آخر تحديث :الإثنين-16 سبتمبر 2024-10:29ص
ملفات وتحقيقات

الرئيس علي ناصر يكشف ما قاله الفسيل عن الرئيس صالح هو مَن أدخل الحوثيين صنعاء

الثلاثاء - 03 سبتمبر 2024 - 08:57 ص بتوقيت عدن

الرئيس علي ناصر  يكشف ما قاله الفسيل عن  الرئيس صالح  هو مَن أدخل الحوثيين صنعاء

إعداد/ د. الخضر عبدالله



اللقاء مع الاستاذ محمد الفسيل عام 2019

حكى لنا الرئيس علي ناصر محمد في هذا العدد حول إللقاء الذي جمعه بالأستاذ محمد النفسيل في قاهرة مصر وقال الرئيس ناصر مسترسلا في حديثه":بعد 15 عاماً من لقائي بالأستاذ محمد عبد الله الفسيل في الشارقة، وحينها كان قادماً من زيارة لماليزيا،علمتُ أنه قد وصل إلى القاهرة في زيارة خاصة للعلاج، ونزل في مدينتي شرق القاهرة، وحرصاً منّي على زيارته ورؤيته وسماع رأيه، توجهنا برفقة الأستاذ محسن العيني بعد ظهر يوم 17 آذار/ مارس 2019م، وقد تحمّل الأستاذ محسن العيني عناء السفر من أكتوبر إلى مدينتي، وهو لا يتحرك كثيراً، فهو أيضاً شارف على التسعينيات من عمره، وكان هو الآخر حريصاً على زيارته.
ورافقنا في هذه الزيارة الأستاذ فهد العريقي، الذي كان يشرح لنا بصوته العالي ــ كعادته ــ الأحياء السكنية الجديدة التي كنّا نمر بها، كأحياء المعادي الجديدة، والتجمع الخامس، ومدينة الرحاب، والشروق، والعاصمة الإدارية الجديدة، حتى وصولنا إلى مداخل مدينتي ذات البوابات العالية، التي على جانبَي السور من مدخلها شلالات جميلة توحي بالحياة الجميلة في هذه المدينة المخططة والمشجَّرة، التي استكملت معظم خدماتها ومبانيها وشوارعها، من فيلات وشقق وحدائق ومدارس ومستشفيات ومساجد ومراكز تسوق وسلسلة مطاعم وبنوك وشركات ومحالّ تجارية متنوعة وغير ذلك.
يواصل الرئيس ناصر حديثه قائلاً": وقد علمتُ أنّ رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، قد حصل من الحكومة على أراضي مشروع "مدينتي" المقدرة بـ 33.6 مليون متر مربع بسعر 25 قرشاً للمتر من دون مرافق وخدمات، أي 8.4 ملايين جنيه مصري. وفي طريقنا إلى المنزل، كان معنا مرشد آخر، هو خدمة الأقمار الصناعية (GPS) الذي أوصلنا إلى البناية التي كان يسكن فيها الأستاذ الفسيل، وعندما نزل الأستاذ فهد يستفسر عن عنوان البناية، قال له أحد المواطنون إنها تلك التي تقفون أمامها. وبعد ذلك صعدنا إلى الدور الثالث، وعند الضغط على زر الجرس، لم يتأخر الردّ كثيراً، وإذا بالأستاذ يفتح الباب، وكنّا وجهاً لوجه مع الأستاذ محمد الفسيل الذي كان مبتسماً وهو يرحّب بنا في مسكنه، ويسير بنا إلى صالون الاستقبال في شقته المتواضعة في الدور الثالث الذي يطل على حديقة واسعة لسكان الحيّ، ونظرنا من الشباك جميعاً، وقلت له: هذه مثل صنعاء، وعلّق ساخراً: قبل 1948م، أي قبل أن تبتلع أراضيها وحدائقها وجداولها المباني الحديثة والعشوائية، فكل واحد يبني اليوم على هواه دون تخطيط أو تنظيم لمدينة أزال التي أزالوا منها كل ما هو جميل من حدائق غناء وكروم بعد زحف القبائل على مدينة صنعاء وعدن، التي نقلت تخلفها إلى هاتين المدينتين، بما في ذلك أبقارهم وأغناهم التي ترعى، بل إنّ بعضها تسكن سطوح المنازل أو البلكونات، وكنا قد منعنا في عدن تربية الحيوانات، وخصصنا لها حظائر خارج المدن.
قدم لنا الأستاذ الشاي والحلويات، كانت تأتي به طفلة صغيرة كانت تظهر وتختفي علينا. الشقة صغيرة، ولكنها مليئة بالحياة بهذا الرجل التسعيني الحيوي الساخر الذي لم تؤثر فيه السنون والأحداث والسجون والحروب والغربة والكربة، وقد كان منذ الأربعينيات يتنقل بين صنعاء وسجونها وعدن والقاهرة. رجل عظيم تحدى الزمن والقهر والظلم والاستبداد، وهو شاهد على تاريخنا المعاصر بكل سلبياته وإيجابياته، وكانت كل كلمة ينطق بها مليئة بالحكم.
جرى حديث طويل خلال اللقاء، عن الماضي والحاضر والمستقبل.


