حوار: محمد وحيد المقطري
في مساحة نخصصها للوجوه الملهمة التي أحدثت فارقًا في مجتمعاتها، نلتقي اليوم مع واحدة من أبرز الأصوات النسوية في العمل التطوعي والدفاع عن حقوق المرأة، الأستاذة مريم يونس. امرأة كرّست جهودها لقضايا المرأة والتمكين المجتمعي، وتركت بصمة واضحة في مجالات المناصرة والتنمية الثقافية والاقتصادية.
في هذا الحوار، نتعمق معها في تجربتها الشخصية، ونتعرف على أبرز الحملات التي ساهمت في إعلاء صوت المرأة، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه منظمات المجتمع المدني في ظل الأوضاع الراهنة.
⸻
س: بدايةً.. من هي مريم يونس؟ وكيف بدأت مسيرتك في العمل المجتمعي؟
ج: أنا مريم يونس عبدالرزاق إبراهيم، المديرة التنفيذية لمكون “حفيدات بلقيس”، وعضو الهيئة الإدارية في منصة مشاركة، ممثلة عن منظمات المجتمع المدني.
منذ عام 2018 انخرطت في العمل المجتمعي، وركزت بشكل خاص على قضايا المرأة الثقافية والتنموية. نظمت العديد من حملات المناصرة لتسليط الضوء على حق النساء في الوصول إلى مواقع القيادة، كما حرصت على تعزيز الفعاليات الثقافية والفنية التي تعكس هوية عدن ونضالها.
أؤمن بأن التغيير يبدأ من داخل المجتمع، لذا عملت على تنفيذ مشاريع لتمكين النساء اقتصاديًا، خاصة في مجال الحرف التقليدية، مع تشجيع الابتكار والإبداع. كما ساهمت في دعم المؤسسات الثقافية والإعلامية لتكون منصة لرفع صوت المرأة.
عملت خلال مسيرتي مع عدة مؤسسات منها الهلال الأحمر اليمني، ومؤسسة SOS، كما تطوعت في المؤسسة الطبية الميدانية (FMF)، وساهمت في مشاريع إنسانية وتنموية تهدف لتمكين الفئات الأكثر احتياجًا.
⸻
س: ما أبرز الحملات التي ساهمت في تعزيز صورة المرأة في اليمن؟
ج: هناك العديد من الحملات التي تركت أثرًا ملموسًا، منها:
• “معًا لحماية النساء والفتيات”: ركزت على مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، خاصة في ظل النزاع.
• “أصوات النساء”: أبرزت قصص نساء فاعلات في مجالات السلام والمشاركة السياسية.
• “وجودهن حياة”: حملة رقمية سلطت الضوء على النساء العاملات في الصحة والتعليم والإغاثة.
• “نعم لمشاركة المرأة”: دعمت دور المرأة في الانتخابات والمجالس المحلية.
• “لا للعنف ضد المرأة”: حملة توعوية واسعة هدفت لتغيير المفاهيم السلبية وتعزيز القوانين الحامية للمرأة.
• “سلام يا عدن” و**“نساء في الخط الأمامي”** و**“المرأة في الإعلام”**، كلها حملات عززت حضور المرأة في مساحات كانت مغيبة عنها.
رغم التحديات، فقد ساعدت هذه الحملات في تغيير نظرة المجتمع وتشجيع صانعي القرار على الاهتمام بحقوق المرأة.
⸻
س: من وجهة نظرك، ما السبيل الفعّال لمواجهة العنف ضد المرأة؟
ج: يجب أن يكون هناك نهج متكامل يجمع بين القوانين، التوعية، والدعم المجتمعي.
نحتاج لتفعيل تشريعات تحمي النساء، وتوفير آليات صارمة للتنفيذ، إلى جانب حملات توعوية تساهم في كسر الصور النمطية وتعزيز ثقافة الاحترام. كما أن وجود مراكز دعم نفسي وقانوني للنساء المعنفات أمر بالغ الأهمية.
ولا يقل أهمية عن ذلك التمكين الاقتصادي، لأن استقلال المرأة مادياً يجعلها أقل عرضة للعنف.
وأخيرًا، لا يمكن إحداث التغيير من دون مشاركة الرجال، فالدفاع عن المرأة مسؤولية مجتمعية شاملة.
⸻
س: ما الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في تعزيز مشاركة المرأة؟
ج: تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا أساسيًا من خلال تقديم التدريب والتمكين، وفتح فرص لتطوير المهارات القيادية للنساء.
كما تقود حملات مناصرة للضغط على صانعي القرار، وتُسلط الضوء على قصص نجاح نسوية ملهمة. هذه المنظمات أيضًا تقدم دعمًا نفسيًا وقانونيًا، وتساعد في تخطي العقبات المجتمعية والقانونية التي تواجه النساء.
⸻
س: وما أبرز التحديات التي تواجه هذه المنظمات؟
ج: هناك عدة تحديات، من أبرزها:
• نقص التمويل، وهو ما يعيق تنفيذ مشاريع مستدامة.
• القيود القانونية والسياسية التي تحد من حرية العمل المدني.
• الموروثات المجتمعية التي لا تزال تقيد دور المرأة في بعض البيئات.
• وأخيرًا، التهديدات الأمنية التي تواجه المدافعات عن حقوق المرأة وتؤثر على عملهن.
⸻
س: هل أثرت حملات المناصرة فعليًا على التشريعات المتعلقة بحقوق المرأة؟
ج: نعم، للحملات تأثير واضح، فقد أدت إلى تعديلات في بعض القوانين، وساعدت في تبني قوانين جديدة عبر الضغط المجتمعي.
كما أنها تُسهم في مراقبة تطبيق القوانين والضغط لتفعيلها، ولكن التغيير لا يمكن أن يكون مكتملًا بالقوانين وحدها، إذ يتطلب أيضًا تغييرًا في العقليات والممارسات الاجتماعية.
⸻
س: ما هي رسالتك للمجتمع؟
ج: رسالتي أن تمكين المرأة ليس ترفًا ولا قضية نسائية فقط، بل هو أساس لبناء مجتمع متوازن ومزدهر.
يجب أن ندعم النساء، ونرفض التمييز والعنف بكل أشكاله. التغيير يبدأ من كل فرد، وكل خطوة – ولو بسيطة – يمكن أن تصنع فرقًا حقيقيًا في حياة النساء وفي مستقبل هذا الوطن.
⸻
في الختام، كل الشكر والتقدير للأستاذة مريم يونس على هذا الحوار الملهم، ولكل من يسهم في صناعة التغيير ودعم قضايا المرأة.
كما نوجه التحية لكل من يعمل بصمت في ساحات العمل المجتمعي.
معكم دائمًا – محمد وحيد المقطري، عدن الغد.