آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:26ص

ملفات وتحقيقات


من مذكرات الرئيس علي ناصر محمد: لماذا عقد فيصل عبداللطيف لقاءً بعودة مجموعة سالمين من الشمال إلى عدن وكيف اثقلت المعارك والانشقاقات الرئيس قحطان الشعبي؟

السبت - 31 أكتوبر 2020 - 09:45 ص بتوقيت عدن

من مذكرات الرئيس علي ناصر محمد: لماذا عقد فيصل عبداللطيف لقاءً بعودة مجموعة سالمين من الشمال إلى عدن وكيف اثقلت المعارك والانشقاقات الرئيس قحطان الشعبي؟

(عدن الغد)خاص:

"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( ذاكرة وطن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990) للرئيس علي ناصر محمد : الحلقة ( الخامسة والثلاثون )

متابعة وترتيب / د / الخضر عبدالله :

تنفرد ( عدن الغد ) بصحيفتها الورقية وموقعها اللالكتروني بنشر أبرز وأهم المذكرات االتي سبق لــ" عدن الغد " أن قامت بنشر ها ( ذاكرة وطن - والطريق إلى عدن - القطار .. رحلة إلى الغرب- وعدن التاريخ والحضارة ) للرئيس علي ناصر محمد .

وفي هذه المرة ستقوم " عدن الغد " بنشر مذكرات جديدة من حياته ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990 ) .

وتعد هذه المذكرات الجزء الخامس من محطات وتاريخ الرئيس الأسبق علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية .

حيث يذكر لنا في مذكراته عن وقائع وأحداث وتغيرات المت بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من عام (67- 90م ) حيث يقول الرئيس ناصر :" لا شك في أنّ قارئ هذه المذكرات سيجد نفسه مشدوداً إلى الماضي ومستغرقاً فيه، وربما تولّد لديه انطباع قوي بأنّ تجربة اليمن الديمقراطية لم تكن سوى صراعات عنيفة من أجل السلطة أو في سبيلها، وأنّ صفحات هذه التجربة لا تحمل ما يمكن الاعتزاز به، فضلاً عن أنْ ليس في تقديمها ما يمكن الاستفادة منه والتعويل عليه أو التفاؤل به... بقية التفاصيل من المذكرات نسردها في أثناء السطور وإليكم ما جاء فيه ..


التخطيط لعودة مجموعة " سالمين " إلى عدن " لهذا السبب؟

في العدد الماضي عرضنا لنا السيد الرئيس علي ناصر كيف خطط علي سالم البيض لإسقاط حكم الرئيس قحطان الشعبي ومن المنفذ لهذه الخطة وما الهدف من هذا الإسقاط ؟ وفي هذا العدد يحكي لنا عن اللقاء الذي عقده فيصل عبداللطيف مع بعض مؤيدي " سالمين " وكيف التقى أيضاً بعبد الفتاح إسماعيل الذي رجع من بلغاريا. وكيف وافق الرئيس قحطان الشعبي ـ من جانبه ـ على عودة المجموعة التي التحقت بسالم ربيع علي وكان الاتفاق على العودة إلى عدن بقية تفاصيل الحديث في السطور القادمة يرويها لنا السيد الرئيس ناصر حيث يقول :" في غضون ذلك، أجرى فيصل عبد اللطيف لقاءً في تعز مع بعض مؤيدي "سالمين"، والتقى أيضاً عبد الفتاح إسماعيل الذي رجع من بلغاريا. وكان الاتفاق على العودة إلى عدن، بشرط أن يصل مع عبد الله الخامري، الذي عاد من بيروت إلى تعز. وحين وصل الاثنان إلى مطار عدن، فُوجئا بأنّ ثمة اعتراضاً على عودة الخامري، إذ أُبلغ بالعودة من حيث جاء.
ووافق الرئيس قحطان الشعبي ـ من جانبه ـ على عودة المجموعة التي التحقت بسالم ربيع علي، وفعلاً عادت مجاميع كثيرة أخذت طريقها إلى جبهات القتال الدائر، وحين حُسمت المعركة في مصلحة الحكومة والجبهة القومية، عقدت مجموعة "سالمين" القيادية التي أطلقت على نفسها "أغلبية القيادة العامة" اجتماعاً مهماً لتحليل الأوضاع وبحث الموقف المطلوب. وأصدرت في 30 تموز/ يوليو بياناً سجّل تراجعاً ملحوظاً في لهجته، حيث أكد أنّ المهمة الأولى والأساسية، مواجهة التآمر الرجعي الإمبريالي، وندّد بالصراع القبلي، مطالباً "بتنفيذ قرارات المؤتمر العام الرابع وتطهير عملاء الرجعية والإمبريالية من الجيش والأمن العام".

