آخر تحديث :الإثنين-16 سبتمبر 2024-10:29ص
حوارات

حسين العيدروس: نعمل في ظل عدم توفر ميزانية للفرع ومن يلمز إلينا بالتقصير فليأتِ ويشاهد بأم عينيه

الخميس - 05 سبتمبر 2024 - 05:55 ص بتوقيت عدن

حسين العيدروس: نعمل في ظل عدم توفر ميزانية للفرع ومن يلمز إلينا بالتقصير فليأتِ ويشاهد بأم عينيه

(عدن الغد)خاص:

لا شك أن محافظة حضرموت من المحافظات اليمنية التي تزخر بمعالم وحصون أثرية، التي تتميز بالزخرفة والإتقان الهندسي البديع، والذي يعود تاريخ بناء البعض منها لقرون غابرة من الزمان، وباتت تشكل الهوية التاريخية المعمارية لكبرى محافظات الوطن، رغم تعرض بعضها للإهمال والاندثار والتصدع، كما أن علم الآثار هو المصدر الحقيقي لصياغة التاريخ كما أقره الباحثون.

موقع "عدن الغد" حاور المدير العام للهيئة العامة للآثار والمتاحف بوادي حضرموت والصحراء الدكتور حسين أبوبكر عبدالرحمن العيدروس الذي رد مشكوراً على مجمل أسئلتنا التي طرحت على طاولته، نتابع ذلك الحوار من خلال ثنايا الأسطر الآتية:

حاوره / عبدالعزيز بامحسون

_ حدثونا عن وضع فرع الهيئة بوادي حضرموت والصحراء في الوقت الحالي؟

لا شك أن فرع الهيئة بحضرموت الوادي والصحراء منذ نشوب الصراع السياسي في اليمن تضرر بحكم أنه يعتمد بالدرجة الأساسية على أنشطة المتاحف وما يأتي إليها من سياح من مختلف بقاع العالم، لذا كان له أثره السلبي بشكل كبير على عمل المتاحف، أما بخصوص إدارة المواقع الأثرية فأن في تلك المرحلة أيضاً عانت الكثير من الإهمال بسبب توقف الميزانية التشغيلية الأساسية للهيئة إضافة إلى تباعد المواقع وتراميها وفي ظل تشتت وانشغال السلطات الأمنية بأمور أهم بدأت تظهر ظاهرة النبش العشوائي تبعها ظاهرة تهريب الآثار ونحن للأسف نعاني من ضعف وقصور في أعداد الكوادر، لذا اقتصر نشاطنا على فتح المتاحف أمام الزوار المحليين بشكل أساسي وطلبة المدارس والمعاهد والجامعات، وفي الجانب الآخر فإننا فقط نحاول القيام بقضايا رئيسة ومهمة في الوقت الحاضر مثل التوثيق والتسجيل للمواقع وبقي الإشراف عليها من بعيد ونعتمد أحيانا على بعض المتعاونين في المديريات.

_ تعد مناطق ومدن وادي حضرموت متحفاً خاصاً بحد ذاته لما تمتلكه من معالم وقصور تراثية سواء خاصة أو عامة، إلا إن البعض منها بدأ بالانهيار والتصدع، ألا ترون من واجبكم الحفاظ على هذه المعالم والقصور؟

