبو عبدالله - عامل محطة التعبئة بشارع مأرب، أن الشركة غيرت توقيت بدء الدوام لمحطات تعبئة الغاز منذ يوم الخميس المنصرم ، ليبدأ الساعة الواحدة بعد الظهر بدلًا من الحادية عشرة صباحًا، وينتهي الخامسة مساء.

 

 لكن كشف الشركة بأسماء المحطات العاملة في اليوم نفسه، لم يشر إلى تغيير في ساعات الدوام، وكتب أسفل الكشف أن الدوام "يبدأ 11 ظهرًا وينتهي الخامسة مساءً".

 

 

- مضطر للبقاء ليوم آخر:

 

ذكرت الشركة اليمنية للغاز بصنعاء، أن محطة "يمن كار النصر" في حيّ "شُعُوب" سوف تبيع الغاز للسيارات بدءًا من الساعة الحادية عشرة ظهرًا، وفي زيارة قامت بها صحيفة "عدن الغد" للمحطة الساعة الثالثة عصرًا، كانت المحطة مغلقة، كما أجرت زيارة أخرى الساعة الرابعة والنصف، أي قبل نصف ساعة من موعد انتهاء الدوام الرسمي، وكانت مغلقة أيضًا.

 

أرجع مالكي باصات الأجرة العاملة داخل مدينة صنعاء، سبب الإغلاق إلى مخالفة بعض سائقي الباصات للطابور، فيما عزا آخرون السبب لتجنب التصادم مع المواطنين الذين سيأتون لـ"المساربة" (الوقوف في الطابور) من أجل الحصول على غاز منزلي بعد قرار منع الشركة التوزيعَ عبر عقال الحارات.

 

محمد عراقي (20 سنة)، نازح من محافظة الحديدة منذ ثلاث سنوات، كان يجلس في الكرسي المجاور للسائق فوق باص صديقه الذي يقف أمام محطة "يمن كار النصر"، فيما سائق آخر ينام فوق الكرسي الأخير للباص عند الساعة الرابعة والنصف مساءً، قال إن معاناته من الوقوف في طابور التعبئة لا توصف.

 

يقول عراقي لـ"عدن الغد" عن موعد دخوله الطابور الذي كان ترتيبه فيه ضمن العشرة الباصات الأولى من بين قرابة 100 باص.

 

 "لم أنم، ما جانيش نوم. انتظرت شوية وطلعت الشمس. أنا مسارب 12 ساعة [ونصف]. أتيت الساعة الرابعة فجرًا"، يضيف عراقي بعد أن حسب عدد الساعات مع صاحبه سائق الباص.

 

دمرت الحرب منزل عراقي الواقع جوار مطار الحديدة، المطار الذي يقول إن والده كان يعمل فيه، وبات اليوم متقاعدًا. لذلك يعمل محمد على الباص لمساعدة والده على توفير لقمة العيش وإيجار المنزل الذي نزحوا إليه في شارع الأربعين حيّ سَعْوان.

 

ويتابع عراقي حديثه: "أنا مضطر للبقاء هنا حتى ليوم آخر. باصي مصفّر". كان الوقت يقترب من انتهاء دوام المحطة التي ما زالت مغلقة، وشكا أن "المساربة" تتسبب في انقطاعه عن عمله وعجزه عن شراء أسطوانة غاز للباص من السوق السوداء التي ارتفع سعرها بنسبة 30-40% منذ فتح المحطات لتعبئة الغاز المنزلي.

 

 

- المواطن هو الضحية:

 

فيما صنعاء تشهد انتشارًا واسعًا للسوق السوداء، بما في ذلك الغاز، استوقفت "عدن الغد" المواطن عبدالرحمن مدني (29 سنة)، وهو يقوم بإنزال أسطوانة غاز مليئة من على متن سيارة بجوار منزله القريب من محطة الغاز في شارع مأرب.

 

قال مدني أنه أرسل أسطوانة الغاز الفارغة إلى أحد أصدقائه قبل أسبوع (لم يحدد حارة صديقه أو اسمه)، من أجل تعبئتها عبر عاقل الحارة، كون عاقل الحارة صديق صديقه، كما يقول. أوضحنا له أن العقال لم يوزعوا الغاز المنزلي حتى ذلك اليوم ، فمن أين قام بتعبئتها؟ فقال: "والله ما انا داري، دبَّر روحه رجال"، بمعنى أنه تصرّف وعبّأ الأسطوانة.