ذاكرة الفسيل



ويقول الرئيس ناصر مردفا:'أثناء الجلوس مع الأستاذ الفسيل استعاد ذكرياته عن ثورة 1948م على الإمام يحيى حميد الدين، إمام المملكة المتوكلية اليمنية بقيادة عبد الله الوزير، وكان عمره حين ذاك 22 عاماً، وعن ثورة 1955م بقيادة الأمير عبد الله أخو الإمام أحمد والمقدم أحمد الثلايا، وثورة 26 سبتمبر 1962م بقيادة المشير عبد الله السلال، وعن تقييمه لتلك الثورات والأحداث الكبرى سلباً وإيجاباً. وتحدث أيضاً عن الوحدة اليمنية ودستورها الذي كان أحد الذين صاغوا بنوده مع الأستاذ المناضل الوحدوي عمر الجاوي وأعضاء اللجنة الدستورية، وما آلت إليه الأمور بعد كل هذه العقود من نضال الشعب اليمني من أجل نظام حكم جمهوري دستوري وديمقراطي وتحقيق الوحدة. وشمل الحديث الحرب الجارية في اليمن (2015 ــ 2019) التي يرى الأستاذ الفسيل أن لا حلّ لها إلا بوقفها أولاً ثم الحوار والسياسة لإحلال السلام والأمن في اليمن والمنطقة.
وعن زيارته للقاهرة، قال إنه جاء للعلاج، وأضاف مازحاً إنه يخشى من إجراء الفحوصات أن تظهر أمراض كثيرة، وهو قد بلغ من العمر 93 عاماً. ثم تحدث عن بعض المحطات السياسية منذ 1948 وحتى الساعة، وبدأ يتذكر المواقف وتحليلها، ومنها:
إنّ الإمام يحيى كان لديه عقيدة سياسية، في حين أنّ عبد الله الوزير لم يكن لديه أيّ عقيدة، وكان لهذا السبب يعتقد أنّ عبد الله الوزير كان أخطر على مصير الشعب اليمني من الإمام يحيى.
كان أحمد النعمان ومحمد الزبيري هما المؤثرين في ثورة 1948م، أو ما تُسمى ثورة الأحرار، وأيضاً ثورة 26 سبتمبر 1962م، ولكنهما لم يكونا الفاعلين. لذا، من تسلّم زمام الأمور في الأخير هم الفاعلون ويقصد العسكر والمشايخ.

