امتدت تأثيرات الأمطار الغزيرة والفيضانات والسيول الجارفة التي يشهدها اليمن منذ أسابيع، إلى تهديد إرثه الحضاري، من خلال الأضرار والانهيارات التي تتعرض لها المواقع والمباني الأثرية التاريخية في مختلف مناطق البلاد.
وشهدت مدينتا صنعاء القديمة وزبيد، الأثريتين المدرجتين على قوائم التراث العالمي، أضرارًا كبيرة، جراء هطول الأمطار الغزيرة بشكل مستمر، وسط مخاوف من تسببها في حدوث تغييرات على الطابع التاريخي للمدينتين؛ ما يهدد بإزالتهما من قوائم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).
*انهيارات ونزوح*
تسببت الأمطار المتواصلة في انهيار عدد من المنازل ذات الطابع الأثري في أحياء مدينة صنعاء القديمة، كان آخرها فجر الخميس، إذ انهار أحد المباني السكنية في حارة "بستان السلطان"، بشكل كلي وبداخله أحد المواطنين، قبل أن يُنْقَذ من تحت الركام بإصابات خفيفة، في حين أصيب عشرات المنازل التاريخية في الأحياء الأخرى، بأضرار كلية وجزئية على مدى الأيام الماضية، طبقًا لمصادر محلية لـ"إرم نيوز".
وقالت المصادر، إن بعض الأسر اضطرت إلى مغادرة منازلها الكائنة في أحياء "سبأ" و"حديقة النعمان" و"الخراز"، والنزوح إلى مناطق أخرى آمنة، نتيجة حجم الأضرار التي خلفتها الأمطار الغزيرة منذ السبت الماضي؛ ما يجعلها عرضة للانهيار.
وأشار إلى أن الكثير من المنازل في الأحياء والمناطق المدونة في قائمة التراث، تعرضت للإهمال خلال السنوات الأخيرة، في ظل بطء عمليات الصيانة التي تشهدها المدينة القديمة بتمويل أممي، وهو ما يفاقم من التهديدات عقب هطول الأمطار الأخيرة.
وقال سفير اليمن لدى "يونسكو" محمد جميح، إن صنعاء القديمة تواجه مخاطر متعلقة بالطبيعة والمناخ، وأخرى ناتجة عن أعمال وإنشاءات مخالفة لمعايير المنظمة الأممية يقوم بها الحوثيون، تهددها كأحد مواقع التراث العالمي.
وأكد جميح لـ"إرم نيوز"، أن الحوثيين هدموا جامعًا في صنعاء القديمة يعود إلى القرن الأول للهجرة، ثم أعادوا بناءه بمواد حديثه مخالفة للمعايير، إضافة إلى محاولتهم هدم 4 أسواق تاريخية وسط المدينة القديمة، قبل أن تتمكن "يونسكو" من الضغط وتجميد ذلك.
وأشار إلى أن منظمة "يونسكو" لديها مشروع أقرّته سابقًا، يهدف إلى ترميم 100 منزل في كل مدينة من المدن اليمنية المدرجة ضمن قوائم التراث العالمي.
*أضرار بمواقع أثرية*
وفي محافظة الحديدة غربًا، تعرضت مدينة زبيد التي يبلغ عمرها أكثر من 1200 عام، والمصنفة كأحد مواقع التراث العالمي في اليمن، لأضرار واسعة جراء الأمطار والفيضانات التي شهدتها المحافظة طوال الأسابيع المنصرمة.
وقالت "الهيئة العامة للآثار والمتاحف" بصنعاء، إن الأجزاء العلوية من الواجهة الشمالية لقلعة زبيد الأثرية انهارت، فيما تساقطت أجزاء من أسقف الثكنات الغربية التي تضم متحفًا للموروث الشعبي.
وبحسب الهيئة، فقد شهدت مدينة "ثلاء" الأثرية بمحافظة عمران، التي يعودها تاريخها إلى زمن المملكة الحميرية، "أضرارًا في أحد أبراج سورها الشمالي"؛ بسبب الأمطار الشديدة، وفقًا لبيان مقتضب نشرته على فيسبوك.
ودعت سلطات الحوثيين المسيطرة على الحديدة وعمران، إلى "التعاون الجاد والعاجل مع الهيئة، وتقديم الدعم المادي لإصلاح ما تهدم من هذين المعلمين".
وأودت الفيضانات والسيول الجارفة التي شهدتها اليمن منذ أواخر الشهر الماضي، بحياة 60 شخصًا وفقدان 13 آخرين، وسط تأثيرات وأضرار شملت أكثر من 268 ألف يمني، بحسب إحصائيات أممية.