لماذا كانت الانشقاقات الداخلية في صفوف الرئيس قحطان ؟

ويضف الرئيس ناصر في حديثه :" أما الرئيس قحطان الشعبي، الذي أثقلت كاهله المعارك والانشقاقات الداخلية، فقد لجأ ـ من جهة ـ إلى استخدام الثقل الذي تشكله المجموعة العائدة في مواجهة قيادة الجيش التي قد تفكر في إطاحته، لكنه قرر - من جهة أخرى - إحالة عدد من العائدين من الشمال على لجنة تحقيق منبثقة من التنظيم السياسي، ومحاسبتهم أمام القيادة العامة من أجل عودتهم إلى القيادة بعد تلك الأحداث. وقد ساعد ذلك على ردّ الاعتبار إلى الأطر القيادية وإشاعة الاستقرار النسبي في الوضع. وبدأ عدد من أعضاء القيادة العامة يمارسون عملهم التنظيمي القيادي. وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر 1968م، عقدت القيادة العامة اجتماعاً مهماً حضرته المجموعة العائدة إلى عدن.

حكومة الجسر والقات!

ويتابع الرئيس ناصر قوله :" حتى الآن، لم تُحسَم قضية ترتيب أوضاع من يسمَّون "العائدين من الجبل" (قعطبة وتعز) ممّن شاركوا في حركة 14 مايو 1968 والمختلفين مع الرئيس وجناحه نهائياً. وفي ما يتعلق بوضعي، فمنذ أن قدمتُ استقالتي من العمل الحكومي محافظاً لمحافظة لحج، لم أمارس أيّ عمل أداري. أما العمل التنظيمي الحزبي، فقد كان يسير حسب الظروف، ينشط أحياناً، ويخفت أحياناً أخرى، وفق إيقاع يتفاوت بين المدّ والجزر، ولم تكن الأوضاع القائمة تفيد البلد، ولا ظروف الاقتصاد. وفي هذا السياق من الأزمات السياسية والاقتصادية، ناقشت "القيادة العامة" في أواخر آذار/ مارس 1969 الأوضاع الصعبة التي يجابهها النظام، في محاولة للبحث عن حلول للأسباب التي تسبب بصورة مباشرة أو غير مباشرة، عدم استتباب الأوضاع، وعرقلة عملية البناء والتطور، وقد كلفت لجنة ثلاثية تقديم مقترح إلى القيادة العامة لترتيب أوضاع الرفاق الذين لم تُحسَم قضيتهم، وهم: سالم ربيع علي، عادل خليفة، أحمد صالح ضالعي، محمد سعيد عبد الله (محسن)، محمد صالح مطيع، علي ناصر محمد، وتكونت اللجنة من أحمد صالح الشاعر، علي ناصر محمد، وعلي عنتر.

الدعوة إلى ترتيب الأوضاع..لمن كان !

