في كل عام، يُنتظر بفارغ الصبر الاحتفال بثورة الـ 14 من أكتوبر، التي شكلت نقطة تحول في تاريخ الجنوب ، خاصة في محافظة لحج التي كانت جزءًا من تلك الحركات النضالية. إلا أن هذا العام، غابت بشكل لافت مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية المهمة في عاصمة لحج، سواء برفع أعلام دولة الجنوب في الأماكن العامة أو غيرها ، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول الأسباب الكامنة وراء هذا الغياب.
قد تكون الأوضاع السياسية المعقدة أحد الأسباب الرئيسية لتراجع مظاهر الاحتفال. فالمحافظة، كغيرها من المحافظات الجنوبية، تعيش حالة من التوتر والصراع بين الأطراف المختلفة، مما جعل التركيز ينصب على القضايا الأمنية أكثر من الجوانب الاحتفالية. قد يكون هناك شعور عام لدى المواطنين بعدم الاستقرار، مما جعل من الصعب التعبير عن الفرحة بالمناسبات الوطنية بالطريقة التقليدية.
إلى جانب ذلك، تعاني لحج من تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، حيث تتفاقم الأوضاع المعيشية للسكان، مع تزايد معدلات الفقر والبطالة، والغلاء وانهيار العملة المحلية. هذه الأزمات اليومية تلقي بظلالها على حياة الناس، مما يجعلهم في حالة من الإحباط واليأس، ما قد يفسر عزوفهم عن المشاركة في الاحتفالات الوطنية أو تنظيم فعاليات عامة لرفع الأعلام.
من ناحية أخرى، قد تكون هناك عوامل تتعلق بالانقسامات السياسية الداخلية في الجنوب، حيث تختلف المواقف والرؤى حول كيفية الاحتفال بالمناسبات الوطنية. بعض الجهات قد تكون أكثر تركيزًا على الحاضر والتحديات السياسية، في حين قد يرى آخرون ضرورة التركيز على تعزيز الهوية الجنوبية من خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات. هذا التباين في المواقف قد يفسر غياب المبادرات الرسمية لتدشين حملة رفع الأعلام في لحج.
بغض النظر عن الأسباب، فإن غياب مظاهر الاحتفال بثورة الـ 14 من أكتوبر في عاصمة لحج يشير إلى وجود حالة من الانقسام أو التراجع في الحماس الوطني الجنوبي ، وهو ما يتطلب مراجعة شاملة للأوضاع وإعادة النظر في كيفية تعزيز الروح الوطنية وتوحيد الجهود لإعادة إحياء هذه الذكرى التاريخية المهمة. رفع الأعلام والاحتفال بالثورة لا يجب أن يكون مجرد تقليد، بل فرصة لتعزيز الانتماء الوطني واستذكار التضحيات التي قدمها الأجداد في سبيل الحرية والاستقلال.