آخر تحديث :السبت-28 سبتمبر 2024-06:04م
أدب وثقافة

خيوط الذهب ( أقصوصة)

السبت - 28 سبتمبر 2024 - 03:51 م بتوقيت عدن

خيوط الذهب ( أقصوصة)

((عدن الغد))خاص

ليس ككل نهار تشرق فيه الشمس مرسلة خيوطها الذهبية ، صبيحة هذا اليوم وقفت شامخة في أرضها وهي تنظر نحو الأفق فلاترى إلا بريق خيوط الشمس الذهبية المتلألئة تملأ الأفق وتزيد النهار توهجا وبريقا ولمعانا.
فقد عصبة رأسها بشال ابيها الشهيد الذي خضب الثرى دمه ولم يصنفه التاريخ في زمرة الشهداء لأن التاريخ دوما يتجاهل من يعملون بصمت في الغالب ولا يزين صفحاته بذكر اسمائهم لكنها لا تهتم بأن تسمع اسم والدها يتردد في المذياع مع جملة الشهداء الذين تتردد اسماؤهم فقد رأت بسالته بأم عينيها وهو يدفع العدوان ويرديهم صرعى ببندقيته القديمة كلما مرت دورية عسكرية من جنود الأحتلال وسريعا ما يواري سلاحه وذخيرته تحت أكوام العلف والحطب الذي جمعتهما في رحلة رعيها اليومية.
وضعت خنجرها في معجرها (عصبة خاصرتها) وسلاح أبيها الكلاشنكوف على عربتها التي يجرها حمارها بعد أن حجبته عن الرؤيا بكوم من العلف والقش وأخوتها الصغار ينظرون اليها مطبقة أفواههم يكبلهم الخوف من فقدها بعد رحيل أمهم واستشهاد أبيهم لكن خوفهم هذه المرة لم يمنعهم من رفع النداء:
أختاه إلى أين .. تتركينا
رافعة رأسها بشموخ تلتفت نحو إخوتها تقترب منهم تجمعهم وتضمهم وكأنها تودعهم وأنامل كفيها تذاعب شعر رؤسهم وهي تقول،:
سأعود بالنصر إن شاء الله .. لا تقلقوا
تمسك بالحبل الذي يلف عنق حمارها وتدفعه للسير نحو طريق الجبل وقد أخفت ما أعدته من الطعام للثوار المتناثرين في الجبال والتلال المحيطة للقرية.
أصغر أخوتها ما زال يردد النداء:
أختاه .. أختاه عودي
لم تلتفت مضت تجر عربة حمارها وهي تنظر نحو الأفق وخيوط الشمس الذهبية تزيدها توهج وبريق تشد الخطى كأنها في طريقها نحو الشمس في موعد مع النصر كي تعانق النور وتصنع بعزيمتها أيقونة يعزفها عشاق الحرية وهي في طريقها تلفها خيوط الذهب وترفعها عاليا نحو قرص الشمس الذهبي كي تعانقه وتضيئ أول شرارات النصر.
عصام مريسي