ويستدرك في حديثه :" كانت الدعوة إلى ترتيب أوضاع هؤلاء الرفاق تنطلق من الشعور بأنّ وجودهم سيعزز وحدة القيادة، وتترجم إسهامهم في تحمّل المسؤولية والمشاركة في القرار، بأعمال تُسهم في انتشال التنظيم من أوضاعه المتردية. كنا نعتقد أنّ حلّ الخلافات في مستوى القيادة نقطة البدء لمواجهة تحديات المستقبل. وكان طبيعياً أنّ آمال البلاد ومستقبلها القريب والبعيد، بين أيدي القيادة التي صارت هي التي تقرر أموره وتخطط له. وللأسف الشديد، بدا واضحاً أنّ عناصر القيادة ليسوا كلهم بهذا المستوى من الوعي والتفكير والشعور بجسامة المسؤولية. ولضمان إنجاح الدور الذي تشتد الحاجة إليه، التقينا بعد ظهر يوم 5 نيسان/ أبريل 1969م في جلسة قات (مقيل) تحت جسر "غولد مور"(*) برغبة من أحمد صالح الشاعر، ورغم المنظر الرائع للساحل الذهبي والبحر الممتد على مدّ الأفق، فإن الانهيار الداخلي في أوضاع التنظيم، وبوادر التأزم التي بتنا نلمسها في أوضاع البلد، والكتل الضخمة من المشاكل السياسية والاقتصادية التي لا قبل لنا بها، كانت تمنعنا من الاستمتاع بذلك المنظر الساحر، وقد شاهدنا عدداً من السيارات والفتيات في السيارات وحولها، يستمتعنَ بهذه المناظر الخلابة، لا نحن القابعين تحت الجسر المعلَّق. كانت الهموم تجثم فوق صدورنا، ولم تُتَح لنا متعة المشاهدة الكاملة لتلك اللوحة الطبيعية الخالدة. نخاف الانكسار في ظل حكومة الاستقلال الناجمة عن ثورة كانت موضع إعجاب أصدقائها ورهبة أعدائها على السواء. كانت الحاجة إلى وحدة القيادة التي كانت تمزقها الخلافات التي خلّفتها حركتا 20/مارس/1968م، و27/يوليو/1968م، وقرارات مؤتمر زنجبار 1968م، تتطلّب مزيداً من البحث والتشاور لتحسين الأجواء وتنقيتها، وكانت مناقشاتنا صريحة تتّسم بقدر كبير من المسؤولية.

كيف كانت الخلافات بين أعضاء القيادة ؟

ويردف بحديثه :" كانت الخلافات السائدة بين أعضاء القيادة العامة التي انتقلت للأسف إلى صفوف القواعد ماثلة أمام عيوننا، ونبحث عن حلول لها في مثل هذا اللقاء.
كان ثمة إدراك متزايد لدى عدد منّا بأنّ استتباب الحكم يحتاج إلى إصلاح أوضاع القيادة، وأنّ عوامل الصراعات والخلافات التي برزت في صفوفها، وما أدت إليه من تعقيد لأوضاع السلطة والنظام تحتاج إلى إنقاذ سريع قبل أن تغرقنا والبلاد، ويبتلعنا جميعاً الطوفان.
كنا نرى في شخص المناضل فيصل عبد اللطيف مشروع قائد يتمتع بالذكاء والقدرة التنظيمية والقيادية التي برزت منذ وقت مبكر، يمكنه تلطيف الأجواء ومدّ جسور الثقة مجدداً بين أعضاء القيادة ومساعدة الرئيس الذي أنهكته الصراعات والمزايدات والمؤامرات، وكان تفكيري وتفكير بعض زملائي يتجه إلى الدفع بتشكيل حكومة جديدة برئاسة فيصل عبد اللطيف، وكان الرئيس قحطان يجمع ما بين منصبَي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء. كنا نعتقد أنه سيكون لفيصل عبد اللطيف وعلاقته النضالية والتنظيمية بالرئيس لسنوات طويلة أثر كبير في تجاوز بعض الأزمات التي تمرّ بها البلاد والعباد.( تابعونا في العدد القادم ) ..


--------------------------------------
هوامش /

(*)- جسر قديم معلق يربط التواهي بساحل غولد مور (الذهبي) .