 

أصيل داوود، سائق باص خط الحصبة-التحرير، في الخمسينيات من عمره، تحدث لـ"عدن الغد" عن معاناته الشديدة جراء إغلاق المحطة "يمن كار النصر" بسبب المخالفين للطابور.

 

يقول داوود إنه اقترح على مالك المحطة أن يدفع كل باص 100 ريال كأجرة لأفراد من أي قسم شرطة لضبط الطابور ومنع "المندوبين" من التلاعب بدور التعبئة، لكن بحسب داوود، لم تتجاوب أقسام الشرطة عندما تواصل بهم مالك المحطة.

 

"المساربة قطع رزق وبهذلة. الناس تعبانين واحنا مساربين جاوعين عاطشين لا تعلم هل ستعبي أم لا؟"، يضيف داوود الذي أوضح أنه الساعة 3 عصر الخميس، يقف في الطابور "من أمس الليل الساعة 11 مساءً"، واضطر للاستعانة بأخيه للبقاء في الباص خلال الليل.

 

لا يعرف هؤلاء السائقون من المسؤول عن أزمة الغاز. يقول أصيل داوود: "الله أعلم! هؤلاء يقولون إن أولئك يحصارونا وقطعوا الطريق أمام الغاز، وأولئك يقولوا هؤلاء يخترعون أزمات عشان تجويع الشعب. يعني أصبح المواطن ضحية وفي حيرة".

 

 

- تجربة وترويض:

 

وشكك بعض المواطنين في صدق أسباب بيع شركة الغاز بصنعاء أسطوانات الغاز المنزلي عبر محطات السيارات، نتيجة القطاع على شاحنات نقله في مأرب، معتبرين ذلك محاولة لرفع أسعار الغاز من 4650 ريال إلى 6650 ريال، لكي يتم تثبيت هذه التسعيرة لاحقًا عبر عقال الحارات.

 

عاقل حارة السلام بهبرة هو الآخر شكك في الهدف من هذه الآلية ووصفها بـ"تجربة وترويض" للمواطن لمعرفة مدى تقبله للتسعيرة الجديدة وترويضه عليها قبل أن يتم توقيف البيع في المحطات، ولم يستبعد أن يتم رفع التسعيرة كما هي في المحطات عبر العقال في فترة لاحقة لقرار الشركة.

 

وردًّا على سؤال متى ستنتهي الأزمة ويعود المواطن للتعبئة دون عقال الحارات؟، أجاب جابر: "هذا لا يعلم به إلا الله".

 

 

- احتكار وتخبط:

 

ويرى عبدالله المشرقي، رئيس الدائرة القانونية بالمرصد اليمني لحقوق الإنسان، أن "توفير الغاز والمواد الأساسية للمواطنين مهمة الدولة، وعليها أن تقوم بواجبها على أكمل وجه. إذا لم تستطع توفير الغاز للمواطن ليعمل لأولاده طعام، فلا تستحق أن تحكم".

 

ويضيف أن مسألة توفير الغاز هي "من أبسط الحقوق"، بحيث إذا لم يتم توفيرها "بشكل صحيح ومناسب دون جعجعة وتكلفة وصعوبة، فقد فقدت [السلطات] أهليتها في الحكم، وإلا فما هي مهمة الدولة غير توفير الخدمات".

 

وبحسب المشرقي، فإن القانون هو عبارة عن قواعد عامة ولا ينظم توفير هذه الأساسيات التي هي متروكة لحرية السوق، لكنه يرى أن "توفير الحاجات الأساسية مثل البُرّ والدقيق والنفط، هي مهمة الدولة"، التي قال إنها "تخلت عنها بقرار تعويم النفط". "لا يجوز تركها [الخدمات والسلع الأساسية] للقطاع الخاص ليبيع ويشتري بمعاناة المواطن لأنها مسؤولية الدولة".

 

ويصف المشرقي عن آلية توزيع الغاز عبر المحطات والعقال بأنها "ليست قانونية"، وبأنها "آلية مفروضة فرض علينا، بحكم كما يقولون لك نحن في عدوان وحصار والغاز يأتي من عند العدوان".