أولا هناك قضية أساسية ربما لا يفهمها الكثير تتعلق بالمعالم التاريخية وهي الواقعة في المدن المأهولة، وهذه تكون تحت إشراف ورعاية الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية وفرعها في مدينة شبام، ونحن نتعاون مع بعضنا البعض للمحافظة على مثل تلك المعالم، تبقى هناك إشكالية تتعلق بالقصور الطينية ذات الملكية الخاصة، وموضوعها يحتاج إلى زيادة التوعية المجتمعية بالمحافظة عليها بشكل مشترك بين الملاك وبين عدة جهات حكومية من بينها الهيئة العامة للآثار والمتاحف والهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية والهيئة العامة للسياحة باعتبارها جهات رسمية يمكن أن ترعى هذه القصور والمباني التاريخية، كذلك المساجد والمنشآت الدينية القديمة التي لها طابع متميز أو فريد بشكل عام التي يتم التشارك في حمايتها والحفاظ على هويتها من قبل الهيئة العامة للآثار والهيئة العامة للمدن التاريخية ومكتب وزارة الأوقاف والإرشاد، لكن نواجه بعض المشكلات من بعض المواطنين الذين يوجد لديهم توجس وخيفة من التعامل المباشر مع الجهات الرسمية أو الحكومية، لذلك تجدهم يضطرون في كثير من الأحيان إلى القيام ببعض الإجراءات غير القانونية تلافيا لمواجهة السلطات الرسمية وهو سوء فهم ليس أكثر، فنحن كجهات حكومية وجدنا لتسهيل حماية هذه المواقع وهدفنا الأساس هو رعايتها والحفاظ عليها للأجيال القادمة وحرصا منا على بقاء الهوية الوطنية التي نشترك جميعا في الحفاظ عليها، لذا نجدها فرصة من خلالكم ومن خلال الإعلاميين بشكل عام ، نأمل أن تكونوا وسطاء في توصيل رسالتنا لمن لا يفهم طبيعة عمل تلك الهيئات أو يحاول أن يجعلها عوائق أمام أية أعمال تتعلق بمثل تلك المباني او القصور أو المساجد التاريخية أو غيرها، ليبادر ويأتي بنفسه ويعرض مشكلته وإن شاء الله نعده بالحل المناسب.

_ ما هي أبرز وأهم المواقع الأثرية في وادي حضرموت، وهل هناك مواقع اكتشفت قريباً؟

هناك الكثير من المواقع الأثرية في وادي حضرموت من شرقه إلى غربه بالإضافة إلى المواقع الأولى التي تتواجد غالباً في الهضبتين الشمالية والجنوبية، وهي المواقع التي تعود لمراحل ما قبل التاريخ أي ما قبل الكتابة في حضرموت وجميعها بالنسبة لنا وبالنسبة للمؤرخين في ذات الأهمية ولا نفضل بعضها عن بعض من الناحية العلمية وعلينا المحافظة عليها جميعاً، أما الاكتشافات فهي تقريبا لا تنقطع إلا نادرا، ولكن بين مواقع كبيرة وأجزاء من مواقع وربما تكتشف عن طريق الصدفة ونتيجة لعدم اكتمال المسح العام لحد الآن في الجمهورية بشكل عام فما زالت هناك بعض الاكتشافات البسيطة ولكنها مواقع غير متميزة لا تستدعي الترويج لها.

_ إلى أين وصلتم في تشطيبات ترميم قصر السلطان الكثيري؟

فيما يتعلق بمشروع ترميم قصر السلطان الكثيري أو ما يسمى قصر سيئون أو الحصن الدويل فهو في الحقيقة ليس المشروع الأول الذي ننفذه في فرع الهيئة ولكن هناك مشاريع متوالية تكون ثانوية إلا أن المشروع الأخير ربما ركز الأعلام عليه وحاول ابرازه، بطبيعة الحال بحكم الدعم الخارجي الذي يموله الصندوق السعودي لإعمار اليمن وبإشراف من منظمة اليونسكو والهيئة العامة للآثار والمتاحف وقد اختتمنا اللمسات الأخيرة من هذا المشروع في الشهر الماضي، الذي تقدر الكلفة المالية بمبلغ (68,000) دولار فقط، وقد أنجزت أعمال جبارة ومتميزة من بينها طلاء وطرقة السور الغربي للقصر من الداخل والخارج وطلاء وطرقة الملاحق الغربية وأيضاً الشمالية والمسجد التابع للقصر في الجهة الشمالية واستبدال الكثير من أخشاب سقوف الطوابق جميعها واستبدال ما يزيد عن (30) باب ونافذة بالطراز القديم نفسه وبأخشاب ذات مواصفات ممتازة وإجراء الكثير من التحسينات على بعض المرافق الأخرى في القصر، وطرقة بعض الممرات والغرف والسطوح وغيرها، بالإضافة إلى استبدال البوابة الرئيسة الجنوبية الغربية واستبدال جميع نوافذ وأبواب القاعة السلطانية الكبرى بالقصر والتي سنطلق عليها قاعة السلطان بدر بن عبدالله أبي طويرق.

