الحسابات الخاصة.. باب من أبواب الفساد الكبير
لماذا عجزت وزارة المالية عن إغلاق الحسابات الخاصة؟
هل يتوقف إيقاف التدهور الاقتصادي بالدعم الخارجي أم بتحصيل الإيرادات المحلية أولا؟
أين دور الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي في إيقاف هذا العبث؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
تعاني الحكومة المعترف بها دوليا من شحة الإيرادات، مع توقف تصدير النفط والغاز، بسبب الهجمات الحوثية على موانئ التصدير في حضرموت وشبوة.
بالمقابل يثور السؤال عن مصير المليارات من الريالات التي لا تذهب إلى خزينة الدولة، وفق تقارير محلية ودولية.
يأتي هذا في ظل أن الجهات الإيرادية الحكومية فتحت أكثر من 320 حسابا خاصا، تمكنت وزارة المالية في وقت سابق من إغلاق 90 حسابا فقط.
- جهات إيرادية ترفض التوريد
من جهته كشف رئيس تحرير صحيفة عدن الغد في حسابه فيس بوك وتويتر أنه تواصل الإثنين الماضي بنائب محافظ البنك المركزي بعدن الدكتور محمد باناجة.
وقال بن لزرق: "قلت له إنني أبحث عن قائمة أسماء الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، التي لاتزال ترفض التوريد لخزينة البنك المركزي في عدن، وتورد الإيرادات إلى حسابات خاصة في بنوك تجارية ومحلات صرافة".
يستدرك بن لزرق بقوله: "والشهادة لله إن الرجل كان متعاونا جدا، وأكد لي أن الأمر يحتاج عملية حصر بالتنسيق مع وزارة المالية، ووعدني بتزويدي بالكشف عند توفره".
يضيف بن لزرق: "وفي حال وصوله أعدكم أن أنشره هنا على صفحتي هذه، علما أن مجموع هذه الحسابات المالية بلغ إلى قبل أشهر 320 حسابا ماليا، تمكن البنك المركزي بالتنسيق مع وزارة المالية من إغلاق 90 حساب، ولايزال هناك 230 حسابا لا تخضع لأي رقابة لا في التوريد ولا في الصرف".
وأشار بن لزرق قائلا: "إذا نجحنا في إغلاقها وتوجيه الإيراد صوب خزينة البنك المركزي اليمني بعدن، سنكون فعلا ساهمنا في سد أكبر ثقب فساد في تاريخ اليمن"، حسب قوله.
ولفت بن لزرق قائلا: "أنا لست مسؤولا في الدولة، أنا صحفي أحاول أن أقول للناس الحقيقة، وأساهم بما أستطيع في إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، حسب تعبيره.
- توضيح بسيط
من جهته علق الصحفي عبدالرحمن أنيس بخصوص الحسابات الخاصة على حسابه فيس بوك بقوله: "بخصوص ما أثاره الأخ فتحي بن لزرق بشأن توريد الإيرادات الحكومية للبنوك التجارية، وجب توضيح نقطة محددة حتى لا يلتبس الأمر على القراء".
وأوضح أنيس: "بخصوص إيرادات الدولة نعم، يجب أن تورد جميعها للبنك المركزي، وهو يصرفها على نفقات الدولة سواء في الرواتب أو شراء المشتقات النفطية أو غيره، لكن هناك جهات حكومية تحتم طبيعة عملها فتح حسابات في البنوك التجارية، لأن ما تحصله من المواطن ليس إيرادا للدولة، وإنما مقابل شراء خدمة خارجية".
وقال أنيس: "الدليل على صحة هذا الكلام، المذكرة المرفقة بهذا المنشور والتي يخاطب فيها وزير المالية محافظ البنك المركزي بتسهيل فتح حسابات قطاع الحج والعمرة في وزارة الأوقاف في بنك القطيبي، وقد وجه وزير المالية نفسه في المذكرة باستمرار فتح هذه الحسابات في بنك القطيبي، نظرا لطبيعة عمل وزارة الأوقاف وخصوصا قطاع الحج والعمرة".
وأضاف أنيس: "ما يدفعه الحاج أو المعتمر هنا كرسوم للحج والعمرة، ليس إيرادا للدولة، وإنما مبالغ تدفع خارج البلاد للجهات السعودية، مقابل خدمة نقل وتسكين ومواصلات وتأشيرة... إلخ".
وإذا دخلت هذه الأموال إلى البنك المركزي ستصرف في أوجه صرف الدولة من مرتبات وغيره، ولا تستطيع الوكالات حينها توفير الخدمات للحجاج، لأن أموالهم ستصرف مثلما تصرف إيرادات البنك المركزي في دفع المرتبات أو شراء المشتقات وغيرها، حسب قوله.