 

ويتابع: "ما يحصل الآن في صنعاء يسمى احتكارًا، تلاعب بأقوات الناس؛ الدولة فاشلة 100%"، ويربط المشرقي الحل لهذا الوضع بـ"محاربة الفساد المستشري في الدولة"، ووضع حدّ لمن يستغل معاناة الناس.

 

ويوضح المشرقي رأيه بالتأكيد على ضرورة محاربة الفاسدين، حتى على مستوى عقال الحارات، لأن هناك "عقّال فاسدين. كم يعبي في الدبة (الأسطوانة)؟ على الأقل 15 لترًا، ولذلك عندما خرج المواطن يعبي 20 لترًا، قالوا له بـ6650 ريال. عندما كانوا يعبّئوا لنا بـ4700 ريال، كان يصل إلينا 15 لترًا" يضيف المشرقي لـ"عدن الغد"، التي التقيته مراسلة "عدن الغد" صدفة في شارع النصر بسعوان. كما أكد أن من حق المواطن وفق القانون، مقاضاة الدولة عن تقصيرها في توفير السلع الأساسية له وتساهلها مع من يحتكرها، متسائلًا عن جدية مساعي سلطات (الحوثيين) في ضبط احتكار السلع والخدمات الأساسية عبر الآليات التي تتبعها: "بالله عليك، مثلًا، قبل فترة نزل قرار يسمح للمواطن بشراء الغاز من المحطات، واليوم قرار آخر بالعودة للبيع عبر عاقل الحارة! هناك تخبط، وفي كلا الحالتين لم يحصل المواطن على الغاز، لا عبر المحطات ولا عبر العقال اليوم".

 

 

- وماذا عن حكومة عدن؟

 

بالتزامن مع تصاعد أزمة الغاز المنزلي في المناطق الواقعة تحت سيطرة سلطة (الحوثيين)، يعاني المواطنون في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا من محافظة تعز، أزمة مماثلة. إذ يلجؤون لتعبئة أسطوانات الغاز من محطات خاصة، انتشرت مؤخرًا بشكل عشوائي في كثير من أحياء المدينة، ويصل سعر تعبئة الأسطوانة 20 لترًا فيها، بين (10800-11000 ريال).

 

باسم هادي، وكيل غاز في حيّ "الضَّبُوعة" وسط المدينة، قال لمراسل "عدن الغد" إنه يضطر للانتظار قرابة أسبوع لتعبئة 300 أسطوانة في "محطة الفَرْشَة" الواقعة في مديرية طور الباحة بمحافظة لحج، والتي أفاد بأنها تحتكر تزويد وكلاء الغاز في مناطق تعز التابعة لحكومة عدن. تعبئ هذه المحطة أسطوانة الغاز الواحدة لوكلاء بيع الغاز في مدينة تعز، بمبلغ 3550 ريال، بينما يبيعها الوكلاء للمواطنين بمبلغ 5000 ريال. ويقول باسم إن عدد الأسطوانات التي يعبئها من المحطة لا تفي بنصف احتياج المواطنين من الغاز المنزلي في نطاق وكالته. 

 

وحددت شركة الغاز التابعة لحكومة عدن، تعرفة جديدة للغاز المنزلي بمبلغ 2350 ريال، مضافًا إليها 1175 ريال، في فبراير/ شباط 2020، الأمر الذي شكا مواطنون من أنه فاقم معاناتهم في الحصول على الغاز، كون الشركة لا تنتهج الشفافية في الإعلان عن الكميات المرحلة يوميًّا الى محافظة تعز.

 

 

- صراع المحطات الخاصة:

 

تتعرض ناقلات الغاز الصغيرة الخاصة بتوزيد مدينة "التُّرْبَة" والمناطق المجاورة لها (جنوب غرب مدينة تعز)، لتقطعات مستمرة، آخرها حدثت في الأسبوع الأخير من شهر مايو 2021. وحصلت "عدن الغد" على نسخ من شكاوى تقدم بها ملاك ثلاث محطات خاصة لتعبئة الغاز في تلك المناطق، تفيد بتعرض ناقلات الغاز الخاصة بمحطاتهم لتقطعات من قبل مسلحين على خط "طور الباحة" و"وادي معبق".

