تدور حرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) منذ نفذ مسلحون من الحركة هجوما مباغتا على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، مما أدى وفقا لإحصاءات إسرائيلية إلى مقتل 1200 واحتجاز 253 رهينة.
وردت إسرائيل بشن حملة عسكرية على غزة حصدت حتى الآن، كما تقول السلطات الصحية في غزة، أرواح أكثر من 45 ألف فلسطيني ونزوح نحو كل السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من ديارهم وتدمير معظم القطاع.
والحرب الحالية هي الأشد دموية ضمن حلقات صراع مستمر منذ سبعة عقود بين الإسرائيليين والفلسطينيين أدى إلى زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
* ما أصل الصراع؟
يضع الصراع المطالب الإسرائيلية بوطن ينعم بالأمن، في منطقة تعتبرها منذ وقت طويل معادية لها، في مواجهة تطلعات الفلسطينيين في إقامة دولتهم.
في عام 1947، بينما كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على خطة لتقسيمها إلى دولتين عربية ويهودية وفرض حكم دولي على القدس. ووافق الزعماء اليهود على الخطة التي تمنحهم 56 بالمئة من أراضي فلسطين. ورفضت جامعة الدول العربية هذا الاقتراح.
أعلن ديفيد بن جوريون قيام دولة إسرائيل في 14 مايو أيار 1948 قبل يوم واحد من النهاية المقررة للحكم البريطاني، ليؤسس ملاذا آمنا لليهود الفارين من الاضطهاد والساعين إلى إقامة وطن قومي على أرض يقولون إنه تربطهم بها روابط تعود إلى عصور قديمة.
غير أن العنف ظل يتصاعد بين اليهود والفلسطينيين، الذين كانوا يشكلون ثلثي السكان في أربعينيات القرن الماضي. وهاجمت قوات من خمس دول عربية إسرائيل غداة قيامها.
وفي الحرب التي تلت إعلان قيام إسرائيل، فر نحو 700 ألف فلسطيني أو طُردوا من منازلهم، وانتهى بهم المطاف في الأردن ولبنان وسوريا وأيضا في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
ويصف الفلسطينيون ذكرى قيام إسرائيل بالنكبة. وترفض إسرائيل الإقرار بأنها هجرت الفلسطينيين.
وأوقفت اتفاقات هدنة القتال في عام 1949 لكن من دون سلام رسمي.
ويشكل الفلسطينيون الذين بقوا بعد الحرب وأحفادهم اليوم نحو 20 بالمئة من سكان إسرائيل.
* ما الحروب الكبرى التي دارت رحاها منذ ذلك الحين؟
في عام 1967، وجهت إسرائيل ضربة استباقية لمصر وسوريا، وبدأت حرب الأيام الستة. واستولت إسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية العربية من الأردن وهضبة الجولان من سوريا وقطاع غزة وسيناء من مصر.
وقدر تعداد سكاني إسرائيلي في ذلك العام أن عدد سكان غزة يبلغ 394 ألف نسمة وأن 60 بالمئة منهم على الأقل من النازحين الفلسطينيين وأحفادهم.
وفي السادس من أكتوبر تشرين الأول عام 1973، شنت مصر وسوريا هجوما مباغتا على المواقع الإسرائيلية على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس وفي هضبة الجولان.
غزت إسرائيل لبنان عام 1982 وأُجلي آلاف المقاتلين من منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات بحرا بعد حصار دام عشرة أسابيع. وانسحبت القوات الإسرائيلية من لبنان في عام 2000.
وفي عام 2005، سحبت إسرائيل المستوطنين والجنود من جانب واحد من قطاع غزة. وفازت حماس في انتخابات برلمانية عام 2006 وفرضت سيطرتها بالكامل على القطاع في 2007. واندلع قتال بين المسلحين الفلسطينيين وإسرائيل في أعوام 2006 و2008 و2012 و2014 و2021.
وفي عام 2006، أسر مقاتلو جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران جنديين إسرائيليين في المنطقة الحدودية المضطربة وشنت إسرائيل عملا عسكريا مما أدى إلى حرب استمرت ستة أسابيع.
كما اندلعت انتفاضتان فلسطينيتان، بين عامي 1987 و1993، وبين عامي 2000 و2005. وشهدت الثانية موجات من التفجيرات الانتحارية نفذتها حماس ضد الإسرائيليين، وقصفا جويا ومدفعيا إسرائيليا على المدن الفلسطينية.
واندلعت منذ ذلك الحين عدة جولات من الأعمال القتالية بين إسرائيل وحماس، التي ترفض الاعتراف بإسرائيل. وتصنف إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى الحركة منظمة إرهابية. وتقول حماس إن أنشطتها المسلحة هي مقاومة للاحتلال الإسرائيلي.
* ما هي المحاولات التي بذلت لإحلال السلام؟
في عام 1979، أصبحت مصر أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل.