_ هناك من ينتقد ضعف دور فرع الهيئة بوادي حضرموت بعدم اهتمامها بالحفاظ على المواقع والمعالم التاريخية والأثرية، ماذا تقولون دكتور حسين؟

لا شك انه أي عمل يخضع للنقد ويلمز إلينا بالتقصير، أومن لديه أية إشكالية أو سوء فهم عليه أن يأتي ويشاهد بأم عينيه، ونحن لا نمانع من أن نطلعه أيضاً على موازنتنا والمبالغ التي نعمل بها وكيف نديرها بكل شفافية وبكل وضوح.

_ ماذا عن تدخلات ودعم الهيئة العامة للآثار والمتاحف والسلطة المحلية بالمحافظة وسلطة الوادي والمنظمات الدولية في الحفاظ على الآثار والمعالم التاريخية في مدن وادي حضرموت؟

الحقيقة مشكلتنا تكمن في عدم وجود توفر ميزانية بتاتاً، هكذا نقولها بكل صراحة ويمكن لأي شخص التأكد من كلامي فنحن في وضع مزري ومخزي، فجهة حكومية تعمل بدون ميزانية، لكن في الوقت نفسه أقولها بأمانة بأن السلطة المحلية في عدة مراحل كانت تقف إلى جانبنا قدر المستطاع فهناك مشروعين منذ عام 2019م إلى 2021م كان بدعم سخي من السلطة المحلية بالوادي والصحراء نزل بشكل مقاولة في تنفيذ أعمال في القصر بالذات، ولكن نحن سعينا مع بعض المنظمات في تسيير بعض أعمالنا ولا نسمي هذه المنظمات في هذه اللحظات ولكنها أسهمت أيضاً في بعض المشاريع كالتوثيق والتدريب وتحسين بعض عروض المتحف، ولكننا نطمح إلى المزيد من هذه المشاركة والمشاركة المجتمعية أيضا التي تهمنا وإن كانت حتى بشكل معنوي.

_ هل هناك بعثات تنقيبية أجنبية زارت وادي حضرموت في الفترات الأخيرة، وما هي نتائج تلك الزيارات؟

فيما يتعلق بالبعثات الأجنبية وأعمالها في وادي حضرموت أو في اليمن بشكل عام للأسف فقد توقفت منذ 2008م وأصبح بعض الباحثين المنتمين إلى مثل تلك البعثات يأتون فرادى لإكمال بعض الدراسات فقط، لكن نحن كباحثين يمنيين أو فرق وطنية في بعض المواقع وبدعم بسيط لم ننقطع حينما يكون هناك موقع يحتاج إلى مسح أو تنقيب عاجل وكنا نقوم به بتشكيل فريق من عدد من المناطق أو من المحافظات أحياناً.

_ تعرضت مدن وادي حضرموت في السنوات الأخيرة لعدة تقلبات جوية، هل أثرت تلك المناخات الجوية على المواقع والمعالم الأثرية، وهل تم إعادة ترميمها؟

ليس هناك أية مؤثرات تذكر على المواقع الأثرية بالدرجة الأساسية، ولكن على بعض المعالم التاريخية هناك بعض الأضرار الطفيفة التي لا تشكل الكثير من القلق، ربما النموذج الأكثر تضرراً لدينا في الوادي يتمثل في مبنى كوت النخر الواقع في منطقة الحسيسة الذي دخلت إليه مياه السيول ولم يعد صالحاً لأن كلفة ترميمه باهظة جداً، أما في بعض المدن التاريخية مثل شبام فقد تضررت بالفعل الكثير من مبانيها ولكن الحمد لله وجدت استجابة من بعض المنظمات مثل اليونسكو وغيرها وتم تدارك ما حل بها عبر إخواننا في هيئة المدن التاريخية بشبام.