وأردف أنيس قائلا: "ولنفترض أن وزارة الأوقاف قامت بتوريد مبالغ الحج والعمرة في حساب البنك المركزي، هل عندما تريد سحب المبالغ الخاصة بها سيستطيع البنك المركزي توفير السيولة المطلوبة وفي الوقت المحدد للحج؟!". يجيب أنيس بنفسه: طبعا لا.
ويضع أنيس الخلاصة الموضوع قائلا: "ليس كل مرفق حكومي يفتح حسابا في بنك تجاري فمعناه أن هناك فسادا، فوزارة المالية نفسها التي عممت بإيقاف حسابات الجهات الحكومية في البنوك التجارية، هي نفسها من سمحت لبعض الجهات الحكومية بفتح حسابات في بنوك تجارية حتى لا تتعرقل الخدمات، التي تقدمها لدافع رسوم الخدمة، ونظرا لطبيعة عمل بعض الجهات الحكومية".
- غاز مأرب
وفي سياق متصل يقول بن لزرق: "بلادنا ليست فقيرة لكن ابتليت بلصوص مجانين".
ويضع بن لزرق سؤالا: "هل تصدق إذا قلت لك أن مبيعات الغاز المنزلي الخاص بمأرب هو أكبر إيراد حاليا يتم توريده إلى خزينة البنك المركزي في عدن، وعبره يتم تغطية الجزء الأكبر من المدفوعات الخاصة بمؤسسات الدولة، يليه إيراد شركة النفط من مبيعات الوقود القادم من مأرب أيضاً، ثم يليه قيمة الوقود الخام لمحطة الرئيس والذي يصل من مأرب (مجاناً) منذ ثلاث سنوات".
ويطرح بن لزرق سؤالا آخر: "وهل تصدق إذا قلت لك إن 60 % من المؤسسات الإيرادية في عدن لاتزال ترفض التوريد إلى خزينة البنك المركزي، وتورد أموالها إلى حسابات خاصة بالصرافات والبنوك التجارية، ويجري الصرف بلا حسيب ولا رقيب".
ويؤكد بن لزرق مسألة العبث بالإيرادات قائلا: "أقسم بالله إن المطلع على خبايا الايرادات سيصدم من حقائق غريبة لا يعلمها البسطاء من الناس"، متحديا تكذيبه قائلا: "أتحدى أكبر مسؤول في الدولة أن يكذب حرفا واحدا مما كتبته أعلاه".
- الدعم الخارجي في ظل العبث بالإيرادات المحلية
وفي هذا السباق يقول بن لزرق: "لست مع أي دعم مالي للبنك المركزي اليمني في الظروف الحالية من أي جهة كانت، أي دعم مالي في حالة الانقسام هذا والشتات الذي أصاب مؤسسات الدولة لا قيمة له"، حسب وصفه.
وأشار بن لزرق إلى أن هذا الدعم سيصل خزينة البنك ثم سيتسرب إلى الصرافات الخاصة وحسابات المسئولين والقيادات في خارج البلاد وسيزيدهم ثراء فوق ثرائهم.
وفي هذا الصدد دعا بن لزرق إلى إصلاح الخلل القائم في مؤسسات الدولة، وضبط مواردها، وتفعيل جهاز الرقابة والمحاسبة أولاً، ما لم فكل ما سيحدث لن يفيد الناس شيئا، حسب تعبيره.
-تعاميم وزارة المالية لا تنفذ
وفي السياق ذاته قال بن لزرق: "هذا تعميم من بين 7 تعاميم أصدرتها وزارة المالية وشكت فيها أن إيرادات الدولة لا تذهب للبنك المركزي اليمني في عدن، وإنها تذهب إلى بنوك خاصة ومحلات صرافة. هل تمت الاستجابة من أي طرف حكومي لهذا النداء، للأسف الشديد لا".
وأشار بن لزرق إلى أنه لا معركة له مع أحد، ومطلبه واضح إيرادات الدولة يجب أن تذهب إلى البنك المركزي اليمني في عدن.
وأضاف: "هذه أموال الشعب ويجب أن تذهب له، علما أن بعض هذه المؤسسات التي لا تورد إلى البنك المركزي اليمني بعدن، لديها كشوفات بأسماء مطبلين تصرف لهم رواتب شهرية، وهذا أمر لم يعد خافيا على أحد"، مستدركا بقوله: "المشكلة أن هؤلاء "المطبلين" يأكلون الفتات ليس إلا، بينما ينهب المسؤولون مليارات الريالات من مال الشعب، حسب قوله. وأكد بن لزرق أن "معركتنا مستمرة، ولو ندفع فيها أرواحنا".