وفي عام 1993، تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين وياسر عرفات، زعيم منظمة التحرير الفلسطينية، في إطار اتفاقات أوسلو التي منحت الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي عام 1994، وقعت إسرائيل معاهدة سلام مع الأردن وشارك الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك وعرفات في قمة كامب ديفيد عام 2000، لكنهم لم يتمكنوا من التوصل لاتفاق سلام نهائي.
وفي عام 2002، عرضت خطة للجامعة العربية على إسرائيل إقامة علاقات طبيعية مع جميع الدول العربية مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي التي استولت عليها في حرب 1967، وإقامة دولة فلسطينية “وحل عادل” للاجئين الفلسطينيين. لكن حماس فجرت فندقا إسرائيليا كان يغص بناجين من المحرقة في عيد الفصح اليهودي، لتلقي هذه الواقعة بظلالها على الخطة.
وتعثرت جهود السلام الأخرى منذ عام 2014.
وفي عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب توصلت إسرائيل لاتفاقات إبراهيم لتطبيع العلاقات مع عدد من الدول العربية منها الإمارات والبحرين والمغرب.
وامتنع الفلسطينيون عن التعامل مع الإدارة الأمريكية بعد أن خالف ترامب سياسة أمريكية استمرت عقودا باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة لهم تكون عاصمتها القدس الشرقية.
وتلعب قطر ومصر دور الوسيط في الحرب الحالية ونجحتا في إقرار هدنة استمرت سبعة أيام في نوفمبر تشرين الثاني شهدت تبادل رهائن تحتجزهم حماس بسجناء فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، كما دخلت مساعدات إنسانية إضافية إلى قطاع غزة.
وفي أوائل ديسمبر كانون الأول الجاري، قال مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الذي يتولى منصبه رسميا بعد تنصيب ترامب رئيسا لولاية أخرى “سيكون يوما سيئا” إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل عودة ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير كانون الثاني.
* أين وصلت جهود السلام الآن؟
لم تفلح المحادثات في التوصل لهدنة أخرى حتى الآن.
وتصر إسرائيل على أنها لن توقف الحرب إلا بالقضاء على حماس تماما فيما تقول الحركة الفلسطينية إنها لن تقبل إلا بوقف إطلاق نار دائم وليس مؤقتا.
وتشمل الصعوبات الأخرى التسلسل الزمني لمبادلة الرهائن الإسرائيليين بالسجناء الفلسطينيين، وعدد وهويات الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم، والسيطرة على الحدود بين غزة ومصر، وحرية الحركة للفلسطينيين داخل قطاع غزة.
وركزت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على محاولة التوصل إلى “صفقة كبيرة” في الشرق الأوسط تتضمن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية لكن الرياض تقول إن هذا يتطلب إحراز تقدم صوب تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وهو أمر استبعده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
* ما القضايا الرئيسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟
حل الدولتين والمستوطنات الإسرائيلية على الأراضي المحتلة ووضع القدس والحدود ومصير اللاجئين الفلسطينيين.
بالنسبة لحل الدولتين، فهو يتمثل في اتفاق تقام على أساسه دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل. ويقول نتنياهو إن إسرائيل يجب أن تكون لها السيطرة الأمنية الكاملة على كل الأراضي التي تقع غرب نهر الأردن وهو أمر يحول دون قيام دولة فلسطينية ذات سيادة.
أما المستوطنات، فتعتبر معظم الدول أن المستوطنات اليهودية المقامة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 غير قانونية. وترفض إسرائيل ذلك وتستشهد بعمق روابطها التاريخية والتوراتية بهذه الأراضي. والتوسع الاستيطاني المستمر من بين القضايا الأكثر إثارة للجدل بين إسرائيل والفلسطينيين والمجتمع الدولي.
وفيما يتعلق بالقدس، يريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية، التي تضم مواقع ذات مكانة دينية خاصة لدى كل من المسلمين واليهود والمسيحيين، عاصمة لدولتهم. وتقول إسرائيل إن القدس يجب أن تظل عاصمتها “الأبدية غير القابلة للتقسيم”.
ولا تحظى مطالبة إسرائيل بالسيادة على الجزء الشرقي من القدس باعتراف دولي. واعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، دون أن يحدد نطاق ولايتها القضائية في المدينة المتنازع عليها، ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك عام 2018.
أما عن اللاجئين، فيعيش حاليا نحو 5.6 مليون لاجئ فلسطيني، معظمهم من نسل الذين فروا في عام 1948، في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وقطاع غزة. وتقول وزارة الخارجية الفلسطينية إن نحو نصف اللاجئين المسجلين مازالوا بلا جنسية ويعيش كثيرون منهم في مخيمات مكتظة.
ولطالما طالب الفلسطينيون بحق العودة للاجئين ومعهم الملايين من أحفادهم. وتقول إسرائيل إن أي إعادة توطين للاجئين الفلسطينيين يتعين أن تكون خارج حدودها.