_ حدثونا عن مشاركتكم في المؤتمرات التي عقدت خارج الوطن بصفتكم المدير العام لفرع الهيئة بوادي حضرموت والصحراء؟

نستطيع القول أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة شاركنا في عدد من الدورات التدريبية المتعلقة بحماية الموروث الثقافي بشكل عام وكيفية الحفاظ عليه في فترة الأزمات والكوارث سواء الحروب أو الكوارث الطبيعية، دورة في الحفاظ على المواقع الأثرية ومكافحة تهريب الآثار في جيبوتي 2020م، و دورتين في عمّان بالأردن 2022م و 2023م ثم في القاهرة 2023م، ودورة في عدن 2023م وعدد من الدورات التي كانت تعقد عبر الشبكة العنكبوتية أو برنامج الزوم وقد شارك معي بعض الزملاء الآخرون من الهيئة، وهناك مؤتمرات وندوات علمية شاركنا فيها أيضاً ندوتان في الأردن وكذا في الإسكندرية وفي الدوحة وغيرها.

_ ماهي خططكم المستقبلية؟

لا شك أن أية جهة بالتأكيد لديها خطط طموحة لتنفيذ أعمالها، لكن الأمر يتوقف على توفير واعتماد الأمور المالية، نحن لدينا خطط لاستكمال أعمال التوثيق للقطع الأثرية في المخازن والمتاحف وكذلك توثيق المواقع الأثرية بشكل دقيق وعصري يتناسب مع التقنيات الحديثة، هذا الأمر أنجزنا جزء منه فيما يتعلق بالشطر الأول اللي هو القطع الأثرية في المتاحف والمخازن وبنسبة كبيرة تبقى معنا الشطر الثاني المتعلق بتوثيق المواقع الأثرية بالطرق والأساليب الحديثة، وهذا يتطلب توافر الامكانيات المادية المناسبة وكذلك الكادر المؤهل والمتخصص وهذا غير متوفر في الوقت الحالي، وأيضاً لدينا خطة لترجمة وطباعة التقارير العلمية للبعثات التي عملت في نطاق وادي حضرموت منذ السبعينيات وحتى آخر مراحلها في 2008م ليستفيد جميع الباحثين المحليين من تلك الأبحاث، وهذا يتطلب توفر بعض الامكانيات في الوقت الحالي ولكن بالإمكان التعاون مع بعض المؤسسات المحلية والمجتمع المحلي، إضافة إلى خطط طموحة لترميم عدد من المعالم التاريخية القديمة المتمثلة في الحصون والأكوات التي لعبت دوراً بارزاً في تاريخ حضرموت القديم والحديث، ولكن أيضاً هذه تحتاج إلى إمكانيات كبيرة لا تتوفر في الوقت الحالي، والقيام بإضافات وتحسينات وإدخال بعض التكنولوجيا الحديثة في إدارة المتاحف وتحسين وسائل العرض وإضافة عدد مؤهل من المرشدين في المتاحف، وإنشاء متاحف رديفة أخرى في بعض المعالم بالوادي، كل ذلك لن يتم إلا إذا توفرت الامكانيات المادية وتوفر الوعي لدى المجتمع والسلطة أيضاً، كما نطمح أن يتم افتتاح قسم للآثار والسياحة ضمن أقسام كلية الآداب واللغات بجامعة سيئون التي هي حلمنا في تحقيق الكثير مما يتعلق بالحفاظ على هويتنا الثقافية.