الفرق بين صالح وهادي


وشرح الرئيس ناصر في حديثه وقال ": وعن مقارنة الفسيل بين الرئيسين علي عبد الله صالح وعبد ربه منصور هادي وبين حزب المؤتمر وحزب الإصلاح، قال:
تولى علي عبد الله صالح الرئاسة عام 1978، وهو من أذكى القيادات في اليمن. لم يكن متعلماً، ولكنه تعلم وهو في السلطة، وفصّلها على مقاسه، وحكم 33 عاماً.
جمع ثروة يقدّرها البعض بثلاثين مليار دولار، وسخّر المال لنفسه، ولم يبنِ دولة.
اعتمد على عائلته وقبيلته والمال والفساد والمحسوبية العائلية والسياسية.
ومضى الرئيس ناصر يقول :" من ضمن الحديث الذي قاله الفسيل ، أراد عبد ربه منصور أن يحكم بذات أسلوب علي عبد الله صالح، ولكن علي عبد الله صالح يتمتع بالذكاء، بينما عبد ربه منصور يتمتع بعكس ذلك.
كان الأشرف لعبد ربه منصور هادي عندما هرب إلى السعودية أن يعمل مع القوى الوطنية ويعود إلى اليمن فورا بدلاً من أن يزعم أنه طلب التدخل لشن الحرب على اليمن بحجة إعادته أو شرعيته إلى السلطة بعد إعلانها.
علي عبد الله صالح بنى حزب المؤتمر بتجميع الشخصيات السياسية من مختلف المناطق، كمن يجمع حبات المسبحة حبة حبة ويقفل عليها الخيط، وعندما ذهب انفرط حزب المؤتمر.
صنع علي عبد الله صالح حزب الإصلاح، وجمع فيه رجال الدِّين والشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، وسمح لهم بإنشاء المعاهد العلمية (الدينية)، وهنا تأسس حزب الإصلاح، وكانت المعاهد الدينية قاعدته، وعندما جاءت ثورة الشباب في عام 2011 كان وجودهم في كل مدن اليمن وقراه.
حزب الإصلاح هو المسيطر على عبد ربه منصور هادي منذ 2014م، وينتظر أن يُكثر من الأخطاء ليثبت الحزب بأنه الأفضل، ولديهم الآن جيش في مأرب وآخر في تعز.
علي عبد الله صالح هو مَن باع الدبابات والمدافع للحوثيين، ما ساعد على دخولهم صنعاء.


الشمال والجنوب


وتابع الرئيس ناصر حديثه وقال ": وأكد لي الفسيل أنه إذا انفصل الجنوب، فإنه سيتمزق ولن يعود إلى جنوب 1967-1990م. أما الشمال، فإنه سيتآلف وسيتجاوز الصراعات والخلافات، وسيبقى موحَّداً، لأنّ فيه مرجعيات سياسية وحزبية وقبلية وروحية.


الوحدة


ويضيف الرئيس ناصر في قوله ":لم تكن القيادات السياسية في الشمال والجنوب جادة في موضوع الوحدة.
ولم يكن الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر يؤمن أساساً بالوحدة.
وعن ذكرياته عن الدستور، قال إنه كُلِّف هو والمناضل عمر الجاوي كتابةَ مشروع الدستور، وبعد الانتهاء من إعداده أبلغا المسؤولين بذلك، وكان الرد الرسمي عدم إعلانه مؤقتاً. فاستغرب كل من الأستاذين، الفسيل والجاوي، وقد سمى الاستاذ الفسيل الدستور نتيجة لذلك الموقف الرسمس السلبي منه "بالولد غير الشرعي"، الذي لايعرف اسم ابيه واستعمل اللفظ التالي: "ابن قحبة".
وبعدها قرر الاثنان صياغة البيان الخاص بالدستور وإعلانه في عام 1981، ولكنه لم يرَ النور إلا عام 1990. ويجب أن أعترف بأنّ بعض القيادات في الجنوب كانت ضد الدستور، ولا تريد تحقيق الوحدة إلا على أساس برنامج الحزب الاشتراكي اليمني، وهذا غير ممكن، لأنّ الدستور كان يمثّل قواسم مشتركة، وفي الشمال أيضاً هناك قيادات لا تريد الوحدة اليمنية إلا بضمّ الجنوب إلى الشمال (الفرع إلى الأصل).

الإمارات والسعودية


ويذكر الرئيس ناصر أن الفسيل حدثه وقال الإمارات هي المسيطرة على مسار الحرب (2015 ــ 2019) في اليمن، وليست السعودية.
تعمل الإمارات على تدمير السعودية مثل ما جرى تدمير سورية وليبيا والعراق واليمن حاليا وتعمل ضمن مخطط خارجي.
النفوذ الإماراتي على الأرض اليمنية مؤقت، فلا الإمارات قادرة، ولا السعودية، على احتلال أيّ جزء من اليمن.
الحكومة والمجلس الانتقالي:
ليس للمجلس أيّ تأثير على الأرض، وهو صنيعة الإمارات.
أعضاء حكومة بن دغر هم من أقالوه.
رئيس الوزراء الحالي معين عبد الملك (2018 ــ 2019) غير مؤهَّل وغير مؤثِّر في الأحداث الجارية.
وعن علاقته بالرئيس علي ناصر امتدحه، وقال في الختام
بأن آخر لقاء بينهما كان في صنعاء، في جلسة قات خاصة تمنّى أن تحصل جلسة قات أخرى بينهما.

.(للحديث بقية)