 

وأفاد "عدن الغد" مصدر في الشركة اليمنية للغاز بمدينة تعز، طلب عدم ذكر اسمه، عن وجود ما وصفها بالصراعات بين كبار مزودي الغاز المنزلي إلى المحافظة، بهدف "إغلاق باب المنافسة" وحصر تزويد مدينة تعز بالغاز على محطة واحدة. وبحسب كشوفات التعبئة اليومية لوكلاء بيع الغاز في مدينة تعز، يتم تعبئة قرابة سبعة آلاف أسطوانة يوميًّا عبر محطة "الفرشة".

 

وحاولت "عدن الغد" التواصل مع المهندس لبيب المقرمي، وهو أحد مشرفي الشركة اليمنية للغاز في محطة "الفرشة"، للحصول على إيضاحات بشأن شكاوى المواطنين ووكلاء بيع الغاز في مدينة تعز، لكنه لم يرد جميع المكالمات والرسائل.

 

كما حصلت "عدن الغد" على مذكرة موجهة من محافظ تعز نبيل شمسان، المعين من الرئيس المعترف به دوليًّا، إلى الشركة اليمنية للغاز، يطلب فيها من الشركة النظر في إغلاق محطة "الخيّامي" في التُّربة ومحطة "الحسام" في مديرية "جبل حبَشي"، لأن تشغيلهما "لن يكون في صالح المحافظة، وسوف يؤدي إلى إشكالات واختلالات أمنية". وأشارت مذكرة المحافظ شمسان إلى أن مجلس إدارة شركات توفيق عبدالرحيم التي تملك محطة تعبئة الغاز في منطقة "السمسرة"، "وافقت على طلب المحافظة بتوسيع وتطوير المحطة لتغطية احتياجات المحافظة بالكامل"، وبأن المحطة تعمل في المنطقة "منذ عشرين سنة".

 

وكان محافظ تعز السابق أمين محمود، والمعين أيضًا من الرئيس المعترف به دوليًّا، وجّه بتخصيص حصص للمحطات العاملة في مدينة "التربة" ومحطة "الحسام" في مديرية "جبل حبشي"، ومحطة "السمسرة" القريبة من مدينة التربة، وجميعها محطات خاصة. وبدأت هذه المحطات نقل كميات الغاز عبر "بوكتينات" (صهاريج صغيرة) لمواجهة المخاطر التي يشكلها طريق "هيجة العبد" وطريق "كربة" البديل، على قاطرات الغاز الكبيرة بسبب منعطفات الطريق الذي يمر عبر الجبال. غير أن المحطات الجديدة تواجه الآن قرارًا محتملًا من الشركة بالإغلاق بعد مذكرة المحافظ شمسان.

 

وتوفر محطات عدة في مناطق تعز الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا، الغاز المنزلي للمواطنين وللسيارات التي تعمل بوقود الغاز، بأسعار السوق السوداء، ويباع فيها سعر الليتر الواحد بمبلغ 550-540ريالًا. 

 

كما حاولت "عدن الغد" الاتصال بمدير إدارة الرقابة في الشركة اليمنية للغاز ناظم العقلاني، للاستفسار عن أسباب توفر الغاز في السوق السوداء وشحة توفره بالسعر الرسمي، لكنه لم يرد. وكان العقلاني قال في تصريح سابق لصحيفة "الأيام"، إن "المحطات العشوائية تشتري الغاز من السوق السوداء من محافظات أخرى"، مشيرًا إلى أن الكميات المخصصة للمحافظة من شركة صافر، "غير كافية"، وأن "المحافظة تحتاج إلى عدد من المقطورات لتلبية احتياجات كبار المستهلكين (المطاعم والأفران... إلخ)".

 

 

- توريد الضرائب: 

 

في فبراير/ شباط 2021، وجّه محافظ عدن تعميمًا إلى وكلاء الغاز في نطاق المحافظة، بتوريد رسوم الغاز إلى حسابات شركة صافر في البنك المركزي بعدن. ووفقًا لمصدر في وزارة المالية التابعة لحكومة عدن، فإن القرار يشمل توريد الضريبة الخاصة ببيع الغاز، إلى حساب السلطة المحلية، باعتبارها موارد ضريبية تم توريدها في محافظة عدن. غير أن الأمر مختلف بالنسبة لمحافظة تعز، كما يقول بعض وكلاء بيع الغاز في المدينة، إذ يرسلون قيمة الغاز عبر محلات الصرافة إلى محطة "الفرشة"، فيما تذهب المبالغ الخاصة بالضرائب إلى جهة غير معلومة.