كان الدكتور الرائد إسماعيل سفيان النهام يظن أن معاناته ستنتهي مع خروجه من سجن مليشيا الانقلاب الحوثي خلال الصفقة الأممية لتبادل الأسرى التي تمت العام الماضي بين الحكومة الشرعية والحوثيين، بعدما ظل يواجه الظلم والتنكيل الحوثي في السجن سنة وستة أشهر. لكن ظنونه لم تكن في محلها فالمعاناة لا زالت مستمرة حتى هذه اللحظة.
لقد قضى في سجون الحوثي نحو سنة وستة أشهر، والآن مضى عليه سنة وستة أشهر أخرى وهو يبحث عن الإنصاف لدى مسؤولين وقادة عسكريين محسوبين على الشرعية لكن تصرفاتهم لا تخدم سوى أعداء الشرعية، بدليل أن الأسير المحرر إسماعيل النهام لا يزال يواجه الظلم والإجحاف والسطو على حقوقه على مرأى ومسمع من الجميع.
عندما حاصرت مليشيا الحوثي الإرهابية منطقة العبدية في مأرب في سبتمبر 2021، كان الدكتور/ الرائد إسماعيل النهام صامدا في عمله مديرا للمستشفى الميداني التابع للتحالف، يقوم على خدمة الجرحى ونقلهم من مكان إلى آخر من أجل تأمينهم وعدم تعريضهم للخطر كون المنطقة محاصرة من قبل المسلحين الحوثيين، وبعد أكثر من شهر اقتحم الحوثيون منطقة العبدية، وحينها انقطعت أخباره ليتبين بعد فترة أنه وقع أسيراً في أيدي المليشيات الحوثية وتم نقله إلى سجون صنعاء ومارسوا بحقه مختلف أشكال التعذيب والتنكيل، بما في ذلك وضعه في زنزانة انفرادية نحو أربعة أشهر.
وعندما كانت لجان الصليب الأحمر وبعض المنظمات تزور السجون كانت مليشيات الحوثيين تتعمد إخفاء النهام بعيداً عن أعين مندوبي المنظمات الدولية بسبب المعاملة السيئة التي كان يتلقاها، خاصة وأنه رفض كل الإغراءات التي قدمها له الحوثيون للإفراج عنه مقابل أن يظهر على وسائل الإعلام الانقلابية ويقول ما يطلبون منه. وظل على موقفه الرافض متحملاً آلام السجن والمعاناة المستمرة جراء العقوبات والممارسات الظالمة بحقه.
أطلق سراحه ضمن مجموعة من الأبطال المحررين في شهر رمضان المبارك (أبريل 2023)، وفرح الرائد البطل والطبيب الإنسان إسماعيل النهام بعودته إلى رفاقه وأصدقائه الذين يتقاسمون معه سنوات من الصبر والاستبسال في مواجهة عصابات الحوثي. لكن الفرحة غادرته سريعاً، وبدأت رحلة المعاناة والبحث عن الحقوق التي أهدرت خلال بقائه في سجون صنعاء المظلمة، وكأنه كان مخيراً بين البقاء في ظلام الحوثي أو البحث في ظلمات الجهات المختصة عن حقوقه المصادرة وفي مقدمتها رواتبه وعمله وكل مستحقاته.
لقد حاول أن يجمع عدداً من زملائه لاستئناف العمل في المستشفى الميداني لكن هذه الجهود الطيبة لم تعجب بعض الأشخاص الذين أصبحوا هم المسؤولين عن الوضع، ولم يجدوا لهم عمل غير مصادرة حقوق الأسير المحرر والاستيلاء على عمله والتحريض عليه وتلفيق التهم له ليضمنوا أن تستمر الأوضاع كما يريدون.
التقى الدكتور النهام خلال الفترة الماضية بعدد من القيادات والمسؤولين في الجهات المختصة ومنها دائرة الخدمات الطبية وهيئة الإسناد اللوجستي وشعبة الطب العلاجي ولكن لم يصل إلى نتيجة سوى المزيد من المماطلة والتسويف والوعود التي لم تجد طريقها للتنفيذ.
من يتصور ان هذا المناضل في الجبهات والطبيب في المستشفى بدل أن يتم تكريمه والاعتراف بما قدم وما ضحى منذ الانقلاب الحوثي حيث كان من ضمن المدافعين عن العاصمة صنعاء حتى أصيب وبعدها اختطفته عصابات الانقلاب الحوثي لعدة أشهر. وبعد خروجه التحق في جبهات القتال متنقلا من جبهة إلى أخرى حتى استقر في العمل الطبي مدير للمستشفى الميداني إلى أن وقع أسيراً مرة أخرى.
ومن يصدق أن أمثال هؤلاء يخرجون من سجون الحوثيين إلى المعاناة والبحث عن الحقوق لدى أشخاص كل همهم مصالحهم الشخصية ولو كانت على حساب الشهداء والجرحى والمعتقلين، مع العلم أن النهام لديه الكثير من التوجيهات التي صدرت لصالحه وتقضي بتمكينه من عمله لكنها لم تر النور.
الجهات المعنية بمعالجة وضعه دائرة الخدمات الطبية باعتبار المستشفى تابعاً لها، وكذلك مكتب وزارة الصحة خاصة وأنه في الفترة الأخيرة قبل اعتقاله كان يدير المستشفى الحكومي في العبدية إلى جانب المستشفى الميداني.
والخلاصة نقول لمن يهمهم الأمر.. إن الطبيب الرائد والأسير المحرر خرج من السجن قبل أكثر من سنة ونصف، ولا يزال يبحث عن حقوقه، فمن سيقف معه حتى يتم إنصافه وإعادة كامل حقوقه؟